Rabu, 18 Oktober 2017

Syarah Riyadhus SHolihin : 564

باب : الإيثار والمواساة
مدارج السالكين - (2 / 291_293)
ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الإيثار قال الله تعالى :
"ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" (الحشر : 9 )
فالإيثار : ضد الشح، فإن المؤثر على نفسه تارك لما هو محتاج إليه

والشحيح : حريص على ما ليس بيده، فإذا حصل بيده شيء شح عليه وبخل بإخراجه
فالبخل ثمرة الشح، والشح يأمر بالبخل كما قال النبي : "إياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم"
أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا

فالبخيل : من أجاب داعي الشح، والمؤثر : من أجاب داعي الجود كذلك السخاء عما في أيدي الناس هو السخاء وهو أفضل من سخاء البذل

قال عبدالله بن المبارك : سخاء النفس عما في أيدي الناس أفضل من سخاء النفس بالبذل___
وهذا المنزل : هو منزل الجود والسخاء والإحسان وسمي بمنزل الإيثار لأنه أعلى مراتبه
فإن المراتب ثلاثة :
إحداها : أن لا ينقصه البذل ولا يصعب عليه فهو منزلة السخاء الثانية : أن يعطي الأكثر ويبقي له شيئا أو يبقى مثل ما أعطى فهو الجود الثالثة : أن يؤثر غيره بالشئ مع حاجته إليه وهي مرتبة الإيثار
وعكسها الأثرة وهو استئثاره عن أخيه بما هو محتاج إليه وهي المرتبة التي قال فيها رسول الله للأنصار رضي الله عنهم : "إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"

والأنصار : هم الذين وصفهم الله بالإيثار في قوله : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة الحشر : 9 

فوصفهم بأعلى مراتب السخاء وكان ذلك فيهم معروفا وكان قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما من الأجواد المعروفين حتى إنه مرض مرة فاستبطأ إخوانه في العيادة فسأل عنهم فقالوا : إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين فقال : أخزى الله مالاً يمنع الإخوان من الزيارة ثم أمر مناديا ينادي : من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة من عاده

وقالوا له يوما : هل رأيت أسخى منك قال : نعم نزلنا بالبادية على امرأة فحضر زوجها، فقالت : إنه نزل بك ضيفان فجاء بناقة فنحرها

وقال : شأنكم فلما كان من الغد جاء بأخرى فنحرها فقلنا : ما أكلنا من التي نحرت البارحة إلا اليسير فقال : إني لا أطعم ضيفاني البائت فبقينا عنده يومين أو ثلاثة والسماء تمطر، وهو يفعل ذلك

فلما أردنا الرحيل وضعنا مائة دينار في بيته وقلنا للمرأة : اعتذري لنا إليه ومضينا فلما طلع النهار إذا نحن برجل يصيح خلفنا : قفوا أيها الركب اللئام أعطيتموني ثمن قراي ثم إنه لحقنا وقال : لتأخذنه أو لأطاعننكم برمحي فأخذناه وانصرف___

فتأمل سر التقدير حيث قدر الحكيم الخبير سبحانه استئثار الناس على الأنصار بالدنيا وهم أهل الإيثار ليجازيهم على إيثارهم إخوانهم في الدنيا على نفوسهم بالمنازل العالية في جنات عدن على الناس

فتظهر حينئذ فضيلة إيثارهم ودرجته ويغبطهم من استأثر عليهم بالدنيا أعظم غبطة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم

 فإذا رأيت الناس يستأثرون عليك مع كونك من أهل الإيثار فاعلم أنه لخير يراد بك والله سبحانه وتعالى أعلم


[564] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه – قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "إنِّي مَجْهُودٌ"،
فَأرسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقالت: "وَالَّذي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا عِنْدِي إلا مَاءٌ"،
# ثُمَّ أرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثلَ ذَلِكَ،
حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثلَ ذَلِكَ: "لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، مَا عِنْدِي إلا مَاءٌ".
فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : «مَنْ يُضيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ؟»
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: "أنَا، يَا رسولَ الله، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: "أكرِمِي ضَيْفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم –".
وفي روايةٍ قَالَ لامْرَأَتِهِ : "هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟"
فقَالَتْ: "لا، إلا قُوتَ صِبيَانِي".
قَالَ: "فَعَلِّليهم بِشَيْءٍ وَإذَا أرَادُوا العَشَاءَ فَنَوِّمِيهمْ،
وَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأطْفِئي السِّرَاجَ، وَأَرِيْهِ أنَّا نَأكُلُ".
فَقَعَدُوا وَأكَلَ الضَّيْفُ، وَبَاتَا طَاوِيَيْنِ،
فَلَمَّا أصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ : «لَقَدْ عَجبَ الله مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (9 / 4029)
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
«جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ.
فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ،
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ،
وَقُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ يُضِيفُهُ يَرْحَمْهُ اللَّهُ.
فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ - يُقَالُ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ - فَقَالَ: "أَنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ"
فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي.
قَالَ: "فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ وَنَوِّمِيهِمْ فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ فَإِذَا أَهَوَى بِيَدِهِ لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ كَيْ تُصْلِحِيهِ فَأَطْفِئِيهِ"، فَفَعَلَتْ،
فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ، وَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ((لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ أَوْ ضَحِكَ اللَّهُ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانَةٍ)).
وَفِي رِوَايَةٍ مِثْلَهُ : وَلَمْ يُسَمِّ أَبَا طَلْحَةَ، وَفِي آخِرِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى " {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] » " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


      تطريز رياض الصالحين - (1 / 372)
هذا الحديث: أخرجه البخاري في التفسير، وفي فضائل الأنصار.
وفيه: استحباب الإيثار على النفس ولو كان محتاجًا، وكذلك على العيال إذا لم يضرهم.

      شرح النووي على مسلم - (7 / 120)
هَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى فَوَائِد كَثِيرَة :
مِنْهَا : مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْل بَيْته مِنْ الزُّهْد فِي الدُّنْيَا وَالصَّبْر عَلَى الْجُوع وَضِيق حَال الدُّنْيَا ،
وَمِنْهَا : أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكَبِيرِ الْقَوْم أَنْ يَبْدَأ فِي مُوَاسَاة الضَّيْف وَمَنْ يَطْرُقهُمْ بِنَفْسِهِ فَيُوَاسِيه مِنْ مَاله أَوَّلًا بِمَا يَتَيَسَّر إِنْ أَمْكَنَهُ ، ثُمَّ يَطْلُب لَهُ عَلَى سَبِيل التَّعَاوُن عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى مِنْ أَصْحَابه ،
وَمِنْهَا : الْمُوَاسَاة فِي حَال الشَّدَائِد .
وَمِنْهَا فَضِيلَة إِكْرَام الضَّيْف وَإِيثَاره .
وَمِنْهَا : مَنْقَبَة لِهَذَا الْأَنْصَارِيّ وَامْرَأَته رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا .
وَمِنْهَا : الِاحْتِيَال فِي إِكْرَام الضَّيْف إِذَا كَانَ يَمْتَنِع مِنْهُ رِفْقًا بِأَهْلِ الْمَنْزِل لِقَوْلِهِ : أَطْفِئِي السِّرَاج ، وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُل ، فَإِنَّهُ لَوْ رَأَى قِلَّة الطَّعَام ، وَأَنَّهُمَا لَا يَأْكُلَانِ مَعَهُ لَامْتَنَعَ مِنْ الْأَكْل .

      شرح النووي على مسلم - (7 / 120)
قَوْله : ( فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : هَلْ عِنْدك شَيْء ؟ قَالَتْ : لَا إِلَّا قُوت صِبْيَانِي ، قَالَ : فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ )
هَذَا مَحْمُول عَلَى أَنَّ الصِّبْيَان لَمْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ إِلَى الْأَكْل ، وَإِنَّمَا تَطْلُبهُ أَنْفُسهمْ عَلَى عَادَة الصِّبْيَان مِنْ غَيْر جُوع يَضُرّهُمْ ، فَإِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عَلَى حَاجَة بِحَيْثُ يَضُرّهُمْ تَرْك الْأَكْل لَكَانَ إِطْعَامهمْ وَاجِبًا ، وَيَجِب تَقْدِيمه عَلَى الضِّيَافَة . وَقَدْ أَثْنَى اللَّه وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا الرَّجُل وَامْرَأَته فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَتْرُكَا وَاجِبًا ، بَلْ أَحْسَنَا وَأَجْمَلَا رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا . وَأَمَّا هُوَ وَامْرَأَته فَآثَرَا عَلَى أَنْفُسهمَا بِرِضَاهُمَا مَعَ حَاجَتهمَا وَخَصَاصَتهمَا ، فَمَدَحَهُمَا اللَّه تَعَالَى ، وَأَنْزَلَ فِيهِمَا ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة ) فَفِيهِ فَضِيلَة الْإِيثَار وَالْحَثّ عَلَيْهِ ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى فَضِيلَة الْإِيثَار بِالطَّعَامِ وَنَحْوه مِنْ أُمُور الدُّنْيَا ، وَحُظُوظ النُّفُوس . وَأَمَّا الْقُرُبَات فَالْأَفْضَل أَنْ لَا يُؤْثِر بِهَا ؛ لِأَنَّ الْحَقّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى . وَاللَّه أَعْلَم .

      المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (17 / 43)
وقول أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( ليس عندنا إلا ماء )) ؛ يدلّ على شدة حالهم ، وضيق عيشهم . وكان هذا - والله أعلم - في أول الأمر . وأما بعد ذلك لما فتحت خيبر ، فقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحبس لأهله قوت سنتهم. ويحتمل أن يكون بعد ذلك ، وأن أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كنَّ يتصدَّقن بما كان عندهن ، ويؤثرن غيرهن بذلك ويبقين على ما يفتح الله تعالى ، ولا يطلبن من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لسقوط ذلك عنه بالذي دفع لهنَّ .

      المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (17 / 43)
وهذا الحديث يدلّ : على فضل أبي طلحة ، وأهل بيته ـ رضى الله عنهم ـ ، وأنَّهم المعنيون بقوله تعالى : { ويؤثروت على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة }. و(( الخصاصة )) : الجوع والفاقة .

      شرح رياض الصالحين - (3 / 420_422)
ففي هذا الحديث من الفوائد ما يلي:
أولاً: بيان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو عليه من شظف العيش وقلة ذات اليد، مع أنه عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق على الله، ولو كانت الدنيا تساوي عند الله شيئاً؛ لكان أبر الناس بها وأحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنها لا تساوي شيئاً.
قال ابن القيم رحمه الله:
لو ساوت الدنيا جناح بعوضة ... لم يسق منها الرب ذا الكفران
لكنها والله أحقر عنده من ... ذا الجناح القاصر الطيران
أحقر من جناح البعوضة عند الله؛ فليست بشيء.
ومنها: حسن أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا الأنصاري رضي__الله عنه قال لزوجته: ((أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم)) ولم يقل أكرمي ضيفنا مع أن الذي أضافه في الحقيقة هو هذا الرجل، لكنه أضافه نيابة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فجعله ضيفاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنها: إنه يجوز عرض الضيافة على الناس، ولا يعد هذا من المسالة المذمومة، أولاً لأنه لم يعين، فلم يقل: يا فلان ضيف هذا الرجل حتى نقول: إنه أحرجه، وإنما هو على سبيل العموم، فيجوز للإنسان مثلاً إذا نزل به ضيف وكان مشغولاً، أو ليس عنده ما يضيفه به، أن يقول لمن حوله: من مضيف هذا الرجل؟ ولا حرج في ذلك
ومنها: الإيثار العظيم من هذا الرجل الأنصاري، حيث بات هو وزوجته وصبيته من غير عشاء إكراماً لهذا الضيف الذي نزل ضيفاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنها : أنه ينبغي للإنسان ألا يُري ضيفه أنه مانّ عليه، أو أن الضيف مضيق عليه، ومحرج له؛ لأن الرجل أمر بإطفاء المصباح حتى لا يظن الضيف أنه ضيق عليهم وحرمهم العشاء، وهذا مأخوذ من أدب الخليل إبراهيم عليه السلام حين نزلت به الملائكة ضيوفاً (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) (الذريات: 26) ، حينئذٍ، لكنه راغ إلى أهله، أي ذهب بسرعة وخفية لئلا يخجل الضيف.
ومنها: أنه يجوز للإنسان أن يؤثر الضيف ونحوه على عائلته، وهذا في الآحوال النادرة العارضة، وإلا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أبدا بنفسك____
فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك))
ولكن إذا عرضت مثل هذه الأحوال؛ فلا حرج على الإنسان أن يقدم الضيف أو نحوه ممن يجب عليه إكرامه.
ومن تأمل سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وهديه وهدي أصحابه؛ وجد فيها من مكارم الأخلاق ومعالي الآداب ما لو سار الناس عليه لنالوا بذلك رفعة الدنيا والآخرة. وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير في الدنيا والآخرة." اهـ

      اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى - (ص / 78) لابن رجب السلامي :
فأفضل أنواع إطعام الطعام: الإيثار مع الحاجة كما وصفه الله تعالى بذلك الأنصار رضي الله عنهم فقال: (ويُؤثِرونَ على أَنْفُسِهم ولو كانَ بهمْ خَصَاصَةٌ) ،
وقد صح أن سبب نزولها أن رجلاً منهم أخذ ضيفاً من عند النبي (يُضيفه، فلم يجد عنده إلا قوت صبيانه، فاحتال هو وامرأته حتى نوّما صبيانهما، وقام إلى السراج كأنه يصلحه فأطفأه، ثم جلس مع الضيف يريه أنه يأكل معه ولم يأكل، فلما غدا على رسول الله، قال له: " عجب الله من صنيعكما الليلة ". ونزلت الآية.
وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ويُصبح صائماً، منهم: عبد الله بن عمررضي الله عنهما وداود الطائي، وعبد العزيز بن سليمان، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل وغيرهم.
وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وربما علم أن أهله قد ردوهم عنه فلم يفطر في تلك الليلة.
ومنهم من كان لا يأكل إلا مع ضيف له، قال أبو السوار العدوي: كان___رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس، وأكل الناس معه.
وكان منهم من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم، ويجلس يخدمهم ويروحهم منهم الحسن وابن المبارك، وكان ابن المبارك ربما يشتهي الشيء فلا يصنعه إلا لضيف ينزل به فيأكله مع ضيفه، وكان كثير منهم يفضل إطعام الإخوان على الصدقة على المساكين،
وقد روي في هذا المعنى مرفوعاً من حديث أنس بإسناد ضعيف،
ولا سيما إن كان الإخوان لا يجدون مثل ذلك الطعام.
كان بعضهم يعمل الأطعمة الفاخرة ثم يطعمها إخوانه الفقراء، ويقول: إنهم لا يجدونها.
وبعضهم يصنع له طعاماً ولا يأكل، ويقول: إني لا أشتهيه، وإنما صنعته لأجلكم.
وبعضهم اتخذ حلاوة فأطعمها المعتوه، فقال له أهله: إن هذا لا يدري!. فقال: لكن الله يدري.
واشتهى الربيع بن خيثم حلواء، فلما صنعت له دعا بالفقراء فأكلوا، فقال له أهله: أتعبتنا ولم تأكل!. فقال: ومن أكله غيري!" اهـ

      الشرح الممتع على زاد المستقنع - (6 / 273)
إذا كان الإنسان قد عرف من نفسه الصبر والتوكل، وعنده ما يستطيع أن يُحَصِّلَ به، فهذا لا حرج عليه إذا تصدق بما ينقص مؤونته، أما إذا كان لا يعرف من نفسه الصبر والتوكل


      تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي - (ص / 311_312) :
قَالَ الْفَقِيهُ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- :
عَلَيْكَ بِالصَّدَقَةِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَإِنَّ فِي الصَّدَقَةِ عَشْرَ خِصَالٍ مَحْمُودَةٍ: خَمْسَةً فِي الدُّنْيَا، وَخَمْسَةً فِي الْآخِرَةِ.
فَأَمَّا الْخَمْسَةُ الَّتِي فِي الدُّنْيَا،
فَأَوَّلُهَا: تَطْهِيرُ الْمَالِ
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ وَالْكَذِبُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ»[1] .
وَالثَّانِي: أَنَّ فِيهَا تَطْهِيرَ الْبَدَنِ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] ____
وَالثَّالِثُ : أَنَّ فِيهَا دَفْعَ الْبَلَاءِ وَالْأَمْرَاضِ
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ»[2] .
وَالرَّابِعُ : أَنَّ فِيهَا إِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَأَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.[3]
وَالْخَامِسُ : أَنَّ فِيهَا بَرَكَةً فِي الْمَالِ، وَسِعَةً فِي الرِّزْقِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39] ،
وَأَمَّا الْخَمْسَةُ الَّتِي فِي الْآخِرَةِ:
فَأَوَّلُهَا: أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ ظِلًّا لِصَاحِبِهَا مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ فِيهَا خِفَّةَ الْحِسَابِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تُثَقِّلُ الْمِيزَانَ.
وَالرَّابِعُ: جَوَازٌ عَلَى الصِّرَاطِ.
وَالْخَامِسُ: زِيَادَةُ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّدَقَةِ فَضِيلَةٌ سِوَى دُعَاءِ الْمَسَاكِينِ لَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَرْغَبَ فِيهَا، فَكَيْفَ وَفِيهَا رِضَا اللَّهِ تَعَالَى، وَرَغْمَ الشَّيْطَانِ." اهـ

[1] أخرجه الأربعة، وصححيه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح - (3 / 443/رقم : 2798)
2 أخرجه أبو الشيخ في الثواب عن أبي أمامة . وحسنه الألباني صحيح الجامع الصغير - (3385)
3 أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 452 / 2 ) :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن ، تقضي عنه دينا ، تقضي له حاجة ، تنفس له كربة))
وحسنه الالباني في الصحيحة (2291)



[1] أخرجه الأربعة، وصححيه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح - (3 / 443/رقم : 2798)
[2] أخرجه أبو الشيخ في الثواب عن أبي أمامة . وحسنه الألباني صحيح الجامع الصغير - (3385)
[3] أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 452 / 2 ) :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن ، تقضي عنه دينا ، تقضي له حاجة ، تنفس له كربة))
وحسنه الالباني في الصحيحة (2291)

Tidak ada komentar:

Posting Komentar