بسم الله الرحمن الرحيم
1_باب : الإخلاص وإحضار النية
في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية
تعريف الإخلاص :
·
وفي مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 91_92) لابن
القيم :
"وَقَدْ تَنَوَّعَتْ عِبَارَتُهُمْ فِي
الْإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ، وَالْقَصْدُ وَاحِدٌ.
فَقِيلَ: هُوَ
إِفْرَادُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْقَصْدِ فِي الطَّاعَةِ.
وَقِيلَ: تَصْفِيَةُ
الْفِعْلِ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَقِيلَ: التَّوَقِّي
مِنْ مُلَاحَظَةِ الْخَلْقِ حَتَّى عَنْ نَفْسِكَ. وَالصِّدْقُ التَّنَقِّي مِنْ
مُطَالَعَةِ النَّفْسِ. فَالْمُخْلِصُ لَا رِيَاءَ لَهُ، وَالصَّادِقُ لَا
إِعْجَابَ لَهُ. وَلَا يَتِمُّ الْإِخْلَاصُ إِلَّا بِالصِّدْقِ، وَلَا الصِّدْقُ
إِلَّا بِالْإِخْلَاصِ. وَلَا يَتِمَّانِ إِلَّا بِالصَّبْرِ.
وَقِيلَ: مَنْ شَهِدَ
فِي إِخْلَاصِهِ الْإِخْلَاصَ، احْتَاجَ إِخْلَاصُهُ إِلَى إِخْلَاصٍ. فَنُقْصَانُ
كُلِّ مُخْلِصٍ فِي إِخْلَاصِهِ: بِقَدْرِ رُؤْيَةِ إِخْلَاصِهِ. فَإِذَا سَقَطَ
عَنْ نَفْسِهِ رُؤْيَةُ الْإِخْلَاصِ، صَارَ مُخْلِصًا مُخْلَصًا.
وَقِيلَ:
الْإِخْلَاصُ اسْتِوَاءُ أَعْمَالِ الْعَبْدِ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ.
وَالرِّيَاءُ: أَنْ يَكُونَ ظَاهِرَهُ خَيْرًا مِنْ بَاطِنِهِ. وَالصِّدْقُ فِي
الْإِخْلَاصِ: أَنْ يَكُونَ بَاطِنُهُ أَعْمَرَ مِنْ ظَاهِرِهِ.____
وَقِيلَ:
الْإِخْلَاصُ نِسْيَانُ رُؤْيَةِ الْخَلْقِ بِدَوَامِ النَّظَرِ إِلَى الْخَالِقِ.
وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ.
وَمِنْ كَلَامِ
الْفُضَيْلِ: تَرْكُ الْعَمَلِ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ: رِيَاءٌ. وَالْعَمَلُ مِنْ
أَجْلِ النَّاسِ: شِرْكٌ. وَالْإِخْلَاصُ: أَنْ يُعَافِيَكَ اللَّهُ مِنْهُمَا.
قَالَ الْجُنَيْدُ:
الْإِخْلَاصُ سِرٌّ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ. لَا يَعْلَمُهُ مَلَكٌ
فَيَكْتُبُهُ، وَلَا شَيْطَانٌ فَيُفْسِدُهُ. وَلَا هَوًى فَيُمِيلُهُ.
وَقِيلَ لِسَهْلٍ:
أَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ عَلَى النَّفْسِ؟ فَقَالَ: الْإِخْلَاصُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ
لَهَا فِيهِ نَصِيبٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
الْإِخْلَاصُ أَنْ لَا تَطْلُبَ عَلَى عَمَلِكَ شَاهِدًا غَيْرَ اللَّهِ، وَلَا
مُجَازِيًا سِوَاهُ." اهـ كلام ابن قيم الجوزية _رحمه الله_
·
وفي مدارج السالكين (2/ 93) لابن القيم :
"قَالَ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ
"
:
الْإِخْلَاصُ:
تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ مِنْ كُلِّ شَوْبٍ.
أَيْ لَا يُمَازِجُ عَمَلَهُ
مَا يَشُوبُهُ مِنْ شَوَائِب إِرَادَاتِ النَّفْسِ إِمَّا طَلَبُ التَّزَيُّنِ فِي
قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَإِمَّا طَلَبُ مَدْحِهِمْ، وَالْهَرَبُ مِنْ ذَمِّهِمْ، أَوْ
طَلَبُ تَعْظِيمِهِمْ، أَوْ طَلَبُ أَمْوَالِهِمْ أَوْ خِدْمَتِهِمْ
وَمَحَبَّتِهِمْ وَقَضَائِهِمْ حَوَائِجَهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعِلَلِ
وَالشَّوَائِبِ، الَّتِي عَقْدُ مُتَفَرِّقَاتِهَا هُوَ إِرَادَةُ مَا سِوَى
اللَّهِ بِعَمَلِهِ، كَائِنًا مَا كَانَ." اهـ
· قال العز بن عبد السلام _رحمه الله_ في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (1/ 146) :
"الْإِخْلَاصُ أَنْ يَفْعَلَ الْمُكَلَّفُ الطَّاعَةَ خَالِصًا لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا يُرِيدُ بِهَا تَعْظِيمًا مِنْ النَّاسِ وَلَا تَوْقِيرًا، وَلَا جَلْبَ نَفْعٍ دِينِيٍّ، وَلَا دَفْعَ ضَرَرٍ دُنْيَوِيٍّ." اهـ
·
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
"الإخلاص لله تعالى، معناه : أن يقصد المرء بعبادته التقرب إلى الله سبحانه
وتعالى والتوصل إلى دار كرامته" اهـ من مجموع فتاوى ورسائل إبن عثيمين (1/98)
وجوب تصفية
الأعمال من شوائب الرياء والسمعة والعجب
·
الفوائد لابن القيم
(ص: 149) :
"فصل :
لَا يجْتَمع
الْإِخْلَاص فِي الْقلب ومحبة الْمَدْح وَالثنَاء والطمع فِيمَا عِنْد النَّاس
إِلَّا كَمَا يجْتَمع المَاء وَالنَّار والضب والحوت،
فَإِذا حدثتك نَفسك
بِطَلَب الْإِخْلَاص فَأقبل على الطمع أَولا فاذبحه بسكين الْيَأْس وَأَقْبل على
الْمَدْح وَالثنَاء فازهد فيهمَا زهد عشّاق الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة
فَإِذا استقام لَك
ذبح الطمع والزهد فِي الثَّنَاء والمدح سهل عَلَيْك الْإِخْلَاص!
فَإِن قلت :
"وَمَا الَّذِي يسهّل عَليّ ذبح الطمع والزهد فِي الثَّنَاء والمدح".
قلتُ :
* أما ذبح الطمع
فيسهله عَلَيْك علمك يَقِينا أَنه لَيْسَ من شَيْء يطْمع فِيهِ إِلَّا وبيد الله
وَحده خزائنه لَا يملكهَا غَيره وَلَا يُؤْتى العَبْد مِنْهَا شَيْئا سواهُ
* وَأما الزهد فِي
الثَّنَاء والمدح فيسهله عَلَيْك علمك أَنه لَيْسَ أحد ينفع مدحه ويزين ويضر ذمه
ويشين إِلَّا الله وَحده." اهـ
======================
قال الإمام النووي مصنف
رياض الصالحين _رحمه الله_ أثناء إيراده بعض الآيات في الباب :
قَالَ
اللهُ تَعَالَى : {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ
الْقَيِّمَةِ} [البينة (5) ]
|
نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور (22/ 192) لإبراهيم بن عمر البقاعي (المتوفى: 885هـ):
"والعبادة : امتثال أمر الله _تعالى_ كما أمر على الوجه
المأمور به، من أجل أنه آمر، مع المبادرة بغاية الحب والخضوع والتعظيم، وذلك مع
الاقتصاد لئلا يمل الإنسان فيخل أو يحصل له الإعجاب فتفسد عبادته." اهـ
التسهيل لعلوم
التنزيل (2/ 502) لابن جُزَيٍّ الغرناطي (741 هـ) :
"الإخلاص مطلوب
في التوحيد وفي الأعمال، وهذا الإخلاص في التوحيد من الشرك الجليّ، وهذا الإخلاص
في الأعمال من الشرك الخفيّ." اهـ
تفسير القرآن العظيم، ت. سامي (1/ 385) لابن كثير :
"إِنَّ لِلْعَمَلِ الْمُتَقَبَّلِ شَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالْآخَرُ : أَنْ يَكُونَ صَوَابًا مُوَافِقًا لِلشَّرِيعَةِ.
فَمَتَى كَانَ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُتَقَبَّلْ؛ وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ :
"مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، عَنْهُ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_." اهـ
·
الجامع لأحكام القرآن
للقرطبي (20/ 144) :
"(مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ) أَيِ الْعِبَادَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ إِنِّي
أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ «4» [الزمر: 11].
وَفِي
هَذَا : دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي
الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ وَهُوَ الَّذِي
يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى لَا غَيْرِهِ." اهـ
·
مجموع الفتاوى (10/
49_50) لابن تيمية :
"إخْلَاصُ
الدِّينِ لِلَّهِ هُوَ الدِّينُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ سِوَاهُ وَهُوَ
الَّذِي بَعَثَ بِهِ الْأَوَّلِينَ والآخرين مِنْ الرُّسُلِ وَأَنْزَلَ بِهِ
جَمِيعَ الْكُتُبِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْإِيمَانِ،
وَهَذَا
هُوَ خُلَاصَةُ الدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَهُوَ قُطْبُ
الْقُرْآنِ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ رَحَاهُ. قَالَ تَعَالَى : {تَنْزِيلُ
الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} {إنَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ
الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} {أَلَا لِلَّهِ
الدِّينُ الْخَالِصُ} وَالسُّورَةُ كُلُّهَا عَامَّتُهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى.
كَقَوْلِهِ: {قُلْ إنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}
{وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} إلَى قَوْلِهِ:___{قُلِ
اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي}." اهـ كلام شيخ الإسلام _رحمه الله_
======================
وَقالَ
تَعَالَى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ
التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج (37) ] .
|
·
زاد المسير في علم
التفسير - (4 / 385) لابن الجوزي :
"سبب
نزولها : أن المشركين كانوا إِذا ذبحوا استقبلوا
الكعبة بالدماء ينضحون بها نحو الكعبة ، فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك ، فنزلت هذه
الآية ، قاله أبو صالح عن ابن عباس .
قال
المفسرون : ومعنى الآية : لن تُرفع إِلى الله
لحومُها ولا دماؤها ، وإِنما يُرفع إِليه التقوى؛ وهو ما
أُرِيدَ به وجهُه منكم." اهـ
·
تفسير السمرقندي =
بحر العلوم (2/ 461) لأبي الليث نصر بن محمد السمرقندي :
"قوله عز وجل:
((لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها))،
وذلك أن أهل
الجاهلية، كانوا إذا نحروا البدن عند زمزم، أخذوا دماءها، ولطخوا بها حول الكعبة،
وعلقوا لحومها بالبيت، وقالوا: اللهم تقبل منا. فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك،
فنزل: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها، يعني: لن يصل إلى الله عز وجل
لحومها ولا دماؤها. وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ، أي يصل إليه التقوى من
أعمالكم الزاكية والنية الخالصة." اهــ
·
زاد المسير في علم
التفسير (3/ 239) لابن الجوزي :
"والإِشارة بهذه
الآية إِلى أنه لا يقبل اللحوم والدِّماء إِذا لم تكن صادرة عن تقوى الله، وإِنما
يتقبل ما يتقونه به، وهذا تنبيه على امتناع قبول الأعمال إِذا عريت عن نيَّةٍ
صحيحة." اهـ
المدخل لابن الحاج
(3/ 59)
وَاعْلَمْ أَنَّ
النِّيَّةَ، وَالصِّدْقَ، وَالْإِخْلَاصَ فَرِيضَةٌ تُقَامُ بِهَا الْفَرَائِضُ،
وَتَنْبَنِي عَلَيْهَا الْأَعْمَالُ، وَتَرْكُ الذُّنُوبِ فَرِيضَةٌ فَكُلُّ
أَمْرٍ فِيهِ مَعْصِيَةٌ فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَمُحَالٌ أَنْ يُتَقَرَّبَ إلَى
اللَّهِ بِمَعَاصِيهِ
حجة الله البالغة (2/
130) لأحمد بن عبد الرحيم الدهلوي :
"وَاعْلَم أَن
النِّيَّة روح، وَالْعِبَادَة جَسَد، وَلَا حَيَاة للجسد بِدُونِ روح، وَالروح
لَهَا حَيَاة بعد مُفَارقَة الْبدن، وَلَكِن لَا يظْهر آثَار الْحَيَاة كَامِلَة
بِدُونِهِ." اهـ
مجموع الفتاوى (17/
485_486) لابن تيمية :
"فَالْمَقْصُودُ
تَقْوَى الْقُلُوبِ لِلَّهِ وَهُوَ عِبَادَتُهَا لَهُ وَحْدَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ
بِغَايَةِ الْعُبُودِيَّةِ لَهُ، وَالْعُبُودِيَّةُ فِيهَا
: غَايَةُ الْمَحَبَّةِ وَغَايَةُ الذُّلِّ وَالْإِخْلَاصِ، وَهَذِهِ مِلَّةُ
إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ.
وَهَذَا كُلُّهُ
مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ عِبَادَةَ الْقُلُوبِ هِيَ الْأَصْلُ كَمَا قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا
صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ
أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ}___
وَالنِّيَّةُ
وَالْقَصْدُ هُمَا عَمَلُ الْقَلْبِ فَلَا بُدَّ فِي الْمُتَابَعَةِ لِلرَّسُولِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ وَالْقَصْدِ."
اهـ
إعلام الموقعين عن رب
العالمين (2/ 118) لابن القيم :
"فَأَخْبَرَ
أَنَّهُ إنَّمَا سَخَّرَهَا لِمَنْ يَذْكُرُ اسْمَهُ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ إنَّمَا
يَنَالُهُ التَّقْوَى (وَهُوَ التَّقَرُّبُ إلَيْهِ بِهَا وَذِكْرِ اسْمِهِ
عَلَيْهَا).
فَإِذَا لَمْ
يَذْكُرْ اسْمَهُ عَلَيْهَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ أَكْلِهَا، وَكَانَتْ
مَكْرُوهَةً لِلَّهِ." اهـ
مختصر الصواعق
المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 259)
"فَإِذَا
أَمْسَكَ الْعَبْدُ عَمَّا يَنَالُ رَبَّهُ مِنْهُ أَمْسَكَ الرَّبُّ عَمَّا
يَنَالُ الْعَبْدَ مِنْ تَوْفِيقِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ سُبْحَانَهُ بِهَذَا
الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ
يَعْمَهُونَ} [الأنعام: 110] أَيْ نُخَلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نُفُوسِهِمُ
الَّتِي لَيْسَ لَهُمْ مِنْهَا إِلَّا الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ، وَقَالَ تَعَالَى:
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر:
19] وَقَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ
قُلُوبَهُمْ} [المائدة: 41] فَعَدَمُ إِرَادَتِهِ تَطْهِيرَهُمْ، وَتَخْلِيَتُهُ
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نُفُوسِهِمْ أَوْجَبَ لَهُمْ مِنَ الشَّرِّ مَا أَوْجَبَهُ."
اهـ
======================
وَقالَ
تَعَالَى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ
اللَّهُ} [آل عمران (29)] .
|
·
تفسير ابن كثير ت =
تفسير القرآن العظيم، ت.سامي سلامة (2/ 31) :
"يُخْبِرُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَادَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ السَّرَائِرَ وَالضَّمَائِرَ
وَالظَّوَاهِرَ، وَأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ، بَلْ علمه
محيط بهم في سائر الأحوال والآناث واللحظات وجميع الأوقات، وبجميع ما في السموات
وَالْأَرْضِ،
لَا يَغِيبُ عَنْهُ
مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ
وَالْبِحَارِ وَالْجِبَالِ، وَهُوَ {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أَيْ: قُدْرَتُهُ
نَافِذَةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.
وَهَذَا تَنْبِيهٌ
مِنْهُ لِعِبَادِهِ عَلَى خَوْفِهِ وَخَشْيَتِهِ، وَأَلَّا يَرْتَكِبُوا مَا نَهَى
عَنْهُ وَمَا يَبْغضه مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ أُمُورِهِمْ، وَهُوَ
قَادِرٌ عَلَى مُعَاجَلَتِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ، وإنْ أَنْظَرَ مَنْ أَنْظَرَ
مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ يُمْهِلُ ثُمَّ يَأْخُذُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ."
اهـ
إحياء علوم الدين (4/ 381) لأبي حامد _غفر الله الله له_.