عون المسلم
عن
أبي هريرة _رضي الله عنه_ :
عن
النَّبيِّ _صلى الله عليه وسلم_ قال :
@ "مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً
مِن كُرَب الدنيا نَفَّس اللهٌ عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة،
@ ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّرَ
اللهُ عليه في الدنيا والآخرة،
@ ومَن سَتَرَ مسلماً ستره اللهُ في
الدنيا والآخرة،
@ واللهُ في عَون العبد ما كان العبدُ
في عون أخيه،
#
ومَن سَلَكَ طريقاً يَلتمس فيه علماً سَهَّلَ اللهُ له به طريقاً إلى الجنة،
#
وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم إلاَّ
نزلت عليهم السكينةُ، وغَشيتهم الرحمةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكَرَهم الله
فيمَن عنده،
#
ومَن بَطَّأَ به عملُه لَم يُسرع به نسبُه" رواه مسلم بهذا اللفظ.
|
=========================
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين
للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 121)
1 قوله: "مَن نَفَّس
عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب الدنيا نَفَّس اللهٌ عنه كُربةً من كُرَبِ يوم
القيامة"،
الكُربةُ : هي الشدَّة والضيق.
وتنفيسها : إزالتُها.
والجزاء على تنفيس كربة في الدنيا أن ينفَّس عنه
كُربة من كُرب__يوم القيامة، والجزاءُ من جنس العمل، ولا شكَّ أنَّ الجزاءَ فيه
أعظم؛ لشدَّة كُرَب يوم القيامة وعظم الفائدة للمكروب في تنفيسها.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 285)
((وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ، فَرَّجَ
اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ)) خ م
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 288)
وَخَرَّجَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ
النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] [الْمُطَفِّفِينَ: 6] ، قَالَ:
يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي الرَّشْحِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ» .
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 289)
وَقَالَ أَبُو مُوسَى : الشَّمْسُ فَوْقَ رُءُوسِ
النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَعْمَالُهُمْ تُظِلُّهُمْ أَوْ تُضْحِيهِمْ.
وَفِي " الْمُسْنَدِ " مِنْ حَدِيثِ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا : «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى
يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ» .
=================================
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين
للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 122)
2 قوله: " ومَن يَسَّر
على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة"،
وهذا أيضاً الجزاءُ فيه من جنس العمل،
والعمل : هو التيسير على المُعسر، وذلك بإعانته على
إزالة عُسرته،
* فإن كان مَديناً ساعده بإعطائه ما يقضي به دينه،
* وإن كان الدَّين له أنظره إن لم يُبْرئه منه،
والإبراء خيرٌ من الإنظار؛ لقول الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ
فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ} ،
وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ الجزاءَ على
التيسير تيسيرٌ يحصل في الدنيا والآخرة.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 289)
وَقَالَ: {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ
عَسِيرًا} [الفرقان: 26] [الْفُرْقَانِ: 26] .
وَالتَّيْسِيرُ عَلَى الْمُعْسِرِ فِي الدُّنْيَا
مِنْ جِهَةِ الْمَالِ يَكُونُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:
* إِمَّا بِإِنْظَارِهِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ،
وَذَلِكَ وَاجِبٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ
إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] [الْبَقَرَةِ: 280] ،
وَتَارَةً بِالْوَضْعِ عَنْهُ إِنْ كَانَ غَرِيمًا،
وَإِلَّا فَبِإِعْطَائِهِ مَا يَزُولُ بِهِ إِعْسَارُهُ، وَكِلَاهُمَا لَهُ فَضْلٌ
عَظِيمٌ.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 290)
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ
تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِصِبْيَانِهِ:
تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ
اللَّهُ عَنْهُ» .
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 290)
* وَخَرَّجَ
أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ:
«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كَرْبِ
يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» . م
* وَخَرَّجَ
أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيَسَرِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ:
«مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ،
أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلَّهُ» . م
=================================
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين
للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 122)
3 قوله: "ومَن ستر
مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة"،
وهذا أيضاً العمل فيه ستر في الدنيا، والجزاء عليه
سترٌ في الدنيا والآخرة،
والسترُ : هو إخفاء العيب وعدم إظهاره،
*
فمَن كان معروفاً بالاستقامة وحصل منه الوقوع في المعصية نوصِحَ وسُتر عليه،
*
ومَن كان معروفاً بالفساد والإجرام، فإنَّ السترَ عليه قد يهوِّن عليه إجرامه،
فيستمر عليه ويتمادى فيه،
فالمصلحةُ في مثل هذا : عدم الستر عليه؛ ليحصل له
العقوبة التي تزجره عن العَوْد إلى إجرامه وعدوانه.
سنن أبي داود (3460)_ ق (2199) :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ»
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 291)
وَخَرَّجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ
سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، كَشَفَ اللَّهِ
عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ» .
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 291)
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ
قَالَ:
((أَدْرَكْتُ قَوْمًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُيُوبٌ،
فَذَكَرُوا عُيُوبَ النَّاسِ، فَذَكَرَ النَّاسُ لَهُمْ عُيُوبًا، وَأَدْرَكْتُ
أَقْوَامًا كَانَتْ لَهُمْ عُيُوبٌ، فَكَفُّوا عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ، فَنَسِيتُ
عُيُوبَهُمْ)) أَوْ كَمَا قَالَ." اهـ
صحيح الترغيب والترهيب (2/ 589)
2340 - (9) [حسن صحيح] وعن أبي برزة الأسلمي
رضي الله عنه قال: قال رسول الله _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ :
"يا معشرَ مَنْ آمنَ بِلسِانِه، ولَمْ
يَدْخُل الإيمانُ قَلْبَهُ! لا تَغْتابوا المسلمينَ، ولا تَتَّبِعوا عَوْراتِهم؛
فإنَّه مَنْ اتَّبَع عَوْراتِهم؛ تَتَبَّعَ الله عَوْرتَهُ، ومَنْ تَتَّبعَ الله
عَوْرَتهُ يَفضَحْهُ؛ في بيْتِه". رواه أبو داود
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 292_293)
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَرْبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا:
مَنْ كَانَ مَسْتُورًا لَا يَعْرِفُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي، فَإِذَا وَقَعَتْ
مِنْهُ هَفْوَةٌ، أَوْ زَلَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَشْفُهَا، وَلَا
هَتْكُهَا، وَلَا التَّحَدُّثُ بِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ غِيبَةٌ مُحَرَّمَةٌ،
وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ النُّصُوصُ، وَفِي ذَلِكَ قَدْ قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ
آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19]
[النُّورِ: 19]...___
وَالثَّانِي:
مَنْ كَانَ مُشْتَهِرًا بِالْمَعَاصِي، مُعْلِنًا بِهَا لَا يُبَالِي بِمَا
ارْتَكَبَ مِنْهَا، وَلَا بِمَا قِيلَ لَهُ فَهَذَا هُوَ الْفَاجِرُ الْمُعْلِنُ،
وَلَيْسَ لَهُ غِيبَةٌ، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ
وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا بَأْسَ بِالْبَحْثِ عَنْ أَمْرِهِ لِتُقَامَ
عَلَيْهِ الْحُدُودُ
=============================
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين
للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 122)
4 قوله: "والله في عون
العبد ما كان العبدُ في عون أخيه"،
هذا فيه الحثُّ على إعانة المسلم أخاه المسلم،
وأنَّه كلَّما حصل منه العون لإخوانه فإنَّه يحصِّل بذلك عون الله وتسديده، وهي
كلمة جامعة من جوامع كلم الرسول صلى الله عليه وسلم.
سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها
وفوائدها (5/ 365)
2291 – ((" من أفضل الأعمال إدخال
السرور على المؤمن، تقضي عنه دينا، تقضي له حاجة،
تنفس له كربة ")). أخرجه البيهقي في "
شعب الإيمان " (2 / 452 / 2)
صحيح الترغيب والترهيب (1/ 564)
[حسن] عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
سئل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
-: أي الأعمال أفضل؟ قال:
"إدخالك السرور على مؤمن؛ أشبعتَ جَوْعَتَهْ،
أو كسوتَ عَوْرَتَه، أو قضيتَ له حاجة".
رواه الطبراني في "الأوسط".
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 295)
وَكَانَ عُمَرُ يَتَعَاهَدُ الْأَرَامِلَ
يَسْتَقِي لَهُنَّ الْمَاءَ
بِاللَّيْلِ، وَرَآهُ طَلْحَةُ بِاللَّيْلِ يَدْخُلُ بَيْتَ امْرَأَةٍ، فَدَخَلَ
إِلَيْهَا طَلْحَةُ نَهَارًا، فَإِذَا هِيَ عَجُوزٌ عَمْيَاءُ مُقْعَدَةٌ،
فَسَأَلَهَا: مَا يَصْنَعُ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: هَذَا مُذْ كَذَا
وَكَذَا يَتَعَاهَدْنِي يَأْتِينِي بِمَا يُصْلِحُنِي، وَيُخْرِجُ عَنِّي
الْأَذَى، فَقَالَ طَلْحَةُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ طَلْحَةُ، عَثَرَاتِ عُمَرَ تَتْبَعُ؟
!
وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يَطُوفُ عَلَى
نِسَاءِ الْحَيِّ وَعَجَائِزِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ، فَيَشْتَرِي لَهُنَّ
حَوَائِجَهُنَّ وَمَا يُصْلِحُهُنَّ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي السَّفَرِ لِأَخْدُمَهُ، فَكَانَ يَخْدِمُنِي.
وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّالِحِينَ يَشْتَرِطُ
عَلَى أَصْحَابِهِ فِي السَّفَرِ أَنْ يَخْدِمَهُمْ.