1723 - (7) [حسن]
وعنه قال:
سُئلَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنْ أكثَرِ ما
يُدْخِل الناسَ النارَ؟ قال:
"الفَمُ والفَرْجُ".
وسُئِلَ عن أكْثَرِ ما يُدْخِلُ الناسَ الجنَّةَ؟ قال:
"تقْوى الله، وحسْن الخُلُقِ".__
رواه الترمذي وقال: "حديث صحيح غريب".
أخرجه الترمذي (2004)، وانظر
: السلسلة الصحيحة - مختصرة - (977) : - ( حسن )
6474 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ
وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ» خ
الفوائد لابن القيم - (1 / 53)
جمع
النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق, لأن تقوى الله تصلح ما بين
العبد وبين ربه, وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه. قتقوى الله توجب له محبة
الله, وحسن الخلق يدعو الناس الى محبته.
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (5/ 67) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْكَبَائِرَ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنَ الْفَمِ وَالْفَرْجِ الاستذكار (8/ 565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ :
أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ _صَلَّى الله عليه وسلم_ قال : (مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ
اثْنَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ : شَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَشَرَّ مَا بَيْنَ
رِجْلَيْهِ).
وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا فِي التَّمْهِيدِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أن أكبر الكبائر وإنما هِيَ مِنَ الْفَمِ وَالْفَرْجِ.
وَمَا
بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ : الْفَمُ،
وَمَا
بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ الْفَرَجُ
وَمِنَ الْفَمِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنَ اللِّسَانِ :
وَهُوَ
: كَلِمَةُ الْكُفْرِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَأَخْذُ أَعْرَاضِ
الْمُسْلِمِينَ. وَمِنَ الْفَمِ أَيْضًا : شُرْبُ
الْخَمْرِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليتيم ظلما.
ومن الفرج : الزنى وَاللِّوَاطُ وَمَنِ اتَّقَى مَا يَأْتِي مِنَ اللِّسَانِ وَالْفَرْجِ فَأَحْرَى أَنْ يَتَّقِيَ الْقَتْلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3121) أما الفم : فمشتمل على اللسان،
وحفظه
: ملاك أمر الدين كله، وأكل الحلال رأس التقوى كله.
وأما
الفرج : فصونه من أعظم مراتب الدين،
قال
_تعالى_ : {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5]؛
لأن
هذه الشهوة أغلب الشهوات على الإنسان، وأعصاها عند الهيجان على العقل،
ومن
ترك الزنا خوفا من الله تعالى، مع القدرة، وارتفاع الموانع، وتيسير الأسباب-
لاسيما عند صدق الشهوة- وصل إلى درجة الصديقين،
قال
_تعالى_ : {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ
الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} [النازعات: 40، 41]
|
=========================
1724 - (8) [حسن لغيره] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"اسْتَحْيوا مِنَ الله حقَّ الحَياءِ".
قال: قلنا: يا نبيَّ الله! إنَّا لَنَسْتَحي والحمدُ لله.
قال : "ليسَ ذلك، ولكن الاستحياءَ مِنَ الله حقَّ الحياءِ؛ أنْ تَحفظَ
الرأسَ وما وَعى، وتحفظَ البطنَ وما حوَى، وتذكرَ الموتَ والبِلى، ومَنْ أرادَ الآخرَة
تَركَ زينة الدنيا، فَمَنْ فَعلَ ذلك فقد اسْتَحْيا مِنَ الله حقَّ الحياءِ".
رواه الترمذي، وقال:
"حديث غريب، إنما نعرفه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد".
(قال الحافظ): "أبان والصباح مختلف فيهما، وقد ضُعَف الصياح برفعه
هذا الحديث، وصوابه عن ابن مسعود موقوفاً عليه".
من فوائد الحديث :
تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (1/ 428) للقاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (ت 685هـ) :
"وقوله: (ليس ذلك) أي: ليس الحياء من الله حق الحياء ما تحسبونه , بل هو أن يترك الرجل
ما لا يحبه الله ولا يستحسنه , ويكون فيما يذره ويأتيه خائفا عن عتابه , طالبا لمرضاته
, فيحفظ نفسه بجميع جوارحه وقواه عما لا يرضاه الله , فيحفظ رأسه وما وعاه من الحواس
الظاهرة والباطنة عن استعمالها فيما لا يحل , والبطن وما حواه عن تناول ما يحرم , إلى
غير ذلك , وأن يتذكر الموت والبلى , ويعلم أن الآخرة خير وأبقى , ويعرض عن متاع الدنيا
رغبة إلى الله تعالى ورهبة من عقابه.
تطريز رياض الصالحين (ص: 58)
وَقالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}
[غافر ... (19) ] .
قال ابن كثير: يخبر عزَّ وجلّ عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء، ليحذر
الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله تعالى حقَّ الحياء، ويتَّقوه حقَّ تقواه ويراقبوه
مراقبة من يعلم أنه يراه.
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 135_136)
وأوَّلُ الحياءِ وأَوْلاَه : الحياءُ من الله تعالى ، وهو ألاَّ يراك
حيثُ نهاك ، وذلك لا يكونُ إلاَّ عن معرفةٍ بالله تعالى كاملة ، ومراقبةٍ له حاصلَة
، وهي المعبَّرُ عنها بقوله _صلى الله عليه وسلم_ : "أَنْ تَعْبُدَ اللهَ
كَأَنَّكَ تَرَاهُ ؛ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ".___
وقد رَوَى الترمذيُّ مِنْ حديث ابن مسعود _رضى الله عنه_ أَنَّهُ _صلى
الله عليه وسلم_ ؛ قال : اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ ، فَقَالُوا : إِنَّا
نَسْتَحْيِي وَالحَمْدُ للهِ ، فَقَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ ، ولكنَّ الاسْتِحْياءَ من
الله حقَّ الحَيَاءِ : أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا حَوَى ، وَالْبطنَ وما وَعَى
، وَتَذْكُرَ المَوْتَ وَالْبِلَى ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ
اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ.
قال الشيخ _رحمه الله_ :
"وأهلُ المعرفة في هذا الحياءِ منقسمون ؛ كما أنّهم في أحوالهم متفاوتون
-كما تقدم-، وقد كان النبيُّ _صلى الله عليه وسلم_ جُمِعَ له كمالُ نوعَيِ
الحياء ، فكان في الحياءِ الغريزيِّ أشدَّ حياءً من العَذْراء في خِدْرها ، ومِنْ حيائِهِ
الكسبيِّ في ذِرْوتها.
بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 166)
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَهَذَا الْحَيَاءُ
مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَسَنُفَسِّرُهُ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى،
أَمَّا الْحَيَاءُ مِنَ النَّاسِ، فَهُوَ أَنْ يَتَحَصَّنَ عَنْ إِتْيَانِ مَا يُشِينُهُ،
وَهُوَ يَجْمَعُ الْأَخْلَاقَ الْحَسَنَةَ، وَيَحْجُزُ عَنْ مَسَاوِيهَا،
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ
مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ،
فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ " [ص:167]
وَقَالَ: «لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ، وَإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ»
[ق][1]، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِسْلَامِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ
خُلُقًا» ، إِذًا فَالْحَيَاءُ تَرْكُ الْقَبَائِحِ، وَالسَّيِّئَاتِ، وَإِتْيَانُ
الْمَحَاسِنَ، وَالْخَيْرَاتِ، وَهَذَا خُلُقُ الْإِيمَانِ، وَالْإِسْلَامِ، وَلِذَلِكَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ»
الذريعة الى مكارم الشريعة (ص: 208)
والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة:
البشر: وهم أكثر من يستحي منه، ثم نفسه، ثم اللَّه - عز وجل -،
* ومن استحيا من الناس ولم يستحِ من نفسه فنفسه عنده أخس من غيره،
* ومن استحيا منهما ولم يستحِ من اللَّه : فلعدم معرفته بالله _عز وجل_،
فإن الإنسان يستحي ممن يعظمه ويعلم أنه يراه أو يسمع نجواه فيبكِّته،
* ومن لا يعرف اللَّه فكيف يستعظمه، وكيف يعلم أنه مطلع عليه.
وقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : (استحيوا من اللَّه حق الحياء) في
ضمنه حث على معرفته،
وقال تعالى : {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14]
تنبيهًا على أن العبد إذا علم أن اللَّه يراه استحيا من ارتكاب الذنب،
وقد سئل الجنيد _رحمه الله_ عما يتولد منه الحياء من اللَّه تعالى، فقال
: "رؤية العبد آلاء الله عليه، ورؤية تقصيره في شكره"،
=================================
1725 - (9) [حسن لغيره] ورواه الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً.
قوله : "تَحفظَ البطْنَ وما حَوى"؛ يعني: ما وضع فيه من طعام
وشراب حتى يكونا من حلِّهما.
========================
1726 - (10) [حسن لغيره] وعن معاذٍ رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"ما تُزالُ (1) قدَما عبدٍ يومَ القيامَةِ حتَّى يُسأَلَ عنْ أربعٍ؛
عن عُمُرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن شبابِه فيمَ أبْلاهُ؟ وعن مالِه مِنْ أينَ اكتَسَبَه،
وفيمَ أنْفَقه؟ وعن عِلْمهِ ماذا عمِلَ فيه؟ ".[2]
رواه البيهقي وغيره.
__________
(1) انظر التعليق المتقدم على هذه الكلمة في (3 - العلم/ 9).
شرح الحديث وفوائده :
تطريز رياض الصالحين (ص: 275)
قوله: «لا تزول قدما عبد» ، أي: من موقفه للحساب حتى يسأل عن عمره
فيما أفناه أفي طاعة أم معصية، وعن عمله فيم عمله لوجه الله تعالى خالصًا أو رياء
وسمعة.
وعن ماله من أين اكتسبه، أَمِنْ حلال أو حرام؟ وفيما أنفقه أفي البر
والمعروف أو الإسراف والتبذير؟ وعن جسمه فيما أبلاه أفي طاعة الله أو معاصيه؟ .
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (4/ 301)
ويستثنى من ذلك الأنبياء وبعض صالحي المؤمنين كالذين يدخلون الجنة
بغير حساب
شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3296)
قوله: ((وعن شبابه فيما
أبلاه)) فإن قلت: هذا داخل في الخصلة الأولى فما وجهه؟ قلت: المراد سؤاله عن قوته
وزمانه الذي يتمكن منه على أقوى العبادة.
التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 124_125) للمناوي :
من أَيْن اكْتَسبهُ وفيم أنفقهُ وَبَين بِهِ أَنه كَمَا يجب على
العَبْد رِعَايَة حق الله فِي مَاله بِالْإِنْفَاقِ فَعَلَيهِ___رِعَايَة حَقه فِي
بدنه ببذل المعونة لِلْخلقِ فِي الشَّفَاعَة وَغَيرهَا."
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 457)
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْمُنَافِقُ مَا أَخَذَ مِنَ
الدُّنْيَا يَأْخُذُ مِنَ الْحِرْصِ، وَيَمْنَعُ بِالشَّكِّ، وَيُنْفِقُ
بِالرِّيَاءِ، وَالْمُؤْمِنُ الْبَصِيرُ، يَأْخُذُ بِالْخَوْفِ، وَيُمْسِكُ
بِالشُّكْرِ، وَيُنْفِقُ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
الطَّاعَةُ مَخْزُونَةٌ فِي خَزَائِنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِفْتَاحُهَا
الدُّعَاءُ، وَأَسْنَانُهَا لُقْمَةُ الْحَلَالِ وَعَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى , قَالَ: الْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْتَمِي مِنْ حَلَالٍ مَخَافَةَ
الدَّاءِ، فَكَيْفَ لَا يَحْتَمِي بِالْحَرَامِ مَخَافَةَ النَّارِ.
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (23/ 25)
ظاهره : أنه يسال عن هذه الأربع مجملة كما نطق بها ، وليس كذلك، بل :
يسال عن آحاد كل نوع منها ، فيسال عن أزمانه من وقت تكليفه زمانا زمانا ، وعما عمل
عملًا عملاً ، وعن معلوماته ، وما عمل بها واحدا واحداً ، وهكذا في سائرها تعيينا
، وتعديدا ، وتفصيلا .
والدليل على ذلك :
قوله تعالى : {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7، 8]
وقوله : {وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا
يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا } [الكهف: 49] ، وقوله :
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا
تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا
بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)} [الأنبياء: 47]،
ومثل هذا كثير في الشريعة ، ومن تصفح ذلك حصل على العلم القطعي ،
واليقين الضروري من ذلك." اهـ
============================
1727 - (11) [حسن صحيح] ورواه الترمذي من حديث أبي برزة وصححه، وتقدم
هو وغيره في "العلم" [3/ 9 - باب].
============================
1728 - (12) [صحيح لغيره] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ أنَّ
النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"يا كعبُ بن عُجرة! إنَّهُ لا يدخلُ الجنَّة لَحْمٌ نبتَ مِنْ
سُحتٍ".
رواه ابن حبان في "صحيحه" في حديث.
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (14/ 118)
وعند هذا يعلم الواحد منا قدر المصيبة التي هو فيها ، وعظم المحنة
التي ابتلي بها ؛ إذ المكاسب في هذه الأوقات قد فسدت ، وأنواع الحرام والشبهات قد
عمَّت ، فلا يكاد أحدٌ منَّا اليوم يتوصل إلى الحلال، ولا ينفك عن الشبهات . فإن
الواحد منَّا - وإن اجتهد فيما يعمله - فكيف يعمل فيمن يعامله ، مع استرسال الناس
في المحرمات والشبهات ، وقلَّة من يتقي ذلك من جميع الأصناف ، والطبقات ، مع ضرورة
المخالطة ، والاحتياج للمعاملة .
وعلى هذا : فالخلاص بعيد ، والأمر شديد ، ولولا النهي عن القنوط
واليأس ، لكان ذلك الأولى بأمثالنا من الناس . لكنَّا إذا دفعنا عن أنفسنا أصول
المحرمات ، واجتهدنا في ترك ما يمكننا من الشبهات ، فعفو الله تعالى مأمول ، وكرمه
مرجوّ ، ولا ملجأ إلا هو ، ولا مفزع إلا إليه ، ولا استعانة إلا به ، ولا حول ولا
قوَّة إلا بالله العلي العظيم .
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 456)
* وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ:
لَا تَنْظُرَنَّ إِلَى زِيِّ أَهْلِ السُّوقِ فَإِنَّ تَحْتَ ثِيَابِهِمْ
ذِئَابًا.
* وَقَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا : "إِيَّاكُمْ وَجِيرَانَ
الْأَغْنِيَاءِ، وَقُرَّاءَ الْأَسْوَاقِ، وَعُلَمَاءَ الْأُمَرَاءِ."
* وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِمَالٍ _رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ_،
أَنَّهُ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ :
"يَا أَهْلَ السُّوقِ سُوقُكُمْ كَاسِدٌ، وَبَيْعُكُمْ فَاسِدٌ،
وَجَارُكُمْ حَاسِدٌ، وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ."
* وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا_
أَنَّهُ قَالَ : "كَسْبُ الْحَلَالِ أَشَدُّ مِنْ نَقْلِ الْجَبَلِ إِلَى
الْجَبَلِ."
* وَعَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ،
أَنَّهُ قَالَ:
"مَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ شَيْئًا أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ طَيِّبٍ
يُنْفَقُ، وَأَخٍ يُسْكَنُ إِلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَعَامِلٍ يَعْمَلُ عَلَى
السُّنَّةِ، وَمَا يَزْدَادُونَ إِلَّا قِلَّةً وَلَوْ وَجَدْنَا دِرْهَمًا مِنَ
الْحَلَالِ، لَاسْتَشْفَيْنَا بِهِ مَرْضَانَا." اهـ
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1899)
لِأَنَّهُ يُسْحِتُ الْبَرَكَةَ أَيْ يُذْهِبُهَا، وَأُسْنِدَ عَدَمُ
دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَى اللَّحْمِ لَا إِلَى صَاحِبِهِ إِشْعَارًا بِالْعِلِّيَّةِ،
وَأَنَّهُ خَبِيثٌ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَدْخُلَ الطَّيِّبَ ; لِأَنَّ الْخَبِيثَ
لِلْخَبِيثِ، وَلِذَا أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مَنْ سُحْتٍ
كَانَتِ النَّارُ)
فيض القدير (5/ 17)
هذا وعيد شديد يفيد أن أكل أموال الناس [ص:18]
بالباطل من الكبائر
قال الذهبي: يدخل فيه المكاس وقاطع الطريق
والسارق والخائن والزاني ومن استعار شيئا فجحده ومن طفف في وزن أو كيل ومن التقط
مالا فلم يعرفه وأكله ولم يتملكه ومن باع شيئا فيه عيب فغطاه والمقامر ومخبر
المشتري بالزائد هكذا عد هذه المذكورات من الكبائر مستدلا عليها بهذا الحديث ونحوه
============================
1729 - (13) [صحيح لغيره] وعن كعبِ بنِ عُجرَة رضي الله عنه قال: قال
لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"يا كعب بن عجرةَ! إنَّه لا يدخلُ الجنَّة لَحمٌ ودمٌ نَبَتا
على سُحْتٍ؛ النارُ أوْلى بِه، يا كعب بن عجرة! الناسُ غادِيان، فغادٍ في فكَاكِ
نفْسِه فمُعْتِقُها، وغادٍ موِبقُها".
رواه الترمذي، وابن حبان في "صحيحه" في حديث. ولفظ
الترمذي:
"يا كعب بن عجرة! إنَّه لا يَرْبو لَحْمٌ نَبَت مِنْ سُحْتٍ؛
إلا كانتِ النارُ أوْلى بِه".
(السُّحت) بضم السين وإسكان الحاء وبضمهما أيضاً: هو الحرام، وقيل:
هو الخبيث من المكاسب.
موارد الظمآن لدروس الزمان (4/ 127) السلمان :
وَإِيَّاكَ وَالْحِرْصَ عَلَى الدنيا، فإن الحِرصَ يَفْضَحُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ. وَكُنْ طَاهِرَ القلب نَقِيَّ الجسدِ من الذُنُوُبِ وَالخَطَايَا.
نَقِيّ اليَدينِ من المظالم، سَلِيمَ القلبِ مِن الْغِشِّ والمكرِ
والخِيَانَةِ، خَالي الْبَطْنِ مِن الحَرَامِ، فَإِنَّهُ لا يَدْخُلُ الجنَّةَ
لحمٌ نَبتَ مِنْ سُحْتٍ.
الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 386)
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ صَرِيحُ مَا فِي هَذِهِ
الْأَحَادِيثِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ
بِالْبَاطِلِ.
============================
1730 - (14) [صحيح لغيره] وعن أبي بكرِ الصديقِ رضي الله عنه عنِ
النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"لا يدخُل الجنَّةَ جَسدٌ غُذِّيَ بحرامٍ".
رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي،
وبعض أسانيدهم حسن.
1717 - (1) [حسن] عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"إنَّ الله طيَّبٌ لا
يَقْبَلُ إلا طَيِّباً، وإنَّ الله أمَر المؤمنينَ بما أَمرَ به المرسَلينَ؛ فقال:
{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي
بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ
طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثمَّ ذَكر الرجلَ يُطيلُ السفَر أشْعَثَ أغْبرَ يَمُدُّ
يديْه إلى السماءِ: يا ربِّ يا ربِّ! ومَطْعَمُه حرامٌ، ومَشْرَبُه حرامٌ، ومَلْبَسُهُ
حرامٌ، وغُذِّيَ بالحرامِ، فأَنَّى يُسْتَجابُ لذلِكَ!؟ ".
رواه مسلم والترمذي.
فتح القوي المتين في شرح الأربعين
وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 55)
مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 أنَّ من أسماء الله الطيِّب،
ومعناه المنَزَّه عن النقائص، وأنَّ من صفاته الطيب؛ لأنَّ أسماء الله كلَّها مشتقَّة،
وتدلُّ على صفات مشتقَّة منها.
2 أنَّ على المسلم أن يأتي
بالطيب من الأعمال والمكاسب.
3 أنَّ الصدقة لا تُقبل إلاَّ
من مال حلال، وقد ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "لا يقبل
الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول" رواه مسلم (224) .
4 تفضُّل الله على عباده بالنِّعم،
وأمْرهم بأن يأكلوا من الطيبات.
5 أنَّ أكل الحرام من أسباب
عدم قبول الدعاء.
6 أنَّ من أسباب قبول الدعاء
السفر، وكون الداعي أشعث أغبر.
7 أنَّ من أسباب قبوله أيضاً
رفع اليدين بالدعاء.
8 أنَّ من أسبابه أيضاً التوسل
بالأسماء.
9 أنَّ من أسبابه الإلحاح
على الله فيه.
|
[1] قال الألباني _رحمه الله_ في سلسلة الأحاديث
الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (2/ 619) (رقم : 940) : "وبالجملة فالحديث
صحيح بمجموع طريقي أنس، وحديث يزيد بن طلحة. والله تعالى أعلم."
[2] وفي فتح الباري لابن حجر
(11/ 414) :
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ عُمُومُ
الْحَدِيثِ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ
بِمَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَبِمَنْ يَدْخُلُ النَّارَ مِنْ
أَوَّلِ وَهْلَةٍ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ
الْآيَةَ قُلْتُ وَفِي سِيَاقِ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ إِشَارَة إِلَى الْخُصُوص
وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ كل أَحَدٌ عِنْدَهُ عِلْمٌ يُسْأَلُ عَنْهُ وَكَذَا الْمَالُ
فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَهُ عِلْمٌ وَبِمَنْ لَهُ مَالٌ دُونَ مَنْ لَا مَالَ
لَهُ وَمَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَأَمَّا السُّؤَالُ عَنِ الْجَسَدِ وَالْعُمُرِ
فَعَامٌّ وَيَخُصُّ مِنَ الْمَسْئُولِينَ مَنْ ذُكِرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ."