"التأَنِّي مِنَ اللهِ، والعجَلَة مِنَ الشيطانِ، وما
أَحدٌ أكثرُ معاذِير مِنَ الله، ومَا [من] (2) شيءٍ أَحبُّ إلى الله مِنَ
الحمدِ".
صحيح الترغيب والترهيب (2/ 243)
رواه أبو يعلى، ورجاله رجال "الصحيح".
تحفة الأحوذي (6/ 129)
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَيْ
هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهَا بِوَسْوَسَتِهِ لِأَنَّ الْعَجَلَةَ تَمْنَعُ مِنَ
التَّثَبُّتِ وَالنَّظَرِ فِي الْعَوَاقِبِ وَذَلِكَ مُوقِعٌ فِي الْمَعَاطِبِ
وَذَلِكَ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ وَوَسْوَسَتِهِ وَلِذَلِكَ
قَالَ الْمُرَقَّشُ :
يَا صَاحِبَيَّ تَلَوَّمَا لَا تَعْجَلَا ... إِنَّ
النَّجَاحَ رَهِينُ أَنْ لَا تَعْجَلَا
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَا يَزَالُ الْمَرْءُ
يَجْتَنِي مِنْ ثَمَرَةِ الْعَجَلَةِ النَّدَامَةَ
ثُمَّ الْعَجَلَةُ الْمَذْمُومَةُ مَا كَانَ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ وَمَعَ عَدَمِ التَّثَبُّتِ
وَعَدَمِ خَوْفِ الْفَوْتِ
وَلِهَذَا قِيلَ لِأَبِي الْعَيْنَاءِ لَا تَعْجَلْ
فَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ
فَقَالَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا قَالَ مُوسَى : ((وَعَجِلْتُ
إليك رب لترضى))
والحزم ما قال بعضهم لاتعجل عَجَلَةَ الْأَخْرَقِ وَلَا
تُحْجِمْ إِحْجَامَ الْوَانِي الْفَرِقِ انْتَهَى
قِيلَ : وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَا شُبْهَةَ فِي خَيْرِيَّتِهِ
قَالَ تَعَالَى إِنَّهُمْ كَانُوا يسارعون في الخيرات
قال القارىء بَوْنٌ بَيْنَ الْمُسَارَعَةِ وَالْمُبَادَرَةِ
إِلَى الطَّاعَاتِ وَبَيْنَ الْعَجَلَةِ فِي نَفْسِ الْعِبَادَاتِ فَالْأَوَّلُ
مَحْمُودٌ وَالثَّانِي مذموم انتهى
حلية الأولياء - (8 / 78(
وقال حاتم كان يقال العجلة من الشيطان إلا في خمس إطعام
الطعام إذا حضر الضيف وتجهيز الميت إذا مات وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين
إذا وجب والتوبة من الذنب إذا أذنب
==================================================
1573 - (37) [حسن لغيره] وروي عن أبي أمامةَ رضي الله عنه
قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ما أنعم اللهُ عزَّ وجلَّ على عبدٍ نعمةً، فحمِدَ
الله عزَّ وجلَّ عليها؛ إلا كانَ ذلِكَ أفْضَلَ مِنْ تِلْكَ النِّعمةِ. . .
".
رواه الطبراني، وفيه نكارة (1).
شرح الحديث :
الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (10/ 97)
إذا أعطاك الله نعمة الصحة، وكنتَ شديداً عتيداً قوياً نشيطاً كالحصان، لا بدَّ من سنوات تمضي وتمضي , حتى يأتي الأجل، ويموت الإنسان , فأين هذه النعمة؟ , زالت .. لكنك إذا حمدتَ الله عليها، وارتقت نفسك في مدارج الحمد وسَمَتْ , سَعِدْتَ بحمدك إلى الأبد، إذن , الحمد على النعمة أفضل من النعمة نفسها.
لو أنك وُهِبتَ زوجةً صالحة , فأعانتك على متاعب الحياة , وحصَّنتك، وسكنت إليها، فلا بد من ساعة تفارقها أو تفارقك، إما أن تفارقها أولاً، وإما أن تفارقك أولاً، لكنَّكَ إذا حمدتَ الله على نعمة الزوجة الصالحة , فإنَّ هذا الحمد تَسْعَدُ بثوابه إلى أبد الآبدين.
العبد ماذا أَعطى؟ , هذه الكلمة، كلمة (الْحَمْدُ للهِ)، هذه الكلمة التي أعطاها العبد لربه , أفضل عند الله مما أَخذ.
لو أخذ بيتاً ثمنه خمسة ملايين , وقال: يا ربي لك الحمد , فكلمة (الْحَمْدُ للهِ) أفضل عند الله من هذا البيت، لأن هذا البيت مصيره إلى الخراب، لكن هذا الحمد , يَسعدُ به الإنسان إلى الأبد. أ. هـ
صحيح مسلم (4/ 2095)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ
يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ
فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا»
q
تحفة الأحوذي - (5 /
437)
قال بن بطال اتفقوا على استحباب الحمد
بعد الطعام ووردت في ذلك أنواع يعني لا يتعين شيء منها
q
وقال النووي في
الحديث استحباب حمد الله تعالى عقب الأكل والشرب وقد جاء في البخاري صفة التحميد
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفى ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا ،
وجاء غير ذلك ولو اقتصر على الحمد لله حصل أصل السنة انتهى
q
التيسير بشرح الجامع
الصغير ـ للمناوى - (1 / 528)
عبر بالمرة إشعارا بأن الأكل والشرب
يستحق الحمد عليه وإن قل وهذا تنويه عظيم بمقام الشكر
q
فيض القدير - (2 /
262)
وفيه أن أصل سنة الحمد تحصل بأي لفظ
اشتق مادة ح م د بل بما يدل على الثناء على الله والأولى كما كان المصطفى صلى الله
عليه و سلم يحمد به وسيأتي
وهذا تنويه عظيم بمقام الشكر حيث رتب
هذا الجزء العظيم الذي هو أكبر أنواع الجزاء كما قال سبحانه وتعالى { ورضوان من
الله أكبر } في مقابلة شكره بالحمد
وعبر بالمرة إشعارا بأن الأكل والشرب
يستحق الحمد عليه وإن قل جدا أو أنه يتعين علينا أن لا نحتقر من الله شيئا وإن قل
وفيه ندب الدعاء عقبها ويسن خفض صوته به
إذا فرغ لم يفرغ رفقته لئلا يكون منعا لهم
q
فيض القدير - (2 /
262)
قال بعض الأكابر : هذا فيمن حمد حمدا
مطيعا له طالبا حسن العمل طاهر النفس غير ملتفت إلى رشوة من ربه خالصا من قلبه
فإنه إذا كان كذلك وختمه بكلمة الصدق رضي الله عنه بصدقه وأما من حمد على خلاف ذلك
فحمده مدحول يخشى أن لا يستوجب الرضى فإن رضى الله عن العبد خطب جليل وشأن رفيع
والحمد مع استيلاء الغفلة وترك الأدب مع الله إنما هو حمد السكارى الحيارى الذين
لا يلتفت إليهم ولا يعول عليهم فهيهات هيهات
q
المفهم لما أشكل من
تلخيص كتاب مسلم - (9 / 484)
وفيه دلالة على أن شكر النعمة ، وإن قلت
سبب لنيل رضا الله تعالى ؟ الذي هو أشرف أحوال أهل الجنة ،
جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم -
(2 / 349)
وَالله سُبْحَانَهُ أَمر مَعَ أكل
الطَّيِّبَات بالشكر فَقَالَ تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات
مَا رزقناكم واشكروا لله إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ وَفِي صَحِيح مُسلم عَن
النَّبِي أَنه قَالَ إِن الله ليرضى عَن العَبْد أَن يَأْكُل الْأكلَة فيحمده
عَلَيْهَا وَيشْرب الشربة فيحمده عَلَيْهَا
q
سلسلة الأحاديث
الصحيحة( 1/ 8 ) وبعض التاسع - (2 / 154)
" الطاعم الشاكر ، بمنزلة الصائم الصابر
" .أخرجه الترمذي ( 2 / 79 )
q
تطريز رياض الصالحين
- (1 / 115)
في هذا الحديث : بيان فضل الحمد عند
الطعام والشراب ، وهذا من كرم الله تعالى ، فإنه الذي تفضَّل عليك بالرزق ، ورضي
عنك بالحمد
تطريز رياض الصالحين - (1 / 298)
في هذا الحديث : غاية الكرم من المولى
سبحانه وتعالى ، أن يتفضل على عبده بالرزق ، فإذا حمده رضي عنه .
q
عدة الصابرين - (1 /
98)
فكان هذا الجزاء العظيم الذى هو أكبر
أنواع الجزاء كما قال تعالى
ورضوان من الله أكبر في مقابلة شكره بالحمد
عدة الصابرين - (1 / 98)
وقال الحسن البصرى إن الله ليمتع
بالنعمة ما شاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا ولهذا كانوا يسمون الشكر الحافظ
لأنه يحفظ النعم الموجودة والجالب لأنه يجلب النعم المفقودة وذكر ابن أبى الدنيا
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال لرجل من همذان إن النعمة موصولة بالشكر
والشكر يتعلق بالمزيد وهما مقرونان في قرن فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع
الشكر من العبد
q
عدة الصابرين - (1 /
98)
وقال عمر بن عبد العزيز قيدوا نعم الله
بشكر الله وكان يقال الشكر قيد النعم
وقال مطرف بن عبد الله لأن أعافى فأشكر
أحب إلى من أن ابتلى فأصبر
وقال الحسن أكثروا من ذكر هذه النعم فإن
ذكرها شكر وقد أمر الله تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه فقال: ((وأما بنعمة ربك فحدث))،
والله تعالى يحب من عبده أن يرى عليه أثر نعمته فإن ذلك شكرها بلسان الحال
q
الشرح الممتع على زاد
المستقنع - (1 / 101)
ورضى الله غايةُ كلِّ إِنسان، فمن
يُحصِّل رضى الله عزّ وجل؟ فنحن نتمتَّع بنعمه، فإِذا حمدناه عليها رضي عنَّا، وهو
الذي تفضَّل بها أولاً.
وهذه النِّعمة ـ وهي رضى الله ـ أكبر من
نعمة البدن.
ما ظنُّكم لو لم يشرع الله لنا أن نحمده
عند الأكل والشُّرب؛ فإننا لو حمدناه لصرنا مبتدعين وصرنا آثمين. لكنه شرع لنا ذلك
من أجل أن يوصلنا إلى رضاه، أسأل الله أن يحقِّق ذلك لنا جميعاً.
فهذه نعمة عظيمة لا يُدركها الإِنسان
إلا عند التأمل.
========================================================================================================
8 - (الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد
والتهليل والتكبير).
1574 - (1) [صحيح] عن جُويريةَ رضي الله عنها:
أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرجَ
مِنْ عندِها، ثم رَجعَ بعدَ أن أضْحَى وهيَ جالِسَةٌ، فقالَ:
"ما زِلتِ على الحالِ الَّتي فارَقْتُكِ عليها؟
".
قالَتْ: نعمْ. قال النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -:
"لقد قُلْتُ بَعْدَكِ أربعَ كلماتٍ، ثلاثَ مرَّاتٍ، لو
وُزِنَتْ بما قُلْتِ منذُ اليوم لَوَزَنَتْهُنَّ: (سبحانَ اللهِ وبحمدهِ، عَدَد
خَلْقِهِ، وَرضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدادَ كَلِماتِهِ) ".
رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه
والترمذي.
وفي رواية لمسلم:
"سُبحانَ الله مِدَدَ خَلْقِهِ، سبحانَ اللهِ رِضا نفسِهِ،
سُبحانَ الله زِنةَ عَرْشِه، سبحانَ اللهِ مِدادَ (1) كَلماتهِ".
زاد النسائي (2) في آخره:
"والحمدُ لله كَذلِكَ".
وفي رواية له:
"سبحانَ اللهِ وبحمده، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ
أكبر، عَددَ خَلْقِهِ، ورِضا نَفْسِه، وزنَةَ عَرْشِهِ، ومِداد (3) كلماتِه".
ولفظ الترمذي:____
أن النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرَّ عليها
وهي في مَسْجِدِها (1)، ثم مرَّ بها وهي في المسجِدِ (2)، قَرِيبٌ نِصفَ
النَّهارِ، فقال لها:
"ما زِلتِ على حالِكِ؟ ".
فقالتْ: نعم. فقال:
"[ألا] أُعَلِّمُكِ كلِماتٍ تقولينَها: سُبْحانَ الله
عَددَ خَلقِهِ، سبحانَ الله عَددَ خَلْقِهِ، سبحانَ اللهِ عددَ خَلْقِهِ (ثلاثَ
مرات). سبحان اللهِ رِضا نَفْسِهِ، سبحانَ الله رِضا نَفْسِهِ، سبحانَ اللهِ رِضا
نَفْسِه (ثلاث مرات).
وذَكَر زِنةَ عَرْشِهِ، ومدَادَ كلماتِهِ؛ ثلاثاً
ثلاثاً".
وقال: "حديث حسن صحيح".
وفي رواية للنسائي تكرار كل واحدةٍ ثلاثاً أيضاً.
شرح
الحديث وغرائبه :
توضيح المقاصد شرح الكافية الشافية نونية ابن القيم (1/ 16)
الْحَمد لُغَة هُوَ الثَّنَاء بِاللِّسَانِ على الْجَمِيل
الِاخْتِيَارِيّ على جِهَة التَّعْظِيم والتبجيل وَعرفا فعل يُنبئ عَن تَعْظِيم
الْمُنعم على الحامد وَغَيره وَالشُّكْر لُغَة هُوَ الْحَمد اصْطِلَاحا وَعرفا صرف
العَبْد جَمِيع مَا أنعم الله بِهِ عَلَيْهِ فِيمَا خلق لأَجله،
فَبين الْحَمد وَالشُّكْر عُمُوم وخصوص من وَجه
يَجْتَمِعَانِ فِيمَا إذاكان بِاللِّسَانِ فِي مُقَابلَة نعْمَة
وينفرد الْحَمد فِيمَا إِذا
كَانَ بِاللِّسَانِ لَا فِي مُقَابلَة نعْمَة،
وينفرد الشُّكْر فِيمَا إِذا كَانَ بِغَيْر اللِّسَان فِي
مُقَابلَة نعْمَة،
وَاخْتَارَ الْجُمْلَة الاسمية الدَّالَّة على الدَّوَام
والثبوت على الْجُمْلَة الفعلية الدَّالَّة على التجدد والحدوث لِأَنَّهُ مَعَ
كَونه على نسق الْكتاب الْعَظِيم أليق بالْمقَام وتفاؤلا بذلك وَهِي وَإِن كَانَت
خبرية لفظا فَهِيَ إنشائية معنى (وأل (فِي الْحَمد للاستغراق أَو الْجِنْس أَو
الْعَهْد أَي كل الْحَمد مُسْتَحقّ أَو جنسه مُخْتَصّ ومملوك لله وعلامة (أل
(الاستغراقية أَن يخلفها كل وَنَحْوهَا و (أل (الجنسية إِذا تعقبتها لَام
الِاخْتِصَاص كَانَ الْمَعْنى جنس الْحَمد مُخْتَصّ ومملوك لَهُ تَعَالَى فتفيد
مَا أفادته ال الإستغراقية ضمنا وَإِن كَانَت (أل (للْعهد فالمعهود ثَنَاء الله
على نَفسه وثناء مَلَائكَته وَرُسُله وأنبيائه وخواص خلقه وَلَا نظر لغير ثنائهم و
(اللَّام (فِي الله للْملك والاستحقاق أَو الِاخْتِصَاص وَلما ابْتَدَأَ بالبسملة
ابْتَدَأَ حَقِيقا وَهُوَ الاتيان بهَا قبل كل شييء أعقبها
من
فوائد الحديث :
تطريز رياض الصالحين (ص: 783)
فيه: شرف هذا الذكر بأي صيغة من صيغه المذكورة.
وفيه: دليل على فضل هذه الكلمات الجوامع، والأحسن الإتيان
بجميع ما ذكر في هذه الروايات.
إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 220)
وإنما المتنصود بهذا المبالغة فى الكثرة لأنه ذكر أولاً ما
يأخذه العدد الكثير من عدد الخلق وزنة العرش، ثم عدل إلى ما هو أكثر من ذلك فعبر
عنه بهذا، أى ما لا يحصيه عدد كما لا يحصى كلمات الله، وهذا مثل قوله:
{قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّى
لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا
بِمِثْلِهِ مَدَدًا}
قيل: كلماته هنا: علمه. وقيل: كلامه.
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (22/ 102)
إنما ذكر النبي _صلى الله عليه وسلم_ هذه الأمور على جهة
الإغياء ، والكثرة التي لا تنحصر ، منبها على أن الذاكر بهذه الكلمات ينبغي له أن
يكون بحيث لو تمكن من تسبيح الله وتحميده وتعظيمه عددا لا يتناهى ولا ينحصر لفعل
ذلك ، فحصل له من الثواب ما لا يدخل في حساب
الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (25/ 135)
وقال القرطبي: وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه
الأمور على جهة الإغياء والكثرة التي لا تنحصر منبهًا على أن الذاكر بهذه الكلمات
ينبغي له أن يكون بحيث لو تمكن من تسبيح الله وتحميده وتعظيمه عددًا لا يتناهى ولا
ينحصر لفعل ذلك فحصل له من الثواب ما لا يدخل تحت حساب اهـ من المفهم.
كشف المشكل من حديث الصحيحين (4/ 436_437)
فَإِن قيل: التَّسْبِيح لَيْسَ لَهُ وزانة، وَالْعرش جسم
لَهُ ثقل. فَالْجَوَاب: أَنه يحْتَمل أَمريْن: أَحدهمَا: أَن تكون الْإِشَارَة
إِلَى الصُّحُف الَّتِي يكْتب____فِيهَا التَّسْبِيح، فتجمع حَتَّى توازن
الْعَرْش.
وَالثَّانِي: أَن يُرَاد بذلك الْكَثْرَة وَالْعَظَمَة،
فشبهت بأعظم الْمَخْلُوقَات.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 530)
قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ النَّبِيَّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بُعِثَ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَكَانَ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ جَوَامِعَ الذِّكْرِ،
وَيَخْتَارُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الذِّكْرِ، كَمَا فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ
" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ «أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً
حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى
وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: مَا زِلْتَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ
عَلَيْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ
وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ
وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةِ عَرْشِهِ، وَمِدَادِ
كَلِمَاتِهِ» . وَخَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ، وَلَفْظُهُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ،
وَالْحَمْدُ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ عَدَدَ
خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةِ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ»
حاشية السيوطي على سنن النسائي (3/ 78)
قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي
فَتَاوَاهُ قَدْ يَكُونُ بَعْضُ الْأَذْكَارِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ لِعُمُومِهَا
وَشُمُولِهَا وَاشْتِمَالِهَا عَلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ السَّلْبِيَّةِ
وَالذَّاتِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ فَيَكُونُ الْقَلِيلُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ
أَفْضَلَ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خلقه
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1596)
أَقُولُ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ فِي
الذِّكْرِ بِاعْتِبَارِ تَصَوُّرِ الْمَذْكُورِ فِي ذِهْنِ الذَّاكِرِ أَرْجَحُ
عَلَى الْكَمِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا
الْقِيَاسِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مَعَ التَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ وَالْحُضُورِ
وَالتَّذَكُّرِ، وَلَوْ فِي آيَةٍ تُفَضَّلُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْكَثِيرَةِ
الْخَالِيَةِ عَمَّا ذُكِرَ، فَالْمُرَادُ حَثُّ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
وَتَرْغِيبُهَا عَلَى التَّذَكُّرِ فِي الذِّكْرِ، وَإِلَّا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ
الْكَلِمَاتِ الْوَارِدَةَ عَلَى لِسَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/ 231)
وقد سأل المحقق جلال الدين المحلي الحافظ
ابن حجر عما ورد من نحو هذا الخبر فقال: ما المراد منه حتى ارتفع فضل التسبيح
الأقل زمناً على الأكثر زمناً
"فأجاب" قد قيل:
في الجواب إن في ألفاظ الخبر سراً تفضل به على لفظ غيره،
فمن ثم أطلق على اللفظ القليل أنه أفضل من اللفظ الكثير، ويحتمل أن يكون سببه أن اللفظ
القليل مشتمل على عددٍ لا يمكن حصره، فما كان منها من الذكر بالنسبة إلى عدد ما
ذكر في الخبر قليل جداً فكان أفضل من هذه الحيثية اهـ
البدر التمام شرح بلوغ المرام (10/ 430)// المؤلف:
الحسين بن محمد بن سعيد اللاعيّ، المعروف بالمَغرِبي (المتوفى: 1119 هـ) :
"الحديث فيه دلالة على فضل هذه الكلمات، وأن قائلها
مدرك فضيلة تكرار القول بالعدد المذكور." اهــ
البدر التمام شرح بلوغ المرام (10/ 431)
والكلمات هي معلومات الله تعالى ومقدوراته. وهي لا تنحصر
ولا تتناهى، ومدادها هو كل مدة يكتب بها معلوم أو مقدور، وذلك لا ينحصر؛ لتعلقه
بغير المنحصر، كما قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ
رَبِّي} الآية. والله أعلم.
سبل السلام (2/ 705)
وَالْكَلِمَاتُ هِيَ مَعْلُومَاتُ اللَّهِ وَمَقْدُورَاتِهِ
وَهِيَ لَا تَنْحَصِرُ وَهِيَ لَا تَتَنَاهَى، وَمِدَادُهَا هُوَ كُلُّ مَدَّةٍ
يُكْتَبُ بِهَا مَعْلُومٌ أَوْ مَقْدُورٌ وَذَلِكَ لَا يَنْحَصِرُ فَمُتَعَلِّقُهُ
غَيْرُ مُنْحَصِرٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا
لِكَلِمَاتِ رَبِّي} [الكهف: 109] الْآيَةَ،
تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين (ص: 360_361)
وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن من قَالَ : (سُبْحَانَ الله
عدد كَذَا وَزنه كَذَا كتب لَهُ ذَلِك الْقدرُ)،
وَفضل الله يمن بِهِ على من يَشَاء من عباده وَلَا يتَّجه
هَاهُنَا أَن يُقَال : أَن مشقة من قَالَ هَكَذَا أخف من مشقة من كرَّر لفظَ
الذّكرِ حَتَّى يبلغ إِلَى مثل ذَلِك الْعدَد،
فَإِن هَذَا بَاب منحه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لعباد الله وأرشدهم ودلهم عَلَيْهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِم وتكثيرا لأجورهم من دون
تَعب وَلَا نصب،
فَالله الْحَمد وَقد ورد مَا يُقَوي هَذَا فِي___كثير من
الْأَحَادِيث وَسَيذكر المُصَنّف بَعْضهَا
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 460) // المؤلف:
أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين
الرحماني المباركفوري (المتوفى: 1414هـ) :
وفي الحديث دليل على فضل هذه الكلمات، وإن من قال سبحان
الله عدد كذا وزنة كذا الخ يدرك فضيلة ذلك القدر وفضل الله يمن به على من يشاء من
عباده.
قال الشوكاني : ولا يتجه أن يقال إن مشقة من قال هكذا أخف
من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ إلى مثل ذلك العدد، فإن هذا باب منحه رسول الله
صلى الله عليه وسلم لعباد الله وأرشدهم ودلهم عليه تخفيفاً لهم وتكثيراً لأجورهم
من دون تعب ولا نصب فلله الحمد. وقد ورد ما يقوى هذا في كثير من الأحاديث
سبل السلام (2/ 705)
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ
عَلَى فَضْلِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَأَنَّ قَائِلَهَا يُدْرِكُ فَضِيلَةَ
تَكْرَارِ الْقَوْلِ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ.
ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (15/ 416_417)
في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنف رحمه الله تعالى، وهو بيان نوع آخر
من عدد التسبيح.
ومنها: بيان ما كانت عليه النساء في عهد النبي -صلى الله
عليه وسلم- من الاجتهاد في العبادات.
ومنها: استحباب كثرة الذكر من صلاة الصبح إلى أن يرتفع
النهار.
ومنها: أن بعض الأذكار يُفضّل على بعضها.
قال الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام في "فتاواه"
قد يكون بعض الأذكار أفضل من بعض، لعمومها وشمولها، واشتمالها على جميع الأوصاف
السلبية والذاتيّة، والفعليّة، فيكون القليل من هذا النوع أفضل من الكثير من غيره،
كما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "سبحان____الله عدد خلقه" انتهى.
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلّا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا
بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (8/ 167)//
المؤلف:
محمود محمد خطاب السبكي :
(وفي الحديث) دلالة على الترغيب في الذكر بهذه الكلمات وأن
الذكر يتضاعف ويتعدد بعدد ما أحال عليه الذاكر وإن لم يتكرر الذكر فيحصل لمن قال
سبحان الله عدد كل شيء مثلًا مرة ما لا يحصل لمن كرر التسبيح بدون إحاله على عدد،
فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (6/ 473_474)
للشيخ العثيمين :
في
هذا الحديث فوائد منها: أن اللفظ القليل قد يغني عن اللفظ الكثير، وجهه: "لقد
قلت بعدك كلمات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن".
ومن فوائده: أن الكلام يتفاضل، بعضه أفضل من بعض،
وتفاضل الكلام له عدة جهات، إما من حيث المتكلم به، وإما من حيث مدلوله، وإما من
حيث البلاغة، وإما من حيث التأثير، المهم أن جهات تفاضل الكلام كثيرة. ولنسأل
القرآن يتفاضل أو لا؟ الجواب: أن القرآن من حيث المتكلم به لا يتفاضل؛ لأن المتكلم
به هو الله عز وجل وهو واحد، أما من حيث المدلول والتأثير فإنه يتفاضل؛ ولهذا أخبر
النبي صلى الله عليه وسلم أن أعظم آية في كتاب الله هي آية الكرسي، وأن فاتحة
الكتاب هي أفضل سورة في كتاب الله، ونحن نشاهد الآن أن من الآيات ما يؤثر تأثيراً
بالغاً إذا ورد على القلب، وبعض الآيات دون ذلك.
فعلى
كل حال: القرآن إن قلت: إنه يتفاضل على الإطلاق أخطأت، وإن قلت: لا يتفاضل أخطأت،
فمن حيث المتكلم به لا يتفاضل، ومن حيث المعنى والموضوع يتفاضل بلا شك، وأما جنس
الكلام عموماً فلا شك أن الكلام يتفاضل من حيث الأسلوب والفصاحة والبلاغة وغير
ذلك، لو أن واحداً قام يتكلم وصار يرفع المنصوب وينصب المرفوع، ويجر المجزوم،
ويجزم المجرور، ويقدم ما يمتنع تقديمه، وما أشبه ذلك، ماذا يكون كلامه؟ ورجل آخر
تكلم بأعظم فصاحة والمعنى واحد والكلمات واحدة يتفاضل أم لا؟ يتفاضل.
ومن
فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يكثر من هذا الذكر: "سبحان الله وبحمده
عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته".
ومن
فوائد الحديث: إثبات الرضا لله لقوله: "ورضاء نفسه"، وهو صفة زائدة على
المحبة، وأنكر ذلك أهل التعطيل، وقالوا: إن الله لا يرضى؛ لإن الرضا صفة حادثة،
والحادث لا يقوم إلا بحادث، والحق: أن الله تعالى يوصف بالرضا ويوصف بالغضب.
ومن
فوائد الحديث: إطلاق النفس على الله لقوله: "ورضاء نفسه"، وليست النفس
صفة زائدة على الذات بل هي الذات.
ومن
فوائد الحديث: أن العرش له جرم وثقل لقوله: "وزنة عرشه"._____
ومن
فوائده: عظمة العرش بإضافته إلى الله عز وجل، وهذه الإضافة إضافة خاصة كإضافة
البيت إليه، وإضافة الناقة إليه، وإضافة المساجد، وغير ذلك.
ومن
فوائد الحديث: أن كلمات الله عز وجل لا حصر لها لقوله: "ومداد كلماته".
ومن
فوائده: أن الله تعالى يتكلم، وقد اتفقت الأمة على كلام الله، حتى أهل التعطيل
قالوا: إن الله يتكلم، لكن الأصول في هذا ثلاثة: قول المعتزلة والجهمية: أن الله
يتكلم وكلامه مخلوق، وقول الأشاعرة ومن سلك سبيلهم: أن الله يتكلم وكلامه هو
المعنى القائم بنفسه وليس شيئاً يسمع، والثالث: قول أهل السنة يقولون: إن الله
يتكلم بحروف وأصوات مسموعة سمعها من شاء من خلقه، وهذا هو الحق أن الله تعالى
يتكلم بما شاء بمن شاء وكيف شاء، كلاماً حقيقياً بحروف وأصوات، وهو -سبحانه
وتعالى- ناجى موسى صلى الله عليه وسلم: {وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاى
أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مئارب أخرى * قال ألقها يا موسى *
فألقاها فإذا هي حية تسعى} فخاف، فقال الله له: {خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها
الأولى} [طه: 17 - 21]. مناجاة مع الله بكلام يسمعه موسى ويفهمه ويعرفه ويجيب
عليه، ولا أدل على أن كلام الله تعالى بحرف وصوت من مثل هذه المحاورة.
بيان
تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (3/ 276_277) لابن تيمية :
فالمقصود
بالحديث نهاية ما يمكن من الوزن كما ذكره وغاية ما يمكن من المعدود وغاية ما يمكن
من القول والمحبوب هو كلام الرب ورضاه وذكر___عدد خلقه وزنة عرشه
المنار المنيف في الصحيح والضعيف = نقد المنقول والمحك المميز بين
المردود والمقبول (ص: 34_38)
وَأَمَّا
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ :
وَهِيَ
تَفْضِيلُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ
وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الذَّكْرِ بِـ(سُبْحَانَ
اللَّهِ) أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً،
*
فَإِنَّ مَا يَقُومُ بِقَلْبِ الذَّاكِرِ حِينَ
يَقُولُ (سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ
خَلْقِهِ) مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَتَنْزِيهِهِ وَتَعْظِيمِهِ مِنْ هَذَا
الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْعَدَدِ أَعْظَمُ مِمَّا
يَقُومُ بِقَلْبِ الْقَائِلِ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَطْ.
وَهَذَا
يُسَمَّى الذِّكْرَ الْمُضَاعَفَ وَهُوَ أَعْظَمُ
ثَنَاءً مِنَ الذِّكْرِ الْمُفْرَدِ،
فَلِهَذَا
كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَهَذَا إِنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَعْرِفَةِ هَذَا الذِّكْرِ
وَفِهْمِهِ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُسَبِّحِ (سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ
خَلْقِهِ) : يَتَضَمَّنُ إِنْشَاءً وَإِخْبَارًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ الرَّبُّ
مِنَ التَّسْبِيحِ عَدَدَ كُلِّ مَخْلُوقٍ كَانَ أَوْ هو كَائِنٍ إِلَى مَا لا
نِهَايَةَ لَهُ.
فَتَضَمَّنَ
الإخبار عن تنزيهه الرَّبِّ وَتَعْظِيمِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ هَذَا الْعَدَدَ
الْعَظِيمَ الَّذِي لا يَبْلُغُهُ الْعَادُونَ وَلا يَحْصِيهِ الْمُحْصُونَ
وَتَضَمَّنَ
إِنْشَاءَ الْعَبْدِ لِتَسْبِيحٍ هَذَا شَأْنَهُ لا إِنَّ مَا أَتَى بِهِ
الْعَبْدُ مِنَ التَّسْبِيحِ هَذَا قَدْرُهُ وَعَدَدُهُ بَلْ أَخْبَرَ أَنَّ مَا
يَسْتَحِقُّهُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ التَّسْبِيحِ هُوَ تَسْبِيحٌ
يَبْلُغُ هَذَا العدد الذي لو كَانَ فِي الْعَدَدِ مَا يَزِيدُ لِذِكْرِهِ فَإِنَّ
تَجَدُّدَ الْمَخْلُوقَاتِ لا يَنْتَهِي عَدَدًا وَلا يُحْصَى الْحَاضِرُ.
*
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (وَرِضَا نَفْسِهِ) فَهُوَ
يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ عَظِيمَيْنِ :
أَحَدُهُمَا
: ____
أن
يكون المراد تسبيحا هو وَالْعَظَمَةُ وَالْجَلالُ سِيَانٌ وَلِرِضَا نَفْسِهِ
كَمَا أَنَّهُ فِي الأَوَّلِ مُخَبَّرٌ عَنْ تَسْبِيحٍ مُسَاوٍ لِعَدَدِ خَلْقِهِ
وَلا رَيْبَ أَنَّ رِضَا نَفْسِ الرَّبِّ لا نهاية له فِي الْعَظَمَةِ وَالْوَصْفِ
وَالتَّسْبِيحُ ثَنَاءٌ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ يَتَضَمَّنُ التَّعْظِيمَ
وَالتَّنْزِيهَ.
فَإِذَا
كَانَتْ أَوْصَافُ كَمَالِهِ وَنُعُوتُ جَلالِهِ لا نِهَايَةَ لَهَا وَلا غَايَةَ
بَلْ هِيَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَجَلُّ كَانَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِهَا
كَذَلِكَ إِذْ هُوَ تَابِعٌ لَهَا إِخْبَارًا وَإِنْشَاءً وَهَذَا الْمَعْنَى
يَنْتَظِمُ الْمَعْنَى الأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ.
وَإِذَا
كَانَ إِحْسَانُهُ سُبْحَانَهُ وَثَوَابُهُ وَبَرَكَتُهُ وَخَيْرُهُ لا مُنْتَهَى
لَهُ وَهُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ رِضَاهُ وَثَمَرَتِهِ فَكَيْفَ بِصِفَةِ الرضا؟
32-
وَفِي الأَثَرِ: "إِذَا بَارَكْتُ لَمْ يَكُنْ لِبَرَكَتِي مُنْتَهَى"
فَكَيْفَ بِالصِّفَةِ الَّتِي صَدَرَتْ عَنْهَا الْبَرَكَةُ؟
وَالرِّضَا
يَسْتَلْزِمُ الْمَحَبَّةَ وَالإِحْسَانَ وَالْجُودَ وَالْبِرَّ وَالْعَفْوَ
وَالصَّفْحَ وَالْمَغْفِرَةَ.
وَالْخُلُقُ
يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَالإِرَادَةَ والحياة والحكمة وَكُلُّ
ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي رِضَا نَفْسِهِ وَصِفَةِ خَلْقِهِ.
*
وَقَوْلُهُ: ("وَزِنَةَ عَرْشِهِ")
فِيهِ
إِثْبَاتٌ لِلْعَرْشِ وَإِضَافَتُهُ إِلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ_____وَتَعَالَى
وَأَنَّهُ أَثْقَلُ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى الإِطْلاقِ إِذْ لَوْ كَانَ شَيْءٌ أثقل
منه لَوُزِنَ بِهِ التَّسْبِيحُ،
وَهَذَا
يَرُدُّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْعَرْشَ لَيْسَ بِثَقِيلٍ وَلا خَفِيفٍ
وَهَذَا لَمْ يَعْرِفُ الْعَرْشَ وَلا قَدَّرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ.
فَالتَّضْعِيفُ الأَوَّلُ لِلْعَدَدِ وَالْكِمِّيَّةِ، وَالثَّانِي
: لِلصِّفَةِ وَالْكَيْفِيَّةِ، وَالثَّالِثُ : لِلْعِظَمِ وَالثُّقْلِ وَلَيْسَ
لِلْمِقْدَارِ.
*
وَقَوْلُهُ: ("وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ")
هَذَا
يَعُمُّ الأَقْسَامَ الثَّلاثَةَ وَيَشْمَلُهَا فَإِنَّ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا نِهَايَةَ لِقَدْرِهِ وَلا لِصِفَتِهِ وَلا لِعَدَدِهِ
قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ
الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ
مَدَداً}
وقال
تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ
مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .
وَمَعْنَى
هَذَا أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ الْبَحْرُ مِدَادًا وَبَعْدُهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ
تُمِدُّهُ كُلَّهَا مِدَادًا وَجَمِيعُ أَشْجَارُ الأَرْضِ أَقْلامًا وَهُوَ مَا
قَامَ مِنْهَا عَلَى سَاقٍ مِنَ النَّبَاتِ وَالأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَغَيْرِ
الْمُثْمِرَةِ وَتَسْتَمِدُّ بِذَلِكَ الْمِدَادَ لَفَنِيَتِ الْبِحَارُ
وَالأَقْلامُ وكلمات الرب لا تفنى وَلا تَنْفَدُ فَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ
عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
فَأَيْنَ
هَذَا مِنْ وَصْفِ مَنْ يَصِفَهُ بِأَنَّهُ مَا تَكَلَّمَ وَلا يَتَكَلَّمُ وَلا
يَقُومُ بِهِ كَلامٌ أَصْلا؟ وَقَوْلُ مَنْ وَصَفَ كَلامَهُ بِأَنَّهُ مَعْنَى
واحد لا يَنْقَضِي وَلا يَتَجَزَّأُ___وَلا لَهُ
بَعْضٌ وَلا كُلٌّ وَلا هُوَ سور وآيات ولا حروف وكلمات؟.
وَالْمَقْصُودُ
أَنَّ فِي هَذَا التَّسْبِيحِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْجَلالِ مَا
يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَوْ وُزِنَ غَيْرُهُ بِهِ
لَوَزَنَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ.
وَهَذَا
بَعْضُ مَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَالثَّنَاءِ
عَلَيْهِ بِالتَّنْزِيهِ وَالتَّعْظِيمِ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِالْحَمْدِ
الْمُتَضَمِّنِ لِثَلاثَةِ أُصُولٍ:
أَحَدُهَا: إِثْبَاتُ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَهُ
سُبْحَانَهُ, وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ
الثاني: محبته والرضا به -الثَّالِثُ- فَإِذَا
انْضَافَ هَذَا الْحَمْدُ إِلَى التَّسْبِيحِ وَالتَّنْزِيهِ عَلَى أَكْمَلِ
الْوُجُوهِ وَأَعْظَمِهَا قَدْرًا وَأَكْثَرِهَا عَدَدًا وَأَجْزَلِهَا وَصْفًا
وَاسْتَحْضَرَ الْعَبْدُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّسْبِيحِ وَقَامَ بِقَلْبِهِ
مَعْنَاهُ: كَانَ لَهُ مِنَ الْمَزِيَّةِ وَالْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 370)
أن
رضى الرب تبارك وتعالى ورحمته صفتان ذاتيتان له فلا منتهى لرضاه بل كما قال أعلم
الخلق به سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته،
فإذا
كانت رحمته غلبت غضبه فان رضى نفسه أعلى وأعظم، فان رضوانه أكثر من الجنات ونعيمها
وكل ما فيها،
وقد
أخبر أهل الجنة أنه يحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم أبدا.
فقه الأدعية والأذكار (3/ 44) للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن بن الحمد
العباد البدر :
ومن
أتى بهذا الذِّكر أو بغيره من الأذكار المأثورة دون استحضار منه للمعنى ولا تعقُّل
للدلالة فإنَّ تأثيرَ الذِّكر فيه يكون ضعيفاً.
وعلى
كلٍّ فالجدير بالمسلم أن يُواظبَ على هذا الذِّكر المبارك صباحَ كلِّ يوم، وأن
يجتهدَ في استحضار معناه وتعقُّل دلالته، وبالله وحده التوفيق، وهو سبحانه المعينُ
والهادي إلى سواء السبيل.
العرش للذهبي (1/ 301)
قال
ابن تيمية: "فهذا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان".
الرسالة العرشية (ص: 10) لابن تيمية :
"فَهَذَا
يُبَيِّنُ أَنَّ زِنَةَ الْعَرْشِ أَثْقَلُ الْأَوْزَانِ، وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ
الْفَلَكَ التَّاسِعَ لَا خَفِيفَ وَلَا ثَقِيلَ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ
وَحْدَهُ أَثْقَلُ مَا يُمَثَّلُ بِهِ، كَمَا أَنَّ عَدَدَ الْمَخْلُوقَاتِ
أَكْثَرُ مَا يُمَثَّلُ بِهِ."
العلو للعلي الغفار (ص: 69)
ضَاعَت
الأفكار وطاشت الْعُقُول وكلت الْأَلْسِنَة عَن الْعبارَة عَن بعض الْمَخْلُوقَات
فَالله أَعلَى وَأعظم {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ___بِأَنا مُسلمُونَ)
تَبًّا
لِذَوي الْعُقُول الخائضة والقلوب المعطلة والنفوس الجاحدة فَمَا قدرُوا الله حق
قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات
بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ."