Jumat, 21 Mei 2021

شرح الحديث 15 من صحيح الترغيب

 

 شرح الحديث 15 من صحيح الترغيب

15 - (15) [صحيح] وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"إنَّ الله لا ينظرُ إلى أجسامِكم، ولا إلى صورِكم، ولكنْ ينظرُ إلى قلوبِكم [وأشار بأصابِعه إلى صدره]، [وأعمالكم] (1) ". رواه مسلم.[1]

__________

(1) قلت: زيادتان من "صحيح مسلم" (8/ 11)، والأخرى في رواية له، ولم ينتبه لهما المعلقون الثلاثة. والثانية منهما ضرورية هامّة، وقد انقلبت على بعضهم فأفسد المعنى. انظر تعليقي على "رياض الصالحين" (ص 14 طبع المكتب الإسلامي).

 

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1986) (رقم : 2564)، وابن ماجه في سننه (2/ 1388) (رقم : 4143)، وأحمد في مسنده (رقم : 7827 و 10960)، وابن حبان في صحيحه (2/ 119) (رقم : 394)، والبيهقي في شعب الإيمان (13/ 85) (رقم : 9994)

 

من فوائد الحديث :

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 276)

* وقوله: (لا ينظر إلى صوركم)، حث على الاعتماد على النية وحسن القصد، وتحذير من الركون إلى صورة العمل.

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 276_277)

* فأما قوله: (بحسب المؤمن من الشر أن يحقر أخاه المسلم)، ففيه تحذير، وأي تحذير من ذلك؛ لأن الله تعالى لم يحقره إذ خلقه ورزقه، ثم أحسن تقويم___خلقه، وسخر ما في الأرض جميعًا كله لأجله وأسجد له الملائكة جميعهم، ثم إنه سبحانه سماه مسلمًا، ومؤمنًا، وعبدًا، أو هو يرضه بأن يكون بالأمة من الأمم، وأن يعلم أنه بلغ من قدره إلى أن الله عز وجل جعل الرسول إليه منه، محمد - صلى الله عليه وسلم -، فمن حقر مسلمًا من المسلمين فقد حقر ما عظمه الله، وكافيه ذلك حزنًا، وإن من احتقار المسلم المسلم ألا يسلم عليه إذا مر به، ولا يرد السلام عليه إذا بدأه هو به، وأن يراه دون أن يدخله الله الجنة أو يبعده من النار.

* فأما ما ينقمه العالم على الجاهل، والعدل على الفاسق فليس ذلك احتقارًا لعين المسلم، ولا لذاته، وإنما كراهية للجهل والفسق اللذين اتصف بهما، فمتى فارق الجاهل جهله، وباين الفاسق فسقه، كان ذلك معيار صدق الذي أبدى الشنان لأجل الله تعالى، بعوده ومراجعته إلى الاحتفال به والرفع لقدره.

 

شرح النووي على مسلم (16/ 121)

وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي هَذَا كُلِّهِ بِالْقَلْبِ وَهُوَ مِنْ نَحْوِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (ألَا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً) الْحَدِيثَ،[2]

قَالَ الْمَازِرِيُّ :

"وَاحْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ لَا فِي الرَّأْسِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي حَدِيثِ أَلَا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةٌ."[3] اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 14)

في هذا الحديث: الاعتناء بحال القلب وصفاته، وتصحيح مقاصده، وتطهيره عن كل وصف مذموم؛ لأن عمل القلب هو المصحح للأعمال الشرعية، وكمال ذلك بمراقبة الله سبحانه وتعالى.

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 73)

والحاصل أن الإثابة والتقريب ليسا باعتبار الأعمال الظاهرة وإنما هي باعتبار ما في القلب كما قال: (ولكن ينظر إلى قلوبكم)،

* وفي الحديث : الاعتناء بحال القلب وصفاته بتحقيق علومه وتصحيح مقاصده وعزومه، وتطهيره عن كل وصف مذموم وتحليته بكل نعت محمود، فإنه لما كان القلب محل نظر الربّ حق على العالم بقدر اطلاع الله تعالى على قلبه أن يفتش عن صفات قلبه وأحواله لإمكان أن يكون فيه وصف مذموم يمقته الله بسببه.

* وفيه : أن الاعتناء بإصلاح القلب وبصفاته مقدم على عمل الجوارح، لأن عمل القلب هو المصحح للأعمال الشرعية، إذا لا يصح عمل شرعي إلا من مؤمن عالم بمن كلفه، مخلص له فيما يعمله،

ثم لا يكمل إلا بمراقبته تعالى فيه المعبر عنها بالإحسان، وحيث كان عمل القلب مصمماً للعمل الظاهر وعمل القلب غيب عنا فلا يقطع لذي عمل صالح بالخير،

فلعل الله تعالى يعلم من قلبه وصفاً مذموماً لا يصح معه ذلك العمل، ولا لذي معصية بالشرّ فلعله سبحانه يعلم من قلبه وصفاً محموداً يغفر له بسببه،

والأعمال أمارات ظنية، لا أدلة قطعية، ويترتب على ذلك عدم الغلوّ في تعظيم من رأينا عليه أفعالاً صالحة، وعدم الاحتقار لمسلم رأينا عليه أفعالاً سيئة، بل تحتقر تلك الحالة السيئة، لا تلك الذات المسيئة، فتدبر هذا فإنه نظر دقيق، لخص من المفهم للقرطبي." اهـ

 

الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (1/ 51)

"الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة." اهـ

 

قال الحافظ ابن حجر _رحمه الله_ :

"وكلُّهم أجمعوا على أنَّ أحكام الدنيا تجري على الظاهر والله يتولَّى السرائر". اهـ من (فتح الباري:12/ 273)

 

بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 280)

أَخْبَرَ أَنَّ قُوَّةَ الْقَلْبِ هِيَ الَّتِي تُقَدَّمُ لَيْسَ قُوَّةُ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا يَقْوَى الْقَلْبُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ نَظَرِ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى مَا يُحِبُّ وَيَخْتَارُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مَا يُبْغِضُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 31_32) للقاضي عياض :

"فكل هذا إشارة إلى النيات___والمقاصد، وأن المجازى عليه ما كان للقلب فيه عمل من قصد ونية وذكر." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 276)

وَإِذَا كَانَ أَصْلُ التَّقْوَى فِي الْقُلُوبِ، فَلَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَكُونُ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَهُ صُورَةٌ حَسَنَةٌ، أَوْ مَالٌ، أَوْ جَاهٌ، أَوْ رِيَاسَةٌ فِي الدُّنْيَا قَلْبُهُ خَرَابًا مِنَ التَّقْوَى، وَيَكُونُ مَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَلْبُهُ مَمْلُوءًا مِنَ التَّقْوَى، فَيَكُونُ أَكْرَمَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ وُقُوعًا، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ: كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ»

 

الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (24/ 314) لمحمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري الشافعي _رحمه الله_ :

"والحاصل : أن من حسن عمله وصلحت نيته سواء كان نحيف الجسم دميم الصورة فارغ اليد رضي الله عنه ونظر إليه ومن ساء عمله وفسدت نيته سخط الله عليه وأعرض عنه وإن كان كبير الجسم جميل الصورة كثير المال وقال محمد الدهني يعني أن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم المجرّدة عن السيرة المرضية ولا إلى أموالكم العارية عن الخيرات ولكن ينظر إلى قلوبكم التي هي محل التقوى وأعمالكم التي يتقرب بها إلى الله العلي الأعلى اهـ.

 

مجموع الفتاوى (11/ 33) لابن تيمية :

مِثْلُ التَّتَارِ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَمَنْ يُشْبِهُهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِمْ وَإِنْ كَانَ مُتَظَاهِرًا بِلِبَاسِ جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ وَزُهَّادِهِمْ وَتُجَّارِهِمْ وَصُنَّاعِهِمْ فَالِاعْتِبَارُ بِالْحَقَائِقِ. فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إلَى أَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ. فَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ وَعَمَلُهُ مِنْ جِنْسِ قُلُوبِ التَّتَارِ وَأَعْمَالِهِمْ كَانَ شَبِيهًا لَهُمْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ مَا مَعَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ مَا يُظْهِرُهُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا مَعَهُمْ مِنْ الْإِسْلَامِ وَمَا يُظْهِرُونَهُ مِنْهُ بَلْ يُوجَدُ فِي غَيْرِ التَّتَارِ الْمُقَاتِلِينَ مِنْ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ رِدَّةً وَأَوْلَى بِالْأَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَبْعَدُ عَنْ الْأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِيَّةِ مِنْ التَّتَارِ." اهـ

 

مجموع الفتاوى (27/ 424) لابن تيمية :

"وَالْأَعْمَالُ تُفَضَّلُ بِنِيَّاتِ أَصْحَابِهَا وَطَاعَتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْإِيمَانِ بِطَاعَتِهِمْ لِلَّهِ."

 

مجموع الفتاوى (28/ 394)

وَإِنَّمَا يَمْتَازُ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ عَنْ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ

 

الفوائد لابن القيم (ص: 185_186)

وَفصل النزاع أَن يُقَال الْجمال فِي الصُّورَة واللباس والهيأة ثَلَاثَة أَنْوَاع :

مِنْهُ مَا يحمد، وَمِنْه مَا يذم، وَمِنْه مَالا يتَعَلَّق بِهِ مدح وَلَا ذمّ.

* فالمحمود مِنْهُ مَا كَانَ___لله وأعان على طَاعَة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة لَهُ كَمَا كَانَ النَّبِي يتجمّل للوفود،

وَهُوَ نَظِير لِبَاس آلَة الْحَرْب لِلْقِتَالِ ولباس الْحَرِير فِي الْحَرْب وَالْخُيَلَاء فِيهِ، فَإِن ذَلِك مَحْمُود إِذا تضمّن إعلاء كلمة الله وَنصر دينه وغيظ عدوّه،

* والمذموم مِنْهُ : مَا كَانَ للدنيا والرياسة وَالْفَخْر وَالْخُيَلَاء والتوسل إِلَى الشَّهَوَات وَأَن يكون هُوَ غَايَة العَبْد وأقصى مطلبه،

فَإِن كثيرا من النُّفُوس لَيْسَ لَهَا همّة فِي سوى ذَلِك وَأما مَالا يحمد وَلَا يذم هُوَ مَا خلا عَن هذَيْن القصدين وتجرّد عَن الوصفين." اهـ

 

روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 221)

الباب التاسع عشر: في ذكر فضيلة الجمال وميل النفوس إليه على كل حال

إعلم أن الجمال ينقسم قسمين ظاهر وباطن فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة والشجاعة وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله من عبده وموضع محبته كما في الحديث الصحيح "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"

وهذا الجمال الباطن يزين الصورة الظاهرة وإن لم تكن ذات جمال فتكسوا صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتست روحه من تلك الصفات،

فإن المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه وهذا أمر مشهود بالعيان،

فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة وإن كان أسود أو غير جميل، ولا سيما إذا رزق حظا من صلاة الليل فإنها تنور الوجه وتحسنه

وقد كان بعض النساء تكثر صلاة الليل فقل لها في ذلك فقالت إنها تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسن وجهي ومما يدل على أن الجمال الباطن أحسن من الظاهر أن القلوب لا تنفك عن تعظيم صاحبه ومحبته والميل إليه."

 

إحياء علوم الدين (3/ 390) للغزالي[4] :

"وَالْقَلْبُ هُوَ الْأَصْلُ إِذْ لَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَتَى الله بقلب سليم."[5]

 

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 190)

"لا يصلح لمناجاة الملك في الخلوات إلا من زين ظاهره وباطنه وطهرهما خصوصا لملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى وهو لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فمن وقف بين يديه فليزين له ظاهره باللباس وباطنه بلباس التقوى."

 

غاية الأماني في الرد على النبهاني (2/ 435) لأبي المعالي محمود شكري بن عبد الله بن محمد بن أبي الثناء الألوسي (المتوفى: 1342هـ) :

"وتحقيق ذلك: أن أهل المعرفة وحقائق الإيمان المشهورين في الأمة بلسان الصدق إنما وصلوا إلى ما وصلوا إليه بالعمل بما في الكتاب والسنة لا بلباس الخرقة." اهـ

 

إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (3/ 309) حمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري (المتوفى: 1413هـ) :

"إثبات صفة النظر لله عز وجل، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

وروى: الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه، وعبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة"؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»[6]." اهـ

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/ 105) للشيخ الفوزان :

فالعمل القليل مع الإخلاص يكون كثيراً، وربما يكون العمل كثيراً لكن فائدته قليلة أو ليس فيه فائدة أصلاً نظراً لنيّة عامله

 

منهاج المسلم (ص: 59) للشيخ أبي بكر جابر الجزائري :

"فالنَّظرُ إلَى القلوبِ نظر إلَى النِّياتِ، إذِ النِّيةُ هيَ الباعثُ علَى العمَل والدَّافعُ إليهِ، ومنْ قولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ همَّ بحسنةٍ ولم يعملهَا كتبتْ لهُ حسنةٌ"[7]. فبمجردِ الهمِّ الصالحِ كانَ العملُ صالحا يثبتُ بهِ الأجر وتحصلُ بهِ المثوبةُ وذلكَ لفضيلةِ النِّيَّةِ الصَّالحةِ." اهـ

 

مجموع فتاوى ابن باز (2/ 235)

بين عليه الصلاة والسلام أن موضع النظر من ربنا عز وجل: القلب والعمل، أما مالك وبدنك فلا قيمة لهما وليسا محل النظر إلا إذا استعملت مالك وبدنك في طاعة ربك، وإنما محل النظر قلبك وعملك، فإذا استقام قلبك على محبة الله وخشيته ومراقبته والإخلاص له استقامت أعمالك واستقام أمرك، وإن كانت الأخرى فسدت حالك وفسد عملك ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

صحيح ابن حبان - محققا (2/ 119)

ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ تَعَهُّدَ قَلْبِهِ وَعَمَلِهِ دُونَ تَعَهُّدِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ

 

الإيمان لابن منده (1/ 460)

ذِكْرُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فِي صَدْرِ الْعَبْدِ

 

الآداب للبيهقي (ص: 326)

بَابُ مَنْ قَصَّرَ الْأَمَلَ وَبَادَرَ بِالْعَمَلِ قَبْلَ بُلُوغِ الْأَجَلِ

 

نوادر الأصول في أحاديث الرسول (4/ 95) للحكيم الترمذي :

"إِنَّمَا ينظر إِلَى الْقُلُوب لِأَنَّهَا أوعية الْجَوَاهِر وكنوز الْمعرفَة فِيهَا وَينظر إِلَى أَعمال الْجَوَارِح بِأَن مُبْتَدأ الْأَعْمَال من الْقُلُوب،

فَإِذا نظر إِلَى الْجَوَاهِر ووجدها طرية سليمَة كهيئتها محروسة من آفَات النَّفس مكنونة عَن تنَاول النَّفس."

 

جمع الوسائل في شرح الشمائل (1/ 119) للقاري :

"الْغَالِب : أَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ وَالْمَدَارُ عَلَى طَهَارَةِ الْقُلُوبِ وَمَعْرِفَةِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ."

 

هذا ما تيسر جمعه، ولله الحمد والمنة، "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب". وصلى الله على نبينا الكريم وآله وصحبه وسلم أجمعين.

 



[1] وفي رواية لمسلم : (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)

[2] وفي الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 561) لابن حجر الهيتمي :

"الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى، وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة اللَّه تعالى وخشيته ومراقبته، فمن ثم كان نظر اللَّه تعالى بمعنى مجازاته ومحاسبته على ما في القلب من خيرٍ وشرٍّ دون الصور الظاهرة؛ إذ الاعتبار في هذا كلِّه بالقلب؛ كما أفاده قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "أَلَا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت. . صلح الجسد كله، وإذا فسدت. . فسد الجسد كله، أَلَا وهي القلب". اهـ

[3] الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 561) لابن حجر الهيتمي :

"وفي الحديث دليلٌ على أن العقل في القلب دون الرأس، ومرَّ ما في ذلك مستوفًى." اهـ

[4] مر الغزالي بثلاث مراحل :

ألأول : الفلسفة والكلام، والثاني : الصوفية، والثالث : عودة إلى السنة. وكتابه الإحياء كتبه في المرحلة الثانية، وفيه الغث والسمين! فانتبه!!

[5] وفي مختصر منهاج القاصدين (ص: 239) لابن قدامة المقدسي :

"والقلب هو الأصل، إذ لا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم.."

[6] وفي الحجة في بيان المحجة (2/ 529) لقوام السنة :

"وَقَالَ ابْن فورك : لَا يجوز وَصفه بِأَنَّهُ نَاظر نظرا هُوَ رُؤْيَة لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن نثبت لَهُ إِلَّا مَا وصف بهَا نَفسه، أَو وَصفه رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وَلَيْسَ كَمَا ذكر ابْن فورك، فَإِن الله عَزَّ وَجَلَّ قد وصف بِهَذِهِ الصّفة، وَوَصفه بهَا رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} فوصف نَفسه بِالنّظرِ.

514 - وروى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله عَزَّ وَجَلَّ لَا ينظر إِلَى صوركُمْ وألوانكم، وَلَكِن إِنَّمَا ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ ". اهـ

[7] وفي الصحيحين : "فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً."

شرح الحديث 12-14 من صحيح الترغيب

 

شرح الحديث 12-14 من صحيح الترغيب


12 - (12) [صحيح] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

رجعنا من غزوة تبوك مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:

"إن أقواماً خَلْفَنَا (3) بالمدينة، ما سَلَكْنا شِعْباً (4) ولا وادياً إلاَّ وهم معنا، حَبَسَهم العُذرُ".

رواه البخاري

وأبو داود، ولفظه :

"أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال :

"لقد تركتُم بالمدينةِ أقواماً ما سِرتُم مَسيراً، ولا أنفقتُم مِن نَفَقَةٍ، ولا قَطَعتُم من واد إلاَّ وهم معكم".

قالوا: يا رَسولَ الله! وكيف يَكونونَ معنا وهم بالمدينةِ؟ قال:

"حَبَسَهُم المرضُ".

__________

(3) بإسكان اللام أي: وراءنا. قال الحافظ ابن حجر:

"وضبطه بعضهم بتشديد اللام وسكون الفاء".

(4) بكسر الشين المعجمة وسكون العين المهملة بعدها موحَّدة: طريقاً من الجبل.

و (الوادي): كل مُنْفَرَجٍ بين جبال أو آكام يكون منفذاً للسيل.

 

تخريج الحديث :

أخرجه البخاري في صحيحه (4/ 26) (رقم : 2839)، (رقم : 4423)، وأبو داود في سننه (3/ 12) (رقم : 2508)، وابن ماجه في سننه (2/ 923) (رقم : 2764)

 

من فوائد الحديث :

 

·      تطريز رياض الصالحين (ص: 13)

في هذا الحديث: دليل على أن من صحت نيته، وعزم على فعل عمل صالح وتركه لعذر، أن له مثل أجر فاعله.

 

·      تطريز رياض الصالحين (ص: 736)

قال العيني: فيه: أن من حبسه العذر عن أعمال البر مع نيته فيها يكتب له أجر العامل بها.

 

·      شرح النووي على مسلم (13/ 57)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ النِّيَّةِ فِي الْخَيْرِ وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْغَزْوَ وَغَيْرَهَ مِنَ الطَّاعَاتِ فَعَرَضَ لَهُ عُذْرٌ مَنَعَهُ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ نِيَّتِهِ وَأَنَّهُ كُلَّمَا أَكْثَرَ مِنَ التَّأَسُّفِ عَلَى فَوَاتِ ذَلِكَ وَتَمَنَّى كَوْنَهُ مَعَ الْغُزَاةِ وَنَحْوِهُمْ كَثُرَ ثَوَابُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

 

·      المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (12/ 52)

وقوله : (( إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيرًا ، ولا قَطَعتُم واديًا إلا كانوا معكم ، حَبَسَهُمُ المرض ))؛

يدل على ما ذكرناه : من أنَّ الناوي لأعمال البرِّ ؛ الصادق النيه فيها ؛ إذا منعه من ذلك عذر كان له مثلُ أجر المباشر مضاعفًا ، كما قدَّمناه . وقد دلَّ عليه من هذا الحديث ذكر قطع الوادي، والمسير ،

فإن هذا إشارة إلى قوله تعالى : { ذلَكَ بأنَّهُمْ لا يُصِيبهُم ظَمَأ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخمَصَةٌ في سَبيل اللهِ } إلى قوله تعالى : {وَلا يقطَعُونَ وَاديًا إلا كُتِبَ لَهُم ليَجْزَيهُمُ اللهُ أحْسَنَ مَا كَانُوا يعمَلُونَ } ، ولما كان القاعدون لأجل العُذر قد صحَّت نيَتهم في مباشرة كل ما باشره إخوانهم المجاهدون ؛ أعطاهم الله تعالى مثل أجر مَن باشر كما قدَّمناه في حديث أبي كبشة الأنماري .

 

·      كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 112_113)

هَؤُلَاءِ قوم صدقت نياتهم فِي الْخُرُوج إِلَى تِلْكَ الْغُزَاة، فحبسهم الْقدر بِالْمرضِ، فَكَانُوا كَأَنَّهُمْ غزوا، وعَلى هَذَا جَمِيع أَفعَال الْخَيْر مَتى نَوَاهَا الْإِنْسَان فَمَنعه الْقدر، كتب لَهُ ثَوَاب الْفِعْل. وَمن جنس هَذَا: { قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 105]

وَرُبمَا زَادَت النِّيَّة الصادقة____على الْفِعْل، لِأَن الْفَاعِل قد يُلَاحظ عمله، والممنوع بالعذر لَا يرى إِلَّا عَجزه.

 

قال الله تعالى :

{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)} [الصافات: 103 - 111]

 

·      دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 65)

قال العاقولي في «شرح المصابيح» : هذا دليل على أنهم شركاء في الأجر وعلى التساوي أيضاً، لأنه إذا قال الرجل لصاحبه هذا لي ولك حمل على المساواة، ولذلك تجعل الدار بينهما نصفين إلا أنه يستدل بقوله تعالى: {لا يستوي القاعدون} (النساء: 95) الآية على ترجيح جانب الغازي على جانب القاعد، فيحمل ذلك على القاعد من غير عذر، والتساوي المفهوم من الحديث على القاعد بعذر فلا معارضة بين الآية والحديث، وسيأتي زيادة تحقيق في هذا المقام

 

·      شرح رياض الصالحين (1/ 36_37)

فالمتمني للخير، الحريص عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعلمه، ولكنه حبسه عنه حابس، كتب له أجره كاملاً.

فمثلاً: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس، كنوم أو مرض، أو ما أشبهه فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماماً من غير نقص.

وكذلك إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي تطوعاً، ولكنه منعه منه مانع، ولم يتمكن منه؛ فإنه يكتب له أجره كاملاً، وكذلك إن كان من عادته أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ثم عجز عن ذلك، ومنعه مانع، فإنه يكتب له الأجر كاملاً.

وغيره من الأمثلة الكثيرة.____

أما إذا كان ليس من عادته أن يفعله؛ فإنه يكتب له أجر النية فقط، دون أجر العمل.

ودليل ذلك: أن فقراء الصحابة رضي الله عنهم قالوا: يا رسول الله سبقنا أهل الدثور بالدرجات العلي، والنعيم المقيم _ يعني: أن أهل الأموال سبقوهم بالصدقة والعتق- فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ((أفلا أخبركم بشي إذا فعلتموه أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد إلا من عمل مثل ما عملتم!! فقال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين)) ففعلوا، فعلم الأغنياء بذلك؛ ففعلوا مثلما فعلوا، فجاء الفقراء إلي الرسول صلي الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا؛ ففعلوا مثله، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) والله ذو الفضل العظيم. ولم يقل لهم: إنكم أدركتم أجر عملهم، ولكن لا شك أن لهم أجر نية العمل.

 

·      الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (20/ 260)

قال الأُبِّيُّ :

"المعية والشركة بدلان على أن له مطلق أجر لا على المساواة وانظر العكس لو خرج محاربون وتخلف بعضهم لمانع وتأسف على عدم الخروج هل يأثم بنيته وما طاب قلبه أو يقال البابان مختلفان لأنه ثبت التضعيف في الحسنات دون السيئات ويشهد لعدم المؤاخذة حديث إذا همّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها."

 

·      مجموع الفتاوى (2/ 395)

"وَالْبَاطِنَةُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ مِنْ الظَّاهِرَةِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: " قُوَّةُ الْمُؤْمِنِ فِي قَلْبِهِ وَضَعْفُهُ فِي جِسْمِهِ وَقُوَّةُ الْمُنَافِقِ فِي جِسْمِهِ وَضَعْفُهُ فِي قَلْبِهِ " وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ} {وَقَالَ: إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ} وَقَالَ: {فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ} فِي حَدِيثِ الْقَادِرِ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَالْعَاجِزِ عَنْهُ الَّذِي قَالَ: {لَوْ أَنَّ لِي مِثْلَ مَا لِفُلَانِ لَعَمِلْت فِيهِ مِثْلَ مَا عَمِلَ} فَإِنَّهُمَا لَمَّا اسْتَوَيَا فِي عَمَلِ الْقَلْبِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا مَعْذُورَ الْجِسْمِ اسْتَوَيَا فِي الْجَزَاءِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ} .

 

·      مجموع الفتاوى (7/ 340)

الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ قَدْ يُعْطَى الْإِنْسَانُ مِثْلَ أَجْرِ الْعَامِلِ إذَا كَانَ يُؤْمِنُ بِهَا وَيُرِيدُهَا جُهْدَهُ وَلَكِنَّ بَدَنَهُ عَاجِزٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ}

 

·      مجموع الفتاوى (10/ 192)

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحُبَّ يُحَرِّكُ إرَادَةَ الْقَلْبِ فَكُلَّمَا قَوِيَتْ الْمَحَبَّةُ فِي الْقَلْبِ طَلَبَ الْقَلْبُ فِعْلَ الْمَحْبُوبَاتِ فَإِذَا كَانَتْ الْمَحَبَّةُ تَامَّةً اسْتَلْزَمَتْ إرَادَةً جَازِمَةً فِي حُصُولِ الْمَحْبُوبَاتِ. فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ قَادِرًا عَلَيْهَا حَصَّلَهَا. وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهَا فَفَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْفَاعِلِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا؛ وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْوِزْرِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا} . وَقَالَ {إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ. قَالُوا: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ}

 

·      مجموع الفتاوى (22/ 243_245)

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {نِيَّةُ الْمَرْءِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ} .

فَأَجَابَ:

هَذَا الْكَلَامُ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُهُ مَرْفُوعًا وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ :

(أَحَدُهَا) : أَنَّ النِّيَّةَ الْمُجَرَّدَةَ مِنْ الْعَمَلِ يُثَابُ عَلَيْهَا وَالْعَمَلَ الْمُجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مَنْ عَمِلَ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ بِغَيْرِ إخْلَاصٍ لِلَّهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ} .

(الثَّانِي) : أَنَّ مَنْ نَوَى الْخَيْرَ وَعَمِلَ مِنْهُ مَقْدُورَهُ وَعَجَزَ عَنْ إكْمَالِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ عَامِلٍ. كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ} .

وَقَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ أَبِي كَبْشَةَ الأنماري عَنْ النَّبِيِّ____صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ ذَكَرَ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ. وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالًا. فَقَالَ: لَوْ أَنَّ لِي مِثْلَ مَا لِفُلَانِ لَعَمِلْت فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ فُلَانٌ. قَالَ: فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا فَهُوَ يَعْمَلُ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَقَالَ: لَوْ أَنَّ لِي مِثْلَ مَا لِفُلَانِ لَعَمِلْت فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ فُلَانٌ قَالَ: فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ} . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْوِزْرِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ} وَشَوَاهِدُ هَذَا كَثِيرَةٌ.

الثَّالِثُ أَنَّ الْقَلْبَ مَلِكُ الْبَدَنِ وَالْأَعْضَاءَ جُنُودُهُ فَإِذَا طَابَ الْمَلِكُ طَابَتْ جُنُودُهُ وَإِذَا خَبُثَ الْمَلِكُ خَبُثَتْ جُنُودُهُ وَالنِّيَّةُ عَمَلُ الْمَلِكِ بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّهَا عَمَلُ الْجُنُودِ. الرَّابِعُ أَنَّ تَوْبَةَ الْعَاجِزِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ تَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ.____

كَتَوْبَةِ الْمَجْبُوبِ عَنْ الزِّنَا وَكَتَوْبَةِ الْمَقْطُوعِ اللِّسَانِ عَنْ الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ. وَأَصْلُ التَّوْبَةِ عَزْمُ الْقَلْبِ وَهَذَا حَاصِلٌ مَعَ الْعَجْزِ. الْخَامِسُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا يَدْخُلُهَا فَسَادٌ بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّ النِّيَّةَ أَصْلُهَا حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِرَادَةُ وَجْهِهِ وَهَذَا هُوَ بِنَفْسِهِ مَحْبُوبٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَرْضِيٌّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ تَدْخُلُهَا آفَاتٌ كَثِيرَةٌ وَمَا لَمْ تَسْلَمْ مِنْهَا لَمْ تَكُنْ مَقْبُولَةً؛ وَلِهَذَا كَانَتْ أَعْمَالُ الْقَلْبِ الْمُجَرَّدَةِ أَفْضَلَ مِنْ أَعْمَالِ الْبَدَنِ الْمُجَرَّدَةِ. كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: قُوَّةُ الْمُؤْمِنِ فِي قَلْبِهِ وَضَعْفُهُ فِي جِسْمِهِ وَقُوَّةُ الْمُنَافِقِ فِي جِسْمِهِ وَضَعْفُهُ فِي قَلْبِهِ وَتَفْصِيلُ هَذَا يَطُولُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 

·      قاعدة في الانغماس في العدو وهل يباح (ص: 19)

ويكون الجهاد بـ: اليد والقلب واللسان.

 كما قال صلى الله عليه وسلم: "جاهدوا المشركين بأيديكم وألسنتكم وأموالكم" [د]

وكما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم العذر"

==========================

 

13 - (13) [صحيح لغيره] وعن أبي هريرة قال:

قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :

"إنما يُبعث الناسُ على نِيَّاتِهم". رواه ابن ماجه بإسناد حسن.

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 1414) (رقم : 4229)، وأحمد في مسنده (15/ 44) (رقم : 9090)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (11/ 121) (رقم : 6247)، والبزار في مسنده المسمى بـ"البحر الزخار" (16/ 210) (رقم :9351)، والمخَلِّص (المتوفى: 393هـ) في المخلِّصِيَّاتِ (2/ 354) (رقم : 1733)

 

وقال الأرنؤوط في تخريجه لسنن ابن ماجه ت الأرنؤوط (5/ 308) : "صحيح لغيره."

 

مر شرحه في الحديث (رقم : 11)

 

شرح الحديث وفوائده :

 

التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 507) للمُناوي :

"مَعْنَاهُ : أَن الامم الَّتِي تعذب وَمَعَهُمْ من لَيْسَ مِنْهُم يصاب جَمِيعهم بآجالهم ثمَّ يبعثون على أَعْمَالهم فالطائع يجازى بِعَمَلِهِ والعاصي تَحت الْمَشِيئَة

 

شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره (ص: 312)

الْغَرَض ان من كره شَيْئا بِالْقَلْبِ وَلم يظهره بِسَبَب الْخَوْف وَالْمَانِع الشَّرْعِيّ يبْعَث بِحَسب نِيَّته مَعَ الصَّالِحين وَكَذَا بِالْعَكْسِ لَكِن المداهن فَاسد النِّيَّة أَيْضا لِأَن كل اناء يترشح بِمَا فِيهِ فَلَو كَانَت نِيَّته صَالِحَة لم يخالطهم ابدا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَانع شَرْعِي فِي تَركه والا فينسد بَاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ (إنْجَاح)[1]

 

فيض القدير (6/ 457) للمناوي :

"قال الداودي :

"معناه أن الأمم تعذب ومعهم من ليس منهم فيصاب جميعهم بآجالهم ثم يبعثون على أعمالهم فالطائع عند البعث يجازي بعمله والعاصي تحت المشيئة."

قال ابن حجر :

"والحاصل : أنه لا يلزم من الاشتراك في الهلاك الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يجازي كل أحد على حسب نيته." اهـ

 

قطر الولي على حديث الولي = ولاية الله والطريق إليها (ص: 438) للشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ) :

"فَاعْلَم أَن عُمْدَة الْأَعْمَال الَّتِي تترتب عَلَيْهَا صِحَّتهَا أَو فَسَادهَا هِيَ النِّيَّة وَالْإِخْلَاص، وَلَا شكّ أَنَّهُمَا من الْأُمُور الْبَاطِنَة.

فَمن لم تكن نِيَّته صَحِيحَة لم يَصح عمله الَّذِي عمله، وَلَا أجره الْمُتَرَتب عَلَيْهِ. وَمن لم يخلص عمله لله سُبْحَانَهُ فَهُوَ مَرْدُود عَلَيْهِ مَضْرُوب بِهِ فِي وَجهه، وَذَلِكَ كالعامل الَّذِي يشوب نِيَّته بالرياء، قَالَ الله عز وَجل: {واعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين}." اهـ

 

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 70) لابن رجب :

"عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ :

"لَا يَنْفَعُ قَوْلٌ إِلَّا بِعَمَلٍ، وَلَا يَنْفَعُ قَوْلٌ وَلَا عَمَلٌ إِلَّا بِنِيَّةٍ، وَلَا يَنْفَعُ قَوْلٌ وَلَا عَمَلٌ وَلَا نِيَّةٌ إِلَّا بِمَا وَافَقَ السُّنَّةَ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: تَعَلَّمُوا النِّيَّةَ، فَإِنَّهَا أَبْلَغُ مِنَ الْعَمَلِ."

وَعَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ قَالَ :

"إِنَّى لَأُحِبُّ أَنْ تَكُونَ لِي نِيَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ"،

وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : "انْوِ فِي كُلِّ شَيْءٍ تُرِيدُهُ الْخَيْرَ، حَتَّى خُرُوجِكَ إِلَى الْكُنَاسَةِ".

وَعَنْ دَاوُدَ الطَّائِيِّ قَالَ :

"رَأَيْتُ الْخَيْرَ كُلَّهُ إِنَّمَا يَجْمَعُهُ حُسْنُ النِّيَّةِ، وَكَفَاكَ بِهَا خَيْرًا وَإِنْ لَمْ تَنْصَبْ".

قَالَ دَاوُدُ :

"وَالْبِرُّ : هِمَّةُ التَّقِيِّ، وَلَوْ تَعَلَّقَتْ جَمِيعُ جَوَارِحِهِ بِحُبِّ الدُّنْيَا، لَرَدَّتْهُ يَوْمًا نِيَّتُهُ إِلَى أَصْلِهِ."

وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ :

"مَا عَالَجْتُ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي؛ لِأَنَّهَا تَنْقَلِبُ عَلَيَّ."

وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ :

"تَخْلِيصُ النِّيَّةِ مِنْ فَسَادِهَا أَشَدُّ عَلَى الْعَامِلِينَ مِنْ طُولِ الِاجْتِهَادِ."

وَقِيلَ لِنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ : "أَلَا تَشْهَدُ الْجَنَازَةَ؟ قَالَ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَنْوِيَ، قَالَ فَفَكَّرَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: "امْضِ."____

وَعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :

"صَلَاحُ الْقَلْبِ بِصَلَاحِ الْعَمَلِ، وَصَلَاحُ الْعَمَلِ بِصَلَاحِ النِّيَّةِ".

وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ قَالَ :

"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْمُلَ لَهُ عَمَلُهُ، فَلْيُحْسِنْ نِيَّتَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْجُرُ الْعَبْدَ إِذَا حَسُنَتْ نِيَّتُهُ حَتَّى بِاللُّقْمَةِ."

وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ :

"رُبَّ عَمَلٍ صَغِيرٍ تُعَظِّمُهُ النِّيَّةُ، وَرُبَّ عَمَلٍ كَبِيرٍ تُصَغِّرُهُ النِّيَّةُ."

وَقَالَ ابْنُ عَجْلَانَ :

"لَا يَصْلُحُ الْعَمَلُ إِلَّا بِثَلَاثٍ : "التَّقْوَى لِلَّهِ، وَالنِّيَّةِ الْحَسَنَةِ، وَالْإِصَابَةِ."

وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ : "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ مِنْكَ نِيَّتَكَ وَإِرَادَتَكَ."

وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ :

"إِيثَارُ اللَّهِ _عَزَّ وَجَلَّ_ أَفْضَلُ مِنَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِهِ.

خَرَّجَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ " الْإِخْلَاصِ وَالنِّيَّةِ ". وَرَوَى فِيهِ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَدَاءُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَصِدْقُ النِّيَّةَ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ." اهـ[2]

 

الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 9)

اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَوَاتَرَ النَّقْل عَنْ الْأَئِمَّة فِي تَعْظِيم قَدْر حَدِيث النِّيَّة.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَيْسَ فِي أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء أَجْمَعَ وَأَغْنَى وَأَكْثَرَ فَائِدَةً مِنْهُ، وَاتَّفَقَ الْإِمَام الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ ثُلُث الْعِلْم، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: رُبْعه، وَوَجَّهَ الْبَيْهَقِيُّ كَوْنه ثُلُث الْعِلْم: بِأَنَّ كَسْب الْعَبْد يَقَع بِقَلْبِهِ وَلِسَانه وَجَوَارِحه، فَالنِّيَّة أَحَد أَقْسَامهَا الثَّلَاثَة وَأَرْجَحُهَا ; لِأَنَّهَا قَدْ تَكُون عِبَادَة مُسْتَقِلَّة، وَغَيْرهَا يَحْتَاج إلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.»[3]

 

صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال (2/ 244) للقاضي حسين بن محمد المهدي :

"فالخير في الاسلام ليس خيرا الا اذا كان عن نية طيبة خالصة لوجه الله, والعمل الطيب ليس طيبا الا اذا استنار باوامره.

ولا شك : أنَّ هذا مذهب جليل في تقدير الرجال والاعمال يصحح الاوضاع، ويسمو بالمجتمع الى مستوى رفيع من الكمال، إذ يجعل الاقوال والاعمال منوطة بغايةٍ واحدة ومثلٍ أعلا، هو : الله،

فلا يحب المؤمن ولا يبغض ولا يفعل ولا يترك إلا لله، والله لا يامر إلا بما كان خيرا للشخص وللمجموعة الانسانة." اهـ

 

هذا ما تيسر جمعه، ولله الحمد والمنة، "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب". وصلى الله على نبينا الكريم وآله وصحبه أجمعين.

 

============================

 

14 - (14) [صحيح لغيره] ورواه أيضاً من حديث جابر؛ إلا أنه قال:

"يُحْشَرُ الناسُ".

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 1414) (رقم : 4230) : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ»

 

شرح الحديث وفوائده :

 

فيض القدير (3/ 7) للمناوي :

"فمن مات على شيء بعث عليه. إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

فيه : أن الأمور بمقاصدها وهي قاعدة عظيمة مفرع عليها من الأحكام ما لا يخفى." اهـ

 

فقه النوازل للأقليات المسلمة (1/ 532_533) للدكتور محمد يسري إبراهيم :

"والأحاديث بجملتها دالة على اعتبار تأثير النية في أعمال الخلق صحةً وفسادًا،___وقولًا وردًّا، ومجازاةً عليها، فميزان الأعمال إنما هو النية والقصد.

وإذا كانت الأمور بمقاصدها فإنه ينبغي على كل مكلَّف أن يكون قصده في أفعاله وأقواله الظاهرة والباطنة موافقًا لقصد الشارع الحكيم؛ وذلك حتى تؤتي ثمارها وتعود بصالح نتائجها، وإلا فإنه لا يكفي أن يكون ظاهر الفعل مشروعًا ليوصف بالمشروعية وإنما لا بد أن يكون قصد المكلف المباشر للفعل مشروعًا أيضًا.

ومخالفة قصد الشارع ومنافاته هدمٌ للمصالح التي شرعت من أجلها الأحكام، وعلى سبيل المثال فإذا كان المكلف مأمورًا بالنكاح استحبابًا لتحصيل مصالح العفاف واستمرار النسل ونحو ذلك؛ فإن قصده التحليل للزوج الأول يهدم هذه المصالح ويقضي عليها ويناقض مقصود الشارع.

والطلاق أبيح لتحقيق مصلحة مشروعة ودرء مفسدة ممنوعة، فإذا استعمل الزوج هذا الطلاق ليحرم المرأة من حقها في الإرث لدى مرضه مرض الموت فقد ناقض مقصود الشارع من تشريع الطلاق." اهـ

 

هذا ما تيسر جمعه، ولله الحمد والمنة، "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب". وصلى الله على نبينا الكريم وآله وصحبه أجمعين.

 



[1] «إنجاح الحاجة» لمحمد عبد الغني المجددي الحنفي (ت 1296 هـ)

[2] وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 71) :

"وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَعْنَى مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ أُصُولَ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ : حَدِيثُ: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،»، وَحَدِيثُ : «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ،»، وَحَدِيثُ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ.»

فَإِنَّ الدِّينَ كُلَّهُ يَرْجِعُ إِلَى فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ، وَتَرْكِ الْمَحْظُورَاتِ، وَالتَّوَقُّفِ عَنِ الشُّبُهَاتِ، وَهَذَا كُلُّهُ تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ." اهـ

[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6/ 185) (رقم : 5942)، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (3/ 255) عن سهل بن سعد الساعدي _رضي الله عنه_. وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (5/ 244) (رقم : 2216)، وقال : "وهذا سند ضعيف، يحيى بن قيس الكندي أورده ابن أبي حاتم (4/2/182)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال الحافظ في " التقريب ": " مستور ". وحاتم بن عباد لم أجد له ترجمة." اهـ

وفي شعب الإيمان (9/ 177) (رقم : 6447) للبيهقي :

"عن ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ، يَقُولُ : "نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا يَدْخُلُهَا الْفَسَادُ، وَالْعَمَلَ يَدْخُلُهُ الْفَسَادُ"،

وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْفَسَادِ بِالرِّيَاءِ فَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى مَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَهْلٍ، وَقَدْ قِيلَ: النِّيَّةُ دُونَ الْعَمَلِ قَدْ تَكُونُ طَاعَةً، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً "، قَالُوا: وَالْعَمَلُ دُونَ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ طَاعَةً."