Minggu, 24 April 2022

Khutbah Id 1443 H

 

Ada Apa

setelah Ramadhan?

 

 

Khutbah id 1443 h/2020 M

 

Ustadz Abdul Qodir, Lc.

(Pembina Ponpes Al-Ihsan Gowa)

 

Sabtu, 23 April 2022

من علامات السعادة

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 193_194) :

"إِنَّ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً: أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الْآخِرَةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هِمَّتُهُ الْعِبَادَةَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ.

وَالثَّالِثُ: قِلَّةُ الْقَوْلِ فِيمَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ وَرِعًا فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنَ الْحَرَامِ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ صُحْبَتُهُ مَعَ الصَّالِحِينَ.

وَالسَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُتَوَاضِعًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ.

وَالثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ سَخِيًّا كَرِيمًا.

وَالتَّاسِعُ أَنْ يَكُونَ رَحِيمًا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ نَافِعًا لِلْخَلْقِ.

وَالْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلْمَوْتِ كَثِيرًا.

وَعَلَامَةُ الشَّقَاءِ أَيْضًا، إِحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً: أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ حَرِيصًا عَلَى جَمْعِ الْمَالِ , وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ نَهْمَتُهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ فِي الدُّنْيَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فَحَّاشًا فِي الْقَوْلِ مِكْثَارًا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُتَهَاوِنًا فِي الصَّلَوَاتِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ مِنَ الْحَرَامِ وَالشُّبُهَاتِ، وَصُحْبَتُهُ مَعَ الْفُجَّارِ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ سَيِّئَ الْخُلُقِ.

وَالسَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُخْتَالًا مُتَكَبِّرًا فَخُورًا.

وَالثَّامِنُ: أَنْ يَمْنَعَ مَنْفَعَتَهُ مِنَ النَّاسِ.

وَالتَّاسِعُ: أَنْ يَكُونَ قَلِيلَ الرَّحْمَةِ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَالْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا.____

وَالْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا لِلْمَوْتِ.

يَعْنِي : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلْمَوْتِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ طَعَامَهُ مِنَ الْبَيْعِ وَيَرْحَمُ الْمُسْلِمِينَ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الزُّهَّادِ أَنَّهُ كَانَ فِي بَيْتِهِ وِقْرٌ مِنَ الْحِنْطَةِ فَقَحَطَ النَّاسُ، فَبَاعَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْحِنْطَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَشْتَرِي لِحَاجَتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمْسَكْتَ مَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُشَارِكَ النَّاسَ فِي غَمِّهِمْ.

وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ

Sabtu, 05 Maret 2022

تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ

 

صحيح البخاري (4/ 34) (رقم : 2887) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:

«تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ،

طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ».

 

Kamis, 03 Maret 2022

Sebab Kebahagiaan

 

أسبا السعادة

 

1_ الإيمان

 

قال الله تعالى :

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]

 

زاد المسير في علم التفسير (2/ 582)

قوله تعالى: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً اختلفوا أين تكون هذه الحياة الطيبة على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها في الدنيا، رواه العوفي عن ابن عباس___

والثاني: أنها في الآخرة، قاله الحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن زيد، وذلك إِنما يكون في الجنة.

والثالث: أنها في القبر، رواه أبو غسّان عن شريك." اهـ

 

2_ علم الوحي

«مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» خ م

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 164)

مُشْتَمل على ثَلَاثَة أَحْكَام أَحدهَا فضل التفقه فِي الدِّينِ

 

3_ العافية من الشهوة والشبهات والأمراض والمحن

 

سنن الترمذي ت شاكر (5/ 557)

«اسْأَلُوا اللَّهَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ، فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ اليَقِينِ خَيْرًا مِنَ العَافِيَةِ» ت ق

 

تحفة الأحوذي (10/ 3)

قال القارىء مَعْنَاهُ السَّلَامَةُ فِي الدِّينِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَفِي البدن من سيء الْأَسْقَامِ وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ انْتَهَى

 

4_ الأمان

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126]

 

أدب الدنيا والدين (ص: 142) :

"فَهِيَ [من أسباب صلاح الدنيا] أَمْنٌ عَامٌّ تَطْمَئِنَّ إلَيْهِ النُّفُوسُ وَتَنْتَشِرُ فِيهِ الْهِمَمُ، وَيَسْكُنُ إلَيْهِ الْبَرِيءُ، وَيَأْنِسُ بِهِ الضَّعِيفُ. فَلَيْسَ لِخَائِفٍ رَاحَةٌ، وَلَا لِحَاذِرٍ طُمَأْنِينَةٌ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ، الْأَمْنُ أَهْنَأُ عَيْشٍ، وَالْعَدْلُ أَقْوَى جَيْشٍ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ يَقْبِضُ النَّاسَ عَنْ مَصَالِحِهِمْ، وَيَحْجِزُهُمْ عَنْ تَصَرُّفِهِمْ، وَيَكُفُّهُمْ عَنْ أَسْبَابِ الْمَوَادِّ الَّتِي بِهَا قِوَامُ أَوَدِهِمْ وَانْتِظَامُ جُمْلَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ مِنْ نَتَائِجِ الْعَدْلِ، وَالْجَوْرَ مِنْ نَتَائِجِ مَا لَيْسَ بِعَدْلٍ.

 

5_ القناعة والرضا بالعيش

 

صحيح مسلم (2/ 730)

«قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ»

 

«لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» خ م

 

6_ التعاون على البر والتقوى

 

{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]

 

((الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) م

 

7_ الرغبة في نفع الناس

المعجم الأوسط (6/ 139) (رقم : 6026)

أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم

 

صحيح مسلم (4/ 1726)

«مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ»

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 193)

وَقِيلَ: إِنَّ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً:

أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الْآخِرَةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هِمَّتُهُ الْعِبَادَةَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ.

وَالثَّالِثُ: قِلَّةُ الْقَوْلِ فِيمَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ وَرِعًا فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنَ الْحَرَامِ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ صُحْبَتُهُ مَعَ الصَّالِحِينَ.

وَالسَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُتَوَاضِعًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ.

وَالثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ سَخِيًّا كَرِيمًا.

وَالتَّاسِعُ أَنْ يَكُونَ رَحِيمًا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ نَافِعًا لِلْخَلْقِ.

وَالْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلْمَوْتِ كَثِيرًا.

Senin, 07 Februari 2022

من فضائل العلم من كتاب مفتاح دار السعادة

 

 

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 63)

الْوَجْه السَّابِع والاربعون مَا رَوَاهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء _رضى الله عَنهُ_ قَالَ :

سَمِعت رَسُول الله يَقُول :

(من سلك طَرِيقا يَبْتَغِي فِيهِ علما سلك الله بِهِ طَرِيقا الى الْجنَّة،

وَإِن الْمَلَائِكَة لتَضَع اجنحتها رضَا لطَالب الْعلم،

وإنَّ الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الارض حَتَّى الْحيتَان فِي المَاء،

وَفضل الْعَالم على العابد كفضل الْقَمَر على سَائِر الْكَوَاكِب،

وإن الْعلمَاء وَرَثَة الانبياء، وإن الانبياء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما، إِنَّمَا ورثوا الْعلم،

فَمن اخذه اخذ بحظ وافر)

وَقد رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن خَالِد بن يزِيد عَن عُثْمَان ابْن أَيْمَنَ :

عَن ابي الدَّرْدَاء قَالَ : سَمِعت رَسُول الله يَقُول :

(من غَدا لعلم يتعلمه، فتح الله لَهُ بِهِ طَرِيقا إلى الْجنَّة، وفَرَشَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ أَكْنَافَها، وصلَّتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وحِيْتَانُ الْبَحْرِ،

وللعالم من الْفضل على العابد كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب،

وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ، إن الانبياء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما، إِنَّمَا ورثوا الْعلم،

فَمن اخذ بِالْعلمِ أَخَذَ بحظ وافر،

وَمَوْت الْعَالم مُصِيبَةٌ لَا تُجْبَرُ، وثلمة نسد وَنجم طمس، وَمَوْت قَبيلَةٍ أيْسَرُ من موتِ عَالِمٍ)، وَهَذَا حَدِيث حسن،

وَالطَّرِيقُ الَّتِي يسلكها إلَى الْجنَّة جَزَاءٌ على سلوكه فِي الدُّنْيَا طَرِيقَ الْعِلْمِ الْمُوْصِلَةَ إلَى رِضَا ربِّه،

وَوضع الْمَلَائِكَة أَجْنِحَتَهَا لَهُ تَوَاضُعًا لَهُ وَتَوْقِيْرًا وإكرامًا لما يحملهُ من مِيرَاث النُّبُوَّة ويطلبه،

وَهُوَ يدل على الْمحبَّة والتعظيم، فَمِنْ مَحبَّةِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ وتعظيْمِهِ تضع أجنحتها لَهُ، لِأَنَّهُ طَالب لما بِهِ حَيَاة الْعَالم ونجاته،

فَفِيهِ شَبَهٌ من الْمَلَائِكَة، وَبَينه وَبينهمْ تَنَاسُبٌ، فإنَّ الْمَلَائِكَة أَنْصَحُ خَلْقِ اللهِ وأنفعُهم لبني آدم، وعَلى أيديهم حصل لَهُم كلُّ سَعَادَةٍ وَعِلْمٍ وَهُدًى،

وَمن نفعهم لبني آدم ونصحهم : أنهم يَسْتَغْفِرُونَ لمسيئهم ويثنون على مؤمنيهم، ويعينونهم على أعدائهم من الشَّيَاطِين، ويحرصون على مصَالح العَبْد أضعاف حرصه على مصلحَة نَفسه، بل يُرِيدُونَ لَهُ من خير الدُّنْيَا والآخرة مَا لَا يُريدهُ العَبْد وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ، كَمَا قَالَ بعْضُ التَّابِعِيْنَ : (وجدنَا الْمَلَائِكَة أنصح خلق الله لِعِبَادِهِ، وَوجدنَا الشَّيَاطِينَ أَغَشَّ الْخلق للعباد،

وَقَالَ تَعَالَى : {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)} [غافر: 7_9]

 

فَأَي نُصْحٍ للعِبَادِ مِثْلُ هَذَا إلا نُصْحَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِذا طلب العَبْد الْعِلْمَ، فقد سعى فِي أعظم مَا يَنْصَحُ بِهِ عباد الله،

فَلذَلِك تحبه الْمَلَائِكَة وتعظمه حَتَّى تضع أجنحتها لَهُ رضَا ومحبة وتعظيما،

وَقَالَ أبو حَاتِم الرَّازِيّ : سَمِعت ابْن أبي اويس يَقُول : سَمِعت مَالك بن أَنَسٍ يَقُول :

"معنى قَول رَسُول الله (تضع أجنحتها)، يَعْنِي : تبسطها بِالدُّعَاءِ لطَالب الْعلم بَدَلا من الايدي."

وَقَالَ أحْمَد بن مَرْوَان الْمَالِكِي فِي "كتاب المجالسة" لَهُ :

حَدثنَا زَكَرِيَّا بن عبد الرَّحْمَن الْبَصْرِيّ قَالَ سَمِعت احْمَد بن شُعَيْب يَقُول :

كُنَّا عِنْد بعض الْمُحدثين بِالْبَصْرَةِ، فحدثنا بِحَدِيث النَّبِي (إن الْمَلَائِكَة لتَضَع أجنحتها لطَالب الْعلم)، وَفِي الْمجْلس مَعنا رجُلٌ من الْمُعْتَزلَة، فَجَعَلَ يستهزئ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ : "وَالله، لأطرقن غَدا نَعْلي بمسامير، فأطأ بهَا أَجْنِحَة الْمَلَائِكَة، فَفعل، وَمَشى فِي النَّعْلَيْنِ، فجفَّتْ رِجْلَاهُ جَمِيعًا، وَوَقعت فِيْهِمَا الأكلة."

وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ سَمِعت أَبَا يحيى زَكَرِيَّا بن يحيى السَّاجِي قَالَ :

"كُنَّا نمشي فِي بعض أَزِقَّة الْبَصْرَة إِلَى بَاب بعض الْمُحدثين، فأسرعنا الْمَشْي، وَكَانَ مَعنا رجلٌ مَاجِنٌ مِنْهُم فِي دينه، فَقَالَ :

(ارْفَعُوا أرجلكم عَن أجنحة الْمَلَائِكَة، لا تكسروها كالمستهزيء)،

فَمَا زَالَ من مَوْضِعه حَتَّى جَفتْ رِجْلَاهُ، وَسقط."

وَفِي السّنَن وَالْمَسَانِيد من حَدِيث صَفْوَان ابْن عَسَّال بعسال قَالَ :

"قلت : "يَا رَسُول الله، إِنِّي جِئْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ، قَالَ : مرْحَبًا بطالب الْعلم، إِن طَالب الْعلم لتحُفُّ بِهِ الْمَلَائِكَةُ، وتُظِلُّهُ بأجنحتها، فيركب بَعضهم بَعْضًا حَتَّى تبلغ السَّمَاء الدنيا من حبهم لما يطْلب،

وَذكر حَدِيث الْمسْح على الْخُفَّيْنِ، قَالَ أبو عبد الله الْحَاكِم : إسنادُه صَحِيحٌ،

وَقَالَ ابْن عبد الْبر : "هُوَ حَدِيث صَحِيح حسن ثَابت مَحْفُوظ مَرْفُوع، وَمثله لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ،

 

فَفِي هَذَا الحَدِيث : حَفُّ الْمَلَائِكَة لَهُ بأجنحتها إلى السَّمَاء. وَفِي الاول : وَضْعُهَا أجنحتها لَهُ. فالوضع : تواضع وتوقير وتبجيل. والحف بالاجنحة : حفظ وحماية وصيانة،

 

فتضمن الحديثان تَعْظِيمَ الْمَلَائِكَة لَهُ وحُبَّهَا إِيَّاهُ وَحِيَاطَتَهُ وَحِفْظَهُ، فَلَو لم يكن لطَالب الْعلم إِلَّا هَذَا الْحَظ الجزيل لكفى بِهِ شرفا وفضلا.

 

وَقَوله : (إنَّ الْعَالِمَ ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الارض حَتَّى الْحيتَانُ فِي المَاء)،

 

فَإِنَّهُ لما كَانَ الْعَالم سَببا فِي حُصُول الْعلم الَّذِي بِهِ نجاة النُّفُوس من أَنْوَاع المهلكات وَكَانَ سَعْيه مقصورا على هَذَا وَكَانَت نجاة الْعباد على يَدَيْهِ : جُوْزِيَ من جنس عمله، وَجُعِلَ من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض ساعيا فِي نجاته من أسباب الهلكات باستغفارهم لَهُ.

 

وَإِذا كَانَت الْمَلَائِكَة تستغفر للؤمنين، فَكيف لَا تستغفر لخاصتهم وخلاصتهم؟!

وَقد قيل : إنَّ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الارض المستغفرين___للْعَالم عَام فِي الْحَيَوَانَات ناطقها وبهيمها طيرها وَغَيره،

 

ويؤكد هَذَا : قَوْله (حَتَّى الْحيتَان فِي المَاء وَحَتَّى النملة فِي جحرها)

 

فَقيل :

سَبَب هَذَا الاسْتِغْفَار : أن الْعَالم يُعَلِّمُ الْخَلْقَ مُرَاعَاةَ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ، وَيُعَرِّفُهم مَا يَحِلُّ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ، ويعرّفهم كَيْفيَّةَ تنَاولِهَا واستخدامِها وركوبِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا، وَكَيْفِيَّةَ ذَبْحِهَا على أحسن الْوُجُوه وأرفقها بِالْحَيَوَانِ.

 

والعالم أَشْفَقُ النَّاسِ على الْحَيَوَان، وأَقْوَمُهم بِبَيَان مَا خُلِقَ لَهُ.

 

وَبِالْجُمْلَةِ : فالرحمة والإحسان الَّتِي خُلِقَ بهما وَلَهُمَا الْحَيَوَانُ، وَكتب لَهما حظهما مِنْهُ، إِنَّمَا يعرف بِالْعلمِ. فالعالم مُعَرِّف لذَلِك. فَاسْتحقَّ أنْ تستغفر لَهُ الْبَهَائِم، وَالله أعلم.

 

وَقَوله : (وَفضل الْعَالم على العابد كفضل الْقَمَر على سَائِر الْكَوَاكِب)

 

تَشْبِيهٌ مُطَابِقٌ لحَال الْقَمَر وَالْكَوَاكِب، فان الْقَمَر يُضِيْءُ الآفاقَ، ويمتد نُوْرُه فِي أقطار الْعَالم، وَهَذِه حَال الْعَالِمِ.

 

وَأما الْكَوْكَب : فنوره لَا يُجَاوز نَفسه اَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ. وَهَذِه حَال العابد الَّذِي يضيء نور عِبَادَته عَلَيْهِ دون غَيره. وإنْ جَاوز نوْرُ عِبَادَتِه غَيرَه، فَإِنَّمَا يُجَاوِزهُ غيرَ بعيدٍ كَمَا يُجَاوز ضوء الْكَوْكَب لَهُ مُجَاوزَة يسيرَة.

 

وَمن هَذَا الاثر الْمَرْوِيّ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول الله للعابد ادخل الْجنَّة فَإِنَّمَا كَانَت منفعتك لنَفسك وَيُقَال للْعَالم اشفع تشفع فَإِنَّمَا كَانَت منفعتك للنَّاس

 

وروى ابْن جريج عَن عطاء عن ابْن عَبَّاس _رضى الله عَنْهُمَا_ :

"إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُؤْتى بالعابد والفقيه، فَيُقَال للعابد : (ادخُل الْجنَّةَ)، وَيُقَال للفقيه : (اشفع تشفع).

 

وَفِي التَّشْبِيه الْمَذْكُور لطيفة أُخْرَى، وَهُوَ : أن الْجَهْل كالليل فِي ظلمته وجنسه. وَالْعُلَمَاء والعباد بِمَنْزِلَة الْقَمَر وَالْكَوَاكِب الطالعة فِي تِلْكَ الظلمَة،

وَفضل نور الْعَالم فِيهَا على نور العابد كفضل نور الْقَمَر على الْكَوَاكِب،

وأيْضًا فالدين قوامه وزينته وإضاءتُه بعلمائه وعباده. فَإِذا ذهب علماؤه وعباده : ذهب الدّين، كَمَا أن السَّمَاء إضاءتُهَا وَزينتُهَا بقمرها وكواكبِها، فَإِذا خُسِف قمَرُها وانتشرت كواكبها، أتاها ما توعد.

وَفضل عُلَمَاء الدّين على الْعباد كفضل مَا بَين الْقَمَر وَالْكَوَاكِب.

 

فَإِن قيل : "كَيفَ وَقع تَشْبِيه الْعَالم بالقمر دون الشَّمْس، وَهِي أعظم نُوْرًا؟"

قيل : فِيهِ فَائِدَتَانِ :

* أحداهما : أن نور الْقَمَر لما كَانَ مستفادا من غَيره كَانَ تَشْبِيه الْعَالِمِ الَّذِي نوره مُسْتَفَاد من شمس الرسَالَة بالقمر أولى من تشبيهه بالشمس.

* الثَّانِيَة : أن الشَّمْس لَا يخْتَلف حَالهَا فِي نورها وَلَا يلْحقهَا مِحاق وَلَا تفَاوت فِي الاضاءة.

 

وأَمَّا الْقَمَر، فَإِنَّهُ يقِلُّ نورُه وَيكثر، ويمتليء، وَينْقص، كَمَا أن الْعلمَاء فِي الْعلم على مَرَاتِبهمْ من كثرته وقلته، فيفضُل كلٌّ مِنْهُم فِي علمه بِحَسب كثرته وقلته وظهوره وخفائه، كَمَا يكون الْقَمَر كَذَلِك.

 

فعالم كالبدر لَيْلَة تمه وَآخر دونه بليلة وثانية وثالثة وَمَا بعْدهَا إِلَى آخر مراتبه وهم دَرَجَات عِنْد الله.

 

فَإِن قيل : تَشْبِيه الْعلمَاء بالنجوم أَمر مَعْلُوم، كَقَوْلِه : (أصحابي كَالنُّجُومِ)

وَلِهَذَا هِيَ فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا عبارَة عَن الْعلمَاء، فَكيف وَقع تشبيههم هُنَا بالقمر؟

قيل : أما تَشْبِيه الْعلمَاء بالنجوم فَإِن النُّجُوم يهتدى بهَا فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر، وَكَذَلِكَ الْعلمَاء والنجوم زِينَة للسماء___فَكَذَلِك الْعلمَاء زِينَة للآرض،

وَهِي رجوم للشياطين حائلة بَينهم وَبَين استراق السّمع لِئَلَّا يلبسوا بِمَا يسترقونه من الْوَحْي الْوَارِد الى الرُّسُل من الله على أيدي مَلَائكَته.

وَكَذَلِكَ الْعلمَاء رجوم لشياطين الانس وَالْجِنّ الَّذِي يُوحى بَعضهم إلى بعض زخرف القَوْل غرُورًا. فَالْعُلَمَاء رجوم لهَذَا الصِّنْف من الشَّيَاطِين،

ولولاهم لطمست معالم الدّين بتلبيس المضلين وَلَكِن الله سُبْحَانَهُ أقامهم حراسا وَحفظةً لدينِهِ ورجوما لاعدائه واعداء رسله. فَهَذَا وَجه تشبيههم بالنجوم.

وَأما تشبههم بالقمر فَذَلِك كَانَ فِي مقَام تَفْضِيلهمْ على أهل الْعِبَادَة الْمُجَرَّدَة. وموازنة مَا بَينهمَا من الْفضل.

وَالْمعْنَى : أنهم يفضلون الْعباد الَّذين لَيْسُوا بعلماء كَمَا يفضل الْقَمَر سَائِر الْكَوَاكِب فَكل من التشبيهين لَائِق بموضعه، وَالْحَمْد لله.

 

وَقَوله : (إن الْعلمَاء وَرَثَة الانبياء)

هَذَا من أعظم المناقب لأهل الْعلم. فَإِن الأنبياء خير خلق الله، فورثتهم خير الْخلق بعدهمْ. وَلما كَانَ كل موروث ينْتَقل مِيرَاثُه إلى ورثته، إذ هم الَّذين يقومُونَ مقَامه من بعده. وَلم يكن بعد الرُّسُل من يقوم مقامهم فِي تَبْلِيغ مَا أرسلوا بِهِ إلاَّ الْعلمَاء، كَانُوا أحقَّ النَّاس بميراثهم.

 

وَفِي هَذَا : تَنْبِيه على أنهم أقْربْ النَّاس إليهم، فَإِن الْمِيرَاث إِنما يكون لاقرب النَّاس إلى الْمَوْرُوث. وَهَذَا كَمَا أنه ثَابت فِي مِيرَاث الدِّينَار وَالدِّرْهَم. فَكَذَلِك هُوَ فِي مِيرَاث النُّبُوَّة وَالله يخْتَص برحمته من يَشَاء.

 

وَفِيه أيضا : إرْشَادٌ وأمر للْأمة بطاعتهم واحترامهم وتعزيزهم وتوفيرهم وإجلالهم، فَإِنَّهُم وَرَثَة من هَذِه بعض حُقُوقهم على الْأمة وخلفاؤهم فيهم.

 

وَفِيه تَنْبِيه على أن محبتهم من الدّين وبغضهم منَاف للدّين كَمَا هُوَ ثَابت لموروثهم، وَكَذَلِكَ معاداتهم ومحاربتهم معاداة ومحاربة لله كَمَا هُوَ فِي موروثهم.

 

قَالَ على _كرم الله وَجهه ورضى عَنهُ_ : (محبَّة الْعلمَاء دين يدان بِهِ)،

وَقَالَ فِيمَا يرْوي عَن ربه عز وَجل : (من عادى لي وليا، فقد بارزني بالمحاربة)،

وورثة الانبياء سَادَات أولياء لله _عز وَجل_.

 

وَفِيه : تَنْبِيه للْعُلَمَاء على سلوك هدى الأنبياء وطريقتهم فِي التَّبْلِيغ من الصَّبْر وَالِاحْتِمَال ومقابلة إساءة النَّاس إليهم بالاحسان والرفق بهم واستجلابهم إلى الله باحسن الطّرق وبذل مَا يُمكن من النَّصِيحَة لَهُم، فَإِنَّهُ بذلك يحصل لَهُ نصِيبهم من هَذَا الْمِيرَاث الْعَظِيم قدره الْجَلِيل خطره.

 

وَفِيه أيضا : تَنْبِيه لأهل الْعلم على تربية الأمة كَمَا يربى الْوَالِد وَلَده فيبربونهم بالتدريج والترقي من صغَار الْعلم إِلَى كباره وتحميلهم مِنْهُ مَا يُطِيقُونَ كَمَا يفعل الاب بولده الطِّفْل فِي إيصال الْغذَاء إليه، فَإِن أرواح الْبشر بِالنِّسْبَةِ إلى الانبياء وَالرسل كالاطفال بِالنِّسْبَةِ إلى آبَائِهِم بل دون هَذِه النِّسْبَة بِكَثِير،

وَلِهَذَا كل روح لم تربها الرُّسُل لم تفلح وَلم تصلح لصالحه كَمَا قيل

وَمن لَا يربيه الرَّسُول ويسقه ... لِبَانًا لَهُ قد در من ثدي قدسه

فَذَاك لَقِيط مَاله نِسْبَة الولا ... وَلَا يتَعَدَّى طور ابناء جنسه

وَقَوله (إن الانبياء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما، إِنَّمَا ورثوا الْعلم)،

هَذَا من كَمَال الانبياء وَعظم___نصحهمْ للأمم وَتَمام نعْمَة الله عَلَيْهِم وعَلى أممهم. إن أزاح جَمِيع الْعِلَل وحسَم جَمِيعَ الْموَادِّ الَّتِي توهم بعض النُّفُوس أن الانبياء من وجنس الْمُلُوك الَّذين يُرِيدُونَ الدُّنْيَا ومُلْكَها فحماهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من ذَلِك أتم الحماية،

 

ثمَّ لما كَانَ الْغَالِب على النَّاس أن أحدهم يُرِيد الدُّنْيَا لوَلَده من بعده وَيسْعَى ويتعب وَيحرم نَفسه لوَلَده سد هَذِه الذريعة عَن أنبيائه وَرُسُله، وَقطع هَذَا الْوَهم الَّذِي عساه ان يخالط كثيرا من النُّفُوس الَّتِي تَقول فَلَعَلَّهُ ان لم يطْلب الدُّنْيَا لنَفسِهِ فَهُوَ يحصلها لوَلَده، فَقَالَ : (نَحن معاشر الانبياء لَا نورث مَا تركنَا، هُوَ صَدَقَة)،

 

فَلم تورث الانبياء دِينَارا وَلَا درهما وَإِنَّمَا ورثوا الْعلم،

واما قَوْله تَعَالَى (وَورث سُلَيْمَان دَاوُد) فَهُوَ مِيرَاث الْعلم والنبوة لَا غير، وَهَذَا بِاتِّفَاق اهل الْعلم من الْمُفَسّرين وَغَيرهم،

 

وَهَذَا لَان دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ لَهُ اولاد كَثِيرَة سوى سُلَيْمَان، فَلَو كَانَ الْمَوْرُوث هُوَ المَال لم يكن سُلَيْمَان مُخْتَصًّا بِهِ،

وايضا فَإِن كَلَام الله يصان عَن الاخبار بِمثل هَذَا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَة ان يُقَال مَاتَ فلَان وَورثه ابْنه،

وَمن الْمَعْلُوم ان كل اُحْدُ يَرِثهُ ابْنه وَلَيْسَ فِي الاخبار بِمثل هَذَا فَائِدَة،

وايضا فَإِن مَا قبل الاية وَمَا بعْدهَا يبين ان المُرَاد بِهَذِهِ الوراثة وراثة الْعلم والنبوة لَا وراثة المَال،

قَالَ تَعَالَى :

{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُود} [النمل: 15، 16] ،

 

وَإِنَّمَا سيق هَذَا لبَيَان فضل سُلَيْمَان وَمَا خصّه الله بِهِ من كرامته وميراثه مَا كَانَ لابيه من اعلى الْمَوَاهِب وَهُوَ الْعلم والنبوة، إن هَذَا لَهو الْفضل الْمُبين،

وَكَذَلِكَ قَول زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)} [مريم: 5، 6]،

 

فَهَذَا مِيرَاث الْعلم والنبوة والدعوة الى الله وَإِلَّا فَلَا يظنّ بني كريم انه يخَاف عصبته ان يرثوه مَاله فَيسْأَل الله الْعَظِيم ولدا يمنعهُم مِيرَاثه وَيكون احق بِهِ مِنْهُم،

 

وَقد نزه الله انبياءه وَرُسُله عَن هَذَا وَأَمْثَاله فبعدا لمن حرف كتاب الله ورد على رَسُوله كَلَامه وَنسب الانبياء الى مَا هم بُرَآء منزهون عَنهُ وَالْحَمْد لله على توفيقه وهدايته،

 

وَيذكر عَن ابي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ أنه مر بِالسوقِ فَوَجَدَهُمْ فِي تجاراتهم وبيوعاتهم، فَقَالَ :

(أنتم هَهُنَا فِيمَا أنتم فِيهِ، وميراث رَسُول الله يقسم فِي مَسْجده)، فَقَامُوا سرَاعًا إلى الْمَسْجِد، فَلم يَجدوا فِيهِ الا الْقُرْآن وَالذكر ومجالس الْعلم، فَقَالُوا : (أيْنَ مَا قلت يَا أَبَا هُرَيْرَة؟)

فَقَالَ : (هَذَا مِيرَاث مُحَمَّد يقسم بَين ورثته وَلَيْسَ بمواريثكم ودنياكم) اَوْ كَمَا قَالَ."

 

وَقَوله (فَمن اخذه اخذ بحظ وافر)

 

اعظم الحظوظ وأجداها : ما نفع العَبْد ودام نَفعه لَهُ، وَلَيْسَ هَذَا إلا حَظه من الْعلم وَالدّين، فَهُوَ الْحَظ الدَّائِم النافع الَّذِي إِذا انْقَطَعت الحظوظ لاربابها، فَهُوَ مَوْصُول لَهُ أبد الآبدين، وَذَلِكَ لأنه مَوْصُول بالحي الَّذِي لَا يَمُوت،

 

فَلذَلِك لاينقطع وَلَا يفوت، وَسَائِر الحظوظ تعدم وتتلاشى بتلاشي متعلقاتها، كَمَا قَالَ تَعَالَى :

((وَقدمنَا الى مَا عمِلُوا من عمل فجعلناه هباء منثورا))

 

فَإِن الْغَايَة لما كَانَت مُنْقَطِعَةً زائِلَةً تبعتها أعمالهم فَانْقَطَعت____عَنْهُم أحوج مَا يكون الْعَامِل الى عمله وَهَذِه هِيَ الْمُصِيبَة الَّتِي لَا تجبر عياذا بِاللَّه واستعانة بِهِ وافتقارا وتوكلا عَلَيْهِ وَلَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه.

 

وَقَوله (موت الْعَالم مُصِيبَة لاتجبر وثلمة لَا تسد وَنجم طمس، وَمَوْت قَبيلَة أيسر من موت عَالم)

 

لما كَانَ صَلَاح الْوُجُود بالعلماء، ولولاهم كَانَ النَّاس كَالْبَهَائِمِ بل أَسْوَأَ حَالاً كَانَ موت الْعَالم مُصِيبَة لَا يجبرها الا خلف غَيره لَهُ.

 

وأيضا فَإِن الْعلمَاء هم الَّذين يسوسون الْعباد والبلاد والممالك، فموتهم فَسَاد لنظام الْعَالم، وَلِهَذَا لَا يزَال الله يغْرس فِي هَذَا الدّين مِنْهُم خالفا عَن سالف، يحفظ بهم دينَه وَكتابه وعباده.

 

وَتَأمل إِذا كَانَ فِي الْوُجُود رجل قد فاق الْعَالم فِي الْغنى وَالْكَرم، وحاجتهم الى مَا عِنْده شَدِيدَة، وَهُوَ محسن إليهم بِكُل مُمكن، ثمَّ مَاتَ وانقطعت عَنْهُم تِلْكَ الْمَادَّة، فموت الْعَالم أعظمُ مُصِيبَة من موت مثل هَذَا بِكَثِير، وَمثل هَذَا يَمُوت بِمَوْتِهِ أُمَم وخلائق كَمَا قيل:

تعلم مَا الرزية فقد مَال ... وَلَا شَاة تَمُوت وَلَا بعير

وَلَكِن الرزية فقد حر ... يَمُوت بِمَوْتِهِ بشر كثير

 

وَقَالَ آخر :

فَمَا كَانَ قيس هُلْكُه هُلْكٌ وَاحِدٌ ... وَلكنه بُنيان قوم تهدما