Jumat, 06 Desember 2019

تنبيه الكرام بفضائل الصيام



تنبيه الكرام بفضائل الصيام

1.         للصائمين : مغفرة وأجر عظيم
قال الله _تعالى_ :
(1) {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
(2) وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
(3) وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
(4) وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
(5) وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ
(6) وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
(7) وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ
(8) وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
(9) وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ_وَالْحَافِظَاتِ
(10) وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا_وَالذَّاكِرَاتِ،
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}
[الأحزاب: 35]

تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 419)
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، دخل في قوله: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} .

تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 665)
لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة، والمناقب الجليلة، التي هي، ما بين اعتقادات، وأعمال قلوب، وأعمال جوارح، وأقوال لسان، ونفع متعد وقاصر، وما بين أفعال الخير، وترك الشر، الذي من قام بهن، فقد قام بالدين كله، ظاهره وباطنه، بالإسلام والإيمان والإحسان.
فجازاهم على عملهم " بِالْمَغْفِرَةِ " لذنوبهم، لأن الحسنات يذهبن السيئات. {وَأَجْرًا عَظِيمًا} لا يقدر قدره، إلا الذي أعطاه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، نسأل الله أن يجعلنا منهم.
..............

صحيح البخاري (1/ 111)

حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ، قُلْتُ أَنَا كَمَا قَالَهُ: قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ، قُلْتُ: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ» خ م
======================================================

2.         الصيام خير للعباد

قال الله تعالى :
{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 184]

تفسير القرطبي (2/ 288)
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً لِلشُّيُوخِ وَالْعَجَزَةِ خَاصَّةً إِذَا أَفْطَرُوا وَهُمْ يُطِيقُونَ الصَّوْمَ، ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ" فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" [البقرة: 185] فَزَالَتِ الرُّخْصَةُ إِلَّا لِمَنْ عَجَزَ مِنْهُم

تفسير القرطبي (2/ 290)
وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْحَضَّ عَلَى الصَّوْمِ، أَيْ فَاعْلَمُوا ذلك وصوموا.
=======================================================

3.         الصيام جنة من الشهوات والنار

·    صحيح البخاري (7/ 3)
عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لاَ نَجِدُ شَيْئًا،
فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
«يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» خ م

فتح الباري لابن حجر (9/ 108)
قال النووي _رحمه الله_ :
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْجِمَاعَ لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤَنِهِ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ لِيَدْفَعَ شَهْوَتَهُ وَيَقْطَعَ شَرِّ مَنِيِّهِ كَمَا يقطعهُ الوجاء وعَلى هذاالقول وَقَعَ الْخِطَابُ مَعَ الشَّبَابِ الَّذِينَ هُمْ مَظِنَّةُ شَهْوَةِ النِّسَاءِ وَلَا يَنْفَكُّونَ عَنْهَا غَالِبًا

بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 321)
فَأَخْبَرَ أَنَّ الصَّوْمَ يُنْقِصُ مِنْ فُضُولِ الشَّهْوَةِ الَّتِي تُوَلِّدُهَا الْأَغْذِيَةُ فِي الْجَسَدِ، فَالصَّوْمُ يُنْقِصُ مِنْ فُضُولِ الْبَدَنِ كَمَا تُنْقِصُ الزَّكَاةُ مِنْ فُضُولِ الْمَالِ، وَيَزِيدُ فِي قُوَّةِ النَّفْسِ، وَالْقُوَّةُ تَزِيدُ كَرَمَ الْأَخْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ السَّفَهِ وَالْمُشَاغَبَةِ وَالِانْتِصَارِ

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (10/ 279)
 وَفِيه: أَن الصَّوْم قَاطع لشَهْوَة النِّكَاح. وَاعْترض بِأَن الصَّوْم يزِيد فِي تهييج الْحَرَارَة وَذَلِكَ مِمَّا يثير الشَّهْوَة. وَأجِيب: بِأَن ذَلِك إِنَّمَا يَقع فِي مبدأ الْأَمر، فَإِذا تَمَادى عَلَيْهِ واعتاده سكن ذَلِك، وشهوة النِّكَاح تَابِعَة لشَهْوَة الْأكل، فَإِنَّهُ يقوى بقوتها ويضعف بضعفها.

·    سنن ابن ماجه (1/ 525)
«الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ، كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ»

بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 71)
فَالصِّيَامُ جُنَّةٌ تَسْتُرُهُ وَتَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعَاصِي، وَهُوَ جُنَّةٌ فِي الْآخِرَةِ مِنَ النَّارِ، فَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلنَّاسِ سَبِيلٌ عَلَى الصَّائِمِ، كَمَا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهَا عَلَى مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنَ الْعَبْدِ، لِأَنَّ الصَّوْمَ يَعُمُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ، فَلَا يَكُونُ لِلنَّارِ سَبِيلٌ فَهُوَ لَهُ مِنْهَا جُنَّةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

·    مسند أحمد ط الرسالة (9225) وصححه الأرنؤوط :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
" الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ "

فتح الباري لابن حجر (4/ 104)
وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ :
إِنَّمَا كَانَ الصَّوْمُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ لِأَنَّهُ إِمْسَاكٌ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَالنَّارُ مَحْفُوفَةٌ بِالشَّهَوَاتِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا كَفَّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ فِي الدُّنْيَا كَانَ ذَلِكَ سَاتِرًا لَهُ مِنَ النارفي الْآخِرَةِ

* وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قال الله تعالى: الصيام جنة يستجن بها العبد من النار، وهو لي وأنا أجزي به"

حسن: رواه أحمد، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن جابر وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (4308) .

نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان (1/ 37)
قال المناوي: "وقاية في الدنيا من المعاصي بكسر الشهوة وحفظ الجوارح وفي الآخرة من النار".
وقال: "الصوم جنة من عذاب الله فليس للنار عليه سبيل كما لا سبيل لها على مواضع الوضوء لأن الصوم يغمر البدن كله فهو جنة لجميعه برحمة الله من النار"

قال ابن عبد البر: حسبك بهذا فضلاً للصائم.
 "فيض القدير" (4/242، 250) .
=======================================================
4.         مباعدة وجه الصائم عن النار سبعين خريفا

·    صحيح مسلم (2/ 808)
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا بَاعَدَ اللهُ، بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»



قال المناوي (6/161) : "أي نجاه منها أو عجل إخراجه منها قبل أوان الاستحقاق، عبر عنه بطريق التمثيل ليكون أبلغ لأن من كان مبعداً عن عدوه بهذا القدر لا يصل إليه ألبتة".

معنى "سبيل الله" :

قال ابن الجوزي: "إذا أطلق ذكر سبيل الله، فالمراد به الجهاد".
وقال القرطبي: سبيل الله: طاعة الله، فالمراد من صام قاصداً وجه الله.
قال الحافظ: ويحتمل أن يكون ما هو أعم من ذلك.
وقال ابن دقيق العيد: العرف الأكثر استعماله في الجهاد، فإنْ حُمل عليه كانت الفضيلة لاجتماع العبادتين، ويحتمل أن يراد بسبيل الله طاعته كيف كانت والأول أقرب ومن لم يضعفه الصوم عن الجهاد فالصوم في حقه أفضل ليجمع بين الفضيلتين.
* وقال ملا عليّ القاريء في "مرقات المفاتيح" (4/302) :
في سبيل الله: أي في الجهاد أو في طريق الحج أو العمرة أو طلب العلم أو ابتغاء مرضاة الله".
* وقال المناوي في "فيض القدير" (6/161) في سبيل الله أي لله ولوجهه أو في الغزو أو الحج.

قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صيام المرء في سبيل الله يبعده من جهنم مسيرة سبعين عاماً" 

شرح السيوطي على مسلم (3/ 234)
يَصُوم يَوْمًا فِي سَبِيل الله أَي فِي طَاعَته يَعْنِي قَاصِدا بِهِ وَجه الله تَعَالَى وَقيل إِنَّه الْجِهَاد فِي سَبِيل الله

شرح النووي على مسلم (8/ 33)
فِيهِ فَضِيلَةُ الصِّيَامِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ بِهِ حَقًّا وَلَا يَخْتَلُّ بِهِ قِتَالُهُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ مُهِمَّاتِ غَزْوِهِ وَمَعْنَاهُ الْمُبَاعَدَةُ عَنِ النَّارِ وَالْمُعَافَاةُ مِنْهَا وَالْخَرِيفُ السَّنَةُ وَالْمُرَادُ سَبْعِينَ سَنَةً

سبل السلام (1/ 583)
فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الصَّوْمِ فِي الْجِهَادِ مَا لَمْ يَضْعُفْ بِسَبَبِهِ عَنْ قِتَالِ عَدُوِّهِ وَكَانَ فَضِيلَةً، ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ جِهَادِ عَدُوِّهِ وَجِهَادِ نَفْسِهِ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَشَهْوَتِهِ، وَكَنَّى بِقَوْلِهِ: «بَاعَدَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» عَنْ سَلَامَتِهِ مِنْ عَذَابِهَا.
=======================================================

5.         الصوم عمل يدخل العبد الجنة

·    مسند أحمد ط الرسالة (36/ 455)
عن أبي أمامة قال : فَقُلْتُ :
"يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْنِي بِعَمَلٍ. قَالَ : ((" عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ ")).
قَالَ : فَمَا رُئِيَ أَبُو أُمَامَةَ وَلَا امْرَأَتُهُ وَلَا خَادِمُهُ إِلَّا صُيَّامًا. قَالَ: فَكَانَ إِذَا رُئِيَ فِي دَارِهِمْ دُخَانٌ بِالنَّهَارِ قِيلَ اعْتَرَاهُمْ ضَيْفٌ نَزَلَ بِهِمْ نَازِلٌ.
وأخرجه أحمد (22140) ، الطبراني في "الكبير" (7465) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/175 و6/277

التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 137)
لما فِيهِ من حبس النَّفس عَن إِجَابَة دَاعِي الشَّهْوَة والهوى

فيض القدير (4/ 330)
وفي رواية أبي نعيم : بدله (فإنه لا عدل له)
إذ هو يقوي القلب والفطنة ويزيد في الذكاء ومكارم الأخلاق وإذا صام المرء اعتاد قلة الأكل والشرب وانقمعت شهواته وانقلعت مواد الذنوب من أصلها ودخل في الخير من كل وجه وأحاطت به الحسنات من كل جهة

التحبير لإيضاح معاني التيسير (6/ 183)
وفيه دليل على فضيلة الصوم على كل عمل نافع.

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (21/ 93)
أن الصوم ليس شيء يماثله في كثرة الأجر والثواب، وقد تقدّم أن هذا مؤوّل بما عدا الصلاة، وبرّ الوالدين، والجهاد في سبيل اللَّه، مما ثبت أفضليّته بنصوص أصحّ مما هنا. والحديث صحيح، وهو من أفراد المصنّف، كما سبق قريبًا.
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
=======================================================
6.         يوفى الصائمون أجرهم بغير حساب

قال الله _تعالى_ :
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) } 
[الزمر: 10]

تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (21/ 270)

إنما يعطي الله أهل الصبر على ما لقوا فيه في الدنيا أجرهم في
الآخرة بغير حساب، يقول: ثوابهم بغير حساب.

زاد المسير في علم التفسير (4/ 10)

إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ الذين صبروا لأجل الله تعالى على ما
نالهم بِغَيْرِ حِسابٍ أي: يُعْطَون عطاءً كثيراً أوسعَ من أن يُحْسَب
وأعظمَ من أن يُحاطَ به، لا على قدر أعمالهم.


·    صحيح البخاري (3/ 26)
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قَالَ اللَّهُ :
كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ "

المعلم بفوائد مسلم (2/ 61)
تخصيصه الصوم (52) هاهنا بقوله "لي" وإن كانت أعمال البر المخلَصة كلها له تعالى لأجْلِ أنَّ الصَّوْمَ لا يمكن فيه الرِّياء كما يمكن في غيره من الأعمال لأنه كفّ وإمْسَاكٌ وحال المُمْسِكِ شِبعا أوْ لِفَاقة كحال الممسك تقرباً، وإنما القصد وما يُبطنه القلب هو المُؤَثِّر في ذلك، والصلوات والحج والزكاة (53) أعمال بدنية ظاهرة يمكن فيها الرياء والسمعة فلذلك خُصّ الصوم بما ذكره دونها.

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (2/ 946)
قوله: (كل عمل ابن آدم له) معناه أن لنفسه منه حظا، وفيه مدخلا، وذلك لاطلاع الناس عليه، فهو يتعجل بمكانه ثوابا من الناس، ويحوز حظا من الدنيا، وجاها وتعظيما ونحو ذلك من الأمور.
وقوله: (الصوم لي)، أي خالص لي، لا يطلع عليه أحد، فيكون لنفس صاحبه منه حظ فيه.

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (10/ 1)
قوله : (( كل عمل ابن آدم له الا الصيام فإنه لي )) ؛ اختلف في معنى هذا على أقوال: 
أحدها  : أن أعمال بني آدم يمكن الرياء فيها ، فيكون لهم ، إلا الصيام فإنه لا يمكن فيه إلا الإخلاص ؛ لأن حال الممسك شبعًا ، كحال الممسك تقربًا ، وارتضاه ا لمازري .___
وثانيها : أن أعمال بني آدم كلها لهم فيها حظٌّ إلا الصيام فإنهم لا حظّ لهم فيه ؛ قاله الخطابى .
وثالثها : أن أعمالهم هي أوصافهم ، ومناسبة لأحوالهم إلا الصيام ؛ فإنه استغناء عن الطعام ، وذلك من خواص أوصاف الحق سبحانه وتعالى.
ورابعها : أن أعمالهم مضافة إليهم إلا الصيام فإن الله تعالى أضافه إلى نفسه تشريفًا ، كما قال : (( بيني )) و(( عبادي )).
وخامسها : أن أعمالهم يقتص منها يوم القيامة فيما عليهم إلا الصيام فإنه لله تعالى ، ليس لأحد من أصحاب الحقوق أن يأخذ منه شيئًا . قاله ابن العربي . وقد كنت استحسنه إلى أن فكرت في حديث المقاضة ، فوجدت فيه ذكر الصوم في جملة الأعمال المذكورة للآخذ منها ، فإنه قال فيه : (( هل تدرون من المفلس ؟ )) قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : (( المفلس هو الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصدقة وصيام ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وضرب هذا ، وسفك دم هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسنائه قبل أن يُقْضَى ما عليه ؛ أُخِذ من سيئاتهم فطرح عليه ، ثم طرح في النار )). وهذا يدلُّ على أن الصوم يؤخذ كسائر الأعمال .
وسادسها : أن الأعمال كلَّها ظاهرة للملائكة ، فتكتبها إلا الصوم ، وإنما هو نية وإمساك ، فالله تعالى يعلمه ، ويتولى جزاءه ؛ قاله أبو عبيد .___
وسابعها : أن الأعمال قد كشفت لبني آدم مقادير ثوابها ، وتضعيفها إلا الصيام فإن الله تعالى يثيب عليه بغير تقدير ، ويشهد لهذا مساق الرواية الأخرى التي فيها : (( كل عمل ابن آدم يضاعف ؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله : إلا الصوم ، فإنه لي ، وأنا أجزي به )) ؛ يعني - والله تعالى أعلم- : أنه يجازي عليه جزاء كثيرًا من غير أن يعين مقداره ، ولا تضعيفه ، وهذا كما قال الله تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } ، وهم الصائمون في أكثر أقوال المفسرين . وهذا ظاهر قول الحسن ، غير أنه قد تقدَّم ، ويأتي في غير ما حديث : أن صوم اليوم بعشر ، وأن صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وصيام رمضان صيام الدهر . وهذه نصوص في إظهار التضعيف ، فَبَعُدَ هذا الوجة ، بل بطل .
والأولى حمل الحديث على أحد الأوجه الخمسة المتقدمة ؛ فإنها أبعد عن الاعتراضات الواقعة ، والله تعالى أعلم .

تطريز رياض الصالحين (ص: 686)
في هذا الحديث: فضل الصيام، وأن الله يجزي الصائم بغير حساب.
وفيه: شرف الصوم عند الله تعالى.
=======================================================
7.         خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك

وفي رواية :
صحيح مسلم (2/ 806)
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
((قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ :" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ
«فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»))

من فوائد الحديث :

فتح الباري لابن حجر (4/ 106)
وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ لِلطَّاعَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحًا تَفُوحُ قَالَ فَرَائِحَةُ الصِّيَامِ فِيهَا بَيْنَ الْعِبَادَاتِ كَالْمِسْكِ

نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان (1/ 53)
قال أبو حاتم : شعار المؤمنين في القيامة التحجيل بوضوئهم في الدنيا فرقاً بينهم وبين سائر الأمم، وشعارهم في القيامة بصومهم طِيبُ خلوفهم أطيب من ريح المسك ليعرفوا بين ذلك الجمع بذلك العمل، نسأل الله بركة ذلك اليوم.


بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 70)

وَقَوْلُهُ: «وَخُلُوفُ فَمِهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» أَيْ: مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَ الْخَلْقِ، أَيْ كَمَا أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ رِيحَ الْمِسْكِ وَيُؤْثِرُونَهُ وَيَرْضَوْنَ بِهِ وَيَخْتَارُونَهُ , كَذَلِكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ وَيُؤْثِرُهُ وَيَرْضَى بِهِ وَيَخْتَارُهُ.

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (10/ 258_259)
وَقَالَ القَاضِي، وَقد يجْزِيه الله تَعَالَى فِي الْآخِرَة حَتَّى تكون نكهته أطيب من ريح الْمسك، كَمَا___قَالَ فِي الكلوم فِي سَبِيل الله: (الرّيح ريح مسك)

تحفة الأحوذي (3/ 346)
قال بن الْهُمَامِ بَلْ إِنَّمَا يُزِيلُ أَثَرَهُ الظَّاهِرَ عَنِ السِّنِّ مِنْ الِاصْفِرَارِ وَهَذَا لِأَنَّ سَبَبَ الْخُلُوفِ خُلُوُّ الْمَعِدَةِ مِنَ الطَّعَامِ وَالسِّوَاكُ لَا يُفِيدُ شَغْلَهَا بِطَعَامٍ لِيَرْتَفِعَ السَّبَبُ وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ معاذ مثل ما قلنا روى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ قَالَ سألت معاذ بن جبل أتسوك وَأَنَا صَائِمٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَيَّ النَّهَارِ أَتَسَوَّكُ قَالَ أَيَّ النَّهَارِ شِئْتَ غُدُوَّهُ وَعَشِيَّهُ قُلْتُ إِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَهُ عَشِيَّهُ وَيَقُولُونَ إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ أَمَرَهُمْ بِالسِّوَاكِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ بِفِي الصَّائِمِ خُلُوفٌ وَإِنِ اسْتَاكَ وَمَا كَارُ الَّذِي يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُنْتِنُوا أَفْوَاهَهُمْ عَمْدًا مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ بَلْ فِيهِ شَرٌّ إِلَّا مَنِ ابْتُلِيَ بِبَلَاءٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا انْتَهَى

تحفة الأحوذي (3/ 346)
قال بن الْهُمَامِ وَكَذَا الْغُبَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ إِنَّمَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ مَنِ اضْطَرَّ إِلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ عَنْهُ مَحِيصًا فَأَمَّا مَنْ أَلْقَى نَفْسَهُ عَمْدًا فَمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَجْرِ شَيْءٌ

الاستذكار (3/ 375)
وَقَوْلُهُ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يُرِيدُ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَكُمْ يَحُضُّهُمْ عَلَيْهِ وَيُرَغِّبُهُمْ فيه وهذا في فضل الصيام وَثَوَابِ الصَّائِمِ

تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (1/ 490) للبيضاوي
وقوله: " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " تفضيل لما يستكره من الصائم على أطيب ما يستلذ من جنسه , ليقاس عليه ما فوقه من آثار الصوم ونتائجه.

طرح التثريب في شرح التقريب (4/ 96)
قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ «أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَقْتَضِي أَنَّ طِيبَ رَائِحَةِ الْخُلُوفِ إنَّمَا هُوَ فِي الْآخِرَةِ وَيُوَافِقُهُ الْقَوْلُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ ثَانِيًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجْزِيهِ فِي الْآخِرَةِ حَتَّى تَكُونَ نَكْهَتُهُ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ ذَكَرَ الْبَيَانَ بِأَنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ قَدْ يَكُونُ أَيْضًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ حِينَ يَخْلُفُ مِنْ الطَّعَامِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.

التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 109)
وَإِذا كَانَ هَذَا فِي تغير ريح فَمه فَمَا ظَنك بِصَلَاتِهِ وقراءته وَهل هَذَا فِي الدُّنْيَا أَو الْآخِرَة خلاف

فيض القدير (4/ 250)
فإذا كان هذا بتغير ريح فمه فما ظنك بصلاته وقراءته وسائر عباداته؟ قال ابن جماعة: وفيه أن خلوف فم الصائم أفضل من دم الجريح في سبيل الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الشهيد: إن ريحه ريح المسك وقال في خلوف الصائم: إنه أطيب منه ووجهه أن الجريح يظهر أمره للناس فربما داخله رياء والصائم لا يعلم بصومه إلا الله فلعدم دخول الرياء فيه صار أرفع

حجة الله البالغة (2/ 79)
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك " وَأَقُول: سره أَن أثر الطَّاعَة مَحْبُوب لحب الطَّاعَة متمثل فِي عَالم الْمِثَال مقَام الطَّاعَة، فَجعل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْشِرَاح الْمَلَائِكَة بِسَبَبِهِ ورضا الله عَنهُ فِي كفة وانشراح نفوس بني آدم عِنْد استنشاق رَائِحَة الْمسك فِي كَفه لِيُرِيَهُمْ السِّرّ الْغَيْبِيِّ راى الْعين.

تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين (ص: 31_32)
أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْحَارِث بن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه من حَدِيثه أَحْمد فِي الْمسند وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقد صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه والْحَدِيث طَوِيل وَلَفظه إِن الله أَمر يحيى بن زَكَرِيَّاء بِخمْس كَلِمَات أَن يعْمل بِهن وَأَن يَأْمر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بِهن وَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ عَن تبليغهن فَأوحى الله إِلَى عِيسَى أَن يبلغهن أَو تبلغهن فَأَتَاهُ عِيسَى فَقَالَ لَهُ إِنَّك أمرت بِخمْس كَلِمَات أَن تعْمل بِهن فَأَما أَن تبلغهن أَو بلغهن فَقَالَ لَهُ يَا روح الله إِنِّي أخْشَى أَن سبقتني أَن أعذب أَو يخسف بِي فَجمع يحيى بن زَكَرِيَّا بني إِسْرَائِيل فِي بَيت الْمُقَدّس حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِد فَقعدَ على الشرفات فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ إِن الله أَمرنِي بِخمْس كَلِمَات أَن أعمل بِهن وآمركم أَن تعملوا بِهن أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا فَإِن مثل من أشرك بِاللَّه كَمثل رجل اشْترى عبدا من خَالص ملكه بِذَهَب أَو ورق ثمَّ أسْكنهُ دَارا فَقَالَ لَهُ اعْمَلْ وارفع إِلَيّ عَمَلك فَجعل العَبْد يعْمل وَيرْفَع على غير سَيّده فَأَيكُمْ يرضى أَن يكون عَبده كَذَلِك وَإِن الله تَعَالَى خَلقكُم ورزقكم فاعبدوه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا
وآمركم بِالصَّلَاةِ وَإِذا أقمتم الصَّلَاة فَلَا تلتفتوا فَإِن الله عز وَجل ليقبل بِوَجْهِهِ إِلَى عَبده مَا لم يلْتَفت
وآمركم بالصيام وَمثل ذَلِك كَمثل رجل مَعَه صرة مسك فِي عِصَابَة كلهم يجد ريح الْمسك وَإِن خلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك
وآمركم بِالصَّدَقَةِ وَمثل ذَلِك كَمثل رجل أسره الْعَدو____
فشدوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقه وقدموه ليضربوا عُنُقه فَقَالَ لَهُم هَل لكم أَن أفتدي نَفسِي فَجعل يفْدي نَفسه مِنْهُم بِالْقَلِيلِ وَالْكثير حَتَّى فك نَفسه
وآمركم بِذكر الله كثيرا وَمثل ذَلِك كَمثل رجل طلبه الْعَدو سرَاعًا فِي أَثَره فَأتى على حصن حُصَيْن فأحرز نَفسه فِيهِ وَإِن العَبْد أحصن مَا يكون من الشَّيْطَان إِذا كَانَ فِي ذكر الله تَعَالَى وَأَنا آمركُم بِخمْس أَمرنِي الله بِهن الْجَمَاعَة والسمع وَالطَّاعَة وَالْهجْرَة وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ من فَارق الْجَمَاعَة قيد شبر فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه إِلَّا أَن يرجع وَمن ادّعى بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ من جثى جَهَنَّم وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم فَادعوا بِدَعْوَى الله الَّذِي سَمَّاكُم الْمُسلمين الْمُؤمنِينَ عباد الله انْتهى
=======================================================
8.         للصائمين فرحتان
·    قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "للصائم فرحتان، فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه"

قال الله _تعالى_ :
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }[يونس:58]

زاد المسير في علم التفسير (2/ 335_336)

قوله تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فيه ثمانية أقوال «1» : 
أحدها: أن فضل الله: الإِسلام، ورحمته: القرآن، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال قتادة وهلال بن يساف. وروي عن الحسن، ومجاهد في بعض الرواية عنهما، وهو اختيار ابن قتيبة. 
والثاني: أنّ فضل الله: القرآن،___ورحمته: أن جعلهم من أهل القرآن، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال أبو سعيد الخدري، والحسن في رواية. 
والثالث: أن فضل الله: العلم، ورحمته: محمّد صلى الله عليه وسلم، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والرابع: أن فضل الله: الإِسلام، ورحمته: تزيينه في القلوب، قاله ابن عمر.
والخامس: أن فضل الله: القرآن، ورحمته: الإِسلام، قاله الضحاك، وزيد بن أسلم، وابنه، ومقاتل. 
والسادس: أن فضل الله ورحمته: القرآن، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد، واختاره الزجاج. 
والسابع: أن فضل الله:

القرآن، ورحمته: السُّنَّة، قاله خالد بن معدان. والثامن: فضل الله: التوفيق، ورحمته: العصمة، قاله ابن عيينة.


·    وفي رواية :
"وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه".

التحبير لإيضاح معاني التيسير (6/ 169)

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله تعالى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ". [صحيح]


شرح النووي على مسلم (8/ 31_32)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)
قَالَ الْعُلَمَاءُ : أَمَّا فَرْحَتُهُ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ فَبِمَا يَرَاهُ مِنْ جَزَائِهِ وَتَذَكُّرِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِتَوْفِيقِهِ لِذَلِكَ وَأَمَّا عِنْدَ فِطْرِهِ فَسَبَبُهَا تَمَامُ عِبَادَتِهِ____وَسَلَامَتُهَا مِنَ الْمُفْسِدَاتِ وَمَا يَرْجُوهُ مِنْ ثَوَابِهَا

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 156)
وقوله صلى الله عليه وسلم: "وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه".
أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح،
فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات، ثم أبيح لها في وقت آخر : فرحت بإباحة ما منعت منه _خصوصا_ عند اشتداد الحاجة إليه،
فإن النفوس تفرح بذلك طبعا، فإن كان ذلك محبوبا لله كان محبوبا شرعا والصائم عند فطره كذلك،
فكما أن الله تعالى حرم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات، فقد أذن له فيها في ليل الصيام بل أحب منه المبادرة إلى تناولها في أول الليل وآخره، فأحبُّ عبادِه إليه أعجلُهم فطرا، والله وملائكته يصلون على المتسحرين،
فالصائم ترك شهواته لله بالنهار تقربا إلى الله وطاعةً له، ويبادر إليها في الليل تقربا إلى الله وطاعة له، فما تركها إلا بأمر ربه، ولا عاد إليها إلا بأمر ربه، فهو مطيع له في الحالين،
ولهذا نهى عن الوصال في الصيام فإذا بادر الصائم إلى الفطر تقربا إلى مولاه وأكل وشرب وحمد الله فإنه يرجى له المغفرة أو بلوغ الرضوان بذلك.
وفي الحديث: "إن الله ليرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها"  [م]
وربما استجيب دعاؤه عند ذلك كما جاء في___الحديث المرفوع الذي خرجه ابن ماجه : " إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد"
وإن نوى بأكله وشربه تقوية بدنه على القيام والصيام : كان مثابا على ذلك، كما أنه إذا نوى بنومه في الليل والنهار التقوى على العمل : كان نومه عبادة.
وفي حديث مرفوع: "نوم الصائم عبادة" قالت حفصة بنت سيرين: قال أبو العالية: الصائم في عبادة ما لم يغتب أحدا وإن كان نائما على فراشه فكانت حفصة تقول: يا حبذا عبادة وأنا نائمة على فراشي خرجه عبد الرزاق فالصائم في ليله ونهاره في عبادة ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره فهو في نهاره صائم صابر وفي ليله طاعم شاكر وفي الحديث الذي خرجه الترمذي وغيره: "الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر" ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقف في معنى فرح الصائم عند فطره فإن فطره على الوجه المشار إليه من فضل الله ورحمته فيدخل في قول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58] ولكن شرط ذلك أن يكون فطره على حلال فإن كان فطره على حرام كان ممن صام عما أحل الله وأفطر على ما حرم الله ولم يستجب له دعاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يطيل السفر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك.
وأما فرحه عند لقاء ربه : فيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرا فيجده أحوج ما كان إليه كما قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} [المزمل: 20] وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} [آل عمران: 30]
وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:7, 8]
وقد تقدم قول ابن عيينة : "أن ثواب الصيام لا يأخذه الغرماء في المظالم بل يدخره الله عنده للصائم حتى يدخله به الجنة"،
وفي المسند عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من عمل يوم إلا يختم عليه"
وعن عيسى عليه السلام قال: إن هذا الليل والنهار خزانتان فانظروا ما تضعون فيهما فالأيام خزائن للناس ممتلئة بما خزنوه فيها من خير وشر، وفي يوم القيامة تفتح هذه الخزائن لأهلها فالمتقون يجدون في خزائنهم العز والكرامة، والمذنبون يجدون في خزائنهم الحسرة والندامة.

إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 112)
وقوله: " للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه ": أما فرحته عند لقاء ربه فبينة لما يراه من الثواب وحسن الجزاء، كما قال فى الرواية الاخرى: " إذا لقى الله فجزاه فرح "،
وأما عند إفطاره : فلتمام عبادته وسلامتها من الفساد وما يرجوه من ثوابها،
وقد يكون معناه : لما طبعت النفس عليه من الفرح بإباحة لذة الأكل وما منع منه الصائم، وحاجته إلى ذهاب ألم الجوع عنه، وهو ظاهر فى بعض الروايات :
أنه " إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقى ربه فرح بصومه ".
=======================================================
9.         تخصيص باب الريان للصائمين

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ : أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ " خ م

·    وعند ابن خزيمة قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "للصائمين باب في الجنة يقال له الريَّان، لا يدخل (فيه) منه أحد غيرهم، فإذا دخل آخرهم أغلق، ومن دخل شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً"

وفي رواية :


عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ : أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : «مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ، يَا عَبْدَ اللهِ
هَذَا خَيرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ
أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ
الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ
- رضي الله عنه -: بِأبي أنْتَ وَأُمِّي يَا رسولَ اللهِ! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ
تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ___ضَرورةٍ، فهل يُدْعى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّهَا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.

شرح النووي على مسلم (7/ 116_117)

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَاحِبِ الصَّوْمِ (دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ) قَالَ
الْعُلَمَاءُ سُمِّيَ بَابُ الرَّيَّانِ تَنْبِيهًا عَلَى أن العطشان بالصوم في الهوجر
سيروى___وَعَاقِبَتُهُ إِلَيْهِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّيِّ 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (4/ 15)

قال المهلب: إنما أفرد الصائمين بهذا الباب ليسارعوا إلى الرى من عطش الصيام فى الدنيا إكرامًا لهم واختصاصًا، وليكون دخولهم فى الجنة هينًا غير متزاحم عليهم عند أبوابها، كما خص النبى أبا بكر الصديق بباب فى المسجد يقرب منه خروجه إلى الصلاة ولا يزاحمه أحد، وأغلق سائرها إكراهًا له وتفضيلاً.

الاستذكار (5/ 146)

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ لَا تُفْتَحُ فِي جَمِيعَهَا لِكُلِّ إِنْسَانٍ فِي الْأَغْلَبِ وَأَنَّهُ إِنَّمَا فُتِحَ فِيهَا كُلِّهَا لِقَلِيلٍ مِنَ النَّاسِ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ

المسالك في شرح موطأ مالك (5/ 124_125)

قال علماؤنا : خصّ ذلك بدُعاءِ الصّائمِ لِمَا كان في الصّوم من الصّبر على أَلَمِ العطش___يدخل من الباب الذي عمره، فنودي من الأبواب كلها في وقت واحد، فكلما كان لطريقه في دنياه أعمر كان دخوله إليها منه أحب إليه، وكان أبو بكر رضي الله عنه قد عمر الطرق كلها، والأبواب بأسرها، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني أرجو أن تكون منهم).
وذلك أن من الأبواب: العدل في الأمة، وهذا ما عمره أبو بكر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن الأبواب: القيام بالحق عند استخذاء الكل، فقام به أبو بكر يوم وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن الأبواب: الثبات على الحق إذا اضطربت الأمور وارتد عنه الأشقياء على الأعقاب، وكل ذلك لأبي بكر رضي الله عنه (26/ ب) حين ارتدت العرب ومنعوا الزكاة، فثبت وحده حتى رد بز الإسلام على عده.

ومن الأبواب حسن الاختيار عند مفارقة الدنيا، وكان أبو بكر رضي الله عنه ممن أحسن الاختيار لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في إيصائه إلى عمر؛ فلذلك يدعى منها كلها رضي الله عنه.

الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 216)
* وفيه أيضًا أن للجنة ثمانية أبواب، وهذه الأبواب كل باب يخص بعمل؛ فالصدقة باب، والجهاد باب، وعلى هذا فإن بر الوالدين وصلة الرحم وتعلم العلم وتعليمه، (26/ أ) وقراءة القرآن، وعيادة المريض .. إلى غير ذلك من أعمال البر أبواب للجنة يدخل منها إليها، ويسلك فيها بحبوحتها؛ فمن كان منفردًا بعد أداء فرائضه بباب واحد منها دعي من ذلك الباب، ومن كان بعد أداء فرائضه قد عامل الله عز وجل بها كلها، وسلك في جميعها بأسرها؛ فإنه ينادى منها كلها، وكان ممن ينادى منها كلها أبو بكر الصديق رضي الله عنه بشهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له.
* فأما السر في النداء من الأبواب؛ فإن أهل كل باب عرفوا عمارة المؤمن للطريق التي يدخل منها إلى ذلك الباب، فهم قد رأوا أن دخوله إلى الجنة من بابهم الذي قد عمر الطريق إليه.

فإذا أقبل المؤمن وكان قد عمر الطرق إلى الأبواب عمارة يكون هو أهلًا
.............

قال الزين بن المنير :
إنما قال في الجنة ولم يقل للجنة ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة ما في الجنة فيكون أبلغ في التشوق إليه.
"فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد" كرر نفي دخول غيرهم منه تأكيداً.

قال عز الدين بن عبد السلام في "فوائد الصوم" :
"أما تخصيص دخولهم الجنة بباب الريّان فإنهم ميزوا بذلك الباب لتميز عبادتهم وشرفها"


قال ابن حجر عن الريان: "وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه، لأنه مشتق من الري وهو مناسب لحال الصائمين".


قال القرطبي:
"اكتفى بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه،
قلت : أو لكونه أشق على الصائم من الجوع" ["فتح الباري" (4/134)]

شرح النووي على مسلم (8/ 32)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ الصِّيَامِ وَكَرَامَةُ الصائمين

الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (4/ 253)
وصف الباب بالريّ وصفٌ له بوصف داخله ووجه المناسبة ظاهرة؛ لأنّ أهم الأمور عند الصائم الماء، وقد أخذ نصيبه من الكوثر، واختصاص الصّائمين بذلك الباب يَدلُّ على شرف الصّوم.

فإن قلت: ما المراد بالصائمين؟ قلت: الذين يقومون بما فرض الله، ولفظ الصائم يدل عليه، فإنه يصدق على من صدر عنه الفعل في الجملة، ويمكن أن يكون محمولًا على من كان غالب حاله في العبادات زيادةَ الصوم؛ وإلا فالمؤمنون كلهم مشتركون في القيام___
بالفرض؛ لأن القيام بالفرض من كل مؤمن ليس بمعلوم، والوجه هو الأول في الصوم، وفي غيره هو الثاني، لأنّ أدنى جهاد لا يصير الإنسان به من أهل الصدقة وأهل الجهاد؛ بل لا بد وأن يكون له في ذلك تقدم واشتهار.

فيض القدير (2/ 464)

وهو باب يسقى منه الصائم شرابا طهورا قبل وصوله إلى وسط الجنة ليذهب عطشه وفيه مزيد مناسبة وكمال علاقة بالصوم واكتفى بالري عن الشبع لدلالته عليه أو لأنه أشق على الصائم من الجوع 

التحبير لإيضاح معاني التيسير (6/ 184)

المراد: الصائمون من كل ملة من أشياع الأنبياء - عليهم السلام -، والمراد: صوم الفرض.

التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 17)

وفي هذه التسمية مناسبة للجزاء على الصوم لأن الصائم يصيبه الظمأ فيجازى بضده.

التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 18)

((لا يدخل منه أحد غيرهم. يقال أين الصائمون؟ فيقومون فيدخلون منه فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)) 
وهذا تشريف لهم وإعلاء لمقامهم وتمييزهم على غيرهم.

======================================================
10.   شفاعة الصيام لصاحبه يوم القيامة

·    مسند أحمد ط الرسالة (11/ 199)
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ "، قَالَ: " فَيُشَفَّعَانِ "
وأخرجه أحمد (6626)، الحاكم في "المستدرك" 1/554، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1994)

قال الألباني في مشكاة المصابيح (1/ 612/ رقم : 1963) : (صَحِيح)

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 416)
(والقرآن) أي قراءة القرآن

من فوائد الحديث :

قال الألباني في تعليقه على "صحيح الترغيب والترهيب" (1/411)
: "أي يشفعهما الله فيه ويدخله الجنة".
قال المناوي [فيض القدير (4/251)]:
"وهذا القول يحتمل أنه حقيقة بأن يجسد ثوابهما ويخلق الله فيه النطق (والله على كل شيء قدير) ويحتمل أنه على ضرب من المجاز والتمثيل".
قلت: "والأول هو الصواب الذي ينبغي الجزم به هنا وفي أمثاله من الأحاديث التي فيها تجسيد الأعمال ونحوها كمثل تجسيد الكنز شجاعاً أقرع، ونحوه كثير.
وتأويل مثل هذه النصوص ليس من طريقة السَلف رضي الله عنهم، بل هو طريقة المعتزلة ومن سلك سبيلهم من الخلف، وذلك مما ينافي أول شروط الإيمان (الذين يؤمنون بالغيب) فحذار أن تحذو حذوهم، فتضل وتشقى، والعياذ بالله تعالى." اهـ كلام الألباني

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 416)

قلت: من تأول الحديث وحمله على المجاز والاستعارة والتمثيل إنما ذهب إلى ذلك لما زعم (إن الأعمال أعراض، والعرض لا يكون قائماً بالذات بل بالغير وهو أمرآني لا يبقى بل يفنى فلا يمكن أن يوزن أو يكال) 
وهذا شيء قد أبطله الفسلفة الحديثة اليوم، 
وحققت إن الأعمال والأصوات والأنوار تبقى، ويمكن أن تحفظ وتخزن وتوزن وتكال فالحق والصواب، أن يحمل الحديث ظاهره. ويقال: إن الصيام والقرآن يشفعان بالقول حقيقة 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (5/ 1577)

والقول للصيام والقرآن لإطفاء غضب الله، وإعطاء الكرامة، ورفع الدرجات، والزلفي عند الله، والقرآن هنا عبارة عن التهجد، والقيام بالليل، كما عبر به عن الصلاة في قوله تعالي: {وَقُرأنَ الفَجْرِ} وإليه الإشارة بقوه: ((ويقول القرىن: منعته النوم بالليل)).

قلت : في كلامه تأويل لا يعول عليه!

التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 95)

وقرن بينهما هنا لأن الصيام غالباً يلازمه القيام

بستان الواعظين ورياض السامعين (ص: 225)

وَيَا أخي إِذا كَانَ شهر رَمَضَان فِي الْقِيَامَة شَفِيعًا فَكُن لمولاك فِيهِ عبدا سَامِعًا مُطيعًا وَليكن قَلْبك عَن مَعْصِيَته رفيعا

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 171)

واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام وجهاد بالليل على القيام فمن جمع بين هذين الجهادين ووفى بحقوقهما وصبر عليهما وفى أجره بغير حساب قال كعب ينادي يوم القيامة مناد بأن كل حارث يعطى بحرثه ويزاد غير أهل القرآن والصيام يعطون أجورهم بغير حساب ويشفعان له أيضا عند الله عز وجل كما في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام والقيام يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشراب بالنهار ويقول بالقرآن: منعته النوم بالنهار فشفعني فيه،

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 172)
فيشفعان" فالصيام يشفع لمن منعه الطعام والشهوات المحرمة كلها سواء كان تحريمها يختص بالصيام كشهوة الطعام والشراب والنكاح ومقدماتها أو لا يختص كشهوة فضول الكلام المحرم والنظر المحرم والسماع المحرم والكسب المحرم فإذا منعه الصيام من هذه المحرمات كلها فإنه يشفع له عند الله يوم القيامة ويقول: يا رب منعته شهواته فشفعني فيه فهذا لمن حفظ صيامه ومنعه من شهواته.

فأما من ضيع صيامه ولم يمنعه مما حرمه الله عليه فإنه جدير أن يضرب به وجه صاحبه ويقول له: ضيعك الله كما ضيعتني كما ورد مثل ذلك في الصلاة


======================================================
11.   إكرام الله والملائكة بالصلاة على الصائمين

·    قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين"
رواه ابن حبان في "صحيحه"، والطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية" عن ابن عمر، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1844) ، والصحيحة رقم (1654)

السُّحُورُ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ

·    وعن عبد الله بن عمرو موقوفاً: "الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة"
إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو موقوف له حكم الرفع، قاله الألباني في "الضعيفة" (3/502-503) ، وأخرجه ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق، وابن المبارك.

تحفة الأحوذي (3/ 416)

(إِنَّ الصَّائِمَ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ) أَيْ وَمَالَتْ نَفْسُهُ إِلَى الْمَأْكُولِ وَاشْتَدَّ صَوْمُهُ عليه

فيض القدير (2/ 270)
أي الذين يتناولون السحور بقصد التقوي به على الصوم لما فيه من كسر شهوة البطن والفرج الموجبة لتصفية القلب وغلبة الروحانية على الجسمانية الموجبة للقرب من جانب الرب تعالى فلذلك كان السحور متأكد الندب جدا

فيض القدير (4/ 137)

وصلاة الله عليهم رحمتهم وصلاة الملائكة استغفارهم لهم 
وهذا ترغيب عظيم فيه كيف وهو زيادة في القوة وزيادة في إباحة الأكل وزيادة في الرخص المباحة التي يحب الله أن تؤتى وزيادة في الحياة وزيادة في الرفق وزيادة في اكتساب الطاعة فكأنه جعل السحور وقتا لزيادة النعمة ودفعا للنقمة فتدبر


التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 69)
وَصَلَاة الله عَلَيْهِم رَحمته إيَّاهُم وَصَلَاة الْمَلَائِكَة اسْتِغْفَار

التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 464)
صلاة الله رحمته لهم وصلاة الملائكة دعاؤهم لهم بالمغفرة 
وهذا ترغيب في السحور وإعلام بأن فيه فائدتين من الإعانة على الصوم ومحبة الله لفاعله ورحمته له ودعاء الملائكة له بالمغفرة.

فتح الباري لابن حجر (4/ 140)

يَحْصُلُ السُّحُورُ بِأَقَلِّ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْمَرْءُ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ السُّحُورُ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ

تحفة الأحوذي (3/ 322)

قال الحافظ : 
وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهِيَ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ الْأَكْلُ وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءُ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ انْتَهَى

شرح مسند أبي حنيفة (1/ 229) للقاري :

 (وأَكْلُ السَّحور) بفتح السين وقد يضم ما يتسحر به (مرضاة الرحمن) لأنه يتقوى على طاعته ويستعين به على عبادته، فكل ما يكون من لذات الدنيا معيناً على درجات العقبى، فهو سبب لرضاء المولى.

سبل السلام (1/ 564)

وَظَاهِرُ الْأَمْرِ وُجُوبُ التَّسَحُّرِ وَلَكِنَّهُ صَرَفَهُ عَنْهُ إلَى النَّدْبِ مَا ثَبَتَ مِنْ مُوَاصَلَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُوَاصَلَةِ أَصْحَابِهِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي حُكْمِ الْوِصَالِ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ التَّسَحُّرَ مَنْدُوبٌ وَالْبَرَكَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِيهِ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ» وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَزِيَادَةُ النَّشَاطِ وَالتَّسَبُّبُ لِلصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ سَأَلَ وَقْتَ السَّحَرِ.

نيل الأوطار (4/ 263)
قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَيُنَاسِبُ الضَّمَّ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، أَوْ الْبَرَكَةُ كَوْنُهُ يَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ وَيَنْشَطُ لَهُ وَيُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ فِيهِ فَيُنَاسِبُ الْفَتْحَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَتَسَحَّرُ بِهِ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّسَحُّرِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى نَدْبِيَّةِ السُّحُورِ انْتَهَى. وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِمَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ وَاصَلُوا، وَمِنْ مُقَوِّيَاتِ مَشْرُوعِيَّةِ السُّحُورِ مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لَأَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَسَحَّرُونَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّسَحُّرُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْمُؤْمِنُ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ وَلَوْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ.

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 454)

قال ابن دقيق العيد (ج2 ص208) هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية فإن إقامة السنة توجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمر الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم. قال: ومما يعلل به استحباب السحور المخالفة لأهل الكتاب فإنه يمتنع عندهم السحور وهذا أحد الوجوه المقتضية للزيادة في الأجور الأخروية

صحيح ابن حبان - محققا (8/ 245)
ذكر مغفرة جَلَّ وَعَلَا وَاسْتِغْفَارِ الْمَلَائِكَةِ لِلْمُتَسَحِّرِينَ

صحيح ابن حبان - محققا (8/ 253)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاقتِصَارِ عَلَى شَرِبِ الْمَاءِ لِمَنْ أَرَادَ السَّحُورَ 
===================================================
12.   دعوة الصائم لا ترد
قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر"
رواه العقيلي في "الضعفاء"، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن أبي هريرة، ورواه ابن ماسي وابن عساكر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3030) .

·    وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر"
وعند البيهقي: "دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر"
رواه أبو الحسن بن مهرويه في "الثلاثيات"، والضياء عن أنس، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3032) .

·    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم"
أخرجه ابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، والطيالسي، والبيهقي، وابن أبي شيبة، والترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن، وقال ابن حجر في "أمالي الأذكار" هذا حديث حسن، وأخرجه البزار في "مسنده" قال محقق "الإحسان في تقريب ابن حبان" (8/215) .

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (5/ 1717)
وإنما قال في الحديث السابق ((ثلاثة)) وفي هذا ((ثلاث دعوات))؛ لأن الكلام علي الأول في شأن الداعي، وتحريه في طريق الاستجابة، وما هي منوطة به من الصوم، والعدل، بخلاف الوالد والمسافر؛ إذ ليس عليهما الاجتهاد في العمل

فيض القدير (3/ 301)
كامل الصوم الذي صان جميع جوارحه عن المخالفات فيجاب دعاؤه لطهارة جسده بمخالفة هواه

حجة الله البالغة (2/ 117)
وَاعْلَم أَن أقرب الدَّعْوَات من الاستجابة مَا اقْترن بِحَالهِ هِيَ مَظَنَّة نزُول الرَّحْمَة إِمَّا لكَونهَا كَمَا لَا للنَّفس الإنسانية كدعاء عقيب الصَّلَوَات. ودعوة الصَّائِم حِين يفْطر، أَو معدة لَا لاستنزال جود الله كالدعاء يَوْم عَرَفَة، أَو لكَونهَا سَببا لموافقة عناية الله فِي نظام الْعَالم كدعوة الْمَظْلُوم - فَإِن لله عناية بانتقام الظَّالِم - وَهَذَا مُوَافقَة مِنْهُ لتِلْك الْعِنَايَة، وَفِيه " فَإِنَّهُ لَيْسَ بَينهَا وَبَين الله حجاب " أَو سَببا لازورار رَاحَة الدُّنْيَا عَنهُ، فتنقلب رَحْمَة الله فِي حَقه متوجهة فِي صُورَة أُخْرَى كدعاء الْمَرِيض والمبتلى، أَو سَببا لإخلاص الدُّعَاء مثل دُعَاء الْغَائِب لِأَخِيهِ أَو دُعَاء الْوَالِد للْوَلَد، أَو كَانَت فِي سَاعَة تَنْتَشِر فِيهَا الروحانية وتدلى فِيهِ الرَّحْمَة كليلة الْقدر والساعة المرجوة يَوْم الْجُمُعَة، أَو كَانَت فِي مَكَان تحضره الْمَلَائِكَة كمواضع بِمَكَّة أَو تتنبه النَّفس عِنْد الْحُلُول بهَا لحالة الْحُضُور والخضوع كمآثر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام.
وَيعلم من مقايسة مَا قُلْنَا سر قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم مَا لم يستعجل ".

تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (2/ 12)

استأنف به الكلام, لفخامة شأن دعاء المظلوم, واختصاصه بمزيد قبول, ورفعها فوق الغمام, وفتح أبواب السماء لها: مجاز عن إثارة الآثار العلوية, وجمع الأسباب السماوية على انتصاره بالانتقام من الظالم, وإنزال البأس عليه.

فيض القدير (3/ 324)

(تنبيه} قال الغزالي: فيه أن الإمارة والخلافة من أفضل العبادات إذا كانتا مع العدل والإخلاص ولم يزل المتقون يحترزون منها ويهربون من تقلدها لما فيها من عظيم الخطر إذ تتحرك به الصفات الباطنة ويغلب على النفس حب الجاه والاستيلاء ونفاذ الأمر وهو أعظم ملاذ الدنيا

التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 168)

واعلم أن الحكمة ظاهرة في إجابة الصائم لأنه في عبادة 
وإجابة المظلوم لأنه هضم جانبه وكسر قلبه. (والمسافر) فإنه مجاب الدعوة إلا أن في حكمة ذلك خفاء وكأنه بفراق أهله ووطئه صار منفردا عن مألفه مكروباً بالفراق دياره منكسر النفس متعرض للأخطار فكانت رحمة الله إليه قربته وإجابته لدعوته سريعة

مجموع الفتاوى (27/ 129_130)

فَلَا رَيْبَ أَنَّ الدُّعَاءَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ أجوب مِنْهُ فِي بَعْضٍ. فَالدُّعَاءُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أجوب الْأَوْقَاتِ 
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: 
{يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرُ 
وَفِي رِوَايَةٍ : نِصْفُ اللَّيْلِ - فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ} 
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: " {أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ} 
وَالدُّعَاءِ مُسْتَجَابٌ : عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَعِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَفِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَفِي حَالِ السُّجُودِ وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ___الْأَحَادِيثُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالدُّعَاءُ بِالْمَشَاعِرِ كَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَالْمُلْتَزَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَشَاعِرَ مَكَّةَ وَالدُّعَاءُ بِالْمَسَاجِدِ مُطْلَقًا. وَكُلَّمَا فُضِّلَ الْمَسْجِدُ كَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ الصَّلَاةُ وَالدُّعَاءُ فِيهِ أَفْضَلَ.
==================================

13__الصيام سبيل لنيل التقوى

قال الله _جل وعلا_ :
{يَآيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة: 183]

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 398)

فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ وَصِيَّةٌ عَظِيمَةٌ جَامِعَةٌ لِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَتَّقُوهُ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَالتَّقْوَى وَصِيَّةُ اللَّهِ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131] [النِّسَاءِ: 131] . وَأَصْلُ التَّقْوَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَخَافُهُ وَيَحْذَرُهُ وِقَايَةً تَقِيهِ مِنْهُ، فَتَقْوَى الْعَبْدِ لِرَبِّهِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَخْشَاهُ مِنْ رَبِّهِ مِنْ غَضَبِهِ وَسُخْطِهِ وَعِقَابِهِ وِقَايَةً تَقِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِعْلُ طَاعَتِهِ وَاجْتِنَابُ مَعَاصِيهِ.

حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (3/ 64)

عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: لَقِيَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ طَلْقَ بْنَ حَبِيبٍ، فَقَالَ لَهُ بَكْرٌ: " صِفْ لَنَا مِنَ التَّقْوَى شَيْئًا يَسِيرًا نَحْفَظُهُ، فَقَالَ: اعْمَلْ بِطَاعَةِ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَرْجُو ثَوَابَ اللهِ، وَالتَّقْوَى تَرْكُ الْمَعَاصِي عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ مَخَافَةَ عِقَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "


قال الغزالي _رحمه الله_ :
"أليس الله تعالى أعلم بصلاح العبد من كل أحد، أوليس هو أنصح له وأرحم وأرأف من كل أحد، ولو كانت في العالم خصلة هي أصلح للعبد، وأجمع للخير، وأعظم للأجر، وأجل في العبودية، وأولى بالحال، وأنجح في المآل من هذه الخصلة التي هي التقوى؛ لكان الله أمر بها عباده." اهـ منهاج العابدين 


=======================================

14__الصيام فديةٌ لبعض الأعمال أو بدلٌ منها أو كفارة لها


وهذا ليس لأي عبادة إلا الصوم:
أولاًفقد جعل الله الصيام فدية لحلق شعر الرأس، الذي هو من محظورات الإحرام في الحج والعمرة، وبدلاً من هدي واجب لمن عجز عن الهدي.

قال _تعالي_
﴿ وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة: 196]

Dan sempurnakanlah ibadah haji dan ‘umrah karena Allah. Jika kamu terkepung (terhalang oleh musuh atau karena sakit), maka (sembelihlah) korban yang mudah didapat, dan jangan kamu mencukur kepalamu, sebelum korban sampai di tempat penyembelihannya. Jika ada di antaramu yang sakit atau ada gangguan di kepalanya (lalu ia bercukur), maka wajiblah atasnya berfidyah, yaitu: berpuasa atau bersedekah atau berkorban. Apabila kamu telah (merasa) aman, maka bagi siapa yang ingin mengerjakan ‘umrah sebelum haji (di dalam bulan haji), (wajiblah ia menyembelih) korban yang mudah didapat. Tetapi jika ia tidak menemukan (binatang korban atau tidak mampu), maka wajib berpuasa tiga hari dalam masa haji dan tujuh hari (lagi) apabila kamu telah pulang kembali. Itulah sepuluh (hari) yang sempurna. Demikian itu (kewajiban membayar fidyah) bagi orang-orang yang keluarganya tidak berada (di sekitar) Masjidil Haram (orang-orang yang bukan penduduk kota Mekkah). Dan bertakwalah kepada Allah dan ketahuilah bahwa Allah sangat keras siksaan-Nya.” (QS. Al-Baqarah: 196

تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 91)

{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} أي الهدي أو ثمنه {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة، وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر، أيام رمي الجمار، والمبيت بـ "منى" ولكن الأفضل منها، أن يصوم السابع، والثامن، والتاسع، {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} أي: فرغتم من أعمال الحج، فيجوز فعلها في مكة، وفي الطريق، وعند وصوله إلى أهله.

ثانياًجعل الله الصيام معادلاً للهدي وإطعام المساكين في كفارة الصيد بالنسبة للمحرم

قال تعالى
﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [المائدة: 95]
Hai orang-orang yang beriman, janganlah kamu membunuh binatang buruan, ketika kamu sedang ihram. Barang siapa di antara kamu membunuhnya dengan sengaja, maka dendanya ialah mengganti dengan binatang ternak seimbang dengan buruan yang dibunuhnya, menurut putusan dua orang yang adil di antara kamu sebagai hadyu yang dibawa sampai ke Ka’bah atau (dendanya) membayar kaffarat dengan memberi makan orang-orang miskin atau berpuasa seimbang dengan makanan yang dikeluarkan itu, supaya Dia merasakan akibat buruk dari perbuatannya. Allah telah memaafkan apa yang telah lalu. Dan Barang siapa yang kembali mengerjakannya, niscaya Allah akan menyiksanya. Allah Maha Kuasa lagi mempunyai (kekuasaan untuk) menyiksa.” (QS. Al-Maa-idah: 95

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 442)
اعْلَمْ أَنَّ الصَّيْدَ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ كَبَقَرَةِ الْوَحْشِ، وَقِسْمٌ لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ كَالْعَصَافِيرِ.

وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَعْتَبِرُونَ الْمِثْلِيَّةَ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ، وَخَالَفَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجُمْهُورَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَعْنَوِيَّةٌ، وَهِيَ الْقِيمَةُ، أَيْ قِيمَةُ الصَّيْدِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَتَلَهُ فِيهِ، أَوْ أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ لَا يُبَاعُ الصَّيْدُ فِي مَوْضِعِ قَتْلِهِ، فَيَشْتَرِي بِتِلْكَ الْقِيمَةِ هَدْيًا إِنْ شَاءَ، أَوْ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا، وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ كُلَّ___مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ.


زاد المسير في علم التفسير (1/ 587)

قال أصحابنا: يصوم عن كل مُدّ بُرٍّ، أو نصف صاع تمر، أو شعير يوماً. 
وقال أبو حنيفة : يصوم يوماً عن نصف صاع في الجميع. وقال مالك، والشافعي: يصوم يوماً عن كلِّ مدٍّ من الجميع.

ثالثاً : جعل الله صيام ثلاثة أيام بدل كفارة اليمين عند العجز عنها وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو تحرير رقبة، على التخيير بين هذه الثلاثة.

قال تعالى : 
﴿ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 8]
Allah tidak menghukum kamu disebabkan sumpah-sumpahmu yang tidak dimaksud (untuk bersumpah), tetapi Dia menghukum kamu disebabkan sumpah-sumpah yang kamu sengaja, maka kaffarat (melanggar) sumpah itu, ialah memberi makan sepuluh orang miskin, yaitu dari makanan yang biasa kamu berikan kepada keluargamu, atau memberi pakaian kepada mereka atau memerdekakan seorang budak. Barang siapa tidak sanggup melakukan yang demikian, maka kaffaratnya puasa selama tiga hari, yang demikian itu adalah kaffarat sumpah-sumpahmu bila kamu bersumpah (dan kamu langgar), dan jagalah sumpahmu. Demikianlah Allah menerangkan kepadamu hukum-hukum-Nya agar kamu bersyukur (kepada-Nya).” (QS. Al-Maa-idah: 89)

رابعاًجعل الله كفارة القتل الخطأ، وكفارة الظهار عتق رقبة مؤمنة، هذه هي الكفارة الأساسية، فمن لم يجد رقبة مؤمنة؛ فعليه أن يصوم بدلاً عنها شهرين متتابعين.

فسبحان من جعل الصوم ينوب عن عتق الرقاب عند العجز، ويجعله كفارة القتل الخطأ.

قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً [النساء: 92]
Dan tidak layak bagi seorang mukmin membunuh seorang mukmin (yang lain), kecuali karena tersalah (tidak sengaja), dan barang siapa membunuh seorang mukmin karena tersalah (hendaklah) ia memerdekakan seorang hamba sahaya yang beriman serta membayar diyat yang diserahkan kepada keluarganya (si terbunuh itu), kecuali jika mereka (keluarga terbunuh) bersedekah. Jika ia (si terbunuh) dari kaum (kafir) yang ada perjanjian (damai) antara mereka dengan kamu, maka (hendaklah si pembunuh) membayar diyat yang diserahkan kepada keluarganya (si terbunuh) serta memerdekakan hamba sahaya yang beriman. Barang siapa yang tidak memperolehnya, maka hendaklah ia (si pembunuh) berpuasa dua bulan berturut-turut untuk penerimaan taubat dari pada Allah, dan adalah Allah Maha mengetahui lagi Maha Bijaksana.” (QS. An-Nisaa: 92

زاد المسير في علم التفسير (1/ 449)
واتفق العلماء على أنه إِذا تخلّل صوم الشهرين إِفطار لغير عذر، فعليه الابتداء، فأما إِذا تخللها المرض، أو الحيض، فعندنا لا ينقطع التتابع. وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة:

المرض يقطع! والحيض لا يقطع، وفرق بينهما بأنه يمكن في العادة صوم شهرين بلا مرض، ولا يمكن ذلك في الحيض، وعندنا أنها معذورة في الموضعين

تفسير ابن كثير ت سلامة (2/ 376)
هَذِهِ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ خَطَأً إِذَا لَمْ يَجِدِ الْعِتْقَ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، كَمَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: نَعَمْ. كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُذْكَرْ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَقَامُ تَهْدِيدٍ وَتَخْوِيفٍ وَتَحْذِيرٍ، فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يُذْكَرَ فِيهِ الْإِطْعَامُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّسْهِيلِ وَالتَّرْخِيصِ. الْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَعْدِلُ إِلَى الْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا أَخَّرَ بَيَانَهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.

وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 3_4]
“Orang-orang yang menzhihar isteri mereka, kemudian mereka hendak menarik kembali apa yang mereka ucapkan, Maka (wajib atasnya) memerdekakan seorang budak sebelum kedua suami istri itu bercampur. Demikianlah yang diajarkan kepada kamu, dan Allah Maha mengetahui apa yang kamu kerjakan. Barang siapa yang tidak mendapatkan (budak), Maka (wajib atasnya) berpuasa dua bulan berturut-turut sebelum keduanya bercampur. Maka siapa yang tidak Kuasa (wajiblah atasnya) memberi Makan enam puluh orang miskin. Demikianlah supaya kamu beriman kepada Allah dan Rasul-Nya. dan Itulah hukum-hukum Allah, dan bagi orang kafir ada siksaan yang sangat pedih.” (QS. Al-Mujadilah: 3-4

فجعل الله الصيام ولم يجعل الصلاة أو الحج... وهذه خاصية للصوم، فأنعم به من عباده.
=======================================
15__الصيام مسك الختام لمن مات عليه

قال الله _تعالى_ :
{أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 19]

{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ } [المؤمنون: 111]

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)} [الفرقان: 74 - 76]

مسند أحمد ط الرسالة (38/ 350)

عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: أَسْنَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِي فَقَالَ: " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ـ قَالَ حَسَنٌ: ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ ـ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ "

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 579)
985 - (8) [صحيح] وعن حذيفة رضي الله عنه قال:
أسندتُ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى صدري، فقال :
* "من قال: (لا إله إلا الله)؛ خُتم له بها؛ دخل الجنة، 
* ومن صام يوماً ابتغاء وجه الله؛ خُتم له به؛ دخل الجنة، 
* ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله؛ خُتم له بها؛ دخل الجنة".
رواه أحمد بإسناد لا بأس به،

[صحيح لغيره] والأصبهاني، ولفظه:
"يا حذيفة! من خُتم له بصيامِ يومٍ، يريد به وجه الله عز وجل؛ أدخله الله الجنة".

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (4/ 200)
1645 - 
* "من ختم له بإطعام مسكين محتسبا على الله عز وجل دخل الجنة، 
* من ختم له بصوم يوم محتسبا على الله عز وجل دخل الجنة، 
* من ختم له بقول لا إله إلا الله محتسبا على الله عز وجل دخل الجنة ".

رواه ابن شاهين في الجزء الخامس من " الأفراد " والمخلص في " الفوائد المنتقاة
" (23 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 218 - 219) عن هشام بن
القاسم أخو روح بن القاسم قال: سمعت نعيم بن أبي هند يحدث عن حذيفة قال:
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فرأيته يهم بالقعود وعليٌّ _عليه السلام_ عنده يميد (يعني من النعاس)، 
فقلت: يا رسول الله ما أرى عليا إلا قد ساهرك في ليلته هذه أفلا أدنو منك؟ قال: علي أولى بذلك منك، فدنا منه علي _عليه السلام_ فسانده، فسمعته يقول: فذكره

فيض القدير (6/ 123)

أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب

مشكاة المصابيح (1/ 593)
1891 -[4] (صَحِيحٌ)

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: 
* قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 
«مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بكر: أَنا 
* قَالَ: «فن تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جِنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. 
* قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. 
* قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. 
** فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ مُسلم

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 345_346)
كان السلف يرون: أن من مات عقب عمل صالح كصيام رمضان أو عقيب حج أو عمرة يرجى له أن يدخل الجنة، 
* وكانوا مع اجتهادهم في الصحة في الأعمال الصالحة يجددون التوبة والإستغفار عند الموت ويختمون أعمالهم بالإستغفار وكلمة التوحيد.
* لما احتضر العلاء بن زياد بكى فقيل له: ما يبكيك؟ قال: كنت والله أحب أن أستقبل الموت بتوبة قالوا: فافعل رحمك الله فدعا بطهور فتطهر ثم دعا بثوب جديد فلبسه ثم استقبل القبلة فأومأ برأسه مرتين أو نحو ذلك ثم اضطجع ومات ولما احتضر عامر بن عبد الله بكى وقال: لمثل هذا الصراع فليعمل العاملون: اللهم إني أستغفرك من تقصيري وتفريطي وأتوب إليك من جميع ذنوبي لا إله إلا الله ثم لم يزل يرددها حتى مات رحمه الله وقال عمرو بن العاص رحمه الله عند موته: اللهم أمرتنا فعصينا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا عفوك لا إله إلا الله ثم رددها حتى مات وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله عند موته: أجلسوني فأجلسوه فقال: أنا الذي أمرتني فقصرت ونهيتني فعصيت ولكن لا إله إلا الله ثم رفع رأسه فأحد النظر فقالوا: إنك تنظر نظرا شديدا يا أمير____
المؤمنين فقال: أتاني حضرة ما هم بإنس ولا جن ثم قبض رحمة الله عليه وسمعوا تاليا يتلو: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:83] ."اهـ كلام ابن رجب

صحيح البخاري (1/ 18)

طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ». قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»

ففي الصحيحين عن ابن مسعود :
قَالَ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا} .

مجموع الفتاوى (8/ 140)

فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَعْمَلُهُ وَيُخْتَمُ لَهُ بِهِ وَهَذَا يَدْخُلُ النَّارَ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَعْمَلُهُ وَيُخْتَمُ لَهُ بِهِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ} وَذَلِكَ لِأَنَّ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ تُحْبَطُ بِالرِّدَّةِ وَجَمِيعُ السَّيِّئَاتِ تُغْفَرُ بِالتَّوْبَةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ صَامَ ثُمَّ أَفْطَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ صَلَّى وَأَحْدَثَ عَمْدًا قَبْلَ كَمَالِ الصَّلَاةِ بَطَلَ عَمَلُهُ.
=======================================
16__الصيام كفارة للخطيئات والنقائص

=======================================

17__كتابة الصائمين رمضان والقائمين فيه من الصديقين والشهداء

=======================================
18__ ورود الوعيد لمن أفطر في نهار رمضان صونا لفضيلة الصيام


=======================================
19__ إدراك رمضان نعمة ومنة عظيمة للعبد المؤمن
"كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبشر أصحابه بقدوم رمضان كما أخرجه الإمام أحمد، والنسائي فعن أبي قلابة عن أبي هريرة قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبشر أصحابه "قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم" (2) .
قال ابن رجب: "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان.
من أين يشبه هذا الزمان زمان؟!
قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم.
وقال يحيى بن أبي كثير: "كان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا".

نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان (1/ 165)
بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه.
عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "كان رجلان من بلى من قضاعة أسلما مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستشهد أحدهما وأُخِّر الآخر سنة قال طلحة بن عبيد الله: فأريت الجنة فرأيت فيها المؤخر منهما أدخل قبل الشهيد فعجبت لذلك فأصبحت فذكرت ذلك لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو ذُكر ذلك لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أليس قد صام بعده رمضان، وصلى ستة آلاف ركعة أو كذا وكذا ركعة صلاة السنة" (1) .
عن أبي سلمة، عن طلحة بن عبيد الله أن رجلين من بَليِّ قدما على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان إسلامهما جميعا: فكان أحدهما أشد اجتهاداً من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستشهد ثم مكث الآخر بعده سنة ثم توفي.
قال طلحة: فرأيت في المنام: بينا أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة فأذن للذي توفي الآخر منهما ثم خرج فأذن للذي استشهد ثم رجع إلي فقال: أرجع فإنك لم يأن لك بعد.
فأصبح طلحة يحدث الناس فعجبوا لذلك فبلغ ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحدثوه الحديث: فقال: من أيِّ ذلك تعجبون؟ فقالوا: يا رسول الله هذا كان أشد الرجلين اجتهاداً ثم استشهد ودخل هذا الآخر الجنة قبله فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا: بلى: قال: وأدرك رمضان فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟ قالوا: بلى، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض" (2) .
من رحم في رمضان فهو المرحوم، ومن حرم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو ملوم.
أتى رمضان مزرعة العباد ... لتطهير القلوب من الفساد
__________
(1) إسناده صحيح انظر مسند أحمد بتحقيق شاكر حديث رقم (8380، 8381) (16/170-171) .
(2) صحيح رواه ابن ماجة في "سننه" كتاب الرؤيا باب تعبير الرؤيا" وصححه الألباني، انظر "صحيح سنن ابن

ماجة حديث رقم (3171 ج 2/345-346) .
=======================================
20___صيام شهر رمضان مزين بقيام الليل زيادة على فضله

=======================================
30__ أهل الصيام من أهل الغرف الذين لهم منزلة رفيعة عند الله _عز وجل_

مشكاة المصابيح (1/ 388)
1232 -[14] (صَحِيح)

وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 
«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلَانَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَتَابَعَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نيام» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان

مشكاة المصابيح (3/ 1564)
5624 -[13] (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَو الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ [ص:1565] تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ: «بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا باللَّهِ وصدَّقوا الْمُرْسلين» . مُتَّفق عَلَيْهِ
=======================================


=======================================
الصوم سبيل إلى تكثير الصدقات، والإحسان إلى ذوي الحاجات
قال عز الدين بن عبد السلام: "وأما تكثير الصدقات، فلأن الصائم إذا جاع تذكر ما عنده من الجوع، فيحثه ذلك على إطعام الجائع "فإنما يرحم العشّاق من عشقا"، وقد بلغنا أن سليمان أو يوسف عليهما السلام لا يأكل حتى يأكل جميع المتعلقين به، فسُئل عن ذلك؟ فقال: أخاف أن أشبع فأنسى الجائع"
"فوائد الصيام" (ص 25) .

قال القسطلاني: "إعانته على بذل الصدقات فإن الصائم يجوع؛ فيعرف قدر ألم الجوع، فيحرضه ذلك على حرصه في الإحسان إلى الجياع، ويحمله على تدبر ما هم فيه من ضرر العجز والانقطاع، وإنما يجد ذوق التعب مَنْ نازله، ويعرف قدر الضرر مَنْ واصله، وفي مثل ذلك قيل:
لا يعرف الشوق إلا مَنْ يُكابِدُه ... ولا الصبابة إلَّا من يُعانيها
"مدارك المرام" (ص 76) .


Tidak ada komentar:

Posting Komentar