12 - (ترغيب التجار في الصدق، وترهيبهم من الكذب والحلف وإنْ كانوا صادقين).
1789 - (8) [صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله
عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ثلاثَةٌ لا
يكلِّمُهم الله يومٍ القِيامَةِ، ولا ينطُرُ إليْهِمْ، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولهمْ
عَذابٌ أليمٌ :
رجلٌ على فضْلِ ماءٍ
بفلاةٍ يمنَعُه ابنَ السبيلِ، ورجلٌ بايعَ رجلاً
بسِلْعَتِه بعد العصْرِ فحلَف بالله لأَخَذها بكَذا وكذا، فصَدَّقَهُ فأخَذها؛ وهو
على غير ذلك، ورجلٌ بايَع إماماً لا يبايِعُه إلا للدنيا؛
فإنْ أعطاهُ منها ما يريدُ وفي لهُ، وإنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ".
وفي رواية نحوه، وقال:
"ورجُلٌ حلَفَ على سِلْعَتِه لقد
أُعْطِيَ بها أكثرَ ممّا أُعطِيَ؛ وهو كاذِبٌ، ورجلٌ حلفَ على يمينٍ كاذبةٍ بعدَ
العصْر ليْقتَطعَ بها مالَ امْرئٍ مسلمٍ، ورجلٌ منعَ فضْلَ ماءٍ، فيقولُ الله له:
اليومَ أمنَعُكَ فضْلي، كما منعْتَ فضلَ ما لَمْ تعمَلْ يداكَ".
من فوائد الحديث :
فتح الباري لابن حجر (13/ 203)
وَالْمُرَادُ بِابْنِ السَّبِيلِ
الْمُسَافِرُ الْمُحْتَاجُ إِلَى الْمَاءِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَرْبِيُّ
وَالْمُرْتَدُّ إِذَا أَصَرَّا عَلَى الْكُفْرِ فَلَا يَجِبُ بَذْلُ الْمَاءِ
لَهُمَا،
وَخَصَّ بَعْدَ الْعَصْرِ بِالْحَلِفِ
لِشَرَفِهِ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَغَيْرِ
ذَلِكَ وَأَمَّا الَّذِي بَايَعَ الْإِمَامَ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ،
فَاسْتِحْقَاقُهُ هَذَا الْوَعِيدَ
لِكَوْنِهِ غَشَّ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ لَازِمِ غِشِّ الْإِمَامِ غَشُّ
الرَّعِيَّةِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّسَبُّبِ إِلَى إِثَارِهِ الْفِتْنَةَ، وَلَا
سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَّبَعُ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى مُلَخَّصًا،
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ :
خَصَّ وَقْتَ الْعَصْرِ بِتَعْظِيمِ
الْإِثْمِ فِيهِ وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ مُحَرَّمَةٌ فِي كُلِّ
وَقْتٍ لِأَنَّ اللَّهَ عَظَّمَ شَأْنَ هَذَا الْوَقْتِ بِأَنْ جَعَلَ
الْمَلَائِكَةَ تَجْتَمِعُ فِيهِ وَهُوَ وَقْتُ خِتَامِ الْأَعْمَالِ وَالْأُمُورُ
بِخَوَاتِيمِهَا،
فَغَلُظَتِ الْعُقُوبَةُ فِيهِ
لِئَلَّا يُقْدِمَ عَلَيْهَا تَجَرُّؤًا فَإِنَّ مَنْ تَجَرَّأَ عَلَيْهَا فِيهِ
اعْتَادَهَا فِي غَيْرِهِ،
وَكَانَ السَّلَفُ يَحْلِفُونَ بَعْدَ
الْعَصْرِ وَجَاءَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا."
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم
(2/ 68)
وقوله : رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ
بِالْفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ ، يعني بـ فَضْلِ المَاءِ : ما
فضَلَ عن كفاية السابق للماءِ وأَخْذِ حاجتِهِ منه ؛ فمَنْ كان كذلك فمنَعَ ما زاد
على ذلك ، تعلَّق به هذا الوعيد.
و ابنُ السَّبِيل : هو المسافر ،
والسبيلُ : الطريق ، وسمِّي المسافرُ بذلك ؛ لأنَّ الطريقَ تُبْرِزه وتُظْهِره ،
فكأنَّها وَلَدَتْهُ ، ، وقيل : سمِّي بذلك ؛ لملازمتِهِ إياه ، كما يقالُ في
الغراب : ابنُ دَأْيَة ؛ لملازمتِهِ دَأْيَةَ البعيرِ الدَّبِرِ لِيَنْقُرَهَا.
و الفَلاَةُ : القَفْر ، وهذا هو
الماءُ الذي قد نَهَى النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن منعه بقوله : لاَ
يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكَلَأُ ، وسيأتي الكلامُ عليه إنْ شاء
الله.
وقد أجمَعَ المسلمون على تحريمِ ذلك ؛
لأنَّه منَعَ ما لا حَقَّ له فيه مِنْ مستَحِقِّهِ ، وربَّما أتلفَهُ أو أتلَفَ
مالَهُ وبهائمه ، فلو منعَهُ هذا الماءَ حتَّى مات عطشًا ، أُقِيدَ منه عند مالك ؛
لأنَّه قتلَهُ ، كما لو قتلَهُ بالجُوعِ أو بالسلاح.
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم
(2/ 69)
وقوله : فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ ،
لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا ، يعني : أنَّه كذَبَ فزاد في الثَّمَنِ الذي به
اشتَرَى ؛ فكَذَبَ واستخَفَّ باسمِ الله تعالى حين حَلَفَ به على الكذب ، وأخَذَ
مالَ غيرِهِ ظُلْمًا ؛ فقد جمع بين كبائر ، فاستَحَقَّ هذا الوعيدَ الشديد.
وتخصيصُهُ بـ "ما بَعْدَ
العَصْر" : يَدُلُّ على أنَّ لهذا الوقتِ من الفضلِ والحُرْمةِ ما ليس لغيره
مِنْ ساعات اليوم.
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم
(2/ 70_71)
قال الشيخ ، ـ رحمه الله ـ : ويظهرُ لي
أنْ يقال : إنما كان ذلك ؛ لأنَّه عَقِيبَ الصلاةِ الوُسْطَى - كما يأتي النصُّ
عليه - ولمَّا كانتْ هذه الصلاةُ لها مِنَ الفضلِ وعظيمِ القَدْرِ أكثَرُ مما
لغيرها ، فينبغي لمصلِّيها أن يَظْهَرَ عليه عَقِيبَهَا -من التحفُّظِ على دينه ،
والتحرُّزِ على إيمانِهِ- أكثَرُ مما ينبغي له عَقِيبَ غيرها ؛ لأنَّ الصلاةَ
حَقُّهَا : أن تَنْهَى عن الفحشاء والمنكر ؛ كما قال الله تعالى : {إِنَّ
الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} ، أي : تَحْمِلُ على
الامتناعِ مِنْ ذلك ، بما يحدُثُ في قلب المصلِّي بسببها من النُّورِ والانشراح ،
والخوفِ من الله تعالى والحياءِ منه ؛ ولهذا أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
بقوله : مَنْ لم تَنْهَهُ صلاتُهُ عن الفحشاءِ والمُنْكَرِ ، لم يَزْدَدْ مِنَ
اللهِ إلا بُعْدًا ، وإذا كان هذا في الصلواتِ كلِّها ، كانتِ الصلاةُ الوسطى بذلك
أولَى ، وحقُّها مِنْ ذلك أكبَرَ وأوفَى ؛ فمَنِ اجترَأَ بعدها على اليمينِ
الغَمُوسِ التي يأكُلُ بها مالَ الغير ، كان إثمُهُ أشدَّ وقلبُهُ أَفْسَدَ ،
والله تعالى أعلم.
وهذا الذي ظهَرَ لي : أَوْلَى مما قاله
القاضي أبو الفَضْل ؛ فإنَّه قال : "وإنَّما كان ذلك لاجتماعِ ملائكةِ الليلِ
وملائكةِ النهار في ذلك الوَقْتِ" ؛ لوجهَيْن :
أحدهما : أنَّ هذا المعنى موجودٌ في
صلاة الفجر ؛ لأنَّ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ
مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي
صَلاَةِ العَصْرِ وَصَلاَةِ الفَجْرِ ؛ وعلى هذا : فتبطُلُ خصوصيَّةُ العصر ؛
لمساواةِ الفجرِ لها في ذلك.____
وثانيهما : أنَّ حضورَ الملائكةِ
واجتماعَهُمْ إنما هو في حالِ فعل هاتَيْنِ الصلاتين لا بعدهما ؛ كما قد نَصَّ
عليه في الحديثِ حين قال : فَيَجْتَمِعُونَ في صلاةِ الفَجْرِ وصَلاَةِ العَصْرِ ،
ولقولِ الملائكةِ : أتيناهُمْ وهم يُصَلُّونَ ، وتَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ
، وهذا يدلُّ دلالةً واضحةً على أنَّ هؤلاءِ الملائكةَ لا يشاهدون من أعمالِ
العبادِ إلا الصلواتِ فَقَطْ ، وبها يَشْهَدون.
فتدبَّرْ ما ذكرتُهُ ؛ فإنَّه الأنسَب
الأسلَمُ ، والله أعلم .
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم
(2/ 71)
وقوله : وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ
يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا ؛ إنَّما استَحَقَّ هذا الوعيدَ الشديدَ ؛ لأنَّه لم
يَقُمْ لله تعالى بما وجَبَ عليه مِنَ البَيْعةِ الدينيَّة ، فإنَّها من العباداتِ
التي تجبُ فيها النيَّةُ والإخلاص ، فإذا فَعَلَهَا لغيرِ اللهِ تعالى مِنْ دنيا
يَقْصِدها ، أو غَرَضٍ عاجلٍ يقصده ، بَقِيَتْ عهدتُهَا عليه ؛ لأنَّه منافقٌ
مُرَاءٍ غَاشٌّ للإمامِ وللمسلمين ، غيرُ ناصحٍ لهم في شيء من ذلك.
ومَنْ كان هكذا ، كان مُثِيرًا للفتن
بين المسلمين ؛ بحيثُ يَسْفِكُ دماءَهُمْ ، ويستبيحُ أموالهم ، ويَهْتِكُ بلادهم ،
ويَسْعَى في إهلاكهم ؛ لأنَّه إنما يكونُ مع مَنْ يبلِّغُهُ إلى أغراضه ،
فيبايعُهُ لذلك ويَنْصُرُهُ ، ويغضَبُ له ويقاتلُ مخالفَهُ ، فينشأ من ذلك تلك
المفاسد.
وقد يكونُ هذا يخالفُهُ في بعضِ أغراضه
، فينكُثُ بيعتَهْ ، ويطلُبُ هَلَكَتَهْ ، كما هو حالُ أكثر أهلِ هذه الأزمانْ ،
فإنَّهم قد عمَّهم الغَدْرُ والخِذْلاَنْ.
فتح الباري لابن حجر (13/ 203)
وَفِي الْحَدِيثِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي
نَكْثِ الْبَيْعَةِ وَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ
تَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَلِمَا فِي الْوَفَاءِ مِنْ تَحْصِينِ الْفُرُوجِ
وَالْأَمْوَالِ وَحَقْنِ الدِّمَاءِ وَالْأَصْلُ فِي مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ أَنْ
يُبَايِعَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِالْحَقِّ وَيُقِيمَ الْحُدُودَ وَيَأْمُرَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَمَنْ جَعَلَ مُبَايَعَتَهُ لِمَالٍ
يُعْطَاهُ دُونَ مُلَاحَظَةِ الْمَقْصُودِ فِي الْأَصْلِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا
مُبِينًا وَدَخَلَ فِي الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ وَحَاقَ بِهِ إِنْ لَمْ يَتَجَاوَزِ
اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ
وَأُرِيدَ بِهِ عَرَضُ الدُّنْيَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَصَاحبه آثم وَالله الْمُوفق
سبل السلام (2/ 592)
فَهَذَا ارْتَكَبَ أَمْرَيْنِ
عَظِيمَيْنِ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ وَالْكَذِبَ فِي قِيمَةِ السِّلْعَةِ وَخَصَّ
بَعْدَ الْعَصْرِ لِشَرَفِ الْوَقْتِ وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ مَنْ غَلُظَ
بِالزَّمَانِ
شرح صحيح البخارى لابن بطال
(8/ 279)
فى هذا الحديث :
وعيد شديد فى الخروج على الأئمة ونكث بيعتهم لأمر الله بالوفاء بالعقود؛ إذ فى ترك
الخروج عليهم تحصين الفروج والأموال وحقن الدماء، وفى القيام عليهم تفرق الكلمة
وتشتيت الألفة.
وفيه :
فساد الأعمال إذا لم يرد بها وجه الله وأريد بها عرض الدنيا،
الإفصاح عن معاني الصحاح (6/
347)
* في هذا الحديث ما يدل على أن مبايعة
الإمام ينبغي ألا تكون راجعة إلى الدنيا؛ بل إلى مصلحة الدين.
* وفيه أيضًا: أنه لا يحل لأحد أن يغدر
بمن يبايعه؛ لأن المبايعة مفاعلة لا تكون إلا بين الاثنين؛ فإذا بايع الإنسان فقد
بايع طاعته ونصره بثواب الله عز وجل، والمبايعة كحبل له طرفان: أحدهما في الدنيا،
والآخر في الآخرة. فالإمام نائب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بايعه
الناس فقد باعوه أنفسهم، يجاهدون بها في سبيل الله بين يديه، وأعطوه مقادتهم،
وولوه أمرهم، وكان ثمن ذلك الجنة من الله سبحانه وتعالى، فعلق الرهن، وانعقد
العقد، ولم يبق لعاقده فكاك منه في هذه الحياة الدنيا." اهـ
كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 453)
لابن الجوزي :
"اعلم أَن الْمُبَايعَة يَنْبَغِي____أَن
تكون للدّين لَا للدنيا، فَإِذا عكس الْأَمر وَقعت الْعقُوبَة." اهـ
==============================
1790 -
(9) [صحيح] وعنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"أربعةٌ يُبغِضُهم الله :
البيَّاعُ الحلافُ، والفقيرُ المخْتالُ، والشيخُ الزاني، والإمامُ الجائرُ".
رواه النسائي، وابن حبان في
"صحيحه"، وهو في مسلم بنحوه دون ذكر "البياع" (1)، ويأتي لفظه
في "الترهيب من الزنا" إنْ شاء الله [21 - الحدود/ 7].
__________
(1) قلت: هذا يوهم أنَّ سائر الحديث
عند مسلم مثله هنا، وليسَ كذلك؛ كما يتبين ذلك للقارئ بمقابلته بنص مسلم الآتي
هناك (21/ 7).
تخريج الحديث :
أخرجه النسائي في سننه (5/ 86) (رقم : 2576)،
وابن حبان في صحيحه - مخرجا (12/ 368) (رقم : 5558)
وفي صحيح مسلم (1/ 102) (رقم : 107) :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثَةٌ لَا
يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ - قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ - وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ "
من فوائد الحديث :
فيض القدير (1/ 470)
وإنما أبغضهم لأن الحلاف الكثير الحلف
انتهك ما عظم الله من أسمائه وجعله سببا وحيلة لدرك ما حقره من الدنيا لعظمها في
قلبه. فبغضه ومقته هذا في الحلف الصادق فما بالك بالكاذب؟
والفقير المختال: أي
المتكبر،
قد زوى الله عنه أسباب الكبر بحمايته
له عن الدنيا، فأبى لؤم طبعه إلا التكبر ولم يشكر نعمة الفقر،
فإن المصطفى _صلى الله عليه وآله سلم
يقول : "الفقر على المؤمن أزين من العذار الجيد على خد الفرس".
والشيخ الزاني عمر عمرا، يحصل
به الإنزجار واستولت أسباب الضعف، وكلها حاجزة عن الزنا.
فأبى سوء طبعه إلا التهافت في معصية
ربه.
والإمام الجائر : أنعم
الله عليه بالسيادة والقدرة،
فأبى شؤم شح طبعه إلا الجور وكفر
النعمة. وتعبيره بالبغض في هذه الأربعة وبعدم النظر في الأربعة قبلها يؤذن بأن هذه
أقبح من تلك،
فإن البغض أشد. ألا ترى أن الشخص
[ص:471] قد لا ينظر إلى الشيء ويعرض عنه احتقارا وعدم مبالاة به ولا يبغضه؟"
اهـ
ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (23/ 113_114)
في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه
اللَّه تعالى-، وهو بيان ذمّ الفقير المتكبّر
(ومنها) :___ذمّ الزاني الكبير السنّ
(ومنها): ذمّ الملك الكذاب
(ومنها): أن مرتكبي المعاصي تتفاوت
مراتبهم بحسب الدواعي الحاملة لهم على ارتكابها، فمن كان له داع يحمله، ويقهره على
ارتكابها، كان أخف جُرْمًا ممن لا داعي له إلى ذلك،
وهذا فضل عظيم من ربّ رحيم، حيث خفّف
العقاب عن المغلوب المقهور،
وأما من ليس كذلك، فإنه يعظم عقابه،
حيث كان حامله على الارتكاب مجرّد الاستخاف بأمر اللَّه تعالى، وقلّة خوفه منه.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا
بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ
الْوَهَّابُ}. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم
الوكيل." اهـ
الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 184)
(الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ
وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: جَوْرُ
الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ أَوْ الْقَاضِي وَغِشُّهُ لِرَعِيَّتِهِ
وَاحْتِجَابُهُ عَنْ قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ الْمُهِمَّةِ الْمُضْطَرِّينَ إلَيْهَا
بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ)
===========================
1791 - (10) [صحيح] وعن أبي ذرّ رضي
الله عنه رفعه إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"إنَّ الله يُحِبُّ ثلاثَةً،
ويبْغَضُ ثلاثةً"، -فذكر الحديث إلى أنْ قال:- قلتُ: فَمَنِ الثلاثَةُ الذينَ
يُبغِضُهم الله؟ قال:
"المخْتَالُ الفخورُ -وأنتُم تجِدونَه
في كتاب الله المنزَلِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}
-والبخيلُ المنانُ، والتاجِرُ -أَوِ البائعُ- الحلاَّفُ".
رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط
مسلم".
ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن
خزيمة، وابن حبان في "صحيحه" بنحوه.
وتقدم لفظهم في "صدقة السر"
[8 - الصدقات/ 20].
من فوائد الحديث :
السراج في بيان غريب القرآن
(ص: 32) محمد بن عبد العزيز بن أحمد الخضيري :
(36) ... {مُخْتَالًا} ...
مُتَكَبِّرًا، مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ.
(36) ... {فَخُورًا} ... كَثِيرَ
الاِفْتِخَارِ عَلَى النَّاسِ بِمَنَاقِبِهِ.
التبيان في تفسير غريب
القرآن (ص: 139) لأحمد بن محمد بن عماد الدين بن علي،
أبو العباس، شهاب الدين، ابن الهائم (المتوفى: 815هـ) :
37- مُخْتالًا [36] : ذا خيلاء (زه)
وقيل: متكبّرا يأنف عن قراباته وجيرانه لفقرهم.
38- فَخُوراً [36] : يعدد مناقبه كبرا
وتطاولا.
الآداب الشرعية والمنح المرعية (2/
209)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
حُسَيْنٍ يَا عَجَبًا مِنْ الْمُخْتَالِ الْفَخُورِ الَّذِي خُلِقَ مِنْ نُطْفَةٍ
ثُمَّ يَصِيرُ جِيفَةً لَا يَدْرِي بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُفْعَلُ بِهِ
مجموع الفتاوى (14/ 213)
وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّ اللَّهَ
يُبْغِضُ الْمُخْتَالَ الْفَخُورَ الْبَخِيلَ بِهِ فَالْبَخِيلُ بِهِ الَّذِي
مَنَعَهُ وَالْمُخْتَالُ إمَّا أَنْ يَخْتَالَ فَلَا يَطْلُبُهُ وَلَا يَقْبَلُهُ
وَإِمَّا أَنْ يَخْتَالَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فَلَا يَبْذُلُهُ وَهَذَا كَثِيرًا
مَا يَقَعُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ يَبْخَلُ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ
الْعِلْمِ وَيَخْتَالُ بِهِ وَأَنَّهُ يَخْتَالُ عَنْ أَنْ يَتَعَدَّى مِنْ
غَيْرِهِ وَضِدُّ ذَلِكَ التَّوَاضُعُ فِي طَلَبِهِ وَبَذْلِهِ وَالتَّكَرُّمُ
بِذَلِكَ.
الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 404)
[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ بَعْدَ
الْمِائَتَيْنِ إنْفَاقُ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ]
=============================
1792 - (11) [حسن] وعن أبي سعيدٍ رضي
الله عنه قال:
مرَّ أعرابيٌّ بِشَاة، فقلتُ: تبيعُها
بثلاثَةِ درَاهِمَ؟ فقال: لا والله. ثمَّ باعَها. فذكرتُ ذلك لِرسولِ الله -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال:
"باع آخِرَتَهُ بدُنْياهُ".
رواه ابن حبان في "صحيحه".
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء
والمرسلين للسمرقندي (ص: 377)
وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى
عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ لِلْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ: مَنْ أَجْهَلُ النَّاسِ؟ قَالَ
الْأَحْنَفُ: مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ.
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء
والمرسلين للسمرقندي (ص: 378)
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَلَا أُنَبِّئُكَ بِأَجْهَلَ مِنْ هَذَا؟ قَالَ:
بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ
بدائع الفوائد (3/ 277)
وقال سحنون: "أشقى الناس من باع
آخرته بدنياه، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره
=========================
1793 - (12) [صحيح لغيره] وعن واثِلةَ
بن الأسْقَعِ رضي الله عنه قال:
كان رسولُ الله - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخرُج إلينا، وكنَّا تُجَّاراً، وكان يقولُ:
"يا مَعْشَر التُّجَّارِ!
إيَّاكمْ والكذِبَ".
رواه الطبراني في "الكبير"
بإسناد لا بأس به إنْ شاء الله.
فتح الباري لابن حجر (10/ 508)
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الْكَذِبُ مِنْ
قَبَائِحِ الذُّنُوبِ وَلَيْسَ حَرَامًا لِعَيْنِهِ بَلْ لِمَا فِيهِ مِنَ
الضَّرَرِ وَلِذَلِكَ يُؤْذَنُ فِيهِ حَيْثُ يَتَعَيَّنُ طَرِيقًا إِلَى
الْمَصْلَحَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْكَذِبُ إِذَا لَمْ
يَنْشَأْ عَنْهُ ضَرَرٌ مُبَاحًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ
بِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ فَلَا يُبَاحُ مِنْهُ إِلَّا
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي
الشُّعَبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَن أبي بكر الصّديق قَالَ الْكَذِب بِجَانِب
الْإِيمَانَ وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَقَالَ الصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَفَعَهُ قَالَ
يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ
وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ الْأَشْبَهَ
أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَشَاهِدُ الْمَرْفُوعِ مِنْ مُرْسَلِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ
فِي الْمُوَطَّأ قَالَ بن التِّين ظَاهره يُعَارض حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَالْجَمْعُ
بَيْنَهُمَا حَمْلُ حَدِيثِ صَفْوَانَ عَلَى الْمُؤمن الْكَامِل
شرح النووي على مسلم (16/ 160)
قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا فِيهِ حَثٌّ
عَلَى تَحَرِّي الصِّدْقِ وَهُوَ قَصْدُهُ وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ وَعَلَى
التَّحْذِيرِ مِنَ الْكَذِبِ وَالتَّسَاهُلِ فِيهِ فَإِنَّهُ إِذَا تَسَاهَلَ
فِيهِ كَثُرَ مِنْهُ فَعُرِفَ بِهِ وَكَتَبَهُ اللَّهُ لِمُبَالَغَتِهِ صِدِّيقًا
إِنِ اعْتَادَهُ أَوْ كَذَّابًا إِنِ اعْتَادَه
=========================
1794 - (13) [صحيح] وعن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:
"الحَلْفُ مَنْفَقةٌ للسِلْعَةِ،
مَمْحَقةٌ للكسب".
رواه البخاري ومسلم وأبو داود؛ إلا
أنَّه قال:
"ممحقة للبركةِ" (1).
(1) هذا يوهم أنَّ اللفظ الذي قبله لم
يروه أبو داود، والواقع خلافه، فإنَّه أخرجه عقب هذا، وقد نبه على ذلك الحافظ
الناجي، وبينته في "أحاديث بيوع الموسوعة".
============================
1795 - (14) [صحيح] وعن [أبي] (*)
قتادة رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يقول:
"إيَّاكمْ وكثرةَ الحلفِ في
البيعِ؛ فإنَّه يُنَفِّقُ ثمَّ يمْحَقُ (2) ".
رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.
__________
(2) من (المحق): وهو (المحو) أي: يزيل
البركة ويذهبها.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما
بين المعكوفين ليس في المطبوع، وقال الشيخ مشهور في طبعته: الصواب إثباتها كما في
مصادر التخريج
=======================
13 - (الترهيب من خيانة أحد الشريكين
الآخر).
[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا].