Senin, 30 Desember 2019

الحديث الرابع والثلاثون: ما نقصت صدقة من مال.

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 91)

الحديث الرابع والثلاثون: ما نقصت صدقة من مال.

وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زادَ اللهُ عَبْداً بعَفْوٍ إلا عِزّاً، وَمَا تَوَاضَعَ أحَدٌ للهِ إلا رَفَعَهُ اللهُ» . رواه مسلم.

شرح الكلمات :

     مختصر منهاج القاصدين - (1 / 184)
علم: أن معنى العفو أن تستحق حقاً فتسقطه، وتؤدى عنه من قصاص أو غرامة."

إكمال المعلم بفوائد مسلم - (8 / 59)
قوله : " ما نقصت صدقة من مال ":
فيه وجهان:
أحدهما : أنه بقدر ما نقص منه يزيده الله فيه وينميه ويكثره.
والثانى : أنه وإن نقص فى نفسه ففى الثواب والأجر عنها ما يجبر ذلك النقص بإضعافه.

وقوله : " ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا ":
فيه _أيضًا_ وجهان :
أحدهما : ظاهره أن من عرف بالصفح والعفو ساد وعظم فى القلوب وزاد عزه.
الثانى : أن يكون أجره على ذلك فى الآخرة وعزته هناك.

"وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" :
فيه وجهان كذلك :
أحدهما: أن الله _تعالى_ يمنحه ذلك فى الدنيا جزاء على تواضعه له، وأن تواضعه يثبت له فى القلوب محبة ومكانة وعزة.
والثانى: أن يكون ذلك ثوابه فى الآخرة على تواضعه.

وهذه الوجوه كلها فى الدنيا ظاهرة موجودة، وقد صدق - عليه السلام - فيما أخبر منها. وقد يكون جمع الوجهين فى جميعها. وكان هذا كله تنبيهًا على رد قول من يقول : الصبر والحلم الذل. ومن قاله من الجملة فإنما أراد به شبهه فى الاحتمال وعدم الانتصار." اهـ كلام القاضي عياض _رحمه الله_


فوائد الحديث :

     تطريز رياض الصالحين - (1 / 366)
في هذا الحديث: أن الصدقة لا تنقص المال بل تزيده، لما تدفعه عنه الصدقة من الآفات، وتنزل بسببها البركاتُ.

     فيض القدير - (5 / 503)
ما نقصت شيئا من مال في الدنيا بالبركة فيه ودفع المفسدات عنه والإخلاف عليه بما هو أجدى وأنفع وأكثر وأطيب

     الاستذكار - (8 / 612)
ومعنى قوله ما نقصت صدقة من مال:  أي : لا تنقص الصدقة المال لأنه مال مبارك فيه إذا أديت زكاته وتطوع منه صاحبه لأن الصدقة تضاعف إلى سبعمائة ضعف ويجدها صاحبها وقت الحاجة إليها كجبل أحد مضاعفة أضعافا كثيرة فأي نقصان مع هذا

     فيض القدير - (5 / 503)
ما نقصت شيئا من مال في الدنيا بالبركة فيه ودفع المفسدات عنه والإخلاف عليه بما هو أجدى وأنفع وأكثر وأطيب { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه } أو في الآخرة بإجزال الأجر وتضعيفه أو فيهما وذلك جابر لأصناف ذلك النقص بل وقع لبعض الكمل أنه تصدق من ماله فلم يجد فيه نقصا قال الفاكهاني : أخبرني من أثق به أنه تصدق من عشرين درهما بدرهم فوزنها فلم تنقص . قال : وأنا وقع لي ذلك .

     تنوير الحوالك - (1 / 260)
قال الباجي يري أن الصدقة سبب لتنمية المال وحفظه

     تطريز رياض الصالحين - (1 / 366)
وفيه: أن من عُرِف بالعفو والصفح ساد وعظم في قلوب الناس، وأن من تواضع رفعه الله في الدنيا والآخرة.

     تحفة الأحوذي - (6 / 150)
فإن من عرف بالعفو عظم في القلوب أو في الاخرة بأن يعظم ثوابه أو فيهما

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى - (36 / 131)
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه :
لا شكّ أن العفو هو الأولى؛ لنصوص الكتاب، والسنة،
قَالَ الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} الآية [الشورى: 40]،
وَقَالَ سبحانه وتعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43]،
وَقَالَ عز وجل: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} الآية [النِّساء: 128]،
وَقَدْ أخرج مسلم رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" منْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "ما نقصت صدقة منْ مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله".
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


     تطريز رياض الصالحين - (1 / 370)
في هذا الحديث: أن الصدقة تنتج البركة والمعونة من الله.

     شرح النووي على مسلم - (16 / 141)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَة مِنْ مَال )
ذَكَرُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبَارَك فِيهِ ، وَيَدْفَع عَنْهُ الْمَضَرَّات ، فَيَنْجَبِر نَقْص الصُّورَة بِالْبَرَكَةِ الْخَفِيَّة ، وَهَذَا مُدْرَك بِالْحِسِّ وَالْعَادَة . وَالثَّانِي أَنَّهُ وَإِنْ نَقَصَتْ صُورَته كَانَ فِي الثَّوَاب الْمُرَتَّب عَلَيْهِ جَبْر لِنَقْصِهِ ، وَزِيَادَة إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة .

     شرح النووي على مسلم - (16 / 141)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا زَادَ اللَّه عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا )
فِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ عَلَى ظَاهِره ، وَأَنَّ مَنْ عُرِفَ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْح سَادَ وَعَظُمَ فِي الْقُلُوب ، وَزَادَ عِزّه وَإِكْرَامه . وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد أَجْره فِي الْآخِرَة وَعِزّه هُنَاكَ .

     شرح النووي على مسلم - (16 / 141_142)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا تَوَاضَعَ أَحَد لِلَّهِ إِلَّا____رَفَعَهُ اللَّه )
فِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ : أَحَدهمَا يَرْفَعهُ فِي الدُّنْيَا ، وَيُثْبِتُ لَهُ بِتَوَاضُعِهِ فِي الْقُلُوب مَنْزِلَة ، وَيَرْفَعهُ اللَّه عِنْد النَّاس ، وَيُجِلّ مَكَانه . وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد ثَوَابه فِي الْآخِرَة ، وَرَفْعه فِيهَا بِتَوَاضُعِهِ فِي الدُّنْيَا . قَالَ الْعُلَمَاء : وَهَذِهِ الْأَوْجُه فِي الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة مَوْجُودَة فِي الْعَادَة مَعْرُوفَة ، وَقَدْ يَكُون الْمُرَاد الْوَجْهَيْنِ مَعًا فِي جَمِيعهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . وَاَللَّه أَعْلَم .

     كشف المشكل من حديث الصحيحين - (1 / 1041)
قد اعترض معترض فقال كيف يخبر الرسول {صلى الله عليه وسلم} بما ينافي الحقائق ونحن نعلم أن من تصدق من دينار بقيراط نقص،
فأجاب العلماء، فقالوا :
إن الرسول {صلى الله عليه وسلم} لم يقصد هذا وإنما أراد أن البركة تخلف الجزء المنفصل فيكون كأنه لم يزل،
ووقع لي في هذا جوابٌ آخرُ ينطبق على أصل السؤال، فقلت :
للإنسان دارانِ، فإذا نُقِلَ بعضُ ماله بالصدقة إلى الدار الأخرى، لَمْ يَنْقُصْ مالُه حقيقةً،
وقد جاء في الحديث ( ( فيربيها لأحدكم حتى تكون كالجبل ) )
وصار كمن بعَث بعضَ مالِه إلى إحدى دارَيْهِ أو قَسَمَه في صندُوْقَيْنِ، فيراد من هذا أن ما خرج منك لم يخرج عنك،
وقوله ( ( وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ) ) وذاك لأن العافي في مقام الواهب والمتصدق فيعز بذلك
وقوله ( ( وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) ) أي رفع قدره في القلوب لإخلاصه في التواضع

     فيض القدير - (5 / 503)
ومن تواضع لله في تحمل مؤن خلقه كفاه الله مؤنة ما يرفعه إلى هذه المقام،
ومن تواضع في قبول الحق ممن دونه قبل الله منه مدخول طاعاته ونفعه بقليل حسناته وزاد في رفعة درجاته وحفظه بمعقبات رحمته من بين يديه ومن خلفه

     فيض القدير - (5 / 503)
 واعلم أن من جبلة الإنسان الشح بالمال
ومتابعة السبعية من آثار الغضب والانتقام والاسترسال في الكبر الذي هو نتائج الشيطنة
فأراد الشارع أن يقلعها من نسخها فحث أولا على الصدقة ليتحلى بالسخاء والكرم وثانيا على العفو ليتعزز بعز الحلم والوقار وثالثا على التواضع ليرفع درجاته في الدارين

     بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 130)
هذا الحديث احتوى على فضل الصدقة ، والعفو والتواضع ، وبيان ثمراتها العاجلة والآجلة ، وأن كل ما يتوهمه المتوهم من نقص الصدقة للمال ، ومنافاة العفو للعز ، والتواضع للرفعة : وهم غالط، وظن كاذب .

     بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 130)
فالصدقة لا تنقص المال ، لأنه لو فرض أنه نقص من جهة ، فقد زاد من جهات أخر ، فإن الصدقة تبارك المال ، وتدفع عنه الآفات وتنميه ، وتفتح للمتصدق من أبواب الرزق وأسباب الزيادة أمورا ما تفتح على غيره فهل يقابل ذلك النقص بعض هذه الثمرات الجليلة ؟
فالصدقة لله التي في محلها لا تنفد المال قطعا ، ولا تنقصه بنص النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالمشاهدات والتجربات المعلومة ، هذا كله سوى ما لصاحبها عند الله : من الثواب الجزيل ، والخير والرفعة .

   بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 130_131)
وأما العفو عن جنايات المسيئين بأقوالهم وأفعالهم : فلا يتوهم منه الذل ، بل هذا عين العز ، فإن العز هو الرفعة عند الله وعند خلقه ، مع القدرة على قهر الخصوم والأعداء .___
ومعلوم ما يحصل للعافي من الخير والثناء عند الخلق ، وانقلاب العدو صديقا ، وانقلاب الناس مع العافي ، ونصرتهم له بالقول والفعل على خصمه ، ومعاملة الله له من جنس عمله ، فإن من عفا عن عباد الله عفا الله عنه . وكذلك المتواضع لله ولعباده يرفعه الله درجات ; فإن الله ذكر الرفعة في قوله : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } . [ المجادلة : 11 ]

     بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 131)
فمن أجل ثمرات العلم والإيمان : التواضع ، فإنه الانقياد الكامل للحق ، والخضوع لأمر الله ورسوله ، امتثالا للأمر ، واجتنابا للنهي ، مع التواضع لعباد الله ، وخفض الجناح لهم ، ومراعاة الصغير والكبير ، والشريف ، والوضيع ، وضد ذلك التكبر ; فهو غمط الحق ، واحتقار الناس .

     بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 131)
وهذه الثلاث المذكورات في هذا الحديث : مقدمات صفات المحسنين ، فهذا محسن في ماله ، ودفع حاجة المحتاجين ، وهذا محسن بالعفو عن جنايات المسيئين ، وهذا محسن إليهم بحلمه وتواضعه ، وحسن خلقه مع الناس أجمعين ، وهؤلاء قد وسعوا الناس بأخلاقهم وإحسانهم ورفعهم الله فصار لهم المحل الأشرف بين العباد ، مع ما يدخر الله لهم من الثواب .

     بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 132)
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : « وما تواضع أحد لله » تنبيه على حسن القصد والإخلاص لله في تواضعه ، لأن كثيرا من الناس قد يظهر التواضع للأغنياء ليصيب من دنياهم ، أو للرؤساء لينال بسببهم مطلوبه ، وقد يظهر التواضع رياء وسمعة ، وكل هذه أغراض فاسدة ، لا ينفع العبد إلا التواضع لله تقربا إليه ، وطلبا لثوابه ، وإحسانا إلى الخلق ، فكمال الإحسان وروحه الإخلاص لله .

     بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 272)
وفي هذا الحديث دليل : على أن قصد العامل ، ما يترتب على عمله من ثواب الدنيا لا يضره إذا كان القصد من العمل وجه الله والدار الآخرة . فإن الله بحكمته ورحمته رتب الثواب العاجل والآجل ، ووعد بذلك العاملين ؛ لأن الأمل واستثمار ذلك ينشط العاملين ، ويبعث هممهم على الخير ، كما أن الوعيد على الجرائم ، وذكر عقوباتها مما يخوف الله به عباده ويبعثهم على ترك الذنوب والجرائم .


     سبل السلام - (2 / 693)
وَفِي قَوْلِهِ: «مَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إلَّا عِزًّا» حَثٌّ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الْمُسِيءِ وَعَدَمِ مُجَازَاتِهِ عَلَى إسَاءَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] وَفِيهِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْعَافِي عِزًّا وَعَظَمَةً فِي الْقُلُوبِ؛ لِأَنَّهُ بِالِانْتِصَافِ يُظَنُّ أَنَّهُ يُعَظَّمُ وَيُصَانُ جَانِبُهُ وَيُهَابُ وَيُظَنُّ أَنَّ الْإِغْضَاءَ وَالْعَفْوَ لَا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ يَزْدَادُ بِالْعَفْوِ عِزًّا

     سبل السلام - (2 / 693)
وَفِي قَوْلِهِ «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ أَيْ لِأَجْلِ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِلْمُتَوَاضِعِينَ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّوَاضُعَ سَبَبٌ لِلرِّفْعَةِ فِي الدَّارَيْنِ لِإِطْلَاقِهِ.

     سبل السلام - (2 / 693)
وَفِي الْحَدِيثِ حَثٌّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَعَلَى الْعَفْوِ وَعَلَى التَّوَاضُعِ، وَهَذِهِ مِنْ أُمَّهَاتِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.

Minggu, 29 Desember 2019

تنبيه الأجيال على اغتنام الأوقات


تنبيه الأجيال على اغتنام الأوقات

بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)

وفي مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 115_116) :
"كلُّ صفةٍ مدَح اللهُ بِهَا العَبْدَ فِي الْقُرْآن : فَهِيَ ثَمَرَة الْعلم ونتيجته. وكل ذمّ ذمه فَهُوَ ثَمَرَة الْجَهْل ونتيجته.
فمدحه بالايمان وَهُوَ راس الْعلم ولبه ومدحه بِالْعَمَلِ الصَّالح الَّذِي هُوَ ثَمَرَة الْعلم النافع ومدحه بالشكر وَالصَّبْر والمسارعة فِي الْخيرَات وَالْحب لَهُ وَالْخَوْف مِنْهُ والرجاء والانابة والحلم وَالْوَقار واللب وَالْعقل والعفة وَالْكَرم والايثار على النَّفس والنصيحة لِعِبَادِهِ وَالرَّحْمَة بهم والرأفة وخفض الْجنَاح وَالْعَفو عَن مسيئهم والصفح عَن جانبهم وبذل الاحسان لكافتهم وَدفع السَّيئَة بِالْحَسَنَة والامر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَالصَّبْر فِي مَوَاطِن الصَّبْر وَالرِّضَا بِالْقضَاءِ واللين للأولياء والشدة على الاعداء والصدق فِي الْوَعْد وَالْوَفَاء بالعهد والاعراض___عَن الْجَاهِلين وَالْقَبُول من الناصحين وَالْيَقِين والتوكل والطمأنينة والسكينة والتواصل والتعاطف وَالْعدْل فِي الاقوال والافعال والاخلاق وَالْقُوَّة فِي امْرَهْ والبصيرة فِي دينه وَالْقِيَام بأَدَاء حَقه واستخراجه من المانعين لَهُ والدعوة اليه وَإِلَى مرضاته وجنته والتحذير عَن سبل اهل الضلال وتبيين طرق الغي وَحَال سالكيها والتواصي بِالْحَقِّ والتواصي بِالصبرِ والحض على طَعَام الْمِسْكِين وبر الْوَالِدين وصلَة الارحام وبذل السَّلَام لكافة الْمُؤمنِينَ الى سَائِر الاخلاق المحمودة والافعال المرضية." اهـ

وقال ابن الجوزي _رحمه الله_ في تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر (ص: 48) :
"والناس ثلاثة: من ابتكر عمره بالخير ودام عليه فذلك من الفائزين، ومن خلط وقصر فذلك من الخاسرين، ومن صاحب التفريط والمعاصي فذلك من الهالكين." اهـ
................................................
وفي صحيح الترغيب (رقم : 3355) [صحيح] :
وعن ابن عباسٍ رضي الله عمْهما قال:
قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجلٍ وهو يَعِظُه:
"اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ: * شبابَكَ قبلَ هَرمِكَ، * وصِحَّتَك قبل سَقْمِكَ، * وغِناكَ قبْلَ فقْرِكَ،
* وفَراغَك قَبْلَ شُغْلِكَ، * وحياتَك قَبْلَ مَوْتِكَ".
رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرطهما".

وقال الزيداني في المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 282) :
"قوله : ("اغتنم" أي : اتخذ هذه الأشياء غنيمةً واتخذها نعمة؛ يعني: اعمل في الشباب الأعمال الصالحة، وكذلك في الصحة، وفي الغنى، وفي حالة الفراغ والحياة." اهـ

وقال ابن الجوزي _رحمه الله_ في تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر (ص: 45) ذاكرا مرحلة الشباب، وهي أعظم مراحل العمر :
"وهو من زمان البلوغ إلى منتهى الشباب وهذا هو الموسم الأعظم الذي يقع فيه الجهاد للنفس والهوى وغلبة الشيطان، وبصيانته، يحصل القرب من الله تعالى، وبالتفريط فيه يقع الخسران العظيم. وبالصبر فيه على الزلل يثنى على الصابرين." اهـ

وفي تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 37) لأبي الليث السمرقندي :
"فَقَدْ جَمَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ عِلْمًا كَثِيرًا، لِأَنَّ الرَّجُلَ يَقْدِرُ عَلَى الْأَعْمَالِ فِي حَالِ شَبَابِهِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي حَالِ هِرَمِهِ، وَلِأَنَّ الشَّبَابَ إِذَا تَعَوَّدَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهَا فِي حَالِ هِرَمِهِ، فَيَنْبَغِي لِلشَّابِّ أَنْ يَتَعَوَّدَ فِي حَالِ شَبَابِهِ أَعْمَالَ الْخَيْرِ لِتَسْهُلَ عَلَيْهِ فِي حَالِ هِرَمِهِ.
وَقَوْلُهُ: صِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ نَافِذُ الْأَمْرِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ، فَيَنْبَغِي لِلصَّحِيحِ أَنْ يَغْتَنِمَ صِحَّتَهُ وَيَجْتَهِدَ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي مَالِهِ وَبَدَنِهِ.
لِأَنَّهُ إِذَا مَرِضَ ضَعُفَ بَدَنُهُ عَنِ الطَّاعَةِ، وَقَصُرَتْ يَدُهُ عَنْ مَالِهِ.
إِلَّا فِي مِقْدَارِ ثُلُثِهِ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ يَعْنِي فِي اللَّيْلِ يَكُونُ فَارِغًا وَبِالنَّهَارِ مَشْغُولًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ فِي حَالِ فَرَاغِهِ، وَيَصُومَ بِالنَّهَارِ فِي وَقْتِ شُغْلِهِ سِيَّمَا فِي أَيَّامِ الشِّتَاءِ.
...................................................

وفي صحيح البخاري (رقم : 6416)
عَنْ مجاهد عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:
أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ»
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ : «إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ»

وقال الحافظ _رحمه الله_ في فتح الباري لابن حجر (11/ 235) :
"وَأَنَّ الْعَاقِلَ يَنْبَغِي لَهُ إِذَا أَمْسَى لَا يَنْتَظِرُ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحَ لَا يَنْتَظِرُ الْمَسَاءِ بَلْ يَظُنُّ أَنَّ أَجَلَهُ مُدْرِكُهُ قَبْلَ ذَلِكَ
قَالَ : (وَقَوْلُهُ خُذْ مِنْ صِحَّتِكَ...إِلَخْ)
أَيِ : اعْمَلْ مَا تَلْقَى نَفْعَهُ بَعْدَ مَوْتِكَ وَبَادِرْ أَيَّامَ صِحَّتِكَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَإِنَّ الْمَرَضَ قَدْ يَطْرَأُ فَيَمْتَنِعُ مِنَ الْعَمَلِ فَيُخْشَى عَلَى مَنْ فَرَّطَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَعَادِ بِغَيْرِ زَادِ
.............................................
...............................
يظهر قدر الأوقات ومنزلتها :
1.   اهتمام الشرع : بتوقيت الصلوات الخمس وغيرها من العبادات كالزكاة والصوم والحج وعبادات أخرى

قال الله _عز وجل_ :
{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]

صحيح البخاري (رقم : 527) :
عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود _رضي الله عنه_ قَالَ :
سَأَلْتُ النَّبِيَّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ : "أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟"
قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا» خ م
...............................................
2.   امتنان الله على عباده بالأوقات
قال الله _تعالى_ :
{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } [إبراهيم: 33]

والليل والنهار وتعاقبهما على الناس من نعم الله _جل وعلا_ :

قال الله _تعالى_ :{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } [النحل: 18] تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 511)
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} يُخْبِرُ عَنْ عَجْزِ الْعِبَادِ عَنْ تَعْدَادِ النِّعَمِ فَضْلًا عَنِ الْقِيَامِ بِشُكْرِهَا
...............................................
3.   ذم الكفار لإضاعة أعمارهم

قال الله _سبحانه وتعالى_ :
{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ، وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: 37]

وقال ابن تيمية _رحمه الله_ في مجموع الفتاوى (16/ 188) :
"أَيْ قَامَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ بِالنَّذِيرِ الَّذِي جَاءَكُمْ وَبِتَعْمِيرِكُمْ عُمْرًا يَتَّسِعُ لِلتَّذَكُّرِ." اهـ

مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار (1/ 82)
فتفكر يا أخي في ذلك عسى الله أن ينفعنا وإياك واستعن بالله واصبر واجتهد وشمر وبادر بالأعمال الصالحة قبل أن يحال بينك وبينها فلا تجد إليها سبيلا.
وكن حذرًا من مفاجأة الأجل فإنك غرض للآفات وهدف منصوب لسهام المنايا وإنما رأس مالك الذي يمكنك إن وفقك الله أن تشتري به سعادة الأبد هذا العمر.
قال الله جل وعلا: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ} [فاطر: 37] . فإياك أن تنفق أوقاته وأيامه وساعاته وأنفاسه فيما لا خير فيه ولا منفعة فيطول تحسرك وندمك وحزنك بعد الموت.
.....................................................
4.   أن الأوقات من النعم العظيمة

وفي صحيح البخاري (رقم : 6412)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ "

وفي فتح الباري لابن حجر (11/ 230) :
"وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ :
"قَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ صَحِيحًا وَلَا يَكُونُ مُتَفَرِّغًا لِشُغْلِهِ بِالْمَعَاشِ وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا وَلَا يَكُونُ صَحِيحًا فَإِذَا اجْتَمَعَا فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْكَسَلُ عَنِ الطَّاعَةِ فَهُوَ الْمَغْبُونُ وَتَمَامُ ذَلِكَ أَنَّ الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ وَفِيهَا التِّجَارَةُ الَّتِي يَظْهَرُ رِبْحُهَا فِي الْآخِرَةِ فَمَنِ اسْتَعْمَلَ فَرَاغَهُ وَصِحَّتَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَهُوَ الْمَغْبُوطُ وَمَنِ اسْتَعْمَلَهُمَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَهُوَ الْمَغْبُونُ لِأَنَّ الْفَرَاغَ يَعْقُبُهُ الشُّغْلُ وَالصِّحَّةُ يَعْقُبُهَا السَّقَمُ." اهـ

وفي تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 39)
وَقَالَ حَاتِمٌ الْأَصَمُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى :
"أَرْبَعَةٌ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ :
* قَدْرُ الشَّبَابِ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الشُّيُوخُ، * وَقَدْرُ الْعَافِيَةِ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا أَهْلُ الْبَلَاءِ، * وَقَدْرُ الصِّحَّةِ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْمَرْضَى، * وَقَدْرُ الْحَيَاةِ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْمَوْتَى.

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 592)
فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ حَيَاتِهِ، وَيَغْتَنِمَ كُلَّ سَاعَةٍ تَأْتِي عَلَيْهِ وَيَقُولَ لَا أَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ حَالِي فِي سَاعَةٍ أُخْرَى، وَيَتَفَكَّرَ فِي نَدَامَةِ الْمَوْتَى وَإِنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ الْحَيَاةَ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ مِقْدَارَ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِنَّكَ قَدْ نِلْتَهَا، فَاجْتَهِدْ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ وَقْتُ النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ وَقِيلَ لِحَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَلَامَ بَنَيْتَ عَمَلَكَ؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعٍ: أَحَدُهَا: إِنِّي عَلِمْتُ أَنَّ لِي رِزْقًا لَا يُجَاوِزُنِي إِلَى غَيْرِي كَمَا لَا يُجَاوِزُ رِزْقُ أَحَدٍ إِلَيَّ فَوَثِقْتُ بِهِ.
وَالثَّانِي: عَلِمْتُ أَنَّ عَلَيَّ فَرْضًا لَا يُؤَدِّيهِ غَيْرِي، فَأَنَا مَشْغُولٌ بِهِ.
وَالثَّالِثُ: عَلِمْتُ أَنَّ رَبِّي يَرَانِي كُلَّ وَقْتٍ، فَأَسْتَحِي مِنْهُ.
وَالرَّابِعُ: عَلِمْتُ أَنَّ لِي أَجَلًا يُبَادِرُنِي، فَأَنَا أُبَادِرُهُ.
قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْأَجَلِ، الِاسْتِعْدَادُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالِامْتِنَاعُ عَمَّا نَهَى اللَّهُ، وَالتَّضَرُّعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِكَيْ يُثَبِّتَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجْعَلَ خَاتِمَتَهُ فِي خَيْر."

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 387_388)
 وَقَالَ غُنَيْمُ بْنُ قَيْسٍ :
"كُنَّا نَتَوَاعَظُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ: ابْنَ آدَمَ اعْمَلْ فِي فَرَاغِكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَفِي شَبَابِكَ لِكِبَرِكَ، وَفِي صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَفِي دُنْيَاكَ____لِآخِرَتِكَ."
..............................................
5.   أن الأوقات محسوبة على العبد

وفي المعجم الكبير للطبراني (20/ 60) :
111 - عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا تَزُولُ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ :
* عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ * وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟ * وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ * وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟ "
وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (رقم : 3593)

الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء (ص: 156)
"فَالْعَارِفُ ابْنُ وَقْتِهِ، فَإِنْ أَضَاعَهُ ضَاعَتْ عَلَيْهِ مَصَالِحُهُ كُلُّهَا، فَجَمِيعُ الْمَصَالِحِ إِنَّمَا تَنْشَأُ مِنَ الْوَقْتِ، وَإِنْ ضَيَّعَهُ لَمْ يَسْتَدْرِكْهُ أَبَدًا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " صَحِبْتُ الصُّوفِيَّةَ فَلَمْ أَسْتَفِدْ مِنْهُمْ سِوَى حَرْفَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُمْ: الْوَقْتُ سَيْفٌ، فَإِنْ قَطَعْتَهُ وَإِلَّا قَطَعَكَ ".
وَذَكَرَ الْكَلِمَةَ الْأُخْرَى: " وَنَفْسُكَ إِنْ لَمْ تَشْغَلْهَا بِالْحَقِّ وَإِلَّا شَغَلَتْكَ بِالْبَاطِلِ ".
فَوَقْتُ الْإِنْسَانِ هُوَ عُمُرُهُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ مَادَّةُ حَيَاتِهِ الْأَبَدِيَّةِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَمَادَّةُ الْمَعِيشَةِ الضَّنْكِ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وَهُوَ يَمُرُّ أَسْرَعَ مِنَ السَّحَابِ،
فَمَا كَانَ مِنْ وَقْتِهِ لِلَّهِ وَبِاللَّهِ___فَهُوَ حَيَاتُهُ وَعُمُرُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ لَيْسَ مَحْسُوبًا مِنْ حَيَاتِهِ، وَإِنْ عَاشَ فِيهِ عَاشَ عَيْشَ الْبَهَائِمِ، فَإِذَا قَطَعَ وَقْتَهُ فِي الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ وَالْأَمَانِيِّ الْبَاطِلَةِ، وَكَانَ خَيْرَ مَا قَطَعَهُ بِهِ النَّوْمُ وَالْبِطَالَةُ، فَمَوْتُ هَذَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ حَيَاتِهِ." اهـ

=============================
منزلة الوقت عند السلف :

موارد الظمآن لدروس الزمان (3/ 30)
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.
وقال آخر: كل يوم يمر بي لا أزداد فيه علمًا يقربني من الله عز وجل فلا بورك لي في طلوع شمسه.
وهكذا كان السلف ينصحون إخوانهم ويحفظون أوقاتهم فعليك بالاقتداء بهم.

الفوائد لابن القيم (ص: 31)
فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يسترضي ربّه قبل لِقَائِه ويعمّر بَيته قبل انْتِقَاله إِلَيْهِ إِضَاعَة الْوَقْت أَشد من الْمَوْت لِأَن إِضَاعَة الْوَقْت تقطعك عَن الله وَالدَّار الْآخِرَة وَالْمَوْت يقطعك عَن الدُّنْيَا وَأَهْلهَا
.................................

صفة الصفوة (1/ 154)
عن ابن مسعود أنه كان يقول إذا قعد يذكِّرُ :
"إِنَّكُمْ في ممر من الليل والنهار في آجَالٍ منقوصةٍ وأعمالٍ محفوظةٍ، والموت يأتي بغتة!
فمن زرع خيرا، فيوشك أنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً. وَمَنْ زَرَعَ شَرَّا، فيوشك أنْ يحصدَ نَدَامَةً،
ولكل زارع مثل ما زرع، لا يُسْبَقُ بَطِيْءٌ بِحَظِّهِ. ولا يُدْرِكُ حريصٌ ما لم يقدَّرْ له.
فإنْ أعْطِيَ خيْرًا، فالله أعطاه. ومن وقي شرا فالله وقاه، المتقون سادة، والفقهاء قادةٌ ومجالسهم زيادةٌ." اهـ
  


...............................................
وفي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 363)
باب : ما لقي أبي من المقاساة في طلب العلم من الشدة
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول :
"بقيت بالبصرة في سنة أربعَ عشْرَةَ ومِائَتَيْنِ (214 هـ)، ثمانية أشهر،
وكان في نفسي أن أقيم سنةً، فانقطع نفقتي، فجعلت أبيع ثياب بدني شيئا بعد شئٍ، حتى بقيت بلا نفقة.
ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة، وأسمع منهم إلى المساء.
فانصرف رفيقي ورجعت إلى بيتٍ خالٍ، فجعلت أشرب الماء من الجوع،
ثم أصبحت من الغد، وغَدَا على رفيقي، فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على___جوعٍ شديدٍ، فانصرف عني، وانصرفت جائعا.
فلما كان من الغد، غدا عليَّ، فقال : مر بنا إلى المشايخِ،
قلت : "أنا ضعيف، لا يمكنني". قال : "ما ضعفك؟"
قلت : "لا أَكْتُمُكَ أَمْرِيْ، قد مضى يومان، ما طعِمْتُ فيهما شيئا"، فقال لي : "قد بقي معي دينار، فأنا أواسيك بنصْفِه، ونجعل النصف الآخر في الكراء"،
فخرجنا من البصرة وقبضت منه النصف دينار." اهـ

تذكرة الحفاظ = طبقات الحفاظ للذهبي (3/ 35)
عن ابن أبي حاتم قال: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، نهارنا ندور على الشيوخ وبالليل ننسخ ونقابل، فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخا فقالوا: هو عليل؛ فرأيت سمكا أعجبنا فاشتريناه فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ فمضينا فلم يزل السمك ثلاثة أيام وكاد أن ينضى فأكلناه نيا لم نتفرغ نشويه؛ ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.