Kamis, 26 April 2018

Dosa Besar 75



الْكَبِيرَة الْخَامِسَة وَالسِّبعونَ
تَارِك الْجُمْعَة ليصَلي وَحده

416__عَن عبد الله بن مَسْعُود _رَضِي الله عَنهُ_ :
أَن النَّبِي _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ قَالَ لقوم يتخلفون عَن الْجَمَاعَة :
((لقد هَمَمْت أَن آمُر رجل يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثمَّ أحرق على رجال يتخلفون عَن الْجُمْعَة بُيُوتهم) أخرجه مُسلم

الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 124)
* في هذا الحديث تأكيد أمر الجمعة وأنه لم يرض أن يستنيب في ذلك حتى يلابسه بنفسه، وأنه كان - صلى الله عليه وسلم - يرى أن تفوته هو صلاة الجمعة فيحرق بيوت من لم يشهدوها فيكون فوت جمعة واحدة حافظًا لجمع كثيرة إلا ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك وجعل ما نطق به مما هم بفعله نائبًا منابه، حتى إن تركها أهل بلد ففعل به الإمام ما هم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعله جاز له ذلك.

الاستذكار (2/ 141)
وَأَمَّا الْوَعِيدُ مِنْهُ فِي إِحْرَاقِ بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الصَّلَاةِ مَعَهُ فَهُوَ كَسَائِرِ الْوَعِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَيْسَ مَنْ لَمْ يُنَفِّذْهُ مُخْلِفًا وَلَكِنَّهُ مُحْسِنٌ ذُو عَفْوٍ مَحْمُودٍ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ مُخْلِفَ الْوَعْدِ كَذَلِكَ
=================================================
417__وَقَالَ _عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام_ :
((لينتهين أَقوام عَن ودعهم الْجَمَاعَاتِ أَو ليختِمن الله على قُلُوبهم ثمَّ لَيَكُونن من الغافلين)) رَوَاهُ مُسلم

تطريز رياض الصالحين (ص: 655)
فيه: وعيد شديد لمن ترك الجمعة لغير عذر شرعي.

شرح النووي على مسلم (6/ 152_153)
وَفِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ وَمَعْنَى الْخَتْمِ الطَّبْعُ والتغطية____قَالُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى خَتَمَ اللَّهُ على قلوبهم أي طبع وَمِثْلُهُ الرَّيْنُ فَقِيلَ الرَّيْنُ الْيَسِيرُ مِنَ الطَّبْعِ، وَالطَّبْعُ الْيَسِيرُ مِنَ الْأَقْفَالِ، وَالْأَقْفَالُ أَشَدُّهَا

الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 201)
إن فيه إشارة إلى تحذير من ترك الجمعة إهمالا لها مع اعتقاد وجوبها عليه؛ إلا أن فيه من التحذير لمن لا يعتقد (75/أ) وجوب الجمعة، ما هو أشد مما هو لمن يتركها مع اعتقاد وجوبها، وهو كل من لا يصلي الجمعة معتقدا أنها لا تجب عليه من الرافضة بتأويل يعلقونه على مستحيل.
* وفيه: أن هذا الذنب في ترك الجمعة يتعلق به عقوبتان في الدنيا، مع عذاب الآخرة، وهما الختم على القلب، ثم غمور الغفلة.
* وقوله: (ليكونن) باللام والنون المؤكدين، دليل على قوة ذلك، وعلى أن كل تارك للجمعة، فإنه إذا اعتبر سره وجد فيه نوع عداوة للدين من حيث إنه___لا يستطيع أن يرى علن أمر الإسلام وظهور شعاره في عبادة الله والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أبى الله سبحانه وتعالى إلا إظهار ذلك وليكره المشركين.

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1270)
ختم الله تعالي علي قلوبهم، فإن اعتياد ترك الجمعة يغلب الرين علي القلوب، ويزهد النفوس في الطاعة. وذلك يؤدي بهم إلي أن يكونوا من الغافلين.
==================================================
عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا، طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» أخرجه أَبُو دَاوُد
[حكم الألباني : حسن صحيح]

الاستذكار (2/ 55)
وَالْخَتْمُ عَلَى الْقُلُوبِ مِثْلُ الطَّبْعِ عَلَيْهَا وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِأَنَّ مَنْ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ وَخُتِمَ عَلَيْهِ لَمْ يَعْرِفْ مَعْرُوفًا وَلَمْ يُنْكِرْ مُنْكِرًا
 =================================================
419__وَعَن حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا عن النبي _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ قال :
((رواح الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم)) رواه النسائي

فتح الباري لابن رجب (8/ 77)
وهذا صريحٌ بأن الرواح إنما يجب على المحتلم، فيفهم منه أنه لا يجب على من لم يحتلم.

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (6/ 162)
ثمَّ فَرضِيَّة الْجُمُعَة: باكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَنَوع من الْمَعْنى: أما الْكتاب: فالآية الْمَذْكُورَة، وَالْمرَاد من الذّكر فِيهَا الْخطْبَة بِاتِّفَاق الْمُفَسّرين، وَالْأَمر للْوُجُوب، فَإِذا فرض السَّعْي إِلَى الْخطْبَة الَّتِي هِيَ شَرط جَوَاز الصَّلَاة فَإلَى أصل الصَّلَاة كَانَ أوجب، ثمَّ أكد الْوُجُوب بقوله: (وذروا البيع) فَحرم البيع بعد النداء، وَتَحْرِيم الْمُبَاح لَا يكون إلاّ من أجل وَاجِب. . وَأما السّنة: فَحَدِيث جَابر وَأبي سعيد قَالَا: (خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. .) . الحَدِيث، وَفِيه: (وَاعْلَمُوا أَن الله فرض عَلَيْكُم صَلَاة الْجُمُعَة. .) الحَدِيث. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ. وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الْجُمُعَة على من سمع النداء) ، وَعَن حَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (رواح الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم) ، رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح على شَرط مُسلم، قَالَه النَّوَوِيّ. وَأما الْإِجْمَاع: فَإِن الْأمة قد أَجمعت من لدن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِلَى يَوْمنَا هَذَا على فرضيتها من غير إِنْكَار

الْإِصْرَار على ترك صَلَاة الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة من غير عذر
* قَالَ الله تَعَالَى {يَوْم يكْشف عَن سَاق وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خاشعة أَبْصَارهم ترهقهم ذلة وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود وهم سَالِمُونَ}
قَالَ كَعْب الْأَحْبَار مَا نزلت هَذِه الْآيَة إِلَّا فِي الَّذين يتخلفون عَن الْجَمَاعَات
وَقَالَ سعيد بن الْمسيب إِمَام التَّابِعين رَحمَه الله : ((كَانُوا يسمعُونَ حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح فَلَا يجيبون وهم سَالِمُونَ أصحاء
·      وَفِي الصَّحِيحَيْنِ :
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد هَمَمْت أَن آمُر بحطب يحتطب ثمَّ آمُر بِالصَّلَاةِ فَيُؤذن لَهَا ثمَّ آمُر رجلاً فيؤم النَّاس ثمَّ أُخَالِف إِلَى رجال لَا يشْهدُونَ الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة فَأحرق عَلَيْهِم بُيُوتهم بالنَّار
·      وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة :
لقد هَمَمْت أَن آمُر فتيتي أَن يجمعوا لي حزماً من حطب ثمَّ آتِي قوماً يصلونَ فِي بُيُوتهم لَيست بهم عِلّة فأحرقها عَلَيْهِم

·   وَفِي هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح وَالْآيَة الَّتِي قبله وَعِيد شَدِيد لمن يتْرك صَلَاة الْجَمَاعَة من غير عذر
فقد روى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم :
((من سمع الْمُنَادِي فَلم يمنعهُ من إِتْيَانه عذر قيل وَمَا الْعذر يَا رَسُول الله قَالَ خوف أَو مرض لم تقبل مِنْهُ الصَّلَاة الَّتِي صلى يَعْنِي فِي بَيته))

وروى التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن رجل يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل وَلَا يُصَلِّي فِي جمَاعَة وَلَا يجمع فَقَالَ إِن مَاتَ هَذَا فَهُوَ فِي النَّار
·      وروى مُسلم :
أَن رجلاً أعمى جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله لَيْسَ لي قَائِد يقودني إِلَى الْمَسْجِد فَهَل لي رخصَة أَن أُصَلِّي فِي بَيْتِي فَرخص لَهُ فَلَمَّا ولى، دَعَاهُ، فَقَالَ : هَل تسمع النداء بِالصَّلَاةِ قَالَ نعم، قَالَ : فأجب))

وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد أَن ابْن أم مَكْتُوم جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ يَا رَسُول الله إِن الْمَدِينَة كَثِيرَة الْهَوَام وَالسِّبَاع وَأَنا ضَرِير الْبَصَر فَهَل لي رخصَة أَن أُصَلِّي فِي بَيْتِي فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسمع حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح قَالَ نعم قَالَ فأجب فحي هلا))

وَفِي رِوَايَة أَنه قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي ضَرِير شاسع الدَّار ولي قَائِد لَا يلائمني فَهَل لي رخصَة
وَقَوله فحي هلا أَي تعال وَأَقْبل

وروى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه على شَرط الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم :
((وَمن سمع النداء فَلم يمنعهُ من اتِّبَاعه عذر فَلَا صَلَاة لَهُ)) قَالُوا : وَمَا الْعذر يَا رَسُول الله قَالَ خوف أَو مرض)) د
[حكم الألباني] : صحيح دون جملة العذر وبلفظ ولا صلاة

مصنف ابن أبي شيبة (1/ 303)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ أُذُنُ ابْنِ آدَمَ رَصَاصًا مُذَابًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ الْمُنَادِيَ ثُمَّ لَا يُجِيبُهُ»

مصنف ابن أبي شيبة (1/ 303)
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ»، قَالَ: قِيلَ: وَمَنْ جَارُ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: «مَنْ أَسْمَعَهُ الْمُنَادِي»

·   وَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ من سره أَن يلقى الله غَدا مُسلما فليحافظ على هَذِه الصَّلَوَات الْخمس حَيْثُ يُنَادي بِهن فَإِن الله تَعَالَى شرع لنبيكم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنَن الْهدى وَإِنَّهَا من سنَن الْهدى وَلَو أَنكُمْ صليتم فِي بُيُوتكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا المتخلف فِي بَيته لتركتم سنة نَبِيكُم وَلَو تركْتُم سنة نَبِيكُم لَضَلَلْتُمْ وَلَقَد رَأَيْتنَا وَمَا يتَخَلَّف عَنْهَا إِلَّا مُنَافِق مَعْلُوم النِّفَاق،
وَلَقَد كَانَ الرجل يُؤْتى بِهِ يهادي بَين الرجلَيْن حَتَّى يُقَام فِي الصَّفّ)) م

Selasa, 10 April 2018

Syarh Shohih At-Targhib : 1607_1616



1607 - (3) [صحيح] وعن جابرٍ رضي الله عنه؛ أنَّه سمع النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ:
"إذا دَخَل الرجل بيتَه فذكر الله عندَ دُخوله، وعند طعامه؛ قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم ولا عشاء، وإذا دخل فَلَمْ يذكر الله عندَ دُخوله؛ قال الشيطانُ: أَدْركتم المبيتَ، وإذا لمْ يذْكرِ الله عندَ طعامه؛ قال الشيطانُ: أدركتم المبيت والعشاء".
رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

تطريز رياض الصالحين (ص: 468)
فيه: أن الذكر يطرد الشيطان، فإن الشيطان يشارك الإنسان في كل شيء، قال لله تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} [الإسراء (64) ] .

إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 485)
وقوله: " إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء ": مما تقدم الكلام عليه، وأن يذكر اسم الله واستعمال العبد ما ندب إليه منه فى مواطنه منع الشيطان من الاستقذار والأكل من عشائه، ولم يجعل له قدرة عليه إذا جعل الحديث على وجهه وظاهره

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (9/ 2838)
وفيه استحباب التسمية في ابتداء الطعام وحمد الله في آخره، وأن يجهر بها ليسمع غيره. ولو ترك التسمية في الأولى وتذكر في أثنائه، يقول: بسم الله أوله وآخره، والتسمية في شرب الماء واللبن والعسل والمرق والدواء وسائر المشروبات كالتسمية على الطعام.
وينبغي أن يسمي كل واحد من الآكلين. فإن سمى واحد منهم حصل أصل السنة نص عليه الشافعي، ويستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان إنما يتمكن من الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه، وهو قد ذكر اسم الله تعالى عليه، وأن المقصود يحصل بواحد. واستحباب الأكل والشرب باليمين وكراهيتهما بالشمال؛ لأن الشيطان يأكل بالشمال، وإن كان عذر يمنع من ذلك فلا كراهة. واستحباب الأكل مما يليه؛ لأن أكله من موضع يد صاحبه سوء عشرة وترك مروءة؛ لنفوره لا سيما في الأمراق وأشباهها. فإن كان تمرا فقد نقلوا إباحة اختلاف الأيدي في الطبق، والذي ينبغي تعميم النهي حملا على عمومه حتى يثبت دليل مخصص. أقول: كان الظاهر أن يقال: كنت أطيش بيدي، فأسند الطيش إلى اليد مبالغة، وأنه لم يكن يراعي آداب الأكل فأرشده لذلك إلى التسمية والأكل باليمين أيضا.
===================================================
1608 - (4) [حسن لغيره] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"يا بُنيَّ إذا دخلت على أهلك فسلِّم، فتكون بركة عليك وعلى أهل بيتِكَ".
رواه الترمذي عن علي بن زيد عن ابن المسيب عنه وقال:
"حديث حسن صحيح غريب".
تطريز رياض الصالحين (ص: 521)
فيه: الأمر بالسلام إذا دخل بيته لتناله بركة التحية.

المسالك في شرح موطأ مالك (7/ 514)
 وذلك لأنّه علي أهل بيته سلام استئذان، وإنَّما هو سلامُ البَرَكَةِ والسُّنَّةِ.

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 612)
أَوْ يُسَلِّمُ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهِ أَحَدٌ إِذِ السُّنَّةُ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتًا خَالِيًا أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَلَعَلَّ السِّرَّ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَبَعْضِ الْجِنِّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُذْكَرِ الْمَضْمُونُ بِهِ فِي الْأَخِيرَيْنِ اكْتِفَاءً، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قِيلَ الْمُرَادُ الَّذِي يُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِهِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ، وَالْمَضْمُونُ بِهِ أَنْ يُبَارِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَلْزَمُ بَيْتَهُ طَالِبًا لِلسَّلَامَةِ وَهَرَبًا مِنَ الْفِتَنِ، وَهَذَا أَوْجَهُ ; لِأَنَّ الْمُجَاهَدَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَفَرًا، وَالرَّوَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ حَضَرًا، وَلُزُومَ الْبَيْتِ اتِّقَاءً مِنَ الْفِتَنِ أَخَذَ بَعْضُهَا بِحُجْزَةِ بَعْضٍ، فَعَلَى هَذَا فَالْمَضْمُونُ بِهِ هُوَ رِعَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَجِوَارُهُ عَنِ الْفِتَنِ،

===============================================
1609 - (5) [صحيح] وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"ثلاثة كلُّهُمْ ضامِنٌ على الله عزَّ وجلَّ: رجُل خرج غازياً في سبيل الله_
عزَّ وجلَّ، فهو ضامنٌ على الله حتَّى يتوفَّاه فيُدخله الجنَّة بما نال مِنْ أجْرٍ أو غنيمةٍ، ورجلٌ راحَ إلى المسْجد، فهو ضامنٌ على الله حتى يتوَفَّاه فيُدْخله الجنَّة أو يَرُدَّهُ بما نال من أَجْرٍ أو غنيمةٍ، ورجلٌ دخل بيْته بسلامٍ، فهوَ ضامِنٌ على الله عزَّ وجلَّ".
رواه أبو داود.
وابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال:
"ثلاثةٌ كُلُّهُمْ ضامن على الله، إنْ عاش رُزِقَ وكفِيَ، وإن ماتَ أدخله (1) الله الجنة: مَنْ دَخَل بيته فسلَّم فهو ضامنٌ على الله" فذكر الحديث. [مضى 5 - الصلاة/ 9].
__________
(1) الأصل: "دخل"، والتصويب من "الموارد" ومما تقدم، فإنه هناك بلفظ ابن حبان.
شرح الحديث :

عون المعبود وحاشية ابن القيم (7/ 124)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم الْآيَةِ وَالْوَجْهَ الْآخَرَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِدُخُولِ بَيْتِهِ بِسَلَامٍ لُزُومَ الْبَيْتِ مِنَ الْفِتَنِ يُرَغِّبُ بِذَلِكَ فِي الْعُزْلَةِ وَيَأْمُرُ فِي الْإِقْلَالِ مِنَ الْمُخَالَطَةِ
انْتَهَى

الاستذكار (5/ 5)
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تُنْقِصُ مِنْ أَجْرِ الْمُجَاهِدِ شَيْئًا وَأَنَّهُ أَقَرَّ الْأَجْرَ غَنِمَ أَوْ لَمْ يَغْنَمْ وَشَهِدَ لِهَذَا مَا اجْتَمَعَ عَلَى تَقَبُّلِهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ بِالْأَثَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لِعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ بِأَسْهُمِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُمْ غَيْرُ حَاضِرِي الْقِتَالِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ((وَأَجْرُكَ))
وَأَجْمَعُوا أَنَّ تَحْلِيلَ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ وَظَائِفِهَا
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّؤُوسِ قَبْلَكُمْ))
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((أُعْطِيتُ خمسا لم يعطهن أحد قَبْلِي)) وَذَكَرَ مِنْهَا ((فَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَوْ كَانَتْ تُحْبِطُ الْأَجْرَ أَوْ تُنْقِصُهُ مَا كَانَتْ فَضِيلَةً لَهُ

الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (1/ 213)
أن الله تعالى تكفل له بما ذكر من الجنة أو الأجر والغنيمة؛ فيوفيه إحدى [75/أ] الحسنيين. وإنما ذكر الشيء المضمون به في أول الثلاثة؛ ولم يذكره في الثاني والثالث؛ اكتفاء بما دل عليه المضمون به في الأول، وبيان ذلك: أن الذي يجاهد في سبيل الله إنما يبتغي الشهادة وثواب الجهاد في سبيل الله والغنيمة؛ فذكر - صلى الله عليه وسلم -: أن الله تعالى تكفل له بإحدى الحسنيين؛ فكذلك الذي يروح إلى المسجد: فإنه يبتغي فضل الله ورضوانه ومغفرته فهو ذو ضمان على الله ألا يضل سعيه، ولا يضيع أجره؛ بل يؤتيه من فضله ورحمته على حسب ما يليق به سبحانه إذا تكفل بشيء!
====================================================
15 - (الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها).

1610 - (1) [صحيح] عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"إن أحدكم يأتيه الشيطانُ فيقولُ: من خلقك؟ فيقولُ: اللهُ. فيقول: مَنْ خلق الله؟ فإذا وجَدَ ذلك أحدكم فلْيَقل: آمنتُ بالله ورسولِهِ؛ فإنَّ ذلك يُذْهِبُ عَنْه".
رواه أحمد بإسناد جيد، وأبو يعلى والبزار.
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 570_572)
قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: إِذَا أَرَادَ الْإِنْسَانُ أَنْ يَنَالَ فَضْلَ التَّفَكُّرِ، فَلْيَتَفَكَّرَ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ :
أَوَّلُهَا: فِي الْآيَاتِ وَالْعَلَامَاتِ، وَالثَّانِي: فِي الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ،____وَالثَّالِثُ: فِي ثَوَابِهِ، وَالرَّابِعُ: فِي عَقْلِهِ، وَالْخَامِسُ: فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ وَجَفَائِهِ لَهُ،
فَأَمَّا التَّفَكُّرُ فِي الْآيَاتِ وَالْعَلَامَاتِ : فَأَنْ يَنْظُرَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فِيمَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَشْرِقِهَا، وَغُرُوبِهَا فِي مَغْرِبِهَا، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَفِي خَلْقِ نَفْسِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ {20} وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 20-21]
فَإِذَا تَفَكَّرَ الْعَبْدُ فِي الْآيَاتِ وَالْعَلَامَاتِ يَزِيدُ بِهِ يَقِينًا وَمَعْرِفَةً
وَأَمَّا التَّفَكُّرُ فِي الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ : فَأَنْ يَنْظُرَ إِلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَسُئِلَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ؟
فَقَالَ كُلُّ مَا ظَهَرَ فَهُوَ الْآلَاءُ وَمَا بَطَنَ فَهُوَ النَّعْمَاءُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْيَدَانِ آلَاؤُهُ، وَقُوَّةُ الْيَدَيْنِ نَعْمَاؤُهُ، وَالْوَجْهُ آلَاؤُهُ، وَحُسْنُ الْوَجْهِ وَالْجَمَالُ نَعْمَاؤُهُ، وَالْفَمُ آلَاؤُهُ، وَطَعْمُ الطَّعَامِ نَعْمَاؤُهُ، وَالرِّجْلَانِ آلَاؤُهُ، وَالْمَشْيُ نَعْمَاؤُهُ فَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ رِجْلَانِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قُوَّةُ الْمَشْيِ، فَقَدْ أُعْطِيَ الْآلَاءَ، وَلَمْ يُعْطَ النَّعْمَاءَ، وَالْعُرُوقُ وَالْعِظَامُ آلَاؤُهُ، وَصِحَّتُهَا وَسُكُونُهَا نَعْمَاؤُهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْآلَاءُ إِيصَالُ النِّعْمَةِ، وَالنَّعْمَاءُ دَفْعَ الْبَلِيَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى ضِدِّ هَذَا.
وَيُقَالُ: الْآلَاءُ وَالنَّعْمَاءُ وَاحِدٌ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] ،
فَإِذَا تَفَكَّرَ الْإِنْسَانُ فِي الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ يَزِيدُ الْمَحَبَّةَ،
وَأَمَّا التَّفَكُّرُ فِي ثَوَابِهِ : فَهُوَ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي ثَوَابِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ، فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْكَرَامَاتِ،
فَإِنَّ التَّفَكُّرَ فِي ثَوَابِهِ يَزِيدُهُ رَغْبَةً فِيهَا، وَاجْتِهَادًا فِي طَلَبِهَا، وَقُوَّةً فِي طَاعَةِ رَبِّهِ،
وَأَمَّا التَّفَكُّرُ فِي عِقَابِهِ : فَهُوَ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِيمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَعْدَائِهِ فِي النَّارِ مِنَ الْهَوَانِ، وَالْعُقُوبَةِ، وَالنَّكَالِ،
فَإِنَّ التَّفَكُّرَ فِي ذَلِكَ يَزِيدُهُ رَهْبَةً، وَيَكُونُ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ الْمَعَاصِي
وَأَمَّا التَّفَكُّرُ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ : فَهُوَ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي إِحْسَانِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَا سَتَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَلَمْ يُعَاقِبْهُ بِهَا، وَدَعَاهُ إِلَى التَّوْبَةِ، وَيَنْظُرُ فِي جَفَاءِ نَفْسِهِ كَيْفَ تَرَكَ____
أَوَامِرَهُ، وَارْتَكَبَ مَعَاصِيهِ، فَإِنَّ التَّفَكُّرَ فِي ذَلِكَ يَزِيدُ الْحَيَاءَ وَالْخَجَلَ، فَإِذَا تَفَكَّرَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ أَشْيَاءَ، فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ

فيض القدير (2/ 353)
 فإذا لجأ الإنسان إلى الله في دفعه اندفع بخلاف ما لو اعترض إنسان بذلك فإنه يمكن قطعه بالبرهان والفرق أن الآدمي يقع منه سؤال وجواب والحال معه محصور بخلاف الشيطان كلما ألزم حجة زاغ لغيرها

التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 490)
 تدرج من الحق إلى الباطل، وفيه دليل أن من شأن المبطل أن يلبس الحق بالباطل وأنه يستدرج العبد فيأتيه بما يعرفه ثم يأتيه بما لا يعرفه، ليوقعه في المحارة.

التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 490)
(آمنت بما جاء به عن الله)
وفيه : دليل أنه يكفي العبد الإيمان الجملي وأنه يكفيه في رد التشكيك الإقرار بالإيمان بالله، وأنه لم يجوز الدليل على رد ما يقدح في نفسه، وقد رد على المتكلمين القائلين بأنه: لا يتم إيمان العبد حتى يحوز على الأدلة الكلامية ويقررها.

السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (2/ 41_42) // المؤلف : علي بن أحمد العزيزي :
وفي رواية للبخاري : ((فليستعذ بالله ولينته))
أي : عن الاسترسال معه في ذلك ويلجأ إلى الله في دفعه ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة،
فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها وهذا بخلاف ما لو تعرض إليه أحد من البشر بذلك فإنه يمكن قطعه بالحجة والبرهان لأن الآدمي يقع منه الكلام بالسؤال والجواب والحال معه محصور
وأما الشيطان فليس لوسوسته انتهاء بل كلما ألزم حجة زاغ إلى غيرها إلى أن يفضي بالأمر إلى الحيرة نعوذ بالله من ذلك، على أن قوله "من خلق ربك" تهافت ينقض آخره أوله لأن الخالق مستحيل___أن يكون مخلوقاً ثم لو كان السؤال متجهاً لاستلزم التسلسل وهو محال وقد أثبت العقل أن المحدثات مفتقرة إلى محدث فلو كان هو مفتقراً إلى محدث لكان من المحدثات

تلبيس إبليس (ص: 343)
الباب الثاني عشر: فِي ذكر تلبيس إبليس عَلَى العوام.
قد بينا أن إبليس إنما يقوى تلبيسه عَلَى قدر قوة الجهل وَقَدْ أفتن فيما فتن به العوام وحضر مَا فتنهم ولبس عليهم فيه لا يمكن ذكره لكثرته وإنما نذكر من الأمهات مَا يستدل به عَلَى جنسه وَاللَّه الموفق فمن ذلك أنه يأتي إِلَى العامي فيحمله عَلَى التفكر فِي ذات اللَّه عز وجل وصفاته فيتشكك
====================================================

1611 - (2) ورواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" من حديث عبد الله بن عمرو.

1612 - (3) [صحيح لغيره] ورواه أحمد أيضاً من حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه.
[صحيح] وتقدم في "الذكر" [1 - باب/ 12 - حديث] وغيره حديث الحارث الأشعري وفيه:
"وآمُرُكم بذكرِ الله كثيراً، ومَثَلُ ذلك كمثل رجلٍ طلبه العَدوُّ سِراعاً في أثره، حتى أتى حِصْناً حصيناً فأحْرَزَ نفسَه فيه، وكذلك العبدُ لا يَنْجو من الشيطانِ إلا بذكرِ الله".
رواه الترمذي وصححه، وابن خزيمة وابن حبان وغيرهما.

مسند أحمد مخرجا (29/ 335)
عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ:
أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَأَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَكَادَ أَنْ يُبْطِئَ،
فَقَالَ لَهُ عِيسَى : (إِنَّكَ قَدْ أُمِرْتَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَأَنْ تَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُبَلِّغَهُنَّ، وَإِمَّا أُبَلِّغَهُنَّ)،
فَقَالَ لَهُ: (يَا أَخِي، إِنِّي أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي أَنْ أُعَذَّبَ، أَوْ يُخْسَفَ بِي)،
* قَالَ: فَجَمَعَ يَحْيَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، وَقُعِدَ عَلَى الشُّرَفِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ :
إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ :
أَوَّلُهُنَّ : أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا،
فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِوَرِقٍ، أَوْ ذَهَبٍ،
فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي عَمَلَهُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ، أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ،
وَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَاعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا،
وَأَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ،
فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا،
وَأَمَرَكُمْ بِالصِّيَامِ،
فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ مِنْ [ص:336] مِسْكٍ فِي عِصَابَةٍ، كُلُّهُمْ يَجِدُ رِيحَ الْمِسْكِ،
وَإِنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ،
وَأَمَرَكُمْ بِالصَّدَقَةِ،
فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَشَدُّوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَرَّبُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ،
فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْتَدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ، فَجَعَلَ يَفْتَدِي نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ، حَتَّى فَكَّ نَفْسَهُ، وَأَمَرَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا،
وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا، فَتَحَصَّنَ فِيهِ،
وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ "،
* قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
«أَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ : بِالْجَمَاعَةِ، وَالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ، إِلَى أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ» ،
* قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟
قَالَ: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَا سَمَّاهُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ»

قال الأرنؤوط في مسند أحمد ط الرسالة (29/ 336_337)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل موسى بن خلف- وهو العَمَّي- فهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح___غير صحابيه. ممطور: هو أبو سلاَّم الحبشي.
وهو مكرر (17170) .

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (21/ 282)
قَالَ أَبُو عُمَرَ :
الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُفَارَقَةَ الْجَمَاعَةِ وَشَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَالْخِلَافَ عَلَى السُّلْطَانِ المجتمع عليه ويريق الدَّمَ وَيُبِيحُهُ وَيُوجِبُ قِتَالَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ
فَإِنْ قِيلَ :
قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ)
فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حُرِّمَ دَمُهُ
قِيلَ لِقَائِلِ ذَلِكَ :
لَوْ تَدَبَّرْتَ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (إِلَّا بِحَقِّهَا) : لَعَلِمْتَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا ظَنَنْتَ
أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَدْ رَدَّ عَلَى عُمَرَ مَا نَزَعَ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ مِنْ حَقِّهَا الزَّكَاةُ.
فَفَهِمَ عُمَرُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَانْصَرَفَ إِلَيْهِ،
وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ فَقَاتَلُوا مَانِعِي الزَّكَاةِ كَمَا قَاتَلُوا أَهْلَ الرِّدَّةِ وَسَمَّاهُمْ بَعْضُهُمْ أَهْلَ رِدَّةٍ عَلَى الِاتِّسَاعِ لِأَنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ
وَمَعْلُومٌ مَشْهُورٌ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا مَا تَرَكْنَا دِينَنَا وَلَكِنَّ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا فَكَمَا جَازَ قِتَالُهُمْ عِنْدَ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ عَلَى مَنْعِهِمُ الزَّكَاةَ.
وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (إِلَّا بِحَقِّهَا)
فَكَذَلِكَ مَنْ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَخَالَفَ إِمَامَ جَمَاعَتِهِمْ وَفَرَّقَ كَلِمَتِهِمْ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْوَاجِبَ اجْتِمَاعُ كَلِمَةِ أَهْلِ دِينِ اللَّهِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَ دِينَهُمْ مِنَ الْكَافِرِينَ حَتَّى تَكُونَ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةً وَجَمَاعَتُهُمْ غَيْرَ مُفْتَرِقَةٍ.
وَمِنَ الْحُقُوقِ الْمُرِيقَةِ لِلدِّمَاءِ الْمُبِيحَةِ لِلْقِتَالِ : الْفَسَادُ____فِي الْأَرْضِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَانْتِهَابُ الْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَالْبَغْيُ عَلَى السُّلْطَانِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ حُكْمِهِ.
هَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ (إِلَّا بِحَقِّهَا)،
كَمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَقَاتَلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْمُرْتَدُّ عَنْ دِينِهِ
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ بِقِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ بِقَوْلِهِ : ((فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ))
وَفِي قَوْلِهِ : ((فَقَاتِلُوا)) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَاغِيَ إِذَا انْهَزَمَ عَنِ الْقِتَالِ أَوْ ضَعُفَ عَنْهُ بِمَا لَحِقَهُ مِنَ الْآفَاتِ الْمَانِعَةِ لِلْقِتَالِ : حُرِّمَ دَمُهُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَاتِلٍ
وَلَمْ نُؤْمَرْ بِقِتَالِهِ إِلَّا إِذَا قَاتَلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : ((فَقَاتِلُوا))، وَلَمْ يَقُلْ : (فَاقْتُلُوا)
وَالْمُقَاتَلَةُ إِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ قَاتَلَ _وَاللَّهُ أَعْلَمُ_ لِأَنَّهَا تَقُومُ مِنَ اثْنَيْنِ.
وَعَلَى هَذَا كَانَ حُكْمُ عَلِيٍّ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_ فِيمَنْ بَغَى عَلَيْهِ
وَتِلْكَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِيهِمْ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_،
وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَلِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ." اهـ كلام ابن عبد البر _رحمه الله تعالى_

تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين (ص: 32)
وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الذّكر يحرز صَاحبه من الشَّيْطَان كَمَا يحرز الْحصن الْحصين من لَجأ إِلَيْهِ من الْعَدو فالذاكر فِي أَمَان من تخبط الشَّيْطَان ووسوسته إِلَيْهِ وإضلاله إِيَّاه وَمن سلم من الشَّيْطَان الرَّجِيم فقد كفى من أخطر الخطرين وهما الشَّيْطَان وَالنَّفس

الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (19/ 196)
الحصن _بالكسر_ : كل مكان محمي منيع لا يوصل إلى جوفه، والحصين من الاماكن : المنيع
====================================================



1613 - (4) [صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"يأتي الشيطانُ أحدكم فيقولُ: مَنْ خلق كذا؟ مَنْ خلق كذا؟ حتى يقولَ: منْ خلق ربَّك؟ فإذا بلغه، فلْيَسْتَعذ بالله، ولْيَنْتَهِ".
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
وفي رواية لمسلم:
"فليقل: آمنت بالله ورسولِه".

[حسن] وفي رواية لأبي داود والنسائي:
"فقولوا: {اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، ثم ليتفلْ عن يساره ثلاثاً، وَيستعذْ باللهِ من الشيطانِ".
وفي رواية للنسائي: (1)
"فليستعذ باللهِ منه، ومن فِتنَتِه".

من فوائد الحديث :

عون المعبود وحاشية ابن القيم (13/ 4)
(اللَّهُ أَحَدٌ) الْأَحَدُ هُوَ الَّذِي لَا ثَانِيَ لَهُ فِي الذَّاتِ وَلَا فِي الصِّفَاتِ (اللَّهُ الصَّمَدُ) أَيِ الْمَرْجِعُ فِي الْحَوَائِجِ الْمُسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ أَحَدٍ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا) أَيْ مُكَافِيًا وَمُمَاثِلًا (أَحَدٌ) اسْمُ لَمْ يَكُن

·      فتح الباري لابن حجر (6/ 341)
قَالَ الْمَازِرِيُّ :
الْخَوَاطِرُ عَلَى قِسْمَيْنِ فَالَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ وَلَا يجلبها شُبْهَةٌ هِيَ الَّتِي تَنْدَفِعُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ الْحَدِيثُ وَعَلَى مِثْلِهَا يَنْطَلِقُ اسْمُ وَسْوَسَةٍ وَأَمَّا الْخَوَاطِرُ الْمُسْتَقِرَّةُ النَّاشِئَةُ عَنِ الشُّبْهَةِ فَهِيَ الَّتِي لَا تَنْدَفِعُ إِلَّا بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ :
إِنَّمَا أَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ وَالِاشْتِغَالِ بِأَمْرٍ آخَرَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالتَّأَمُّلِ وَالِاحْتِجَاجِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِاسْتِغْنَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَنِ الْمُوجَدِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لَا يَقْبَلُ الْمُنَاظَرَةَ وَلِأَنَّ الِاسْتِرْسَالَ فِي الْفِكْرِ فِي ذَلِكَ لَا يَزِيدُ الْمَرْءَ إِلَّا حَيْرَةً وَمَنْ هَذَا حَالُهُ فَلَا عِلَاجَ لَهُ إِلَّا الْمَلْجَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِاعْتِصَامُ بِهِ.
* وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَمِّ كَثْرَةِ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يَعْنِي الْمَرْءَ وَعَمَّا هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ وَفِيهِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِإِخْبَارِهِ بِوُقُوعِ مَا سَيَقَعُ فَوَقَعَ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ _تَعَالى_

فتح الباري لابن حجر (6/ 341)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا وَسْوَسَ بِذَلِكَ فَاسْتَعَاذَ الشَّخْصُ بِاللَّهِ مِنْهُ وَكَفَّ عَنْ مُطَاوَلَتِهِ فِي ذَلِكَ انْدَفَعَ قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَعَرَّضَ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ قَطْعُهُ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَان

شرح النووي على مسلم (2/ 154)
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُوَسْوِسُ لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ فَيُنَكِّدُ عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَقْتَصِرُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْوَسْوَسَةِ بَلْ يَتَلَاعَبُ بِهِ كَيْفَ أَرَادَ فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ سَبَبُ الْوَسْوَسَةِ مَحْضُ الْإِيمَانِ أَوِ الْوَسْوَسَةُ عَلَامَةُ مَحْضِ الْإِيمَانِ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ القاضي عياض."

شرح النووي على مسلم (2/ 155_156)
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ فَمَعْنَاهُ إِذَا عَرَضَ لَهُ هَذَا الْوَسْوَاسُ فَلْيَلْجَأْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي دَفْعِ شَرِّهِ عَنْهُ وَلْيُعْرِضْ عَنِ الْفِكْرِ فِي ذَلِكَ وَلْيَعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخَاطِرَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَهُوَ إِنَّمَا يَسْعَى بِالْفَسَادِ وَالْإِغْوَاءِ فَلْيُعْرِضْ___عَنِ الْإِصْغَاءِ إِلَى وَسْوَسَتِهِ وَلْيُبَادِرْ إِلَى قَطْعِهَا بِالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَم

الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 229)
* وفيه ما يريده من الشيطان منه، وإنما يوسوس الشيطان بهذا لأهل غلبة الإحساس؛ فأما الذين يعقلون عن الله سبحانه وتعالى، فإنهم يحمون قلوبهم من ذلك التسلسل الذي إذا انتهى إلى الغاية القصوى فيه رجع إلى أول قدم؛ فكان الطارد للوسواس هو قوله: (الله خالق كل شيء)، هو الذي يطرد هذا الوسواس عن أن يخطر فيها من الكلام الذي ينتقض فرعه بانتقاض أصله إذ قولنا: (الله خالق كل شيء).

كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 396)
وَإِنَّمَا يَسْتَعِين إِبْلِيس على هَذِه الوسوسة بالحس لَا بِالْعقلِ، والحس لم يعرف وجود شَيْء إِلَّا من شَيْء وبشيء، فَأَما الْعقل فَيقطع على وجود خَالق لَيْسَ بمخلوق، على مَا بَينا فِي مُسْند أنس بن مَالك، فَإِن هَذَا الحَدِيث هُنَاكَ.
====================================================
1614 - (5) [حسن] وعن أبي زميل سماك بن الوليد قال:
سألت ابنَ عبَّاسٍ فقلتُ: ما شيءٌ أجِدُهُ في صدري؟ قال: ما هو؟
قلتُ: والله لا أتكلم به. قال: فقال لي: أشيءٌ من شكٍّ؟ قال: وضحكَ، قال: ما نجا مِنْ ذلك أَحدٌ. قال: حتَّى أنزل الله عزَّ وجل: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}. فقال لي: إذا وجدت في نَفْسك شيئاً فقلْ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ".
رواه أبو داود.

الشريعة للآجري (3/ 1101)
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] وَقَدْ فَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ [ص:1102] هَذِهِ الْآيَةَ: هُوَ الْأَوَّلُ: قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ حَيَاةٍ وَمَوْتٍ , وَالْآخِرُ: بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ , بَعْدَ الْخَلْقِ , وَهُوَ الظَّاهِرُ: فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ يَعْنِي مَا فِي السَّمَاوَاتِ , وَهُوَ الْبَاطِنُ: دُونَ كُلِّ شَيْءٍ يَعْلَمُ مَا تَحْتَ الْأَرَضِينَ , وَدَلَّ عَلَى هَذَا آخِرُ الْآيَةِ {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] كَذَا فَسَّرَهُ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيُثْبِتُ ذَلِكَ السُّنَّةُ
===================================================
1615 - (6) [صحيح] وعن عثمانَ بن العاص رضي الله عنه؛
أنه أتى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله! إنَّ الشيطانَ قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، يُلبِّسُها عليَّ. فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ذاك شيطان يقال له: (خِنْزَب)، فإذا أحْسسْتَه فتعوَّذْ باللهِ منه، واتْفُلْ عن يسارِك ثلاثاً".
قال: ففعلتُ ذلك، فأذْهَبَه الله عني.
رواه مسلم.
(خِنْزَبْ) بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الزاي بعدها باء موحدة.
__________
(1) لم أجدها عنده، وما قبلها في كتابه "عمل اليوم والليلة" (419/ 661 - 663).

شرح النووي على مسلم (14/ 190)
وَفِي هَذَا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وَسْوَسَتِهِ مَعَ التَّفْلِ عَنْ الْيَسَارِ ثَلَاثًا وَمَعْنَى يَلْبِسُهَا أَيْ يَخْلِطُهَا وَيُشَكِّكُنِي فِيهَا


====================================================

16 - (الترغيب في الاستغفار).
1616 - (1) [حسن لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:
"قال الله: يا ابن آدم! إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك (1) ولا أُبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عَنان السماء ثمَّ اسْتغفرتني غفرت لك ولا أُبالي، يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً؛ لأتيتك بقرابها مغفرةً".
رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".
(العَنان) بفتح العين المهملة: هو السحاب.
و (قراب) الأرض بضم القاف: ما يقارب ملأها.


__________
(1) الأصل وفي كثير من المطبوعات، ومنها طبعة "الثلاثة المعلقين: "منك"، والتصحيح من "الترمذي" (1534).

من فوائد الحديث :


وفي التنزيل {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [سورة نوح: 11] {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [سورة هود: 3] الآية


     تطريز رياض الصالحين - (ص / 301)
في هذا الحديث: بشارة عظيمة، وحلم، وكرم عظيم.
قال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وأسواقكم، ومجالسكم، وأينما كنتم، فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.
وقال قتادة: إن هذا القرآن يدّلكم على دائكم ودوائكم، فأمَّا داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار.

     تطريز رياض الصالحين - (ص / 1073)
هذا من الأحاديث القدسية.
وفيه: فضل الدعاء والرجاء.
قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر (60) ] . وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الدعاء مخّ العبادة» . والرجاء يتضمن حسن الظن بالله، والله تعالى يقول «أنا عند ظن عبدي بي» .
وفيه: الحث على الاستغفار. قال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وأسواقكم، ومجالسكم، وأينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.
وقال قتادة: إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم: فالذنوب، وأما دواؤكم: فالاستغفار.
وقال إبليس لعنه الله: أهلكت بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله، والاستغفار.

بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز - (1 / 801)
فالرّجاءُ عبوديّة وتعلق بالله من حيث اسمه البَرّ المحسن. فذلك التعبد والتعلق بهذا الاسم والمعرفة بالله هو الَّذِى أَوجب للعبد الرّجاءَ من حيث يدرى ومن حيث لا يدرى. فقوّة الرّجاءِ على حسب قوّة المعرفة بالله وأَسمائه وصفاته وغلبة رحمته على غضبه. ولولا رُوح الرّجاءِ لعطِّلت عبوديّة القلب والجوارح، وهُدّمت صوامِعُ وبيَعٌ وصَلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً. بل لولا روح الرّجاءِ لما تحرّكت الجوارح بالطَّاعة، ولولا رِيحه الطِّيبة لما جرت سُفُن الأَعمال فى بحر الإِرادات،

التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوى - (2 / 372)
فمغفرته أبلغ وأوسع ولا يجوز الاغترار به وإكثار المعاصي لأن الله شديد العقاب

فيض القدير - (4 / 496)
فمغفرته أبلغ وأوسع من ذلك فهو بيان لكثرة مغفرته لئلا ييأس المذنبون عنها لكثرة الخطايا ولا يجوز الاغترار بهذا وإكثار المعاصي لأن لله عقوبة شديدة

فيض القدير - (4 / 496)
الدعاء مخ العبادة والرجاء متضمن لحسن الظن بالله وهو قال أنا عند ظن عبدي بي وعند ذلك تتوجه الرحمة له وإذا توجهت لا يتعاظمها شيء لأنها وسعت كل شيء

فيض القدير - (4 / 496)
الاستغفار استقالة والكريم محل إقالة العثرات وهذا على إطلاقه لأن الذنب إما شرك يغفر بالاستغفار أي التوبة منه وهو الإيمان أو دونه فبالندم والإقلاع بشرطه المعروف

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين - (1 / 121)
الخطابُ في الحديث لبني آدم، وهو مشتملٌ على أنَّ من أسباب مغفرة الذنوب دعاء الله ورجاءه مغفرةَ الذنوب والاستغفار منها والإخلاص لله والسلامة من الشرك، ومعنى مغفرة الذنوب سترها عن الخلق والتجاوز عنها، فلا يُعاقب عليها.

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين - (1 / 121)
دعاء العبد ربّه مغفرة ذنوبه، ورجاؤه ذلك
منه دون يأس، مع التوبة من الذنوب يحصل به من الله المغفرة ولو عظُمت الذنوب وكثرت وتكرَّرت

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين - (1 / 121)
لو كثرت ذنوب العبد حتى بلغت عَنان السماء، أي: بلغت السماء أو ما دون ذلك كالسحاب أو ما يبلغه بصر الناظر إلى فوق، ثم حصل من العبد الاستغفار مع التوبة من جميع الذنوب، فإنَّ الله تعالى يغفر تلك الذنوب ويتجاوز عنها، والتوبة تكون بالإقلاع من الذنب، والندم على ما فات، والعزيمة في المستقبل على ألاَّ يعود إليه، ومع هذه الثلاثة، فإن كان الذنب في حقِّ الله عزَّ وجلَّ وفيه كفَّارة، أتى بالكفارة، وإن كان في حق للآدميِّين، أدَّى حقوقهم إليهم أو تحلَّلهم منها.

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين - (1 / 122)
قوله: (( يا ابن آدم! إنَّك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتُك بقُرابها مغفرة ))، الشركُ بالله عزَّ وجلَّ هو الذنب الذي لا يغفره الله، وكلُّ ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عن صاحبه ولم يعذبه، وإن شاء عذَّبه وأدخله النار، ولكنه لا يُخلَّد فيها خلود الكفار، بل لا بدَّ أن يخرج منها ويدخل الجنَّة، كما قال الله عزَّ وجلَّ: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَنْ يَشَاءُ } ،
في آيتين من سورة النساء، وفي هذا الحديث بيان أنَّ الذنوبَ ولو بلغت في الكثرة ما بلغت، فإنَّ الله يتجاوز عنها، بشرط كون العبد مخلصاً عبادته لله، سليماً من الإشراك به.

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين - (ص / 122)
مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 ـ سعة فضل الله عزَّ وجلَّ ومغفرة ذنوب عباده.
2 ـ من أسباب مغفرة الذنوب دعاء الله ورجاؤه من غير يأس.
3 ـ فضل الاستغفار مع التوبة، وأنَّ الله يغفر للمستغفر ذنوبه ولو بلغت في الكثرة ما بلغت.
4 ـ أنَّ الشركَ بالله هو الذنب الذي لا يُغفر، وأنَّ ما سواه تحت مشيئة الله.
5 ـ فضل الإخلاص، وأنَّ الله يُكفِّر به الذنوب.

التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثا النووية-إسماعيل بن محمد الأنصاري - (43 / 1)
يستفاد منه :
1- سعة كرم الله تعالى وجوده .
2- الرد على الذين يكفرون المسلمين بالذنوب ، وعلى المعتزلة القائلين بالمنزلة بين المنزلتين ، بمعنى أنه ليس بمؤمن و لا كافر في الدنيا ، ويخلد في النار في الآخرة . والصواب قول أهل السنة : أن العاصي لا يسلب عنه اسم الإيمان ، ولا يعطاه على الإطلاق ، بل يقال : هو مؤمن عاص ، أو مؤمن بإيمانه ، فاسق بكبيرته ، وعلى هذا يدل الكتاب والسنة ، وأجماع سلف الأمة .
3- بيان معنى لا إله إلا الله : أنه هو إفراد الله بالعبادة ، وترك الشرك قليله وكثيره .
4- حصول المغفرة بهذه الأسباب الثلاثة :
الدعاء مع الرجاء ، والاستغفار والتوحيد وهو السبب الأعظم الذي فقه فقد المغفرة ، ومن جاء به فقد جاء بأعظم أسباب المغفرة .

الفوائد المستنبطة من الأربعين النووية - البراك - (1 / 69_70)
الحديث أصل في فضل التوحيد والدعاء والاستغفار، وهو حديث قدسي مما يرويه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ربه من قوله، فهو من كلام الله ولكن ليس له حكم القرآن، وفيه من الفوائد:
1- فضيلة آدم عليه السلام.
2- شرف النسب لآدم.
3- اشتراك جميع الناس في هذا النسب، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : " الناس بنو آدم، و آدم من تراب "[1] .
4- أن لفظ " ابن " أو " بني " إذا أضيف إلى جدِّ القبيلةِ فإنه يعم الذكور والإناث، مثل بني هاشم وبني تميم، ومنه ما في هذا الحديث فقوله " يا ابن آدم " يشمل جميع الناس ذكوراً وإناثاً، وإذا أضيف إلى معين نحو ابن محمد أو بني محمد اختص بالذكور، وبنى الفقهاء على هذا الفرق تحديد من يستحق الوقف بناء على لفظ الواقف.
5- أن الله يحب من عباده أن يرجوه ويدعوه ويوحدوه.
6- فضل الدعاء والرجاء.
7- عظم فضل الله وسعة جوده.
8- أنه لا يتعاظمه شيء أعطاه عبده لغناه وكرمه وأنه لا مكره له.____
9- أن الدعاء والرجاء سبب لمغفرة الذنوب.
10- أن الاستغفار سبب لحصول المغفرة.
11- أن التوحيد الخالص من الشرك سبب لمغفرة جميع الذنوب.
12- فضل التوحيد.
13- ضرر الشرك.
14- تشبيه المعقول بالمحسوس، لقوله : " بقراب الأرض خطايا " أي: ملؤها أو قريب.
15- الترغيب في الدعاء والاستغفار.
16- الترغيب في إخلاص العمل لله.
17- أن الشرك لا يغفر.
18- إثبات لقاء الله عز وجل.

جامع العلوم والحكم - (ص / 393)
فذنوب العبد وإنْ عظُمَت فإنَّ عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم ، فهي صغيرةٌ في جنب عفوِ الله ومغفرته .[2]

شرح الأربعين النووية - صالح آل الشيخ - (1 / 298)
وقوله -جل وعلا - هنا: ( إنك ما دعوتني ورجوتني)
فيه أن الدعاء مع الرجاء موجبان لمغفرة الله -جل وعلا - وهناك من يدعو، وهو ضعيف الظن بربه، لا يحسن الظن بربه،
وقد ثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: قال الله -تعالى-: ( أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء
والعبد إذا دعا الله -جل وعلا - مستغفرا لذنبه يدعو مستغفرا ومستحضرا أن فضل الله عظيم، وأنه يرجو الله أن يغفر، وأن الله سيغفر له.
فإذا عظم الرجاء بالله، وأيقن أن الله -جل وعلا - سيغفر له، وعظم ذلك في قلبه، حصل له مطلوبه؛ لأن في ذلك إحسان الظن بالله، وإعظام الرغبة بالله -جل وعلا - وهناك عبادات قلبية كثيرة تجتمع على العبد المذنب حين طلبه الاستغفار وقبول التوبة، حين طلبه المغفرة وقبول التوبة، تجتمع عليه عبادات قلبية كثيرة توجب مغفرة الذنوب فضلا من الله -جل وعلا - وتكرما.

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (8 / 723)
وإن تكرر الذنب والتوبة في اليوم الواحد والذنوب، وإن تكاثرت وبلغت ما عسى تبلغ، فتلاشت عند حلمه وعفوه، فإذا استقال منها العبد بالاستغفار غفرت لأنه طلب الإِقالة من كريم والكريم محل إقالة العثرات وغفر الزلات.
قال صاحب الفتح المبين:
"وما ذكرناه من أن المراد بالاستغفار التوبة لا مجرد لفظه هو ما ذكره بعضهم وهو الموافق للقواعد بالنسبة للكبائر إذ لا يكفرها إلا التوبة بخلاف الصغائر فإن لها مكفرات أخر كاجتناب الكبائر والوضوء والصلاة وغيرها، فلا يبعد أن يكون الاستغفار مكفراً لها أيضاً، وينبغي أن يحمل على هذا أيضاً تقييد بعضهم جميع ما جاء في نصوص الاستغفار المطلقة بما في آية آل عمران من عدم الإِصرار، فإنه تعالى وعد فيها بالمغفرة من استغفره من ذنوبه ولم يصر على ما فعله، قال: فيحمل نصوص الاستغفار المطلقة كلها على هذا القيد." اهـ.
نعم ضم نحو أستغفر الله اللهم اغفر لي من غير توبة دعاء فله حكمة، من أنه يجاب تارة وقد لا يجاب أخرى، لأن الإِصرار قد يمنع الإِجابة كما أفاده مفهوم آية آل عمران السابقة.
فالاستغفار الكامل المسبب عنه المغفرة هو ما قارن عدم الإِصرار لأنه حينئذ توبة نصوح أما مع الإِصرار فمجرد دعاء.
ومن قال إنه توبة الكذابين، مراده : أنه ليس بتوبة حقيقية،
خلافاً لما تعتقده العامة لاستحالة التوبة مع الإِصرار، على أن من قال أستغفر الله وأتوب إليه وهو مصر بقلبه على المعصية كاذب آثم لأنه أخبر أنه تائب وليس حاله كذلك،
فإن قال ذلك وهو غير مصر، بأن أقلع بقلبه عن المعصية. فقالت طائفة من السلف، يكره له ذلك لأنه قد يعود إلى الذنب فيكون كاذباً في قوله وأتوب إليه. والجمهور على أن لا كراهة، وذلك لأن العزم على ألا يعود إلى المعصية واجب عليه، فهو إخبار عما عزم عليه في الحال فلا ينافي وقوعه منه في المستقبل، فلا كذب بتقدير الوقوع اهـ. ملخصاً

شرح رياض الصالحين - (6 / 721)
وفيه أيضا أن الله سبحانه وتعالى قال يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم استغفرتني لغفرت لك فهذا يدل على أن الإنسان مهما عمل من الذنوب إذا استغفر الله تعالى ورجع إليه فإن الله تعالى يغفر له وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يكثرن من الصدقة والاستغفار حيث رآهن أكثر أهل النار فدل هذا على أن الاستغفار من موانع دخول النار فعليك يا أخي بكثرة الاستغفار أكثر من قول أستغفر الله اللهم اغفر لي وارحمني

الفتح المبين بشرح الأربعين - (1 / 627)
وفي ذلك حثٌّ أكيدٌ على الدعاء، والمخالفُ في ذلك لا يُعبأ به (5)؛ فإن الآيات والأحاديث الكثيرة الشهيرة تردُّ عليه، ولا ينافي ما مر تخلف الإجابة عن الدعاء كثيرًا؛ لأن ذلك غالبًا لانتفاء بعض شروط الدعاء، أو وجود بعض موانعه،

شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد - (1 / 137)
في هذا الحديث بشارة عظيمة وحلم وكرم عظيم وما لا يحصى من أنواع الفضل والإحسان والرأفة والرحمة والامتنان، ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "لله أفرح بتوبة عبده من أحد كم بضالته لو وجدها"

الأربعون النووية بتعليقات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - (1 / 83)
*في هذا الحديث من الفوائد : أن الإنسان مهما دعا الله بأي شيء ورجا الله في ألا شيء إلا غفر له .
*ومن فوائده : بيان سعة فضل الله عزوجل .*ومن وفوائده : أن الذنوب وإن عظمت إذا استغفر الإنسان ربه منها غفرها الله له .
*ومن فوائد هذا الحديث : فضيلة الإخلاص وأنه سبب لمغفرة الذنوب وقد قال تعالى - إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ...] النساء-48[ ... فنسأل الله تعالى أ، يعمنا جميعاً بمغفرته ورضوانه وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب .


[1] رواه أبو داوود (5116) والترمذي (3955) وحسَّنه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وصححه المنذري ومن بعده الألباني كما في صحيح الترغيب والترهيب (2965).
[2] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإنه لا يتعاظم على الله شيء )
قال شعيب الأرنؤوط في صحيح ابن حبان بتحقيق الأرناؤوط (896) : إسناده صحيح على شرط مسلم