Kamis, 28 Februari 2019

أهوال القيامة وأفزاعها


51 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ , بِإِسْنَادِهِ ,
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا_ :
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ :
«لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا كَانَتْ لَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَعَجَّلَهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي اسْتَخْبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ , وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَحْتَهُ آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْبَشَرِ، وَلَا فَخْرَ» .
ثُمَّ قَالَ :
" يَشْتَدُّ يَوْمُ الْقِيَامَةِ غَمُّهُ وَكَرْبُهُ فِي النَّاسِ، فَيَأْتُونَ آدَمَ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_،
فَيَقُولُونَ لَهُ : "يَا أَبَا الْبَشَرِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ : "لَسْتُ هُنَاكَ إِنِّي قَدْ أُخْرِجْتُ مِنَ الْجَنَّةِ بِخَطِيئَتِي، وَلَيْسَ يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ فَإِنَّهُ أَوَّلُ الْمُرْسَلِينَ"،
فَيَأْتُونَ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُونَ:
"اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ : "لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ دَعْوَةً أَغْرَقْتُ بِهَا أَهْلَ الْأَرْضِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا"،
فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_، فَيَقُولُونَ :
"اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ : "لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي قَدْ كَذَبْتُ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ".
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالثَّلَاثَةُ جَادَلَ بِهِنَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، إِحْدَاهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ {88} فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 88-89] ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] ، وَالثَّالِثَةُ، قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ : إِنَّهَا أُخْتِي،
وَلَيْسَ يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا"،
فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ :
"اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ : "لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنِّي لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رُوحَ اللَّهِ، وَكَلِمَتَهُ"،
فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ :
"اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ :
"لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي اتُّخِذْتُ أَنَا وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي.
وَلَكِنْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ لِأَحَدِكُمْ بِضَاعَةٌ فَجَعَلَهَا فِي كِيسٍ، وَخَتَمَ عَلَيْهَا أَكَانَ يَصِلُ إِلَى مَا فِي الْكِيسِ حَتَّى يَفُضَّ الْخَتْمَ "؟ فَيَقُولُونَ : "لَا."
فَيَقُولُ :
"إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُتِمَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَقَدْ وَافَى الْيَوْمَ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ، ائْتُوهُ"،
قَالَ رَسُول اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ :
"فَيَأْتِينِي النَّاسُ، فَأَقُولُ :
"نَعَمْ، أَنَا لَهَا أَنَا لَهَا، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى، فَيَلْبَثُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ،
فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ خَلْقِهِ نَادَى مُنَادٍ :
"أَيْنَ مُحَمَّدٌ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَأُمَّتُهُ"،
فَنَحْنُ الْآخِرُونَ، الْأَوَّلُونَ.
(يَعْنِي : آخِرَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَأَوَّلَهُمْ فِي الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)،
فَأَقُومُ أَنَا وَأُمَّتِي، فَيُفَرِّجُ الْأُمَمُ عَنْ طَرِيقِنَا، فَنَمُرُّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الطُّهُورِ.
وَيَقُولُ لَنَا النَّاسُ : كَادَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا أَنْبِيَاءَ.
ثُمَّ أَتَقَدَّمُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَأَسْتَفْتِحُ،
فَيُقَالُ : "مَنْ هَذَا؟"
فَأَقُولُ : "أَنَا : مُحَمَّدٌ، رَسُولُ اللَّهِ".
فَيُفْتَحُ لِي فَأَدْخُلُ، وَأَخِرُّ لِرَبِّي سَاجِدًا، وَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا يَحْمَدُهُ أَحَدٌ بِهَا بَعْدِي.
فَيُقَالُ : "ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ : تُسْمَعْ. وَسَلْ : تُعْطَ. وَاشْفَعْ : تُشَفَّعْ."
فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَشْفَعُ لِمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ أَوْ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ (يَعْنِي : مِنَ الْيَقِينِ، مَعَ شِهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)".



وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "خَوِّفْنَا، يَا كَعْبَ الْأَحْبَارِ"،
فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ للَّهِ مَلَائِكَةً قِيَامًا مِنْ يَوْمِ خَلَقَهُمُ اللَّهُ، مَا ثَنَوْا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ سَجَدُوا، مَا رَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ، حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّورِ فَيَقُولُونَ جَمِيعًا : "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَحَقَّ مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْبَدَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَقْرَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، حَتَّى إِذَا دَنَتْ وَقَرُبَتْ، زَفَرَتْ زَفْرَةً فَلَمْ يَبْقَ نَبِيٌّ وَلَا شَهِيدٌ إِلَّا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ سَاقِطًا، يَقُولُ كُلُّ نَبِيٍّ وَكُلُّ صِدِّيقٍ وَكُلُّ شَهِيدٍ : "يَا رَبِّ، لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا نَفْسِي".
وَيَنْسَى إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، فَيَقُولُ : "يَا رَبِّ، أَنَا خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمُ".
فَلَوْ كَانَ لَكَ يَابْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَئِذٍ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَظَنَنْتَ أَنَّكَ لَا تَنْجُو.
فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى شَجَوْا.
فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ قَالَ: يَا كَعْبُ بَشِّرْنَا."
فَقَالَ :
"أَبْشِرُوا، فَإِنَّ للَّهِ _تَعَالَى_ ثَلاثَ مِائَةً وَثَلَاثَ عَشْرَةَ شَرِيعَةً، لَا يَأْتِي الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ كُنْهَ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَأَبْطَأْتُمْ فِي الْعَمَلِ.
يَا أَخِي، اسْتَعِدَّ لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالِاجْتِنَابِ عَنِ الْمَعَاصِي، فَإِنَّكَ عَنْ قَرِيبٍ تُعَايِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَنْدَمُ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ أَيَّامِ عُمْرِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا مُتَّ، فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُكَ.
كَمَا قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ :
"إِنَّكُمْ تَقُولُونَ الْقِيَامَةَ الْقِيَامَةَ، إِنَّمَا قِيَامَةُ أَحَدِكُمْ مَوْتُهُ."

وَذُكِرَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ :
أَنَّهُ كَانَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ، فَقَامَ عَلَى الْقَبْرِ.
فَلَمَّا دُفِنَ قَالَ : "أَمَّا هَذَا الْعَبْدُ، فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ."

وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا مَاتَ فَقَدْ عَايَنَ أَمْرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّهُ يَرَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْمَلَائِكَةَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَضَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَخُتِمَ عَلَى عَمَلِهِ بِالْمَوْتِ، فَيَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ.
فَطُوبَى لِمَنْ كَانَتْ خَاتِمَتُهُ بِالْخَيْرِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ : "الدُّوَلُ ثَلَاثٌ : دَوْلَةُ الْحَيَاةِ، وَدَوْلَةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَدَوْلَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
* فَأَمَّا دَوْلَةُ الْحَيَاةِ : فَإِنَّهُ يَعِيشُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى،
* وَأَمَّا دَوْلَتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ : بِأَنْ تَخْرُجَ رُوحُهُ مَعَ شِهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،
* وَأَمَّا الدَّوْلَةُ الصَّحِيحَةُ : فَدَوْلَةُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْبُشْرَى، فَحِينَ يَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ يَأْتِيهِ الْبَشِيرُ بِالْجَنَّةِ."

وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ _رَحِمَهُ اللَّهُ_ :
"أَنَّهُ قُرِئَ فِي مَجْلِسِهِ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85] ، أَيْ رُكْبَانًا.
{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86] ، يَعْنِي مُشَاةً عِطَاشًا.
فَقَالَ :
"أَيُّهَا النَّاسُ، مَهْلًا، مَهْلًا، غَدًا تُحْشَرُونَ إِلَى الْمَوْقِفِ، حَشْرًا حَشْرًا، وَتَأْتُونَ مِنَ الْأَطْرَافِ فَوْجًا فَوْجًا، وَتُوقَفُونَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَرْدًا فَرْدًا، وَتُسْأَلُونَ عَمَّا فَعَلْتُمْ حَرْفًا حَرْفًا، وَتُقَادُ الْأَوْلِيَاءُ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَفْدًا، وَيُرَدُّ الْعَاصُونَ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ وِرْدًا وِرْدًا، وَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ حِزْبًا حِزْبًا، وَكُلُّ هَذَا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا.
وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَيُجَاءُ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ وَيْلًا وَيْلًا.___
إِخْوَانِي، الْوَيْلُ لَكُمْ مِنْ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ؛ يَوْمِ الرَّاجِفَةِ، يَوْمِ الْآزِفَةِ، يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يَوْمِ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ،
فَذَلِكَ يَوْمٌ عَظِيمٌ :
)يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ( وَهُوَ يَوْمُ الْمُنَاقَشَةِ وَيَوْمُ الْمُحَاسَبَةِ وَيَوْمُ الْمُوَازَنَةِ وَيَوْمُ الْمُسَاءَلَةِ وَيَوْمُ الزَّلْزَلَةِ وَيَوْمُ الصَّيْحَةِ وَيَوْمُ الْحَاقَّةِ وَيَوْمُ الْقَارِعَةِ وَيَوْمُ النُّشُورِ،
وَيَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ،
وَيَوْمُ التَّغَابُنِ،
وَيَوْمَ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ،
وَيَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ،
وَيَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا،
وَيَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، وَيَوْمَ لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا،
يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، )أَيْ : مُنْتَشِرًا)،
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ، وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ، يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا، يَوْمَ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى , وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ."

وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ :
"تَقِفُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِائَةَ سَنَةٍ فِي الْعَرَقِ مُلْجَمُونَ، وَمِائَةَ سَنَةٍ فِي الظُّلْمَةِ مُتَحَيِّرُونَ، وَمِائَةَ سَنَةٍ يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَخْتَصِمُونَ."

وَيُقَالُ : إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِقْدَارُهُ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ لَيَمْضِي عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمُخْلِصِ كَمَا يَمْضِي عَلَيْهِ سَاعَةٌ وَاحِدَةٌ، فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَاقِلُ بِأَنْ تَصْبِرَ عَلَى شَدَائِدِ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لِيَسْهُلَ عَلَيْكَ الشَّدَائِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

أثر عمر : أخرجه في الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/ 75/ 225)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (5/ 368)

الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 39)
وَلَمَّا بَعُدَ عَنْ الْعِلْمِ أَقْوَامٌ لَاحَظُوا أَعْمَالَهُمْ وَاتَّفَقَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ الْأَلْطَافِ مَا يُشْبِهُ الْكَرَامَاتِ انْبَسَطُوا بِالدَّعَاوَى، وَلَمْ يَتَّبِعُوا طَرِيقَ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي تَرْكِ الدَّعَاوَى رَأْسًا حَتَّى نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: وَدِدْت أَنْ قَدْ قَامَتْ الْقِيَامَةُ حَتَّى أَنْصِبَ خَيْمَتِي عَلَى جَهَنَّمَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إنِّي أَعْلَمُ أَنَّ جَهَنَّمَ إذَا رَأَتْنِي تَخْمُدُ فَأَكُونُ رَحْمَةً لِلْخَلْقِ.
وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْكَلَامِ وَأَفْحَشِهِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَحْقِيرَ مَا عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَهُ مِنْ أَمْرِ النَّارِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى بَالَغَ فِي وَصْفِهَا فَقَالَ: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24] وَقَالَ تَعَالَى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: 12] .

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تُوقِدُونَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ جَهَنَّمَ قَالُوا وَاَللَّهِ إنْ كَانَتْ نَارُنَا لَكِفَايَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا» .

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَيْضًا: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا» .
وَلَقَدْ وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا وَعِنْدَهُ سِرَاجٌ فَخَطَرَتْ لَهُ مَعْصِيَةٌ فَقَالَ لِنَفْسِهِ: أَنَا أَجْعَلُ أُصْبُعِي فِي هَذِهِ الْفَتِيلَةِ فَإِنْ صَبَرْتِ عَلَيْهَا أَطَعْتُكِ فِي هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ، ثُمَّ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي النَّارِ فَصَاحَ صَيْحَةً مُزْعِجَةً فَقَالَ: يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ إذَا لَمْ تَصْبِرِي عَلَى نَارِ الدُّنْيَا هَذِهِ الَّتِي طَفِئَتْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَكَيْفَ تَصْبِرِينَ عَلَى نَارِ جَهَنَّمَ؟___

وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَا جِبْرِيلُ مَا لِي لَا أَرَى مِيكَائِيلَ ضَاحِكًا؟ قَالَ: مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتْ النَّارُ، وَمَا جَفَّتْ لِي عَيْنٌ مُنْذُ خُلِقَتْ جَهَنَّمُ مَخَافَةَ أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَجْعَلَنِي فِيهَا» وَبَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَوْمًا فَقِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيك؟ قَالَ: أَنْبَأَنِي اللَّهُ أَنِّي وَارِدٌ النَّارَ وَلَمْ يُنْبِئْنِي أَنِّي خَارِجٌ مِنْهَا.

فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَةَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّحَابَةِ وَهُمْ الْمُطَهَّرُونَ مِنْ الْأَدْنَاسِ، وَهَذَا انْزِعَاجَهُمْ مِنْ النَّارِ، فَكَيْفَ هَانَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي الْمَغْرُورِ، وَسَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ أَنَّ خَيْمَتَهُ تُطْفِئُ جَهَنَّمَ، وَأَنَّهُ يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ بِالنَّجَاةِ وَهِيَ لَيْسَتْ إلَّا لِلْعَشَرَةِ الَّذِينَ بَشَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَنَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ الْخَوْفِ مَا اقْتَضَى أَنْ يَقُولَ الصِّدِّيقُ وَهُوَ أَكْبَرُهُمْ: لَيْتَنِي كُنْت شَعْرَةً فِي صَدْرِ مُؤْمِنٍ، وَأَنْ يَقُولَ عُمَرُ: الْوَيْلُ لِعُمَرَ إنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ.

وَفِي حَدِيثٍ «مَنْ قَالَ: إنِّي فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ فِي النَّارِ»

وَلَسْنَا نَعْنِي بِالْخَوْفِ رِقَّةَ النِّسَاءِ فَتَبْكِي سَاعَةً ثُمَّ تَتْرُكُ الْعَمَلَ وَإِنَّمَا نُرِيدُ خَوْفًا يَسْكُنُ الْقَلْبَ حَتَّى يَمْنَعَ صَاحِبَهُ عَنْ الْمَعَاصِي وَيَحُثَّهُ عَلَى مُلَازَمَةِ الطَّاعَةِ، فَهَذَا هُوَ الْخَوْفُ النَّافِعُ لَا خَوْفُ الْحَمْقَى الَّذِينَ إذَا سَمِعُوا مَا يَقْتَضِي الْخَوْفَ مِمَّا مَرَّ وَغَيْرِهِ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى أَنْ يَقُولُوا: يَا رَبِّ سَلِّمْ نَعُوذُ بِاَللَّهِ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مُصِرُّونَ عَلَى الْقَبَائِحِ، وَالشَّيْطَانُ يَسْخَرُ بِهِمْ كَمَا تَسْخَرُ أَنْتَ بِمَنْ رَأَيْتَهُ وَقَدْ قَصَدَهُ سَبُعٌ ضَارٍ وَهُوَ إلَى جَانِبِ حِصْنٍ مَنِيعٍ؛ بَابُهُ مَفْتُوحٌ لَهُ؛ فَلَمْ يَفْزَعْ إلَيْهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى: رَبِّ سَلِّمْ حَتَّى جَاءَهُ السَّبُعُ فَأَكَلَهُ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مُسْرِفٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا___حَضَرَهُ قَالَ لِبَنِيهِ: إذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي وَاطْحَنُونِي ثُمَّ ذَرُونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ، أَيْ لَئِنْ أَرَادَ تَعْذِيبِي - وَالتَّعْبِيرُ بِالْقُدْرَةِ عَنْ الْإِرَادَةِ سَائِغٌ - لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَقَالَ اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ قَالَ مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ فَغَفَرَ لَهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ " مَخَافَتُك ".


Minggu, 24 Februari 2019

الحديث الثالث عشر: المؤمن للمؤمن كالبنيان


الحديث الثالث عشر: المؤمن للمؤمن كالبنيان

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ _رضي الله عنه_ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_ :
"الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بعضُه بَعْضًا" - وشبّك بين أصابعه" متفق عليه
[أخرجه: البخاري في "صحيحه" (رقم: 481), ومسلم في "صحيحه" (رقم: 2585)]


فوائد الحديث :

فتح الباري لابن رجب (3/ 420)
ويفهم من تشبيكه: أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها في بعض، فكما أن أصابع اليدين متعددة فهي ترجع إلى اصل واحد ورجل واحد، فكذلك المؤمنون وإن تعددت أشخاصهم فهم يرجعون إلى اصل واحد، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح، وأخوة الإيمان.
وهذا كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث النعمان بن بشير: ((مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالحمى والسهر)) .

الروح (ص: 128) لابن القيم :
إِن الْمُؤمنِينَ ينْتَفع بَعضهم بِعَمَل بعض فِي الْأَعْمَال الَّتِي يشتركون فِيهَا كَالصَّلَاةِ فِي جمَاعَة فَإِن كل وَاحِد مِنْهُم تضَاعف صلَاته إِلَى سَبْعَة وَعشْرين ضعفا لمشاركة غَيره لَهُ فِي الصَّلَاة فَعمل غَيره كَانَ سَببا لزِيَادَة أجره كَمَا أَن عمله سَبَب لزِيَادَة أجر الآخر،
بل قد قيل إِن الصَّلَاة يُضَاعف ثَوَابهَا بعدد الْمُصَلِّين وَكَذَلِكَ اشتراكهم فِي الْجِهَاد وَالْحج وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر والتعاون على الْبر وَالتَّقوى

عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (22 / 114)
وَقَالَ ابْن بطال: المعاونة فِي أُمُور الْآخِرَة، وَكَذَا فِي الْأُمُور الْمُبَاحَة من الدُّنْيَا مَنْدُوب إِلَيْهَا، وَقد ثَبت حَدِيث أبي هُرَيْرَة: وَالله فِي عون العَبْد مَا كَانَ الْبعد فِي عون أَخِيه.

شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال - (9 / 227)
قال المؤلف : تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا فى أمور الدنيا والآخرة مندوب إليه بهذا الحديث ، وذلك من مكارم الأخلاق ، وقد جاء فى حديث آخر عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) :
(الله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه)
فينبغى للمؤمنين استعمال آدب نبيهم والاقتداء بما وصف المؤمنين بعضهم لبعض من الشفقة والنصيحة ، وتشبيكه بيه اصابعه تاكيدًا لقوله وتمثيلا لهم كيف يكونون فيما خولهم من ذلك . وفيه : أن العالم إذا أراد المبالغة فى البيان أنه يمثل لهم معنى أقواله بحركاته

q  شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال - (9 / 237)
قال الطبرى : فالأخ فى الله كالذى وصف به رسول الله المؤمنَ للمؤمن وأن كل واحد منهما لصاحبه بمنزلة الجسد الواحد ؛ لأن ما سر أحدهما سر الآخر وما أساء أحدَهما أساء الآخر ، وأن كل واحد منهما عون لصاحبه فى أمر الدنيا والآخرة كالبنيان يشد بعضه بعضًا و كالمرآة له فى توقيفه إياه على عيوبه ونصيحته له فى المشهد والمغيب، وتعريفه إياه من خطة وما فيه صلاحه ما يخفى عليه ، وهذا النوع من الإخوان فى زماننا كالكبريت الأحمر ، وقد قيل هذه قبل هذا الزمان ؛ كان يونس بن عبيد تقول : ما أنت بواجد شيئًا أقل من أخ فى الله صادق أو درهم طيب
((رواه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 17))

حلية الأولياء - (3 / 17)
عن يونس بن عبيد يقول : "ليس شيء أعز من شيئين : درهمٍ طيبٍ، ورجل يعمل على سنة"

شرح النووي على مسلم - (16 / 139_140)
هذه الاحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه وفيه جواز التشبيه____وضرب الامثال لتقريب المعاني إلى الافهام

q  شرح سنن أبي داود للعباد - (489 / 7)
ففيه الإشارة إلى الاختلاط والامتزاج، وأنهم كلهم بهذه الطريقة،

q  التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوى - (2 / 874)
لا يتقوى في أمر دينه ودنياه الا بمعونته كما أن بعض البناء يقوى بعضه

شرح المصابيح لابن الملك - (5 / 292)
المؤمن لا يتقوَّى في أمر دينه ودنياه إلا بمعونة أخيه كما أن بعض البناء يَقْوَى ببعضه.

q  فيض القدير - (6 / 252)
فوقع التشبيك تشبيها لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض كما أن البنيان الممسك بعضه ببعض يشد بعضه بعضا وذلك لأن أقواهم لهم ركن وضعيفهم مستند لذلك الركن القوي فإذا والاه قوي بما بباطنه

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (7 / 3102)
لَا شَكَّ أَنَّ الْقَوِيَّ هُوَ الَّذِي يَشُدُّ الضَّعِيفَ وَيُقَوِّيهِ، وَحَاصِلُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَتَقَوَّى فِي أَمْرِ دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ إِلَّا بِمَعُونَةِ أَخِيهِ، كَمَا أَنَّ بَعْضَ الْبِنَاءِ يُقَوِّي بَعْضَهُ

q  فيض القدير - (6 / 252)
وفيه تفضيل الاجتماع على الانفراد ومدح الاتصال على الانفصال فإن البنيان إذا تفاصل بطل وإذا اتصل ثبت الانتفاع به بكل ما يراد منه

q  فيض القدير - (6 / 252)
قال الراغب : إنه لما صعب على كل أحد أن يحصل لنفسه أدنى ما يحتاج إليه إلا بمعاونة عدة له فلقمة طعام لو عددنا تعب تحصيلها من زرع وطحن وخبز وصناع آلاتها لصعب حصره فلذلك قيل الإنسان مدني بالطبع ولا يمكنه التفرد عن الجماعة بعيشه بل يفتقر بعضهم لبعض في مصالح الدارين وعلى ذلك نبه بهذا الحديث

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (21 / 104)
(قوله –صلى الله عليه وسلم- : "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشذ بعضه بعضا") تمثيل يفيد الحض على معونة المؤمن للمؤمن ونصرته ، وأن ذلك أمر متأكد لا بد منه ،
فإنَّ البناء لا يتم أمره ، ولا تحصل فائدته إلا بأن يكون بعضه يمسك بعضا ، ويقويه ، فإنَّ لم يكن كذلك انحلت أجزاؤه ، وخرِب بناؤه . وكذلك المؤمن لا يستقل بامور دنياه ودينه إلا بمعونة أخيه ، ومعاضدته ، ومناصرته ، فإنَّ لم يكن ذلك عجز عن القيام بكل مصالحه ، وعن مقاومة مضادة ، فحينئذ لا يتم له نظام دنيا ولا دين ، ويلتحق بالهالكين .

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (21 / 104)
ومقصود هذا التمثيل : الحض على ما يتعين من محبة المؤمن ، ونصيحته ، والتهمم بأمره

q  بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 48)
هذا حديث عظيم ، فيه الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمنين أنهم على هذا الوصف ، ويتضمن الحث منه على مراعاة هذا الأصل ، وأن يكونوا إخوانا متراحمين متحابين متعاطفين ، يحب كل منهم للآخر ما يحب لنفسه ، ويسعى في ذلك ، وأن عليهم مراعاة المصالح الكلية الجامعة لمصالحهم كلهم ، وأن يكونوا على هذا الوصف ، فإن البنيان المجموع من أساسات وحيطان محيطة كلية وحيطان تحيط بالمنازل المختصة ، وما تتضمنه من سقوف وأبواب ومصالح ومنافع ، كل نوع من ذلك لا يقوم بمفرده حتى ينضم بعضها إلى بعض . كذلك المسلمون يجب أن يكونوا كذلك ، فيراعوا قيام دينهم وشرائعه وما يقوّم ذلك ويقويه ، ويزيل موانعه وعوارضه

q  بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 50)
فالمسلمون قصدهم ومطلوبهم واحد ، وهو قيام مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم الدين إلا بها ، وكل طائفة تسعى في تحقيق مهمتها بحسب ما يناسبها ويناسب الوقت والحال . ولا يتم لهم ذلك إلا بعقد المشاورات والبحث عن المصالح الكلية ، وبأي وسيلة تدرك ، وكيفية الطرق إلى سلوكها ، وإعانة كل طائفة للأخرى في رأيها وقولها وفعلها وفي دفع المعارضات والمعوقات عنها ، فمنهم طائفة تتعلم ، وطائفة تعلم ، ومنهم طائفة تخرج إلى الجهاد بعد تعلمها لفنون الحرب ، ومنهم طائفة ترابط ، وتحافظ على الثغور (1) ، ومسالك الأعداء ، ومنهم طائفة تشتغل بالصناعات المخرجة للأسلحة المناسبة لكل زمان بحسبه ، ومنهم طائفة تشتغل بالحراثة والزراعة والتجارة والمكاسب المتنوعة ، والسعي في الأسباب الاقتصادية ، ومنهم طائفة تشتغل بدرس السياسة وأمور الحرب والسلم ، وما ينبغي عمله مع الأعداء مما يعود إلى مصلحة الإسلام والمسلمين ، وترجيح أعلى المصالح على أدناها ، ودفع أعلى المضار بالنزول إلى أدناها ، والموازنة بين الأمور ، ومعرفة حقيقة المصالح والمضار ومراتبها

q  بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 51)
فما أنفع العمل بهذا الحديث العظيم الذي أرشد فيه هذا النبي الكريم أمته إلى أن يكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر . ولهذا حث الشارع على كل ما يقوي هذا الأمر ، وما يوجب المحبة بين المؤمنين ، وما به يتم التعاون على المنافع ، ونهى عن التفرق والتعادي ، وتشتيت الكلمة في نصوص كثيرة حتى عد هذا أصلا عظيما من أصول الدين تجب مراعاته واعتباره وترجيحه على غيره والسعي إليه بكل ممكن .
فنسأل الله تعالى أن يحقق للمسلمين هذا الأصل ويؤلف بين قلوبهم ، ويجعلهم يدا واحدة على من ناوأهم وعاداهم ، إنه كريم .

q  التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (15 / 580)
ونصر المظلوم فرض واجب على المؤمنين على الكفاية، فمن قام به سقط عن الباقين، ويتعين فرض ذلك على السلطان، ثم على كل من له قدرة على نصرته إذا لم يكن هناك من ينصره غيره من سلطان وشبهه.
شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري - (4 / 257)
وفيه تعظيم حقوق المسلمين بعضهم لبعض وحثّهم على التراحم والملاطفة والتعاضد، والمؤمن إذا شدّ المؤمن فقد نصره والله أعلم.

q  إكمال المعلم بفوائد مسلم - (8 / 56)
فيه الحض على تعاون المسلمين، وتناصرهم، وتآلفهم، وتواددهم، وتراحمهم.

كشف المشكل من حديث الصحيحين - (1 / 263)
ظاهره الإخبار ومعناه الأمر وهو تحريض على التعاون

التنوير شرح الجامع الصغير - (10 / 449)
بنيان المؤمن إعانة المؤمنين في أمور الدنيا والدين

مجموع الفتاوى ( ط: دار الوفاء - تحقيق أنور الباز ) - (3 / 419)
وَأَمْثَالُ هَذِهِ النُّصُوصِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرَةٌ . وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ وَجَعَلَهُمْ إخْوَةً وَجَعَلَهُمْ مُتَنَاصِرِينَ مُتَرَاحِمِينَ مُتَعَاطِفِينَ وَأَمَرَهُمْ سُبْحَانَهُ بالائتلاف وَنَهَاهُمْ عَنْ الِافْتِرَاقِ وَالِاخْتِلَافِ

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3177)
وفيه جواز التشبيه وضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأفهام.

Kamis, 21 Februari 2019

أهوال القيامة وأفزاعها


51 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ , بِإِسْنَادِهِ ,
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا_ :
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ :
«لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا كَانَتْ لَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَعَجَّلَهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي اسْتَخْبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ , وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَحْتَهُ آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْبَشَرِ، وَلَا فَخْرَ» .
ثُمَّ قَالَ :
" يَشْتَدُّ يَوْمُ الْقِيَامَةِ غَمُّهُ وَكَرْبُهُ فِي النَّاسِ، فَيَأْتُونَ آدَمَ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_،
فَيَقُولُونَ لَهُ : "يَا أَبَا الْبَشَرِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ : "لَسْتُ هُنَاكَ إِنِّي قَدْ أُخْرِجْتُ مِنَ الْجَنَّةِ بِخَطِيئَتِي، وَلَيْسَ يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ فَإِنَّهُ أَوَّلُ الْمُرْسَلِينَ"،
فَيَأْتُونَ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُونَ:
"اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ : "لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ دَعْوَةً أَغْرَقْتُ بِهَا أَهْلَ الْأَرْضِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا"،
فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_، فَيَقُولُونَ :
"اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ : "لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي قَدْ كَذَبْتُ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ".
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالثَّلَاثَةُ جَادَلَ بِهِنَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، إِحْدَاهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ {88} فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 88-89] ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] ، وَالثَّالِثَةُ، قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ : إِنَّهَا أُخْتِي،
وَلَيْسَ يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا"،
فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ :
"اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ : "لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنِّي لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رُوحَ اللَّهِ، وَكَلِمَتَهُ"،
فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ :
"اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا"،
فَيَقُولُ :
"لَسْتُ هُنَاكَ، إِنِّي اتُّخِذْتُ أَنَا وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي.
وَلَكِنْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ لِأَحَدِكُمْ بِضَاعَةٌ فَجَعَلَهَا فِي كِيسٍ، وَخَتَمَ عَلَيْهَا أَكَانَ يَصِلُ إِلَى مَا فِي الْكِيسِ حَتَّى يَفُضَّ الْخَتْمَ "؟ فَيَقُولُونَ : "لَا."
فَيَقُولُ :
"إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُتِمَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَقَدْ وَافَى الْيَوْمَ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ، ائْتُوهُ"،
قَالَ رَسُول اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ :
"فَيَأْتِينِي النَّاسُ، فَأَقُولُ :
"نَعَمْ، أَنَا لَهَا أَنَا لَهَا، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى، فَيَلْبَثُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ،
فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ خَلْقِهِ نَادَى مُنَادٍ :
"أَيْنَ مُحَمَّدٌ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَأُمَّتُهُ"،
فَنَحْنُ الْآخِرُونَ، الْأَوَّلُونَ.
(يَعْنِي : آخِرَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَأَوَّلَهُمْ فِي الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)،
فَأَقُومُ أَنَا وَأُمَّتِي، فَيُفَرِّجُ الْأُمَمُ عَنْ طَرِيقِنَا، فَنَمُرُّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الطُّهُورِ.
وَيَقُولُ لَنَا النَّاسُ : كَادَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا أَنْبِيَاءَ.
ثُمَّ أَتَقَدَّمُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَأَسْتَفْتِحُ،
فَيُقَالُ : "مَنْ هَذَا؟"
فَأَقُولُ : "أَنَا : مُحَمَّدٌ، رَسُولُ اللَّهِ".
فَيُفْتَحُ لِي فَأَدْخُلُ، وَأَخِرُّ لِرَبِّي سَاجِدًا، وَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا يَحْمَدُهُ أَحَدٌ بِهَا بَعْدِي.
فَيُقَالُ : "ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ : تُسْمَعْ. وَسَلْ : تُعْطَ. وَاشْفَعْ : تُشَفَّعْ."
فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَشْفَعُ لِمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ أَوْ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ (يَعْنِي : مِنَ الْيَقِينِ، مَعَ شِهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)".



وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "خَوِّفْنَا، يَا كَعْبَ الْأَحْبَارِ"،
فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ للَّهِ مَلَائِكَةً قِيَامًا مِنْ يَوْمِ خَلَقَهُمُ اللَّهُ، مَا ثَنَوْا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ سَجَدُوا، مَا رَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ، حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّورِ فَيَقُولُونَ جَمِيعًا : "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَحَقَّ مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْبَدَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَقْرَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، حَتَّى إِذَا دَنَتْ وَقَرُبَتْ، زَفَرَتْ زَفْرَةً فَلَمْ يَبْقَ نَبِيٌّ وَلَا شَهِيدٌ إِلَّا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ سَاقِطًا، يَقُولُ كُلُّ نَبِيٍّ وَكُلُّ صِدِّيقٍ وَكُلُّ شَهِيدٍ : "يَا رَبِّ، لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا نَفْسِي".
وَيَنْسَى إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، فَيَقُولُ : "يَا رَبِّ، أَنَا خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمُ".
فَلَوْ كَانَ لَكَ يَابْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَئِذٍ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَظَنَنْتَ أَنَّكَ لَا تَنْجُو.
فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى شَجَوْا.
فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ قَالَ: يَا كَعْبُ بَشِّرْنَا."
فَقَالَ :
"أَبْشِرُوا، فَإِنَّ للَّهِ _تَعَالَى_ ثَلاثَ مِائَةً وَثَلَاثَ عَشْرَةَ شَرِيعَةً، لَا يَأْتِي الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ كُنْهَ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَأَبْطَأْتُمْ فِي الْعَمَلِ.
يَا أَخِي، اسْتَعِدَّ لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالِاجْتِنَابِ عَنِ الْمَعَاصِي، فَإِنَّكَ عَنْ قَرِيبٍ تُعَايِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَنْدَمُ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ أَيَّامِ عُمْرِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا مُتَّ، فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُكَ.
كَمَا قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ :
"إِنَّكُمْ تَقُولُونَ الْقِيَامَةَ الْقِيَامَةَ، إِنَّمَا قِيَامَةُ أَحَدِكُمْ مَوْتُهُ."

وَذُكِرَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ :
أَنَّهُ كَانَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ، فَقَامَ عَلَى الْقَبْرِ.
فَلَمَّا دُفِنَ قَالَ : "أَمَّا هَذَا الْعَبْدُ، فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ."

وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا مَاتَ فَقَدْ عَايَنَ أَمْرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّهُ يَرَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْمَلَائِكَةَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَضَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَخُتِمَ عَلَى عَمَلِهِ بِالْمَوْتِ، فَيَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ.
فَطُوبَى لِمَنْ كَانَتْ خَاتِمَتُهُ بِالْخَيْرِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ : "الدُّوَلُ ثَلَاثٌ : دَوْلَةُ الْحَيَاةِ، وَدَوْلَةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَدَوْلَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
* فَأَمَّا دَوْلَةُ الْحَيَاةِ : فَإِنَّهُ يَعِيشُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى،
* وَأَمَّا دَوْلَتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ : بِأَنْ تَخْرُجَ رُوحُهُ مَعَ شِهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،
* وَأَمَّا الدَّوْلَةُ الصَّحِيحَةُ : فَدَوْلَةُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْبُشْرَى، فَحِينَ يَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ يَأْتِيهِ الْبَشِيرُ بِالْجَنَّةِ."

وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ _رَحِمَهُ اللَّهُ_ :
"أَنَّهُ قُرِئَ فِي مَجْلِسِهِ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85] ، أَيْ رُكْبَانًا.
{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86] ، يَعْنِي مُشَاةً عِطَاشًا.
فَقَالَ :
"أَيُّهَا النَّاسُ، مَهْلًا، مَهْلًا، غَدًا تُحْشَرُونَ إِلَى الْمَوْقِفِ، حَشْرًا حَشْرًا، وَتَأْتُونَ مِنَ الْأَطْرَافِ فَوْجًا فَوْجًا، وَتُوقَفُونَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَرْدًا فَرْدًا، وَتُسْأَلُونَ عَمَّا فَعَلْتُمْ حَرْفًا حَرْفًا، وَتُقَادُ الْأَوْلِيَاءُ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَفْدًا، وَيُرَدُّ الْعَاصُونَ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ وِرْدًا وِرْدًا، وَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ حِزْبًا حِزْبًا، وَكُلُّ هَذَا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا.
وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَيُجَاءُ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ وَيْلًا وَيْلًا.___
إِخْوَانِي، الْوَيْلُ لَكُمْ مِنْ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ؛ يَوْمِ الرَّاجِفَةِ، يَوْمِ الْآزِفَةِ، يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يَوْمِ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ،
فَذَلِكَ يَوْمٌ عَظِيمٌ :
)يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ( وَهُوَ يَوْمُ الْمُنَاقَشَةِ وَيَوْمُ الْمُحَاسَبَةِ وَيَوْمُ الْمُوَازَنَةِ وَيَوْمُ الْمُسَاءَلَةِ وَيَوْمُ الزَّلْزَلَةِ وَيَوْمُ الصَّيْحَةِ وَيَوْمُ الْحَاقَّةِ وَيَوْمُ الْقَارِعَةِ وَيَوْمُ النُّشُورِ،
وَيَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ،
وَيَوْمُ التَّغَابُنِ،
وَيَوْمَ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ،
وَيَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ،
وَيَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا،
وَيَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، وَيَوْمَ لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا،
يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، )أَيْ : مُنْتَشِرًا)،
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ، وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ، يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا، يَوْمَ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى , وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ."

وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ :
"تَقِفُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِائَةَ سَنَةٍ فِي الْعَرَقِ مُلْجَمُونَ، وَمِائَةَ سَنَةٍ فِي الظُّلْمَةِ مُتَحَيِّرُونَ، وَمِائَةَ سَنَةٍ يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَخْتَصِمُونَ."

وَيُقَالُ : إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِقْدَارُهُ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ لَيَمْضِي عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمُخْلِصِ كَمَا يَمْضِي عَلَيْهِ سَاعَةٌ وَاحِدَةٌ، فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَاقِلُ بِأَنْ تَصْبِرَ عَلَى شَدَائِدِ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لِيَسْهُلَ عَلَيْكَ الشَّدَائِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.