Rabu, 29 November 2017

Riyadh : Hadits 570 & Bab 64



[570] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قَالَ :
«بَيْنَا أيُّوبُ - عليه السلام - يَغْتَسِلُ عُرْيَاناً، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أيُّوبُ يَحْثِي في ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ - عز وجل -: يَا أيُّوبُ، ألَمْ أكُنْ أغْنَيتكَ عَمَّا تَرَى؟!
قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لا غِنى بي عن بَرَكَتِكَ» . رواه البخاري.

شرح غرائب الكلمات :

كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (5/ 464)
"رِجْل جرادٍ من ذهب"، والرِّجْلِ -بكسرٍ فسكون-: الطائفة العظيمة من الجراد، والجراد اسم جمع، واحدُه جرادة، كتمر وتمرة.

تطريز رياض الصالحين (ص: 375)
في هذا الحديث: جواز الاغتسال عريانًا في الخلوة.

تطريز رياض الصالحين (ص: 376)
وفيه: جواز الحرص على الاستكثار من الحلال في حق من وثق من نفسه بالشكر.
قال بعض العلماء: إنما حرص عليه أيوب عليه السلام لأنه قريب عهد بربه، كما حسر نبينا - صلى الله عليه وسلم - ثوبه حين نزل المطر، وقيل: لأنه نعمة جديدة خارقة للعادة، وكل ما نشأ عنها فهو بركة.

شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 393)
قال المهلب: فى حديث موسى، وأيوب دليل على إباحة التعرى فى الخلوة للغسل وغيره، بحيث يأمن أعين الناس، لأن أيوب وموسى من الذين أمرنا أن نهتدى بهداهم، ألا ترى أن الله عاتب أيوب على جمع الجراد، ولم يعاتبه على غسله عريانًا، ولو كلف الله عباده الاستتار فى الخلوة كان فى ذلك حرج على العباد، إذ كان المغتسل من الجنابة لا يجد بدًا من التعرى والله تعالى لا يغيب عنه شىء من خلقه، عراة كانوا أو مكتسين، وسيأتى شىء من هذا المعنى فى كتاب الصلاة، فى باب كراهية التعرى فى الصلاة وغيرها، إن شاء الله، إلا أن الاستتار فى الخلوة من حسن الأدب.

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (11/ 3608)
فيه معجزتان ظاهرتان لموسى عليه الصلاة والسلام، إحداهما: مشى الحجر بثوبه، والثانية: حصول الندب في الحجر بضربه، وفيه: حصول التمييز في الجماد، وفيه: جواز الغسل عريانًا في الخلوة وإن كان ستر العورة أفضل، وبهذا قال الشافعي ومالك وأحمد، وخالفهم ابن أبي ليلى فقال: إن للماء ساكنًا.
وفيه: ابتلاء الأنبياء والصالحين من أذى السفهاء والجهال وصبرهم عليه.
وفيه: أن الأنبياء صلوات الله وسلامة عليهم منزهون عن النقائص في الخلق والخلق، سالمون من العاهات والمعايب، اللهم إلا على سبيل الابتلاء.

طرح التثريب في شرح التقريب (2/ 233)
فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَيُّوبُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ يُقَالُ هُوَ ابْنُ أَمْعُوصَ بْنِ رَزَاحِ بْنِ رُومِ بْنِ عِيصَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَأَنَّ أُمَّهُ مِنْ وَلَدِ لُوطِ بْنِ هَارُونَ وَهُوَ الَّذِي اُمْتُحِنَ بِالْبَلَاءِ فَظَهَرَ صَبْرُهُ ثُمَّ عُوفِيَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} [ص: 43] . وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «سَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قِصَّةِ أَيُّوبَ وَقَوْلِهِ {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} [ص: 43] يَعْنِي زَوْجَتَهُ

طرح التثريب في شرح التقريب (2/ 234)
[فَائِدَةٌ الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةِ مَعَ إمْكَانِ التَّسَتُّرِ] 1
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ جَوَازُ الِاغْتِسَالِ عُرَّيَانَا فِي الْخَلْوَةِ مَعَ إمْكَانِ التَّسَتُّرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَبْلَهُ.

طرح التثريب في شرح التقريب (2/ 234)
فَهُوَ إكْرَامٌ عَظِيمٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فَهُوَ مُعْجِزَةٌ فِي حَقِّهِ لَكِنْ هَلْ كَانَ جَرَادًا حَقِيقَةً ذَا رُوحٍ إلَّا أَنَّ جِسْمَهُ ذَهَبٌ أَوْ كَانَ عَلَى شَكْلِ الْجَرَادِ وَلَيْسَ فِيهِ رُوحٌ

طرح التثريب في شرح التقريب (2/ 234)
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالشَّرَهِ وَحُبِّ الدُّنْيَا بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ لَهَا وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهَا بَلْ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ أَيُّوبُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَخَذَ هَذَا الْمَالَ حُبًّا لِلدُّنْيَا وَإِنَّمَا أَخَذَهُ كَمَا أَخْبَرَ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ بَرَكَةٌ مِنْ رَبِّهِ وَفِي مَعْنَى الْبَرَكَةِ هُنَا أَوْجُهٌ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ وُجِدَ عِنْدَ زِيَادَةِ إقْبَالِ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ النِّعْمَةُ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةً فَصَارَ هَذَا الذَّهَبُ مَحْبُوبًا لِأَنَّهُ وُجِدَ عِنْدَ إقْبَالِ الْمَحْبُوبِ أَلَا تَرَى الشُّعَرَاءَ يُكْثِرُونَ التَّشْبِيبَ بِالدِّيَارِ وَإِنَّمَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِيهَا مِنْ إقْبَالِ الْمَحْبُوبِ عَلَيْهِمْ مَا أَوْجَبَ حُبَّ تِلْكَ الدِّيَارِ
أَمُرُّ عَلَى الدِّيَارِ دِيَارِ لَيْلَى ... أُقَبِّلُ ذَا الْجِدَارَ وَذَا الْجِدَارَا
وَمَا حُبُّ الدِّيَارِ شَغَفْنَ قَلْبِي ... وَلَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَا

طرح التثريب في شرح التقريب (2/ 235)
(ثَانِيهَا) أَنَّهُ قَرِيبُ الْعَهْدِ بِتَكْوِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا كَمَا «حَسَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ جِلْدِهِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ وَقَالَ إنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» أَيْ بِتَكْوِينِ رَبِّهِ.
(ثَالِثُهَا) أَنَّ هَذِهِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ فَيَنْبَغِي تَلَقِّيهَا بِالْقَبُولِ فَفِي ذَلِكَ شُكْرٌ لَهَا وَتَعْظِيمٌ لِشَأْنِهَا وَفِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا كُفْرٌ بِهَا وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا مَا فِي حَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» رَابِعُهَا أَنَّ هَذِهِ آيَةٌ وَمُعْجِزَةٌ فَكُلُّ مَا نَشَأَ عَنْهَا فَهُوَ بَرَكَةٌ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً وَمِنْ هَذَا «قَضِيَّةُ الصِّدِّيقِ مَعَ أَضْيَافِهِ لَمَّا صَارُوا لَا يَأْكُلُونَ لُقْمَةً إلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا فَحَمَلَ بَقِيَّتَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكَلَ مِنْهُ وَقَالَ هَذَا بَرَكَةٌ فَبَادِرْ إلَى تَحْصِيلِهِ وَالِاحْتِوَاءِ عَلَيْهِ» لِبَرَكَتِهِ لَا لِنَفْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يُحَبُّ وَلَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِيهِ جَوَازُ الْحِرْصِ عَلَى الْمَالِ الْحَلَالِ وَفَضْلُ الْغِنَى لِأَنَّهُ سَمَّاهُ بَرَكَةً انْتَهَى.

طرح التثريب في شرح التقريب (2/ 235)
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ «أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُك» كَمَا تَرَى يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ غِنَى الْقَلْبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ غِنَى الْمَالِ أَيْضًا وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَفِيهِ أَنَّ أَيُّوبَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ غَنِيًّا شَاكِرًا وقَوْله تَعَالَى {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} [ص: 44] لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ صَبْرُهُ عَلَى الْبَلَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ صَبْرُهُ مَعَ الْبَلَاءِ عَلَى فَقْرِ الْمَالِ أَيْضًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ لِأَيُّوبَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَقَامَيْ الصَّبْرِ عَلَى الْفَقْرِ وَالشُّكْرِ عَلَى الْغِنَى بِاعْتِبَارِ حَالَتَيْنِ فَكَانَ فِي نَفْسِ الْبَلَاءِ فَقِيرًا صَابِرًا وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ غَنِيًّا شَاكِرًا وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِ {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} [ص: 44] فَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالصَّبْرِ ثُمَّ قَالَ {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44] فَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ غَنِيٌّ شَاكِرٌ كَمَا قَالَ فِي حَقِّ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44] مَعَ أَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا شَاكِرًا.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} [ص: 44] وَلَمْ يَقُلْ صَبُورًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ جَمِيعُ أَحْوَالِهِ الصَّبْرَ بَلْ كَانَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مُسْتَلِذًّا لِلْبَلَاءِ مُسْتَعْذِبًا لَهُ فَكَانَ بَعْضُ أَحْوَالِهِ الصَّبْرَ وَبَعْضُهَا الِاسْتِلْذَاذَ.

الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (1/ 433)
وفقه الحديث: جواز السعي في تحصيل المال الحلال، وأنه لا ينافي التوكل، وأن ما جاء من المال من غير إشراف لا يرد ويتوسل به إلى تحصيل ثواب الآخرة.
وأيوب هذا من الأنبياء بلا خلاف، وابتلاؤه معروف بين الناس، وقد أثنى الله عليه بقوله: {نِعْمَ الْعَبْدُ} [ص: 30] وسيأتي حديثه بأطول من هذا.

نيل الأوطار (1/ 316)
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْحَدِيث أَنَّ اللَّه تَعَالَى عَاتَبَهُ عَلَى جَمْعِ الْجَرَاد وَلَمْ يُعَاتِبْهُ عَلَى الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي سَيَأْتِي أَنَّهُمَا: يَعْنِي أَيُّوبُ وَمُوسَى مِمَّنْ أُمِرَا بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى رَأْي مَنْ يَقُولُ: شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ وَجْهَ الدَّلَالَة مِنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَّ الْقِصَّتَيْنِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْ شَيْئًا مِنْهُمَا فَدَلَّ عَلَى مُوَافَقَتِهِمَا لِشَرْعِنَا، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ فِيهِمَا شَيْءٌ غَيْرَ مُوَافِقٍ لَبَيَّنَهُ، فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا الْإِرْشَادُ إلَى التَّسَتُّرِ عَلَى الْأَفْضَلِ

كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (5/ 465)
محمَّد الخَضِر بن سيد عبد الله بن أحمد الجكني الشنقيطي (المتوفى: 1354هـ) :
"ووجه الدلالة من حديث أيوب هذا أن الله تعالى عاتبه على جمع الجراد، ولم يعاتبه على الاغتسال عُريانًا، فدل على جوازه.
وفي الحديث جواز الحِرْص على الاستكثار من الحل الذي حق من وَثِق من نفسه بالشكر عليه. وفيه تسمية المال الذي يكون من هذه الجهة بركة.

كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (5/ 466)
ومُحال أن يكون أيوب عليه الصلاة والسلام أخذ هذا المال حبًّا للدنيا، وإنما أخذه كما أخبر هو عن نفسه؛ لأنه بركة من ربه تعالى؛ لأنه قريب العهد بتكوينه عَزَّ وَجَلَّ، أو أنه نعمة جديدة خارقة للعادة، فينبغي تلقّيها بالقَبول، ففي ذلك شُكرٌ لها، وتعظيمٌ لشأنها، وفي الإعراض عنها كفر لها.

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (1/ 317)
حمزة محمد قاسم :
ويستفاد من الحديثين: جواز التعرّي عند الخلوة، لأنَّ شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يدل الدليل على نسخه، وقد قال عز وجل: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (4/ 342)
ووجه الدلالة من هذين الحديثين من حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قص القصتين ولم يتعقبهما بشيء، فدل على موافقتهما لشرعنا، وإلا لبينه. أفاده في الفتح.
قال الجامع عفا الله عنه: الذي قاله الجمهور هو الرأي الحسن، جمعا بين الأدلة، فتحمل الأحاديث الدالة على التستر على الأفضلية، كما قال البخاري رحمه الله تعالى. والله أعلم. وهو المستعان، وعليه التكلان

بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار (1/ 118)
فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376هـ) :
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى :
"والْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ السَّتُّرِ حَالَ الِاغْتِسَالِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ وَتَرْكُهُ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إلَى تَحْرِيمِهِ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مُطْلَقِ الِاسْتِتَارِ."
====================================================
====================================================

64- باب فضل الغَنِيّ الشاكر

تطريز رياض الصالحين (ص: 376)
وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بِهَا

1.   قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسْرَى} [الليل (5: 7) ]
أي : أعطى ماله لوجه الله، واتقى محارمه، وصدق بالحسنى، أي: المجازاة، فسنيسِّره، نهيِّئه في الدنيا لليسرى، أي: للخلة التي توصله إلى اليسرى، والراحة في الآخرة، وهي الأعمال الصالحة.

زاد المسير في علم التفسير (4/ 454)
وفي «الحسنى» ستة أقوال:
أحدها : أنه «لا إِله إِلا الله» ، رواه عطية عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والثاني : الخَلَف، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال الحسن.
والثالث : الجنة، قاله مجاهد.
والرابع: نِعَم الله عليه، قاله عطاء.
والخامس: بوعد الله أن يثيبه، قاله قتادة، ومقاتل.
والسادس: الصلاة، والزكاة، والصوم، قاله زيد بن أسلم.

زاد المسير في علم التفسير (4/ 454)
«اليسرى» وفيه قولان :
أحدهما : للخير، قاله ابن عباس. والمعنى: نُيَسِّر ذلك عليه.
والثاني: للجنّة، قاله زيد بن أسلم.
===========================================
2.   وقال تَعَالَى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل (17: 21) ] .
أي: وسيجنب النار الأتقى، أي: من اتقى الشرك والمعاصي؛ الذي يعطي ماله في طاعة الله، يطلب تزكية نفسه طلبًا لمرضاة الله، ولسوف يرضى حين يرى جزاءه في الآخرة، وهذه الآيات نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، وهي عامة في جميع المؤمنين.

تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 927)
قصده به تزكية نفسه، وتطهيرها من الذنوب والعيوب (1) ، قاصدًا به وجه الله تعالى، فدل هذا على أنه إذا تضمن الإنفاق المستحب ترك واجب، كدين ونفقة ونحوهما، فإنه غير مشروع، بل تكون عطيته مردودة عند كثير من العلماء، لأنه لا يتزكى بفعل مستحب يفوت عليه الواجب.

زاد المسير في علم التفسير (4/ 455)
الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى أي: يطلب أن يكون عند الله زاكيا، ولا يطلب الرياء، ولا السمعة وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى أي: لم يفعل ذلك مجازاة ليد أُسْدِيَتْ إليه.

===========================================

3.   وقال تَعَالَى: {إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِي وَإنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة (271) ]
أي : إنْ تبدوا الصدقات فَنِعْمَ ما أبديتم، وإنْ تعطوها مع إخفاء الفقراء فهو خير لكم.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: السر في التطوع أفضل من العلانية، والفريضة علانيتها أفضل.

تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 701_702)
وَقَوْلُهُ: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} أَيْ: إِنْ أَظْهَرْتُمُوهَا فَنِعْمَ شَيْءٌ هِيَ.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُم} فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ إِسْرَارَ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدَ عَنِ الرِّيَاءِ، إِلَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الْإِظْهَارِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، مِنَ اقْتِدَاءِ النَّاسِ بِهِ، فَيَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ والمُسِر بِالْقُرْآنِ كالمُسِر بِالصَّدَقَةِ" [قال الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 596/ رقم : 3105) : (صحيح) ... [د ت ن] عن عقبة بن عامر [ك] عن معاذ. المشكاة 2202، صحيح أبي داود 1204.]
وَالْأَصْلُ أَنَّ الْإِسْرَارَ أَفْضَلُ، لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قال___رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجِمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"
===========================================

4.   وقال تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران (92) ] .
أي: لن تنالوا كمال الخير حتى تنفقوا من المال الذي تحبونه، وما تنفقوا من شيء فإنَّ الله به عليم فيجازيكم بحسبه.

تفسير السمرقندي = بحر العلوم (1/ 230)
قال ابن عباس في رواية أبي صالح أنه قال لن تنالوا ما عند الله من ثوابه في الجنة، حتى تنفقوا مما تحبون، أي حتى تخرجوا أموالكم طيبة بها أنفسكم. وقال مقاتل: يعني لن تنالوا التقوى، حتى تنفقوا مما تحبون من الصدقة، أي بعض ما تحبون من الأموال وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ يعني الصدقة وصلة الرحم فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ أي لا يخفى عليه، فيثيبكم عليه. ويقال: لن تنالوا البر حتى تستكملوا التقوى. ويقال:
لا تكونوا بارين، حتى تنفقوا مما تحبون، أي من الصدقة، أي بعض ما تحبون من الأموال.
===========================================

والآيات في فضلِ الإنفاقِ في الطاعاتِ كثيرة معلومة.
كقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة (274) ] ، وغيرها من الآيات المعروفة.

===========================================

Tidak ada komentar:

Posting Komentar