Rabu, 02 Agustus 2017

شرح رياض الصالحين (رقم : 552_553) لأبي فائزة الماكسري



60- باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقةً بالله تعالى


[552] وعن أَبي أُمَامَة صُدّيِّ بن عَجْلانَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ أن تَبْذُلَ الفَضلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأن تُمْسِكَه شَرٌّ لَكَ، وَلا تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» . رواه مسلم.

شرح الكلمات :

      تطريز رياض الصالحين - (1 / 364)
"الفضل: ما زاد على ما تدعو إليه حاجة الإنسان لنفسه ولمن يمونه من زوجة، وعبد، ودابة، وقريب؛ فلا يلام على إمساك ما يكف به الحاجة لذلك.
الفضل: ما زاد على ما تدعو إليه حاجة الإنسان لنفسه ولمن يمونه من زوجة، وعبد، ودابة، وقريب؛ فلا يلام على إمساك ما يكف به الحاجة لذلك." اهـ

ترجمة أبي أمامة صحابي الحديث :

قال المزي في تهذيب الكمال  :
( خ م د ت س ق ) : صدى بن عجلان بن وهب ، و يقال : ابن عمرو ، أبو أمامة
الباهلى[1] ، صاحب النبى صلى الله عليه وسلم . و باهلة هم بنو معن و سعد مناة ابنى مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان بن مضر ، نزل حمص . اهـ .

و تحول إلى الشام ، فنزل بها .

و قال معاوية بن صالح عن سليم بن عامر : قلت لأبى أمامة : مثل من أنت يومئذ ؟
ـ يعنى : فى حجة الوداع ـ قال : أنا يومئذ ابن ثلاثين سنة ، أزاحم البعير حتى أزحزحه قدما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

و قال بقية ، عن محمد بن زياد الألهانى : كنت آخذا بيد أبى أمامة صاحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانصرفت معه إلى بيته ، فلا يمر بمسلم و لا صغير و لا أحد إلا قال : سلام عليكم ، سلام عليكم ، فإذا انتهى إلى باب داره ، التفت إلينا ثم قال : أى ابن أخى أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نفشى السلام .

و قال إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن زياد : رأيت أبا أمامة أتى على رجل فى المسجد و هو ساجد يبكى فى سجوده ، و يدعو ربه ، فقال أبو أمامة : أنت أنت لو كان هذا فى بيتك .

و قال أبو بكر بن أبى خيثمة ، عن أبى الفتح نصر بن المغيرة : قال سفيان بن عيينة : كان آخر من بقى بالشام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو أمامة .

و قال محمد بن عوف ، عن أبى اليمان : مات سنة إحدى و ثمانين فى قرية يقال لها : دَنْوَة على عشرة أميال من حمص، و مات فى إمارة الوليد .

و قال عبد الصمد بن سعيد القاضى : سكن حمص ثم سلس بوله فاستأذن الوالى بأن يصير
إلى دنوة ، فأذن له ، فمات بها و خلف ابنا يقال له : الْمُغَلِّسُ .

و قال أبو الحسن المدائنى ، و يحيى بن بكير ، و عمرو بن على ، و خليفة بن خياط
، و أبو عبيد القاسم بن سلام و غير واحد : مات سنة ست و ثمانين .
و قال ابن البرقى : مات سنة ست و ثمانين ، لم يختلف فيه أحد من أهل الحديث ،
و لا أهل التاريخ .

روى له الجماعة . اهـ .
 ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ

شرح الكلمات :

شرح النووي على مسلم - (7 / 127)
وَمَعْنَاهُ : إِنْ بَذَلْت الْفَاضِل عَنْ حَاجَتك وَحَاجَة عِيَالِك فَهُوَ خَيْر لَك لِبَقَاءِ ثَوَابه ، وَإِنْ أَمْسَكْته فَهُوَ شَرّ لَك ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَمْسَكَ عَنْ الْوَاجِب اِسْتَحَقَّ الْعِقَاب عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَمْسَكَ عَنْ الْمَنْدُوب فَقَدْ نَقَصَ ثَوَابه ، وَفَوَّتَ مَصْلَحَة نَفْسه فِي آخِرَته ، وَهَذَا كُلّه شَرّ .
وَمَعْنَى ( لَا تُلَام عَلَى كَفَاف ) : أَنَّ قَدْر الْحَاجَة لَا لَوْم عَلَى صَاحِبه ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَوَجَّه فِي الْكَفَاف حَقّ شَرْعِيّ كَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَاب زَكَوِيّ وَوَجَبَتْ الزَّكَاة بِشُرُوطِهَا وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى ذَلِكَ النِّصَاب لِكَفَافِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاج الزَّكَاة ، وَيُحَصِّل كِفَايَته مِنْ جِهَة مُبَاحَة . وَمَعْنَى ( اِبْدَأْ بِمَنْ تَعُول ) : أَنَّ الْعِيَال وَالْقَرَابَة أَحَقّ مِنْ الْأَجَانِب ، وَقَدْ سَبَقَ .

فوائد الحديث :

q   تحفة الأحوذي - (7 / 7)
 قال النووي فيه تقديم نفقة نفسه وعياله لأنها منحصرة فيه بخلاف نفقة غيرهم
 وفيه الابتداء بالأهم فالأهم في الأمور الشرعية
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (6 / 286)
وفيه الإبتداء بالأهم فالأهم

q  إكمال المعلم بفوائد مسلم - (3 / 569)
وقوله: " وابدأ بمن تعول ": فيه تقديم العيال والقرابة على الأجانب، وأن حقهم آكدُ فيما يجب وفيما يستحب.

q  مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (4 / 1320)
وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْفَضْلِ دُونَ مُطْلَقِ الْمَالِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ،
فَفِي الْخَبَرِ " «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ»[2] "، وَقَدْ «جَاءَ رَجُلٌ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مَنْ ذَهَبَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْهَا فَهِيَ لِلصَّدَقَةِ وَمَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَى أَنْ أَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَخَذَهَا وَرَمَاهُ بِهَا رَمْيَةً لَوْ أَصَابَتْهُ لَأَوْجَعَتْهُ، ثُمَّ قَالَ: " يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُ فَيَقُولُ هَذِهِ صَدَقَةٌ ثُمَّ يَقْعُدُ يَتَكَفَّفُ وُجُوهَ النَّاسِ، خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» "[3]
وَالْمُرَادُ إِمَّا غِنًى مَالِيٌّ فَضْلًا عَمَّا أَعْطَاهُ، وَإِمَّا غِنًى قَلْبِيٌّ مُتَّكِلٌ عَلَى فَضْلِ مَوْلَاهُ، وَلِهَذَا لَمَّا تَصَدَّقَ أَبُو بَكْرٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ قَرَّرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا عَرَفَ مِنْ كَمَالِ حَالِهِ، وَأَرَادَ عُمَرُ ذَلِكَ فَأَمَرَهُ بِإِمْسَاكِ بَعْضِ مَالِهِ

q  مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (4 / 1320)
لَا تُذَمُّ عَلَى حِفْظِهِ وَإِمْسَاكِهِ أَوْ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَكَسْبِهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّكَ إِنْ حَفِظْتَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ تَتَصَدَّقْ بِمَا فَضَلَ عَنْكَ فَأَنْتَ مَذْمُومٌ وَبَخِيلٌ وَمَلُومٌ
«إحياء علوم الدين» للغزالي (ج3)، (ص270)
وقال محمد بن المنكدر: «كان يُقال إذا أراد الله بقوم شرًّا، أمّر عليهم شرارهم، وجعل أرزاقهم بأيدي بخلائهم» ا.هـ(4).

q  مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (4 / 1320)
وَمَفْهُومُهُ أَنَّكَ إِنْ حَفِظْتَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ تَتَصَدَّقْ بِمَا فَضَلَ عَنْكَ فَأَنْتَ مَذْمُومٌ وَبَخِيلٌ وَمَلُومٌ

q  المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (9 / 50)
 ولا شكَّ في أن إخراجه أفضل من إمساكه . فأما إمساكه عن الواجبات فشرٌّ على كل حال ، وإمساكه عن المندوب إليه فقد يقال فيه شرٌّ ؛ بالنسبة إلى ما فوَّت الممسك على نفسه من الخير

q  الحاوي للفتاوي ـ للسيوطى - (2 / 295)
فمن سلك من الأغنياء هذا الطريق فبذل الفضل كله مقتصراً على عيش مثل عيش النبي صلى الله عليه وسلّم فلا امتراء أن غنى هذا خير من فقره ،
ويدل على ذلك حديث الصحيحين : ((ذهب ذوو الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم الحديث)) وفيه ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ،
وأما قوله صلى الله عليه وسلّم : ( يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام ) وقوله صلى الله عليه وسلّم : ( اطلعت على الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ) فإن ذلك محمول على الغالب من أحوال الأغنياء والفقراء
إذ لا يتصف من الأغنياء بما ذكرناه من أن يعيش عيش الفقراء أو يتقرب إلى الله بما فضل من عيشه مقدماً لأفضل البذل فأفضله إلا الشذوذ النادرون الذين لا يكادون يوجدون ، والصابرون على الفقر قليل ما هم والراضون أقل من ذلك القليل هذا كلام الشيخ عز الدين وقال ابن بطال في حديث : ( ذهب ذوو الأموال بالدرجات العلى ) في هذا الحديث فضل الغنى نصاً لا تأويلاً إذا استوت أعمال الغني والفقير فيما افترض الله عليهما ، فللغني حينئذ فضل عمل البر من الصدقة ونحوها مما لا سبيل للفقير إليه ، وقال ابن دقيق العيد : ظاهر الحديث القريب من النص أنه فضل الغني وبعض الناس تأوله بتأويل مستكره[4]
قواعد الأحكام في مصالح الأنام - (2 / 236)
ويحقق هذا أنه عليه السلام كان قبل الغنى قائما بوظائف الفقراء فلما أغناه الله قام بوظائف الفقراء والأغنياء، فكان غنيا فقيرا صبورا شكورا راضيا بعيش الفقراء جوادا بأفضل جود الأغنياء.

q  الأخلاق والسير - (ص / 31_32) لابن حزم :
وغايته أن تبذل الفضل كله في وجوه البر وأفضل ذلك في الجار المحتاج وذي الرحم الفقير وذي النعمة الذاهبة والأحضر فاقة،
ومنع الفضل من هذه الوجوه داخل في البخل، وعلى قدر التقصير والتوسع في ذلك يكون المدح والذم،
وما وضع في غير هذه الوجوه فهو___تبذير وهو مذموم وما بذلت من قوتك لمن هو أمس حاجة منك فهو فضل وإيثار وهو خير من الجود
==============================================

[553] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ:
مَا سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإسْلاَمِ شَيْئاً إلا أعْطَاهُ،
وَلَقَدْ جَاءهُ رَجُلٌ، فَأعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، أسْلِمُوا فإِنَّ مُحَمَّداً يُعطِي عَطَاءَ مَن لا يَخْشَى الفَقْر، وَإنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُريدُ إلا الدُّنْيَا، فَمَا يَلْبَثُ إلا يَسِيراً حَتَّى يَكُونَ الإسْلاَمُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا. رواه مسلم.

ترجمة أنس بن مالك –رضي الله تعالى عنه- :

قال المزي في تهذيب الكمال  :
( خ م د ت س ق ) : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى ، النجارى ، أبو حمزة المدنى ، نزيل البصرة ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و خادمه .

و أمه : أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام .
خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، مدة مقامه بالمدينة . اهـ .

قال أبو القاسم البغوى : أمه أم : سليم بنت ملحان ، قال : و قال على ابن المدينى : اسمها مليكة بنت ملحان ، و أمها الرميصاء .

و قال جابر الجعفى ، عن خيثمة البصرى ، عن أنس بن مالك : كنانى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، ببقلة كنت أجتنيها .

و قال الزهرى ، عن أنس بن مالك : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ،
و أنا ابن عشر سنين ، و توفى و أنا ابن عشرين سنة ، و كن أمهاتى يحثثننى على خدمته .

و قال على بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيب : قال أنس : قدم رسول الله
صلى الله عليه وسلم المدينة ، و أنا ابن ثمانى سنين ، فذهبت بى أمى إليه ، فقالت : يا رسول الله إن رجال الأنصار ، و نساءهم قد أتحفوك غيرى ، و إنى لم أجد ما أتحفك به إلا ابنى هذا فاقبله منى، يخدمك ما بدا لك ، قال : فخدمت

رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، لم يضربنى ضربة ، و لم يسبنى ، و لم يعبس فى وجهى .

و قال عكرمة بن عمار ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة ، عن أنس بن مالك : جاءت بى أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أزرتنى بنصف خمارها ،
و ردتنى ببعضه . فقالت : يا رسول الله ، هذا أنيس ابنى ، أتيتك به يخدمك ، فادع الله له ، فقال : " اللهم أكثر ماله و ولده " ، قال أنس : فوالله إن مالى لكثير ، و إن ولدى ، و ولد ولدى يتعادون على نحو من مئة اليوم .

و قال الحسين بن واقد ، و غيره ، عن ثابت ، عن أنس : دعا لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " اللهم أكثر ماله و ولده ، و أطل حياته " .
فأكثر الله مالى ، حتى إن لى كرما يحمل فى السنة مرتين ، و ولد لصلبى مئة و ستة أولاد .

و قال ابن أبى عدى ، عن حميد ، عن أنس : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على أم سليم ، فأتته بتمر و سمن ، و كان صائما . فقال : " أعيدوا تمركم فى وعائه و سمنكم فى سقائه " ، ثم قام إلى ناحية البيت ، فصلى ركعتين ، و صلينا معه ، ثم دعا أم سليم . و لأهلها بخير ، فقالت أم سليم : يا رسول الله ، إن لى خويصة ، قال : ما هى ؟ قالت : خادمك أنس . قال : فما ترك خير آخرة و لا دنيا ، إلا دعا لى به ، و قال : " اللهم ارزقه مالا و ولدا ، و بارك له فيه " . قال : فما من الأنصار إنسان أكثر مالا منى ، و ذكر أنه لا يملك ذهبا ، و لا فضة غير خاتمه ،

قال : و ذكر أن ابنته الكبرى أمينة . أخبرته : أنه دفه من صلبه إلى مقدم الحجاج نيف على عشرين و مئة .

و بهذا الإسناد إلى الأنصارى ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس ، قال : لما قدم
رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، أخذت أم سليم بيدى ، فقالت :
يا رسول الله ، هذا أنس ، غلام لبيب ، كاتب ، يخدمك ، قال : فقبلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

و قال عمر بن شبة النميرى : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصارى ، عن أبيه ، عن ثمامة بن أنس ، قال : قيل لأنس : أشهدت بدرا ؟ قال : و أين أغيب عن بدر ، لا أُمَّ لك !

قال محمد بن عبد الله الأنصارى : خرج أنس بن مالك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين توجه إلى بدر ، و هو غلام ، يخدم النبى صلى الله عليه وسلم .
هكذا قال الأنصارى ، و لم يذكر ذلك أحد من أصحاب المغازى .

و قال عباد بن منصور ، عن أيوب ، عن أبى قلابة ، عن أنس ، قال :
شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية ، و عمرته ، و الحج ، و الفتح ، و حنينا و الطائف ، و خيبر .

و قال أبو داود الطيالسى : حدثنا شعبة ، عن أنس بن سيرين ، قال : كان أنس أحسن الناس صلاة ، فى السفر و الحضر .

و قال أبو نعيم الحلبى : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : سمعت أنس ابن مالك يقول :
ما بقى أحد ممن صلى القبلتين غيرى . قال أبو نعيم : و القبلتين بالمدينة ، بطرف الحرة ، قبلة إلى بيت المقدس ، و قبلة إلى الكعبة .

عن ثابت البنانى : كنت مع أنس ، فجاء قهرمانه ، فقال : يا أبا حمزة عطِشَتْ أرضنا ، قال : فقام أنس ، فتوضا ، و خرج إلى البرية ، فصلى ركعتين ، ثم دعا ، فرأيت السحاب يلتئم ، قال : ثم مطرت حتى ملأت كل شىء ، فلما سكن المطر ، بعث أنس بعض أهله ، فقال : انظر أين بلغت السماء ؟ فنظر ، فلم تعد أرضه إلا يسيرا ، و ذلك فى الصيف .

و قال الأنصارى : حدثنا ابن عون ، عن موسى بن أنس : أن أبا بكر لما استخلف . بعث إلى أنس بن مالك ، ليوجهه إلى البحرين ، على السعاية ، قال : فدخل عليه عمر فقال له أبو بكر : إنى أردت أن أبعث هذا إلى البحرين ، و هو فتى شاب ، قال : فقال له عمر : ابعثه ، فإنه لبيب كاتب ، قال : فبعثه ،

و قال ثابت ، عن أنس : صحبت جرير بن عبد الله ، فكان يخدمنى ، و كان أسن من أنس و قال : إنى رأيت الأنصار ، يصنعون برسول الله ، شيئا ، لا أرى أحد منهم إلا أكرمته .

و قال أبو كريب ، عن أبى بكر بن عياش ، عن الأعمش : شكونا الحجاج بن يوسف ، فكتب أنس إلى عبد الملك : إنى خدمت النبى صلى الله عليه وسلم تسع سنين ، و الله لو أن اليهود و النصارى أدركوا رجلا خدم نبيهم لأكرموه .

و قال زياد بن أيوب ، عن أبى بكر بن عياش ، عن الأعمش : كتب أنس بن مالك ، إلى عبد الملك بن مروان : يا أمير المؤمنين ، إنى قد خدمت محمدا صلى الله عليه
وسلم تسع سنين ، و إن الحجاج يعرض بى حوكة البصرة ، فقال : اكتب إليه يا غلام : ويلك قد خشيت أن لا تصلح على يدى أحد ، فإذا جاءك كتابى هذا ، فقم إليه ، حتى تعتذر إليه ، قال الرسول : فلما جئت . قرأ الكتاب ، ثم قال : أمير المؤمنين ، كتب بما ها هنا ؟ قلت : إى و الله ، و ما كان فى وجهه أشد من هذا .
قال : سمع و طاعة ، فأراد أن ينهض إليه . قال : قلت له : إن شئت أعلمته ، فأتيت أنسا ، فقلت : ألا ترى قد خافك ، و أرد أن يقوم إليك ، فنظرت لك ، فقم إليه ، فأقبل يمشى حتى دنا منه ، فقال : يا أبا حمزة ، غضبت ؟ قال : أغضب ، تعرضنى لحوكة البصرة ؟ قال : يا أبا حمزة . إنما مثلى و مثلك ، كقول الذى قال : إياك أعنى و اسمعى يا جارة ، أردت أن لا يكون لأحد على منطق .

و قال خليفة بن خياط : قال أبو اليقظان : مات لأنس بن مالك فى الجارف[5] ثمانون ابنا ، و يقال : سبعون ، ـ يعنى سنة تسع و ستين ـ .

و قال عمران بن حدير ، عن أيوب : ضعف أنس بن مالك عن الصوم ، فصنع جفنة من ثريد ، و دعا ثلاثين مسكينا فأطعمهم .

و قال على ابن المدينى : آخر من بقى بالبصرة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، أنس بن مالك .

و قال محمد بن عبد الله الأنصارى : مات أنس ، و هو ابن مئة و سبع سنين . (107)

و قال الواقدى : ذكر لنا أنه كان يوم مات ابن تسع و تسعين سنة . (99)

و قال الواقدى ، عن عبد الله بن يزيد الهذلى : مات سنة اثنتين و تسعين . (92 هـ)

و قال البخارى فى " التاريخ الكبير " : قال لى نصر بن على : أخبرنا نوح بن قيس ، عن خالد بن قيس ، عن قتادة : لما مات أنس بن مالك ، قال مورق : ذهب اليوم نصف العلم . قيل : كيف ذاك يا أبا المعتمر ؟ قال : كان الرجل من أهل الأهواء ، إذا خالفنا فى الحديث ، قلنا : تعال إلى من سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم .

روى له الجماعة . اهـ .

 ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ

قال الحافظ في تهذيب التهذيب 1 / 378 :
و أعجب من قول الأنصارى قول الواقدى : أنه مات سنة اثنتين و تسعين ، و له تسع
و تسعون سنة .
و كذا قال معتمر عن حميد ، إلا أنه جزم بأنه مات سنة إحدى و تسعين ، فهذا أشبه ، و قول خليفة أصح .
و حكى الحذاء فى " رجال الموطأ " : أنه يكنى أبا النضر . اهـ .

 ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ


شرح الحديث :

q الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - (1 / 239) لمحمود محمد خطاب السّبكى المتوفى سنة 1352هـ :
غزوة الطائف رجع فقسم غنائم حنين فأعطى قوما يتالفهم كأبى سفيان ، أعطاه أربعين أوقة من الذهب ، ومائة من الإبل ، وكذا ابنيه معاوية ويزيد . وأعطى صفوان بن أمية شعبا ( بكسر فسكون ، الطريق بين الجبلين ) مملوءا ابلا وشاه ، فأسلم وقال لقومه : أسلموا فإن محمد يعطى عطاء من لا يخشى الفاقة . وأعطى عينية بن حصن والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس وغيرهم، كل واحد مائة من الإبل .

q  تطريز رياض الصالحين - (1 / 365)
في هذا الحديث: جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم ترغيبًا في الإسلام.
وفيه: كمال معرفته - صلى الله عليه وسلم - بدواء كل داء.

q  التبصرة - (2 / 257) لابن الجوزي :
قال عبد العزيز بن عمير : الصلاة تبلغك نصف الطريق والصوم يبلغك باب الملك ، | والصدقة تدخلك عليه .____
الكريم حر لأنه يملك ماله ، والبخيل عبد لأن ماله يملكه ، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طبع على أشرف الأخلاق وقد وصف نفسه عليه الصلاة والسلام فقال :
"يأبى الله لي البخل"،
وأعطى غنما بين جبلين فتحير الذي أعطاه في صفة جوده فقال : هذا عطاء من لا يخشى الفقر، فلما سار في فيافي الكرم،
تبعه صديقه فجاء بكل ماله فقال : ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت الله ورسوله

q  نيل الأوطار - (4 / 233) للشوكاني اليماني :
الحديثان يدلان على جواز التأليف لمن لم يرسخ إيمانه من مال الله عز و جل وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة منها إعطاؤه صلى الله عليه وآله وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس كل إنسان منهم مائة من الإبل
 وروي أيضا أنه أعطى علقمة بن علاثة مائة ثم قال للأنصار لما عتبوا عليه : ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والإبل وتذهبون [ ص 234 ] برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رحاكم ثم قال لما بلغه أنهم قالوا يعطي صناديد نجد ويدعنا : ( إنما فعلت ذلك لأتألفهم ) كما في صحيح مسلم . وقد ذهب إلى جواز التأليف العترة والجبائي والبلخي وابن مبشر . وقال الشافعي : لا نتألف كافرا فأما الفاسق فيعطى من سهم التأليف . وقال أبو حنيفة وأصحابه : قد سقط بانتشار الإسلام وغلبته واستدلوا على ذلك بامتناع أبي بكر من إعطاء أبي سفيان وعيينة والأقرع وعباس ابن مرداس والظاهر جواز التأليف عند الحاجة إليه فإذا كان في زمن الإمام قوم لا يطيعونه إلا للدنيا ولا يقدر على إدخالهم تحت طاعته بالقسر والقلب فله أن يتألفهم ولا يكون لفشو الإسلام تأثير لأنه لم ينفع في خصوص هذه الواقعة وقد عد ابن الجوزي أسماء المؤلفة قلوبهم في جزء مفرد فبلغوا نحو الخمسين نفسا[6]

قال الشيخ عبد الله بن محمد الطيار _حفظه الله_ في وبل الغمامة شرح عمدة الفقه لابن قدامة ( من كتاب الطهارة إلى كتاب الصيام ) - (9 / 76) :
المؤلفة قلوبهم ضربان: كفار ومسلمون، وهم جميعاً سادة مطاعون في قومهم وعشائرهم.
والكفار ضربان:
الأول: من يرجى إسلامه، فيعطى لتميل نفسه إليه فيسلم، وقد أعطى النبي " صفوان بن أمية وادياً فيه إبل محملة، فقال صفوان هذا عطاء من لا يخشى الفقر.
قلت: ويعرف من يرجى إسلامه ببعض القرائن منها: أن نعرف أنه يميل للمسلمين، أو أنه يطلب كتاباً أو ما شابه ذلك، فيعطى من الزكاة ما يتحقق تأليفه به.
الثاني: من يخشى شره،ويرجى بعطيته كف شره،وكف غيره معه،فهذا يعطى.
أما المسلمون: فهم على أربعة أضرب:
الضرب الأول: قوم من المسلمين لهم أصدقاء من الكفار، فإن أعطوا رجي=
= إسلام أصدقائهم، أو إخوانهم من الكفار، وحسن نياتهم، فيجوز إعطاؤهم كما أعطى أبو بكر عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر مع حسن نياتهما وإسلامهما.
الضرب الثاني: قوم من المسلمين سادات مطاعون في قومهم يرجى بإعطائهم قوة إيمانهم ومناصحتهم في الجهاد، فيعطون كما أعطى النبي " الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، والطلقاء من أهل مكة.
الضرب الثالث: قوم في طرف بلاد المسلمين، إذا أعطوا دفعوا عمن يليهم من المسلمين.
الضرب الرابع: وهم من ذكرهم المؤلف ممن يعطى من أجل معونتهم على أخذ الزكاة ممن يمتنع.
فكل هؤلاء يجوز دفع الزكاة إليهم لأنهم من المؤلفة قلوبهم. وقول المؤلف =هُمُ السَّادَةُ الْمُطَاعُوْنَ+ يفهم منه أنه إذا كان غير سيد مطاع فلا يجوز دفع الزكاة إليه، والصحيح أنه يعطى إذا كان ممن يرجى إسلامه، وذلك لأن حفظ الدين وإحياء القلب أولى من حفظ الصحة وإحياء البدن.
فائدة : هذا الصنف أعني المؤلفة قلوبهم منهم من يعطى للحاجة إليه، كمن
يعطى لكف شره، ومنهم من يعطى لحاجة نفسه، كمن يعطى لقوة إيمانه=


q  شرح رياض الصالحين - (3 / 406_407) للعثيمين :
ويؤخذ من هذا الحديث وأمثاله: أنه لا ينبغي لنا أن نبتعد عن أهل الكفر وعن أهل الفسوق، وأن ندعهم للشياطين تلعب بهم؛ بل نؤلفهم، ونجذبهم إلينا بالمال واللين وحسن الخلق حتى يألفوا الإسلام، فها هو الرسول صلى الله عليه الصلاة والسلام يعطي الكفار، يعطيهم حتى من الفيء.
بل إن الله جعل لهم حظاً من الزكاة، نعطيهم لنؤلفهم على الإسلام، حتى يدخلوا في دين الله، والإنسان قد يسلم للدنيا، ولكن إذا ذاق طعم الإسلام رغب فيه، فصار أحب شيء إليه.
قال بعض أهل العلم: طلبنا العلم لغير الله؛ فأبى أن يكون إلا لله، فالأعمال الصالحة لابد أن تربي صاحبها على الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام.
وإذا كان هذا دأب الإسلام فيمن يُعطى على الإسلام ويُولف؛ فإنه ينبغي لنا أن ننظر إلى هذا نظرة جدية، فنعطي من كان كافراً إذا وجدنا فيه قرباً من الإسلام، ونهاديه ونحسن له الخلق، فإذا اهتدى فلئن يهدي الله___بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم.
وهكذا أيضاً الفساق هادهم، أنصحهم باللين، وبالتي هي أحسن، ولا تقل: أنا أبغضهم لله، ابغضهم لله وادعهم إلى الله، بغضك إياهم لله لا يمنعك أن تدعوهم إلى الله؛ بل ادعهم إلى الله عز وجل وإن كنت تكرههم فلعلهم يوماً من الأيام يكونون من أحبابك في الله." اهـ

q مختصر منهاج القاصدين - (1 / 202) لنجم الدين، أبو العباس، أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي (المتوفى: 689هـ)

ومن حكايات الأسخياء:
قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وأنه ما سئل شيئاً قط فقال: لا وأن رجلاً سأله، فأعطاه غنماً بين جبلين، فأتى الرجل قومه، فقال: يا قوم: أسلموا، فإن محمداً يعطى عطاء من لا يخشى الفقر.

q قال الشيخ عطية بن صقر المصري في فتاوى الأزهر - (10 / 294)
إكرام الضيف خلق من الأخلاق الحميدة التى توارثها العرب واشتهروا بها وضرب المثل بكثير منهم فى هذا المجال فى الجاهلية كحاتم الطائى وهرم بن سنان وكعب بن مامة "العقد الفريد ج 1 ص 76" وفى الإسلام أيضا ، وعلى رأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى كان يعطى عطاء من لا يخشى الفقر .
وقد أكد هذا المعنى الأصيل ، وجعله سمة بارزة من سمات المؤمنين فقال فيما رواه البخارى ومسلم "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه " والعلاقة بين الإيمان وإكرام الضيف تظهر فى الإحساس بأن الضيف عبد من عباد الله لا يجوز أن يحرم من خير هو من فضل الله سبحانه ، وأنه فى الوقت نفسه أخ فى الدين والإنسانية ، والإخوة يجب عليهم أن يتحابوا ويتعاونوا ، والزمان قُلَّب قد يوضع الإنسان يوما من الأيام فى موضع هذا الضيف فيحتاج إلى من يقريه ويقدم له ما ينبغى أن يقدم ، وبخاصة إذا كان من بلد بعيد وانقطع به السبيل ، والحديث المتفق عليه يقول "لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .

q جمع الوسائل في شرح الشمائل - (2 / 171) لعلي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى : 1014هـ) :
"وَرَوَى الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ حُمِلَ إِلَيْهِ تِسْعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَوُضِعَتْ عَلَى حَصِيرٍ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَقَسَّمَهَا فَمَا رَدَّ سَائِلًا حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا وَجَاءَتِ امْرَأَةٌ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَنْشَدَتْهُ شِعْرًا تُذَكِّرُهُ بِهِ أَيَّامَ رَضَاعَتِهِ فِي هَوَازِنَ فَرَدَّ عَلَيْهَا مَا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ أَلْفٍ قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: وَهَذَا نِهَايَةُ الرَّدِّ الَّذِي لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ فِي الْوُجُودِ مِنْ غَايَةِ الْجُودِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أُتِيَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَأَمَرَ بِصَبِّهِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِذْ جَاءَ الْعَبَّاسُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ خُذْ فَحَثَى فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعُهُ إِلَيَّ فَقَالَ لَا فَقَالَ ارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ فَقَالَ لَا فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ كَالْأَوَّلِ فَقَالَ لَا، ثُمَّ نَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ فَأَتْبَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَصَرَهُ عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ فَمَا قَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهَا دِرْهَمٌ."

q لطائف المعارف - (1 / 164) لابن رجب/ ط. دار ابن حزم، 1424 هـ :
قال ابن شهاب: أعطاه يوم حنين مائة من النعم ثم مائة ثم مائة وفي مغازي الواقدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان يومئذ واديا مملوء إبلا ونعما فقال صفوان: أشهد ما طابت بهذا إلا نفس نبي.___
وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم: أن الأعراب علقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم مرجعه من حنين يسألونه أن يقسم بينهم فقال: "لو كان لي عدد هذه العضاة نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذوبا ولا جبانا" وفيهما عن جابر قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فقال: لا وإنه قال لجابر: "لو جاءنا مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا" وقال: بيديه جميعا وخرج البخاري من حديث سهل بن سعد: إن شملة أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم فلبسها وهو محتاج إليها فسأله إياها رجل فأعطاه فلامه الناس وقالوا: كان محتاجا إليها وقد علمت أنه لا يرد سائلا فقال: إنما سألتها لتكون كفني فكانت كفنه.
وكان جوده صلى الله عليه وسلم كله لله وفي ابتغاء مرضاته فإنه كان يبذل المال إما لفقير أو محتاج أو ينفقه في سبيل الله أو يتألف به على الإسلام من يقوي الإسلام بإسلامه وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده فيعطي عطاء يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر ويعيش في نفسه عيش الفقراء فيأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار وربما ربط على بطنه الحجر من الجوع وكان قد أتاه صبي مرة فشكت إليه فاطمة ما تلقي من خدمة البيت وطلبت منه خادما يكفيها مؤنة بيتها فأمرها أن تستعين بالتسبيح والتكبير والتحميد عند نومها وقال: "لا أعطيك وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم من الجوع" وكان جوده صلى الله عليه وسلم يتضاعف في شهر رمضان على غيره من الشهور كما أن جود ربه تضاعف فيه أيضا فإن الله جبله على ما يحبه من الأخلاق الكريمة وكان على ذلك من قبل البعثة.








[1] قال خليفة بن خياط :
"أبو أمامة اسمه الصدى بن عجلان بن وهب بن عريب بن وهب بن رياح بن الحارث بن معن بن مالك بن أعصر من قيس عيلان ، ثم من أعصر بن سعد بن قيس عيلان نسبوا إلى باهلة ، و باهلة بنت أود بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ،
هى امرأة معن بن مالك بن أعصر ."
[2]  الحديث ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت." رواه أبو داود والنسائي والحاكم إلا أنه قال : (من يعول)، وقال : صحيح الإسناد."
قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب - (رقم : 1965) - : "حسن لغيره." اهـ
[3] أخرجه أبو يعلى والدارمي وابن حبان والبيهقي وغيهم، وقال الألباني في غاية المرام -  (رقم : 467) : ضعيف
[4] قواعد الأحكام في مصالح الأنام - (2 / 234)
فمن سلك من الأغنياء هذا الطريق فبذل الفضل كله مقتصرا على عيش مثل عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا امتراء بأن غنى هذا خير من فقره. ويدل على ذلك ما جاء في الحديث عن أبي هريرة أنه قال: "أتى فقراء المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ذهب ذوو الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يعتقون ولا نجد ما نعتق، ويتصدقون ولا نجد ما نتصدق، وينفقون ولا نجد ما ننفق؟ فقال: "ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه أدركتم به من كان قبلكم وفتم به من بعدكم ؟" قالوا: بلى، قال: "تسبحون
[5] وهو : الطاعون
[6] للإمام محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو البغدادي الهاشمي مولاه (ت : 245 هـ) -رحمه الله- : كتابٌ سماه بــ (المحبر), ط. دار الآفاق الجديدة _ بيروت، وذكر فيه أسماء المؤلف قلوبهم.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar